روعة النص القرآني وتحريف وخداع الترجمة – (3)
الجمعة 14 شعبان 1440 هـ 19-04-2019 م
أ. د زينب عبد العزيز
خلفيات لا بد من إدراكها:
أنهم يريدون إيهامنا أن ديننا أيضا هو (يوتوبيا) دينية واقعها ليس سوى تلاعب ومصالح غير نقية. ففي الصراع ضد الإسلام لا يوجد أي شيء عفوي؛ لأنهم يحاولون أن تفقد أركان الإسلام مصداقيتها اعتماداً على انحرافات بعض إخواننا في الدين، وعلى التلاعب أكثر بعلم الدلالة والهدم الأيديولوجي لسفهاء الكُتّاب عن الإسلام.
إن دهموية الإسلام قاموا بكل شيء لتقديم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام على أنه معجزة مستحيلة التحقيق. أي أنه ماضي أسطوري بالطبع لكنه ماض، تم تخطيه، ولا بد من اجتيازه بالتوطيد في الحداثة وفى الغرب.
إن المسلمين المتفرنسين الواقعين في نطاق معرفة لغتهم الأم واللغة الفرنسية التي ليست أصلا لغتهم، يقعون في شراك العقل والترجمة التي تتحول إلى سلاح أيديولوجي للتدمير ضد الدين.
مثال ذلك: النداء القرآني الذي ترجف له القلوب وتذرف الأعين: ((يا أيها الذين آمنوا)) يترجمونها بعبارة " O vous qui avez cru " وهو ما يعنى أن ذلك الإيمان عابر وانتهى أمره في زمان ومكان البدو العرب؛ لأنه فعل يدل على حدثٍ وقع قبل زمن المتكلم، وأن الإيمان والرسالة المحمدية الثابت في ذهننا وفى لغتنا وفكرنا يُقَدّم كظاهرة عابرة كمن يقول: " يا لك من ... هل صدقت كذا وكذا" ، في حين أن ترجتها الصحيحة هي: " O vous qui devîntes croyant ".
ففي هذه العبارة يتم إدخال صيغة الاستمرارية التي يرمى إليها القرآن. إذ يتم تضمين البحث وتحقيق وعاقبة وإقرار هذا البحث في مستقبل من الصراع من أجل الإيمان، من أجل الحق، من أجل الشهادة بلا توقف، بلا ترجى وبلا أي بديل سوى الاستمرار في الإيمان بالله وكتابه رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ..
إن علم الصوتيات العربي يأخذ كل معناه في لفظ كلمة ((آمنوا)) ومد حرف الواو وكأنه ممتد في الزمن، وليس مجرد تقرير حالة. فبالنسبة لله الحي إن القاعدة هي إحياء الإيمان في القلب والروح، وفى اللغة، وفى الكائن الاجتماعي ليعيش في رحاب آية:
* (مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ) [آل عمران: 179] ..
إن استمرارية الإيمان في النداء القرآني التي يقوم المتخصصون بتحريفها وتشويهها ترمى إلى توضيح التطلع الطبيعي للروح، التي تعي كذكرى صدى الحس الإلهي الذي تحمله كنَفَس الحياة، والذى يدفع الإنسان إلى التحرر من حيوانيته وطوارئه في تطلع نفسى وروحي: أن يكون طريق الكمال، بحثاً عن الجزاء الإلهي، بحثا عن النجاة، بحثا عن أفضل مكان وأعلاها في الجنة:
* (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) [آل عمران: 133].
* (أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا) [الفرقان: 75].
وهذا المستقبل الموعود مغيّب بسبب الخلط الذي قام به مخربو الإسلام وأنصار حرفية النص الذين جاهدوا لإضفاء أهمية على الطقس التعبدي والفقه أكبر من صراع المسلم للمعرفة والحرية والكرامة الإنسانية والإيمان الصادق ..
ففي تأكيدهم على الأخلاق والقوانين نسوا السمة الأساسية للإسلام وهي: إدراك المسئوليات الناجمة عن الإيمان وعن حب الله. بل حتى المثقفون المسلمون وأكثرهم نبوغاً ينساقون بعيداً عن رسالتهم في الشهادة ليقعوا في مناقشات ثانوية حول قوانين الإسلام، مُتناسين أن هذه القوانين ليس لها حالياً أرضية ولا منبر وإن الأولوية ليست في إطلاق نصائح حول الرجم أو ضد الحجاب، وإنما العمل على بعث النهضة الإسلامية، أو الدفاع عنها ضد الهدّامين.
فبعد الانبهار الأول أمام الحج وأمام اتساع ظاهرة الشباب الذين يقومون بالحج لاستكمال تعاليم دينهم، وليس كمسنين يذهبون لغسل همومهم، لقد أدرك الغرب أننا لم نفهم قيمة الحج: تلك القوة التي تمثل الاتحاد العالمي الفعلي للمسلمين.
فأثناء ذلك المؤتمر السنوي للمسلمين الذين يجتمعون في عملية تصعيد دون إنكار أو بلا تمييز لكل الاختلافات العرقية والجغرافية واللغوية والاجتماعية والجنسية والذُرية لإعلان عظمة الله والشهادة بوحدة الأمة الإسلامية لاستكمال أحد أركان الإسلام، الذي هو آخر الأركان، ويتوّج الانتماء إلى الإسلام، وليس عملية سخرة أو حلية للإسلام ..
لقد أدرك الغرب هذه الظاهرة أيام الاستعمار، وكان قد وضع جواسيسه ومستشرقيه وخبراؤه في الحرب النفسية ليحاصر ويدنس ويحرّف الحجاج المحليين الذين يمكنهم أن يصبحوا حاملي مشروع اتحادي للمقاومة، مثلما حدث مع الذين سبقوهم في حركات التحرير وكلهم يحملون لقب (حاج) كرمز للتطهر من أي دنس بما في ذلك الاستعمار ..
إن الموقف اليوم أكثر خطورة، فلم يعد من يذهب للحج أولئك المسنين وإنما عقول شابة تذهب لتأدية فريضة الحج كأحد أركان الإسلام.
يجب علينا قراءة السورة الوحيدة التي تحمل اسم أحد أركان الإسلام، وهي: "الحج"، لنفهم مدى أهمية هذا الركن في جهاد النفس والجهاد ضد العدو: الشيطان في شكليه الجن والإنس؛ فنحن كمسلمين نرى الجزء الظاهر الذي هو الطقس. والعقلية الغربية (الديكارتية) العقلانية الحاذقة ترى مغزى الحج، وتأثيره، وديناميكيته الاجتماعية والسياسية. إذ أن له مأموريه الذين يُترجمون تعليقات (سورة الحج) عندما تتحدث عن التوحيد والجهاد والبعث وواجب الشهادة:
* (حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) [ الحج: 31].
* (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) (الحج: 39)
* (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [الحج: 54].
* (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الحج: 77] ..
إنهم يقومون بفك رموز دلالات ديننا ورموزه ونصوصه ومراجعنا ويسارعون ليقدموا لنا معانيها في خلطة مكونة من مفاهيمهم ليخلقوا بها حائلاً بيننا وبين مبدأ المعنى.
إن الغضب الذي يحركنا هنا ليس ضد الوسيلة، التي هي من حقهم في نظرهم بما أنهم ينظرون إلينا كخطر كامن، ككفرة، كغير خاضعين، لكننا ضد تلك التصرفات لبنى جلدتنا التي تسمح لهم بما يقومون به، فهي أيضا وسائل عبودية تحت أمر أسيادهم سواء أكان جهلا أو عن عمد، عن دراية أو عن تواطؤ.
على الذين يقومون بتحولات خاضعة "للجمهورية الفرنسية" لقدح أحد أركان الإسلام، ونشر الخلط أو استثمار ما يجهلونه لصناعة منتجات فكرية مسلمة مقبولة سياسياً، مثلما نقوم نحن بتأمل هذه المقولة لسيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه، التي يقشعر لها البدن؛ وتدفعنا لعدم قول أي سوء بلا مبرر أو استخدام الإسلام لغايات شخصية أو حزبية: ((أَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي؟ وَأَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي؟ إِذَا قُلْتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ)) ..
إن العبارة التي تتحدث عن شراء وبيع وتبادل من قبيل المجاز ليجعلها في متناول الفهم ولافتة للنفس والعقل، حتى وإن أدت بقية الآيات إلى الإيحاء بنوع من المبادلة بين ند وند، فلا يمكن أن يكون بين الله والبشر في جوهرهم وصفاتهم والعرض والطلب الذي يتم، لا مساواة ولا عدم مساواة، ولكن لا مُضاهاة مُطلقة. إن المجاز هنا ليجعل ما لا يمكن تشبيهه سهل التصور ومفهوم:
* (إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة: 111].
ويجب قراءة الآيات التالية من نفس المنطلق:
* (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) [فاطر: 28].
* (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) [الصف: 10].
ولا مجال هناك للمقارنة بين المتعاقدين بصفتهم إله وبشر. حتى وإن أخذنا بالمعنى الحرفي للتبادل، فهو غير متساوي، وعدم التساوي هذا من الضخامة بحيث لا يمكن قياسه ..
فما قيمة الحياة الحقيقية الخالدة في السعادة؟ لا يمكن تقديرها! ما هي قيمة ورعنا، تضحياتنا، آلامنا العابرة حيال اتساع جنة عرضها السماوات والأرض بنعم لا يمكن مقارنتها لا في جمالها ولا طعمها ولا إيداعها بما هو معروف في الأرض؟ ..
ما معنى هذه المقايضة حينما يكون من يقترحها هو خالق الإنسان الشريك في المقايضة؟ الرحمة الإلهية! وما هو نصيبنا في هذه المقايضة؟ ذرة ضئيلة من الصبر في المحن، ومن العرفان في السعادة على هذه الأرض، التي لا تساوى جناح بعوضة أو ذبابة بالمقارنة بقيمة الحياة الحقيقية. من الناحية الحسابية إن الجزء الذي يقع علينا يساوى علاقة قيمة اللانهائي بالصفر، وذلك لا يعنى لا شي أو الفراغ المطلق وإنما اللا قيمة ..
ففي مسألة التبادل المتساوي أو غير المتساوي مع الله يجب ألا يحيد عن نظرنا التواضع وخشية الله التي يجب أن نتزوّد بها، ما أن يتعلق الأمر بالله. فهو ليس كمثله شيء. وهذه اللا مقارنة نراها في الأسماء الحسنى التي عرّفها لنا، والتي تفوق إدراكنا؛ لأننا نُعلن قائلين ألله أكبر: الله أكبر، من كل مفاهيمنا وتصورنا وعلاقاتنا بجماله وكماله وقدرته وعلمه ورحمته ..
الله أكبر من كل ما يمكننا تصوره، فهو أعلى من أية مقارنة. أنه كما يقول الإمام علىّ رضي الله عنه: "خالق المكان والزمان دون أن يخضع هو لمفهوم الزمان والمكان" اللذان نبني عليهما حكم ونسق مقارنتنا وتقييمنا ..
إن رحمته هي التي ستُدخلنا الجنة، وليس أعمالنا. فأعمالنا لا تُقارن بنعم رؤية أشكال وألوان الجنة، وحب المحبوب، والذكاء، وقد تحرر من كل أشكال التكبيل، والمشاعر الجديدة لنتذوق بها الرائحة والرؤية وطعم وكل مالا يمكن حصره؛ لأنه متعلق بأمر الغيب الذي نؤمن به ..
إن أعمالنا الأكثر ورعاً وإخلاصاً، في حياة بمثل هذا القِصَر كحياتنا التي نمضي أكثر من 90 % من الوقت للاهتمام بمشاغلنا الدنيوية، لا قيمة لها بالنسبة لنِعَم الجنة الخالدة.
والجنة ذاتها لا تساوى شيئاً مقارنة بلقاء وجه الله والعيش على مقربة منه بلا حجاب: حب على حب، جمال على جمال في (ديالكتيكية) غير مسبوقة يتحدث عنها أحدهم، بقوله: " الحب الولهان بالجمال، والجمال الملهم لحب أكبر، وقد تسامى هذا الحب بفعل الحب، ليكون أكثر جمالاً: وذلك إلى ما لا نهاية، بلا شبع". إن التحدث عن تبادل متساوي أو غير متساوي، يعنى عدم تقدير من خلقنا، وعدم فهم الغاية والرسالة التي وُجدنا من أجلها:
* (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [ الزمر: 67].
أنه فوق كل شيء: لا يمكن مقارنته! وبالتالي فإن حرية الاختيار لنؤمن أو لا نؤمن، أن نقول أو لا نقول، أن نفعل أو لا نفعل، لها حدودها. وهذه الحدود ناجمة عن علاقة الخالق بالمخلوق، بين الآمر والمأمور، بين العابد والمعبود، بين المعاقِب والمعَاقَب، بين المُعطي والمحتاج..
فالقول بأن نقف على قدم المساواة بين المقدس والمدنّس، الزماني واللا زماني، الدنيوي والأخروي، الإنسان والله، يُعد هُراء بحت. فلا توجد مساواة بين المُعطي الكريم وبين المحتاجين البؤساء، وإنما هي لدفعنا على القيام بالعمل الصالح وأن نستلهم الأسماء الحسنى:
* (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132) وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) [آل عمران: 132-133] ..
* (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [السجدة: 17] ..
إن الأمانة الأخلاقية والثقافية تتطلب منا أن نبحث عن عذر للشباب الذي يتعيّن علينا أن نعترف بموهبته في الكتابة والجهد في الإنتاج الفكري، حتى وإن كنا لا نتقاسم معه وجهات النظر. إن مسعانا كان له هدفاً تعليمياً: التذرع ببعض الفجوات والأخطاء التي نلحظها في الأبحاث الجامعية لنلفت الانتباه إلى ضرورة اليقظة التي يجب أن يكون عليها عند تناول مشكلات تتعلق بدينه وبأمته المسلمة، لكيلا يستحوذ عليه الصراع الأيديولوجي، ويجعل منه شُرطياً في خدمة التحريف، أو أن يقطعه من قاعدته الشعبية التي تنتظر ظهور نخبة نبيلة وكريمة تتولى هموم ورغبات وطموحات جماعة غير قادرة على تكوين وعيها بالأمة، بحكم عواقب الهجرة والاستعمار والاستعباد ..
إن التفرقة العنصرية لا تكمن في الاعتراف بالأمة، وإنما في كشط خيرها، في الاحتفاظ بما هو صالح للجمهورية الفرنسية، وإلقاء الباقي في المنبذ المدني والثقافي والاجتماعي باسم الحرية والمساواة والاخاء.
لقد شهدنا بأسلوبنا وبطريقتنا في التعبير عن الحب بلا مجاملة ولا حليات، وحاولنا لفت انتباه الشباب الجامعي الفرنسي الذي يعمل بنية حسنة، على موضوعات إسلامية ويقعون في فخاخ ترجمة سيئة أو معرفة سيئة بالقرآن. فبوقوعهم في الفخ، يُحرفون المعنى، ويدفعون غيرهم إلى الخطأ، أو إلى الضياع. ولكي نرفع أي لبس عن ملاحظاتنا أياً كانت مرارتها، فذلك لا يمنع من الاعتراف بأن الأعمال التي رجعنا إليها بها مجهودات لها قيمتها رغم ما بها من نواقص، ولها تقديرنا وتشجيعنا.
* - وللموضوع –صلة- بمشيئة الله تعالى ..
يقلم: أ. د زينب عبد العزيز (حفظها الله) ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق