الجمعة، 4 نوفمبر 2022

“الثورة الإيرانية”.. تحولٌ تاريخي

 “الثورة الإيرانية”.. تحولٌ تاريخي

د.بهروز بويان – أستاذ جامعي من طهران

إن الانتفاضة التي تدور في إيران اليوم هي ثورة ذات طابع ديمقراطي من كافة النواحي، اكتسبت ضرورتها من الانقطاع التاريخي العميق بين المجتمع الإيراني ونظام الملالي الرجعي، وقد مر المجتمع الإيراني لسنوات عديدة بعملية معالجة تكامل البنية السياسية الإستبدادبة والرجعية، ورفض أي شكل من أشكال الدكتاتورية سواء كانت ملكية أو دينية، والتي تعتبر بنية سياسية مستنسخة مكررة، والسعى وراء إقرار نظام ديمقراطي قانوني وسياسي؛ نظام يقوم على مؤشر فصل الدين عن الدولة هو نفي لأي تمييز (عنصرية)، واتجاه نحو المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة، وضمان جميع الحريات الفردية والاجتماعية والسياسية، وبسياسة الاسترضاء مع دوائر الضغط لنظام الملالي يسعون إلى جعل حقيقة الفجوة بين الشعب الإيراني والنظام وتقديمها بشكل تبدو كأمر غير حقيقي، وتحويل ودفع الاصطدام بين النظام والمجتمع إلى قالب انتفاضات وطنية تبرز بمطالب فرعية ونقابية محدودة للتقليل من شأنها، وقد تم تنفيذ نفس سياسة الإنكار والاختزال في الانتفاضة الثورية الأخيرة، لكن حقيقة الثورة الديمقراطية للشعب الإيراني بهذه المرة كانت أصعب بكثير من أي إنكار، ولم يتبق أمام الغرب سوى طريق واحد حتمي: الاعتراف الرسمي بالثورة الديمقراطية للشعب الإيراني.

خصائص الثورة الديمقراطية للشعب الإيراني

1-إن للإنتفاضة الثورية للإيرانيين ظهير تاريخي وهو نتاج أكثر من مائة سنة من النضال من أجل الحرية والديمقراطية مع ثورتين كبيرتين وحركة وطنية مناهضة للإستعمار بقيادة الدكتور مصدق، وعلاوة على ذلك فإن ارتباط هذه الانتفاضة بمجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية كرواد للثورة الجديدة يضفي الشرعية ويؤكد على الطبيعة الثورية لهذه الانتفاضة ويوضح أهدافها في هذا التحول التاريخي المتمثل في تحقيق بنية سياسية ديمقراطية.
2-على الرغم تقلبات دوائر الضغط في النظام فإن انتفاضة الشعب الإيراني فعل جماعي منظم، ويمكن فهمه تماما من تصميم الشعارات الوطنية المتناسقة، ونفس أساليب العمل المتبعة في جميع المدن، والتغيير المنسق لتكتيكات النضال.. ومصدر هذا التنظيم هو بلا شك وحدات المقاومة التابعة لمجاهدي خلق والتي أصبح أسلوب عملها منذ عدة سنوات في مهاجمة مراكز النظام القمعية نموذجا لكفاح الشعب في الانتفاضة.
3-الانتفاضة الثورية للشعب الإيراني هي بحكم طبيعتها منافية للأزمنة العتيقة والمكررة التي عفا عليها الزمن، فهي بطرحها منذ البداية لشعارات محددة مثل (الموت للمستبد سواء كان شاهً أو زعيم) تكون قد حددت كل شكل من أشكال الدكتاتورية، وهذا في حد ذاته نتاج التجربة الثورية للإيرانيين وترابطهم مع القوة الثورية الرائدة ألا وهي المقاومة الإيرانية التي أوجدت البديل الديمقراطي متاحا للشعب الإيراني منذ سنوات.
4-إن طلائع النساء وريادتهن في قيادة انتفاضة الشعب الثورية هي نفس النموذج الذي قدمته المقاومة الإيرانية بقيادة السيدة رجوي، ولطالما أشارت السيدة رجوي إلى أن النساء هن قوة التغيير اللازمة، وكانت قد أعلنت بوضوح قبل 26 عاما أن نظام الملالي سوف سيُطاح به في نهاية المطاف بقيادة النساء، وربما كان من الصعب فهم هذا القول في ذلك الوقت لكن مشهد الانتفاضة الإيرانية اليوم يثبت صحة هذا الادعاء.
5-لا تظهر انتفاضة الشعب الإيراني أي تردد في تقدمها وحدتها على الرغم من قتل أكثر من 450 ثائرا حتى الآن ولا يزال النظام مستمرا في التوعد بالمزيد من القتلى، ونظام الملالي كنظام الشاه وكأي دكتاتور آخر انتهى عهده ولا ينتمي إلى العالم الجديد يحاول تغطية ضعف تكيفه مع الظروف الجديدة بقتل الناس؛ لكن التاريخ له نفس الحكم المشابه بشأن كل الأنظمة البالية المكررة وهو الحكم بـ: اسقاطها بانتفاضة شعبية نارية.

عنوان فصل تاريخي للغرب
لم تظهر الدول الغربية وخاصة أوروبا لعدة قرون أي علامة صداقة تجاه الشعب الإيراني، وقد بدأت جهود الإيرانيين للوصول إلى بنية سياسية واجتماعية حديثة وديمقراطية قبل كل الدول الآسيوية والعديد من دول القارات الأخرى في العالم لكن السياسة الاستعمارية حالت دون تحقيق الديمقراطية في إيران حتى اليوم من خلال تعيين الدكتاتورية الدمية بهلوي، والانقلاب على حكومة الدكتور مصدق الوطنية، واسترضاء نظام الملالي، والآن فرصة تاريخية للغرب ولأوروبا بشكل خاص لتأتي وتكون إلى جانب الشعب الإيراني لأول مرة، ولأجل ذلك فإن المواقف الإستعراضية لا قيمة ولا مصداقية لها في نظر الشعب الإيراني، ولا يمكن القبول بأن حكومة ما تدعم الشعب الإيراني لكنها تتجنب تصنيف الحرس في قائمة الإرهاب، وليس لديها استعداد لقطع العلاقات الدبلوماسية مع نظام الملالي الإرهابي، وعليه فإن هناك إجراءات عملية محددة للغرب يجب القيام بها في هذا الفصل التاريخي أهمها الاعتراف الرسمي بحق الشعب الإيراني المشروع بالدفاع عن نفسه في محاربة نظام الملالي الإرهابي، وكذلك بدء الحوار مع المقاومة الإيرانية كممثلة لثورة الشعب الإيراني الديمقراطية، والبديل الديمقراطي لنظام الملالي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق