مصر: سر سبعة عقود من الحكم العسكري
كلما ازدادت الظروف اليائسة ، ازدادت قدرة الجيش على تبرير دوره كعمود فقري وحافظ للأمة
روبرت سبرينغبورغ
تحل في شهر تموز/ يوليو القادم الذكرى السبعون لاستيلاء العسكر على الحكم في مصر. فيما عدا سنة واحدة، هي 2012-2013، والتي حكم فيها الرئيس محمد مرسي وحام الجيش في أجنحته يخطط لإسقاطه، ظل ضباط الجيش يمارسون السلطة المطلقة دون انقطاع، محققين بذلك رقماً قياسياً عالمياً من حيث طول فترة الحكم العسكري الدكتاتوري.
لم يكن ذلك الطول بفضل إنجازات ما أطلق عليه المحلل يزيد صايغ اسم "جمهورية الضباط". بل لقد كانت التنمية النسبية في الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في مصر طوال تلك الفترة في حالة من التراجع المستمر على طول المدى، وإن بتفاوت. فقد تقهقرت مصر من كونها أكثر الدول العربية نمواً في عام 1952، لديها القدرة على استعراض قواها الصلبة والناعمة في المنطقة، وعالمياً في حالة القوة الناعمة، إلى كونها دولة متخلفة ونكرة على مستوى العالم بل وحتى على مستوى الشرق الأوسط.
وباتت الآن تتفاعل مع الأحداث، بدلا من أن تشكلها، في البلدان المجاورة مثل لبنان وسوريا والسودان وليبيا، بعد أن كانت ذات يوم صاحبة القول الفصل فيها بلا منازع. منذ ذلك الحين والموارد البشرية المصرية، التي كانت الأضخم والأكثر خبرة وعلماً في العالم العربي خلال الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، في انهيار قياسي، في ظل فشل النظام العليمي في البلاد وقطاعات الصناعة والخدمات فيها المواكبة لمضاهاة المنافسين.
يفرض سوء أداء جمهورية الضباط السؤال التالي: لماذا إذن مازالوا يحكمون؟ فلقد تمت الإطاحة بالجيوش الفاقدة للأهلية من السلطة بسبب سوء إدارتهم لشؤون الدولة في كل من إسبانيا واليونان والأرجنتين والبرازيل وتشيلي ونيجيريا وكوريا الجنوبية وتايوان وغير ذلك من البلدان.
حتى الهزائم العسكرية الكارثية، من مثل تلك التي أثارت الشعوب ضد جنرالات اليونان والأرجنتين، لم ينجم عنها خلع لا جمال عبد الناصر ولا أنور السادات – ولئن كان من نتائجها توجيه حسني مبارك وعبد الفتاح السيسي نحو تجنب الزج بقواتهما المسلحة، المدللة ومرتفعة التكاليف، في الحرب.
الاحتفاظ بالسلطة
منذ ذلك الحين ما لبثت أن تلاشت التبريرات العقائدية للحكم العسكري، والتي كانت في الأصل متجذرة في مناهضة الاستعمار وفي القومية العربية، ولم يعد لها أدنى حضور لدرجة أنه بات من الصعب تحديد ما هو الشيء الذي يمثله الجيش المصري، ربما سوى الاحتفاظ بالسلطة لنفسه – وامتداداً لذلك، أو على الأقل كما يزعم هو، الحفاظ على تماسك البلد. إلا أن السعي لتحقيق الغاية الأولى يمكن أن يعتبر مناقضاً تماماً للغاية الثانية. ولكن حتى لو كان ذلك صحيحاً، فإن تبرير الحكم العسكري من منطلق "من بعدي الطوفان" تنقصه جاذبية العقائد التحفيزية التي كان الجيش يعمل على بثها من قبل.
في غياب العوامل الإيجابية المانحة للشرعية، يبقى ثمة عامل سلبي واحد يتمثل في القمع، فهو الأمر الذي يفسر بقاء حكم العسكر كل هذه الفترة التي توشك أن تتم عامها السبعين. ما فتئ القمع يستخدم على نطاق واسع منذ أن لجأ إليه بادئ ذي بدء جمال عبد الناصر الذي دمج بين الممارسات والمؤسسات الاستعمارية البريطانية وتلك التي تنسب إلى النظام الشيوعي في ألمانيا الشرقية، وبذلك أوجد في الواقع وحشاً أمنياً كاسراً.
من الناحية التنظيمية لم يطرأ على الوضع تغيير يذكر، على الرغم من أنه بمعايير مصر البائسة حطم كل الأرقام القياسية من حيث عدد السجناء السياسيين وممارسات التعذيب وأحكام الإعدام والرقابة على النشر وقمع كل شكل من أشكال التعبير السياسي المستقل.
ومع ذلك، ورغم أهمية القمع بالنسبة للدكتاتوريات العسكرية، إلا أنه غير كاف لتفسير بقاء العسكر في الحكم كل هذه المدة الطويلة. لم يكن الضباط العرب الآخرون الذي أصبحوا "رؤساء مدى الحياة" – مثل علي عبد الله صالح في اليمن ومعمر القذافي في ليبيا – أقل توحشاً من الضباط الرؤساء الذين جاءوا بعد جمال عبد الناصر، ولكنهم اختلفوا عنهم في أنهم لم يرثوا الحكم من أسلافهم ولم يورثوه إلى من تعاقبوا عليه من بعدهم.
وفيما يشبه ذلك، وعلى الرغم من تصفية آلاف المعارضين، بما في ذلك إلقاؤهم في المحيط الأطلسي من الطائرات العمودية، تمت الإطاحة بجنرالات الأرجنتين. مما لا شك فيه، وكما يتضح من هذه الحالات، ومن عدد لا يحصى من غيرها من الحالات، أن القمع هو أداة العسكر الطيعة حيثما حكم العسكر.
التكيف مع الزمن
ولكن، وكما ثبت من الحالات العديدة التي تم فيها بنجاح إسقاط حكم العسكر، لا يكفي القمع لضمان استمرار الحكم العسكري إلى الأبد. فمع أن جهاز القمع في مصر لا يكاد يوجد له مثيل، إلا أن حقيقة أن ملايين المصريين ملكوا الشجاعة ليخرجوا إلى الشوارع في الفترة من 2011 إلى 2012 تشهد بأن القمع ليس حصناً غير قابل للاختراق بإمكانه أن يضمن للضباط الحاكمين الأمن حين يلوذون به.
يكمن العنصر الخاص الذي يضمن استمرار النجاح السياسي للعسكر في مصر، كما عبرت عن ذلك بصدق المحللة زينب أبو المجد، في قدرتهم على التكيف. لم يعمد الضباط الرؤساء في مصر إلى تقليد أسلافهم كما تفعل الببغاء، بل قام كل واحد منهم بتكييف المبررات العقائدية لحكمه بحيث تتناسب مع زمانه، تماماً كما قام كل واحد منهم بتعديل نموذجه الاقتصادي التشغيلي بينما هو منهمك في ترقيع المؤسسات والمنظمات السياسية والعبث بها.
لقد عدل الرؤساء المتعاقبون استراتيجيتهم المانعة للانقلاب في ضوء العلاقات مع الأجهزة العسكرية والأمنية. ويأتي في نفس الأهمية للحفاظ على الحكم أن يعمد كل واحد من هؤلاء الرؤساء إلى تشكيل العلاقات الخارجية بما يضمن الحصول على الدعم الخارجي لنظامه.
تبنى نظام جمال عبد الناصر العسكري الاشتراكية والتصنيع بديلا للاستيراد، ورافق ذلك الاعتماد الكثيف على الاتحاد السوفياتي ورفع راية القومية العربية. وحتى صيف عام 1967 كان صمامه للأمان ضد الانقلاب موكلاً لزميله ورفيق دربه في الجيش عبد الحكيم عامر بينما كانت قاعدته السياسية، الاتحاد الاشتراكي العربي، نسخة طبق الأصل عن الحزب الشيوعي اليوغسلافي.
تخلص السادات من جل هذ المتاع الأيديولوجي والسياسي والاقتصادي وما يتعلق به من علاقات خارجية واعتنق الليبرالية الجديدة (النيوليبرالية)، ورفع شعار مصر أولاً، وأبرم تحالفاً مع الولايات المتحدة، ودشن من الناحية الشكلية نظاماً سياسياً يقوم على التعددية الحزبية. ولكي يحول دون إمكانية الانقلاب عليه كان يعيد تشكيل المناصب القيادية العليا في الجيش، ولربما لجأ إلى تصفية بعض العناصر الذين كانت لديها طموحات سياسية.
أما مبارك فمزج ما بين مقاربة ناصر ومقاربة السادات، إذ كان بشكل عام يبحث عن أرضية وسط بين الاثنين من الناحية الاقتصادية ومن ناحية السياسات الخارجية والترتيبات السياسية المحلية. وفيما يتعلق بالحماية من الانقلاب ضده فقد لجأ إلى طريقة ناصر في ذلك إذ كلف وزير الدفاع الجنرال محمد حسين طنطاوي بالتحكم شبه الكامل بالجيش، والذي مارسه إلى حد كبير من خلال الحوافز الاقتصادية التي غدت ممكنة بفضل توسع الاقتصاد العسكري.
كسر القالب
ولكن لا ينبغي المبالغة في كم التكيف الذي مارسه الثلاثة الأوائل من هؤلاء الضباط الرؤساء. فحتى عام 2011 كان النظام العسكري مازال ينظر إليه باعتباره نفس تلك المؤسسة التي قامت بعد انقلاب عام 1952، فقد كان محمولاً على الثقل المؤسسي لكل من الجيش والأجهزة الأمنية وعلى ما بين الجهتين من تلاحم وتناغم، علماً بأن أبناء الرؤساء كانوا يُستبعدون من الخدمة في هاتين المؤسستين على النقيض مما كان عليه الوضع في العراق واليمن وليبيا، حيث كان الأبناء ينشؤون كضباط حتى يخلفوا آباءهم.
بقيت إدارة الدولة والاقتصاد بشكل أساسي في يد جهاز الخدمة المدنية والقطاع العام، واللذان ظلا يشكلان القواعد الأساسية للدعم السياسي وخاصة في زمن الانتخابات. أما على صعيد العلاقات الخارجية فانتقلت أهم هذه العلاقات من علاقة مع الاتحاد السوفياتي إلى علاقة مع الولايات المتحدة، بينما ظلت محافظة على جوهرها القائم على معادلة الراعي – الوكيل، حيث الركون إلى قوة أجنبية واحدة.
ثم جاء السيسي الذي يعتبر المتكيف الحقيقي، فقد كسر القالب وخرج عن التقليد الذي ورثه – أو استولى عليه، إذا أردنا أن نكون أكثر دقة. فنموذجه المحتذى ليس واحداً من أسلافه، ولكنه واحد من مشايخ الخليج. إنه محمد بن زايد حاكم الإمارات الذي يرى فيه السيسي النموذج الأقرب إليه في الحكم.
توفر العائلة والقبيلة للسيسي آليات الحكم، إذا ما اعتبر المرء المؤسسة العسكرية المصرية المكافئ الوظيفي لعشيرة آل نهيان التي ينتمي إليها محمد بن زايد، حيث يشغل أعضاء تلك العشيرة وأعضاء العشائر المرتبطة بها مناصب في الجهاز الحكومي وفي الأنظمة الاقتصادية في أبو ظبي والإمارات العربية المتحدة، تماماً كما يفعل الضباط في جمهورية السيسي. وبعد الانتهاء من أداء مهماتهم داخل جيوش كل منهما، يحتل أبناء الحاكم في الحالتين مواقع مهمة في جهاز القهر التابع للدولة.
لهؤلاء الأولاد أهمية قصوى في ممارسة السلطة، ولربما ورثها أحدهم فيما بعد، إذ يقومون بأدوار تضمن توفير المنعة لآبائهم ضد خطر الانقلاب، حيث يعززون جهاز الرقابة ويشرفون عليه، وهو جهاز يرتكز على العلاقات الشخصية التي يكون الحاكمان في البلدين قد طوراها أثناء خدمتهما في جيشي بلديهما.
من أجل شغل المناصب في محيط المؤسسات التي يتم من خلالها إدارة الدولة والاقتصاد والتحكم بهما، وفي حالة مصر أيضاً إدارة المنظومة السياسية والتحكم بها، أوجد الحكام في الدولتين مؤسسات تعليمية نخبوية ترتبط بها قنوات توظيف خاصة بتجنيد الكوادر الموالية والكفؤة من الناحية التقنية. في كلتا الحالتين ثمة تشابه هائل مع ما تم تطويره في الصين لتجنيد وإعداد كوادر الحزب الشيوعي.
نموذج الفخامة
بنفس الطريقة، تدين فلسفة السيسي الاقتصادية لنموذج الشيخ في الخليج. فجوهر ذلك هو الفخامة، كما يعبر عن ذلك بأطول كذا وأكبر كذا، مع تفضيل أن تكون البداية دائماً من الصفر في الرمال، كما لو كان المقصود إثبات ما لدى الحاكم من إرادة خلاقة.
ومن بين الفوائد الأخرى أن المشاريع الفخمة تغدو فرصاً لإدخال المال على أفراد العشيرة / أو الجيش، بينما تحقق للزعيم إضفاء العظمة والجلال عليه وعلى ما يتمتع به من رؤية. وفي خضم كل ذلك لا يبدو أنهم ينشغلون بالتفكير بمسألة من أين سيحصلون على تمويل لهذه الصروح، التي يسهل توفير التمويل لها في الحالة الخليجية من خلال موارد النفط، بينما في مصر لا سبيل إلى ذلك سوى الاعتماد بشكل أساسي على الاقتراض. يتحول هذه النمط المشوه من التنمية إلى عقيدة سياسية يتم من خلالها ترويع الناس وإخضاعهم.
لا يترك هذا النموذج المستخلص من الخليج كثيراً من الحيز في مصر لجهاز خدمة مدنية تقليدي ولا لقطاع عام ولا لحزب سياسي مهيمن أو لبرلمان. بل يعرب السيسي عن ازدرائه لكل هذه الأمور. ولقد باتت جميعها لا لزوم لها بسبب اعتماده في إدارة الحكومة والاقتصاد والمنظومة السياسية على الأجهزة الأمنية والمخابرات الحربية التي نزعت من جميع هذه المؤسسات المدنية جل سلطتها على الموارد.
صندوق الثروة السيادي في مصر وغير ذلك من الكيانات المالية المستقلة، مثل "تعيش مصر"، كما هو حال شبيهاتها في الخليج، تخضع مباشرة للحاكم وليس للإدارة ولا للبرلمان أو لأي كيان عام.
لا يشعر السيسي بأنه مضطر لتنمية ورعاية دوائر تأييد عامة كما فعل أسلافه. تُركت الطبقة الوسطى البيروقراطية معلقة بخدمة مدنية آخذة في التقلص، وتم التخلي عن العمال من قبل نقابات آخذة في الضمور، وتُركت الشلة الرأسمالية تنقب عن فتات متناثر من بقايا الكعكة الاقتصادية التي يبتلعها العسكر، وتُقدم الخدمات للعمال من قبل تعاونيات زراعية منزوعة الأحشاء، لأن الدولة باتت تؤثر الزراعة التي تعتمد على رأس المال الغزير تحت هيمنة شركات تابعة للعسكر أو لمستثمرين أثرياء.
بدائل عن الوضع القائم
يطفو السيسي فوق الشعب في مصر، والهواء الساخن الذي يمتطيه لا يقوم على ولاءات أو تحالفات عشائرية كما هو الحال مع معظم حكام الخليج. ما إذا كان المكافئ العشائري للسيسي، أي الجيش، لديه القدرة على الاحتفاظ بولاء المواطنين بينما يمضي في تقويض العقد الاجتماعي الذي كان يركن إليه من قبل يثير تساؤلات حول مستقبل الجيش ومستقبل السيسي في آن واحد.
ثمة بديلان محتملان للوضع القائم، أما الأول فهو أن يُستبدل السيسي بعسكره أو أن تتم الإطاحة به وبعسكره معاً. أما الأول فهو سيناريو مبارك، حيث يُستنهض الجيش من قبل المصالح المؤسساتية التابعة له لكي يتخلى عن الرئيس الذي بات مستهدفاً بسخط الشعب. يمكن لذلك أن يكون على شكل انقلاب استباقي من أعلى إلى أسفل تنفذه القيادة العليا كما حدث بالضبط في عام 2011. وأما البديل فهو انقلاب ينفذه فصيل منشق من داخل الجيش بات ساخطاً على الرئيس والقيادة العليا معاً.
ثمة خط صدع محتمل واحد يفصل الضباط الملتزمين بالمهنية العسكرية عن أولئك – وهم في العادة الأعلى رتبة – الذين يكرسون حياتهم لجني الغنائم من خلال انفتاحهم على الاقتصاد العسكري. يمكن للتوترات بين هذين المعسكرين أن تتفاقم في حالة ما لو حدث إخفاق في التعامل بشكل كاف ومناسب مع واحد أو أكثر من التحديات العسكرية، والتي قد تبرز في منطقة مجاورة، مثل ليبيا أو السودان أو حتى إثيوبيا الأبعد مسافة.
من بين هذين النوعين البديلين من الانقلاب يبدو الأول أبعد احتمالاً، وذلك أن اختراق السيسي وسطوته داخل سلك الضباط – الناجم عن خدمته في المخابرات الحربية، واستخدامه لأولاده وزملائه السابقين كوكلاء يقومون بمهام الرصد والمراقبة، ونشره لفرص المحسوبية بين الضباط – تتجاوز بشكل كبير ما كان يحظى به مبارك. من المحتمل أن تبقى القيادة العليا موالية للسيسي أما الضباط الأصغر والأدنى رتباً فلا.
مفارقة الفشل
يصعب تصور إزاحة السيسي والعسكر معاً من السلطة، فلن يتكرر ما حدث في عام 2011 إلا على شكل مأساوي. وكما أثبتت الأحداث في عام 2013، يتوفر لدى نظام السيسي الاستعداد التام لفتح النيران على المعارضة. وقد تمكن من تحييد الإسلام السياسي المنظم، على الأقل في المدى المنظور. وهذا يترك المجال مفتوحاً أمام سيناريوهات أكثر تطرفاً، مثل الانهيار واسع النطاق في النظام العام نتيجة للأزمات الاقتصادية أو السياسية، الأمر الذي سينجم عنه تفتيت الجيش والأجهزة الأمنية.
قد يطرأ تحول على هذا السيناريو فيما لو تدخل عامل خارجي له مصلحة في قلقلة نظام السيسي. وأخيراً، الاحتمال الأبعد هو أن يقرر السيسي التنحي لصالح حكومة مدنية تخلفه. إلا أن كل أموره ووسائل حكمه تشير إلى أن خيار تنحيه غير وارد على الإطلاق.
والخلاصة هي أن الحكم العسكري في الأغلب سيستمر، كما سيستمر الانحطاط النسبي وطويل المدى للبلد. فعلياً، كلما عظم الانحطاط وزادت الظروف سوءاً كلما تمكن الجيش من تبرير دوره باعتباره العمود الفقري الذي يحافظ على الوطن.
من الممكن أن تكون هذه المفارقة هي التفسير المنطقي لاستمرار حكم العسكر في مصر. فلو أنه قاد بنجاح التنمية في البلد، كما فعل العسكر في كوريا الجنوبية إلى حد ما، فلربما نجم عن ذلك بروز قوى متمكنة ولديها من العزم والحزم ما يكفي للإطاحة به واستبداله. من المؤسف أن فشل العسكر في إدارة الدولة بشكل جيد قد يفسر نجاحهم في الاستمرار في نفس النهج.
المصدر"ميدل إيست آي" ترجمه "عربي21"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق