إلي إبراهيم عيسى وشركاه
نعم، إلي إبراهيم عيسى وشركاه، إلى كل من قبلوا التواطؤ وخيانة دينهم وتعاليمه.
وجميعهم معروفين على مر التاريخ، وليس تلك الحفنة الدائر حولها ذلك اللغط الحالي، بكل ما به من عبث.
ويقول المثل: «من كان بيته من زجاج لا يلقي الناس بالحجارة»،
أو على حد قول السيد المسيح: «من كان منكم بلا خطيئة فليلقيها بأول حجر»..
وهنا، في الأناجيل الأربعة المعتمدة، تقول الموسوعة البريطانية أن المتناقضات بينها تفوق المائة وخمسون ألفا.
حقائق تاريخية
ودون الغوص في كثير من التفاصيل، أورد بعض الحقائق التاريخية، علها تكون حاسمة في إقناع من يحرضون تلك الحفنة،على الكف عن القيام بمثل هذا الدور الذي تعجز الكلمات عن وصفه:
لقد استمر خط الصدام بين العلماء والباحثين من جهة، ورجال الكنيسة من جهة أخرى، في محاولة مستميتة لكشف التحريف أو لرأب الصدع،
إلا أنه تواصل ممتد ليطول معظم بلدان أوروبا، وبلغ ذروته فيما عُرف بأزمة «الأصولية والحداثة» على مشارف القرن العشرين.
وهي الأزمة التي طالب فيها العلماء الكنيسة بحذف كل ما لا يتمشى مع العلم والمنطق من نصوص الأناجيل،
من قبيل أن الأرض مسطحة أو أن عمر الإنسان على الأرض حوالي أربعة آلاف سنة وما إلى ذلك..
وهو ما أطلقوا عليه تحديث النصوص، فهاجت الكنيسة وصاحت معلنة في مجمع ترانت (1545 – 1563) أن نصوصها سليمة منزّلة ولا يمكن المساس بها لأن مؤلفها هو الله شخصيا!
وإن كانت قد تراجعت عن ذلك التحديد في مجمع الفاتيكان الأول (1869- 1870) لتعلن أن الروح القدس هو الذي قد ألهم الحواريين..
الخلاف بين الكنيسة والعلم
وتزايد الخلاف بين الكنيسة والعلم في النصف الثاني من القرن العشرين، عندما أصبحت هناك ثلاث مدارس بخطوطها المتباينة حول حقيقة تاريخية السيد المسيح:
مدرسة تنكر وجود يسوع تاريخيا على الإطلاق، ومدرسة تؤمن بأنه شخصية ركّبتها الكنيسة الأم من عدة شخصيات من الواقع ومن الأساطير السائدة آنذاك،
ومدرسة ثالثة تقول أن يسوع النبي شيء والمسيح هو شيء آخر،
بمعنى: أن يسوع الإنسان قد وُجد فعلا وعاش كأحد الأنبياء يعلّم ويعظ ويقوم بالمعجزات العلاجية،
وأن المسيح هو تركيبة أسطورية تجمع بين كل الأساطير السائدة في المنطقة كأوزوريس وأتيس وميثرا،
وقاموا بعمل مقارنات توضح تماما التماثل الشديد بينهم.
وقد قام عدد من العلماء بمواجهة البابا الراحل، يوحنا بولس الثاني، بكل الحقائق العلمية التي توصلوا إليها،
ومدى انعكاسها على الأتباع، فقال لهم بكل هدوء: «إن المسيحية مسألة إيمان عند الأتباع، وليست مسألة نصوص تاريخية»!
«الكنيسة والديانات غير المسيحية»
وأول ما اهتمت الكنيسة باستبعاده هو حقيقة أن العرب من سلالة سيدنا إسماعيل، الابن البكر لسيدنا إبراهيم، ولا ينتمون إليه،
وإنما يتخذونه مثلا! واستبعاد حتى أن الله قد خاطب المسلمين عن طريق الوحي إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. والمرجع صادر عن الفاتيكان بعنوان:
«الكنيسة والديانات غير المسيحية»، وبه محاضر الجلسات المخجلة.
ومما هو وارد بالعهد القديم نطالع أمر الإله يهوه لأتباعه بإبادة كل القرى وحرقها وذبح الرجال والنساء والأطفال بحد السيف وأخذ الذهب والفضة..
وفى مكان آخر يطلب بتعذيبهم وتقطيعهم وحرقهم في افران الطوب.. أو ما هو وارد في سفر حزقيال حين يأمره الرب أن يأكل خبزا وعليه «خراء الإنسان» وحينما اشتكى النبي حزقيال أمره أن يضيف عليه روث البقر!
أما عن تأليه السيد المسيح، فيكفي الاستشهاد بأقواله لندرك زيف أو جُرم تأليهه:
ان «الرب إلهنا واحد» (مرقس 12:29)، «ليس أحد صالحا إلا واحد وهو الله» (متى 16:19)،
«إني أصعد إلى أبى وأبيكم وإلهي وإلهكم» (يوحنا 20:17)، «للرب إلهك تسجد، وإياه وحده تعبد» (متى 4:10).
وما أكثر الآيات التي يوضح فيها أنه إنسان:
«أنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله» (يوحنا 8:40)، كما أن هناك آيات تقول:
«هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الجليل» (21:11)،
و«قد قام فينا نبي عظيم» (لوقا 7:16)..
ورغم كل هذه التأكيدات التي لا تزال موجودة ولم تمحى بعد، قامت المؤسسة الكنسية بإعلان أن يسوع
«إله حقيقي من إله حقيقي، مولود وليس مخلوق، ومشارك للآب في الجوهر»..
وبعد ذلك جعلته الله شخصيا، فهل تتمشى كل هذه المغالطات مع العقل والمنطق ـ رغم أنها أدت إلى تقسيم المسيحية إلى 350 مذهبا مختلف عقائديا تكون مجلس الكنائس العالمي، وإلى مذابح بين أتباعها؟
انفصال آخر بين الكنائس
وفى مجمع القسطنطينية الأول تمت إضافة أن «الروح القدس مشارك للآب في الجوهر»، مما أدى إلى انفصال آخر بين الكنائس.
وفى مجمع أفسوس سنة 431 أقر المجمع بدعة «أن مريم أم الله»، مما أدى إلى معارك وانفصالات أخرى..
وفى مجمع خلقيدونيا سنة 451 تم إقرار «الطبيعة الثنائية ليسوع».. وكلها عقائد وقرارات لا يذكر ولا يعرف عنها يسوع أى شيء، فهل هذا يتمشى مع العقل والمنطق؟
والمعروف من إصدارات الكنيسة أنه لم يتم تقبل عقيدة التثليث لقرون طويلة بين الكنائس، بحيث نطالع في قرار مجمع فلورنسا المنعقد سنة 1439، الذي راح يحدد لليعاقبة معنى الثالوث لفرضه بلا رجعة، وينص القرار على ما: “إن العلاقة وحدها هي التي تفرق بين الأشخاص، لكن الأشخاص الثلاثة يكوّنون إله واحد وليس ثلاثة آلهة، لأنهم من جوهر واحد، وطبيعة واحدة، والوهية واحدة، وضخامة واحدة، وخلود واحد، وان ثلاثتهم واحد حيث لا تمثل العلاقة أى تعارض”، وعلى الذين لا يروقهم هذا الوضوح تجيب الكنيسة: أنه سرّ! فهل مثل هذا المنطق يتمشى مع العقل السليم؟
وعند انعقاد مجمع الفاتيكان الثاني في 1965، كانت قد ظهرت من الدراسات والأبحاث التي أطاحت بمصداقية الكتاب المقدس، ما جعله يعلن عن إصحاحات هذا الكتاب المقدس قائلا: “أن هذه الكتب وإن كانت تتضمن الناقص والباطل، فهى مع ذلك شهادات لعلم تربوي إلهي حقيقي”!
ولا أقول شيئا عن الحروب الصليبية ولا كل ما قام به رجالها من وحشية في حق المسلمين لأنتقل إلى ما كتبه القس بارتولومي دي لاس كازاس عن وحشية أعمال المبشرين ورجال الكنيسة وجنودها عند غزوهم شعوب امريكا الجنوبية الذي يفوق الخيال في بشاعته.. ولم يُسمح بنشر مذكراته الا في اواخر القرن العشرين. ولا يسع المجال هنا للتحدث عن الحروب الدينية بين المسيحيين كحرب الخمسين عاما، والمائة عاما، والمجازر المميزة كمجزرة البروتستانت المعروفة باسم سانت بارتلمي.. ولا عن سرد كيفية تم فرض المسيحية بالسيف على أوروبا وضواحيها أو على باقي بعض شعوب العالم، بل ولا حتى علي محاكم التفتيش.
وأتغافل عم الكثير مما لا يقبله أي عقل سَوي لأنتقل بعد ذلك إلى مجمع الفاتيكان الثاني وقرارته سنة 1965 التي تمثل خروجا سافرا على نصوص وتعاليم العهد الجديد، والتي تمثل جزءا كبيرا من المشكلات التي تواجه العالم حاليا. فعلى الرغم من اتهام الكنيسة لليهود في قداس كل يوم أحد بأنهم قتلة الرب، وعلى الرغم من وجود أكثر من مائة جملة صريحة الوضوح في اتهامها بالعهد الجديد،
نص ذلك المجمع من ضمن ما نص عليه في نصوص قراراته التسعة، على:
* تبرئة اليهود من دم المسيح، ـ ليتحالف معهم في جبهة واحدة لمحاربة الإسلام،
* اقتلاع اليسار في عقد الثمانينات،
* اقتلاع الإسلام في عقد التسعينات حتى تبدأ الألفية الثالثة وقد تم تنصير العالم، وإن كانت هذه التوصية بدأت بعبارة ملتوية هي «توصيل الإنجيل لكل البشر»..
* إعادة تنصير العالم،
* توحيد كافة الكنائس تحت لواء كاثوليكية روما،
* فرض المساهمة في عملية التبشير على كافة المسيحيين الكنسيين منهم والمدنيين، وهي أول سابقة من نوعها وتوصم أمانة الأقليات المسيحية في كل مكان،
* استخدام الكنائس المحلية في عمليات التبشير، الأمر الذي يضع الأقليات المسيحية في البلدان التي يعيشون فيها في موقف عدم الأمانة أو الخيانة الوطنية لصالح التعصب الكنسي،
* فرض بدعة الحوار، كوسيلة لكسب الوقت حتى تتم عملية التنصير بلا مقاومة تذكر،
* إنشاء لجنة الحوار،
* إنشاء لجنة خاصة بتنصير العالم.
ولا يسع هذا الحيّز لتناول «بيت العيلة» المزعوم، الذي تم تكوينه بتجميع الكنائس الموجودة في مصر تحت كيان واحد لمحاربة الإسلام خطوة خطوةً.
وهو ما فشل الفاتيكان في عمله حتى الآن، ويكفيه خجلا الرد الذي تلقاه من بكريرك روسيا الشهر الماضي..
ليت ذلك الكيان، بيت العيلة، الذي اهتم بمراجعة نصوص التعليم والتحكم في حذف الآيات التي تشير إلى بعض الحقائق التي تضيرهم وتمس المسيحية لتعلقها بالتوحيد المطلق ورفضها الشرك بالله..
ليتهم يلتزمون بأمانة العيش في بلد واحد.
ويكفي الكنيسة فخرا وشرفا بأن القرآن الكريم الذي أنزله الله سبحانه وتعالي على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام،
بوحيّ من جبريل، قد أكرم السيدة مريم بسورة كاملة،
وأكرمها وبرأها من تهمة الزني مع الجندي بانتيرا على حد قول اليهود من أنها كانت حامل عندما ذهب يوسف النجار ليخطبها..
بل إن هده التهمة واردة في أحد الأناجيل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق