الأحد، 13 فبراير 2022

منكو لله خربتوا البلد

منكو لله خربتوا البلد

خواطر صعلوك

13 فبراير 2022

لماذا أجمع الكويتيون على حب صالح العجيري، رحمه الله؟ ولماذا كانت شخصيته تُطبع على أغلفة الكتب المدرسية، ويتردد اسمه في الإذاعات الصباحية وهو مازال على قيد الحياة؟ ولماذا وثق الكويتيون في مواعيده ودقتها أكثر من ثقتهم في رئيس مجلس الوزراء ذاته ؟

إنه رجل أجمع على حبه القيادة السياسية والشعب والطلبة والأطفال والأجنة القادمون في بطون أمهاتهم، فلماذا ؟

ولماذا كانت مواعيده لشهر رمضان أكثر دقة من مواعيد وزارة الإسكان نفسها في تسليم الأراضي وبيوت الناس؟

باختصار شديد عزيزي القارئ، لأن العجيري رحمه الله طبق على نفسه قاعدة «قيمة الإنسان في ما يُحسن صنعه»، وكما قال ابن الوردي في رائعته:

قيمة الإنسان ما يحسنه... أكثر الإنسان منه أو أقل

ولقد كان صالح العجيري رحمه الله، متفرغاً لما يحسن صنعه، ويتقن ما يفعله، لذلك وثقت فيه الناس وأحبته، وكانت وفاته لحظة وقوف فارقة على كل أهل الكويت.

ولو أخذنا تلك القاعدة التي طبقها العجيري، رحمه الله، على نفسه، وطبقناها على الكثير ممن نشاهدهم في التلفاز والجرائد والمؤسسات لرأينا العجب العُجاب... فلو طبقنا قاعدة «قيمة الإنسان في ما يحسن صنعه» على بعض النواب في مجلس الأمة، لاكتشفنا أن ما يحسنون صنعه ليس التشريع أو الاستجواب بل وظيفة المناديب ومخلصي المعاملات، ولو طبقنا القاعدة على بعض الكُتاب لاكتشفنا أنهم «طبالين وزمارين» وليس أكثر من ذلك، ولو طبقنا القاعدة على بعض وكلاء الوزارات لاكتشفنا أن ما يحسنون صنعه هو صب الشاي والقهوة، وأن مكانهم في الدواوين وليس المؤسسات، ولو طبقنا القاعدة على بعض السياسيين لعرفنا أن قيمتهم لا تتعدى «الحش والنميمة والفضائح والإثارة» وأن موقعهم الحقيقي في مجلة فضائحية وليس لإدارة المشهد السياسي، وبعض النشطاء الاقتصاديين الذين لا يحسنون صنعاً بتصاريحهم المستفزة وغيابهم عن الواقع، وبعض الحاصلين على شهادات عليا لم يُحسنوا صنعاً في إعدادها ودراستها ولا مواضيعها... ومنكو لله جميعاً خربتوا البلد.

إن قيمة صالح العجيري، رحمه الله، كانت في ما أحسن صنعه لهذا الوطن على مدى سنوات طويلة جداً، دون أن يصعد منصات أو يعتلي منابر لا يحسن فيها صنعاً ولا يجد قيمته فيها، فرحمك الله بما أحسنت صنعاً فينا وفي نفسك في مجتمع، كثير ممن يتصدرون المشهد العام فيه قيمتهم ليست في ما يتواجدون فيه، بل في اماكن أخرى غير تلك التي يتواجدون فيها الآن، وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله...أبتر.

Moh1alatwan@

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق