الثلاثاء، 1 نوفمبر 2022

عواصف التغيير، والحكم الإلهية في التدبير (١)

 عواصف التغيير، والحكم الإلهية في التدبير (١).

( مطارق السنن)
العواصف التغييرية؛ تهب اليوم على غالب الساحات العالمية والإقليمية والمحلية في بقاع الأرض .. وبخاصة في بلدان العرب والمسلمين، ، التي لا نكاد نرى فيها بلدا إلا وهو على شفا تغييرات جذرية وتحولات مفصلية ..
وحتى النظام الدولي ذاته ؛ نراه مقبلا على تغييرات جوهرية، ستنتقل به غالبا من حالة تفرد أمريكا بالقيادة الدولية _ إلى وضع التعددية القطبية، وهو ما ستتبعه حتما تحولات إقليمية و محلية، في مرحلة ما بعد الثورات العربية..
★.. في تقديري أن هذه التحولات القائمة والقادمة؛ ليست إلا مقدمات لما بعدها من تغييرات كبيرة وكثيرة، ستتابع خلال المرحلة الانتقالية التي يشهدها العالم ، بين زمان تسلط الجبر الدولي والإقليمي والمحلي ، وبين مرحلة العودة الحتمية لتمكين الدين واستخلاف المسلمين .
فالخلافة( نعم) ..الخلافة على منهاج النبوة.. قادمة قادمة؛ كما صحت بذلك الأحاديث، ولكنها لن تأتي فجأة بدون مقدمات، بل بين يديها تغيرات وتحولات.
★.. وهذه التحولات الكبرى، تحكمها لا محالة ؛ سنن الله في التغيير ، وهي سنن وقوانين تعم جميع الأجناس والأصناف والطوائف البشرية، إسلامية كانت أو كفرية، فردية أو جماعية ، شرقية أكانت أو غربية ..
فعندما قال الله تعالى :
{إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ. حتى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم }
[الرعد: ١١] ..
جاءت كلمة ( قوم ) لتعم كل قوم، فهم يخضعون طوعا أو كرها لقوانين التغيير الربانية في السنن الكونية .
وكما قال الله سبحانه أيضا :
{ ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۙ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }[الأنفال/٥٣]
★.. لذلك فإن سنن التغيير المبثوثة في القرآن، والمنثورة في السنة ؛ تشير إلى أن التغيير في أحوال الناس قد يكون إلى الأحسن بالنسبة إلى قوم، وقد يكون إلى الأسوأ بالنسبة لآخرين، بحسب تعامل الناس مع أسباب الإصلاح في الدنيا، أو قواعد الفلاح في الآخرة ..
ولهذا أيضا ؛ لابد من استحضار قواعد السنن الحاكمة لمجرى التاريخ ، لا لاستشراف المستقبل فحسب؛ بل لاكتشاف طرق تصحيح المسار ، و استشفاف عوامل تجنب البوار والانهيار ، والاعتبار بما كان فيما سوف يكون .
★.. ولذلك قال الله تعالى:
{ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ } [الحج/٤٦].
قال ابن كثير في تفسيرها : " ليس العمى عمى البصر ، وإنما العمى عمى البصيرة ، وإن كانت القوة الباصرة سليمة فإنها لا تنفذ إلى العبر ، ولا تدري ما الخبر ".
بصرنا الله جميعا بالصواب .. وهدانا لما يوصل إليه من الأسباب..
(يتبع بإذن الله)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق