مبارك: لا نجونا إن نجا
***
هلك الفاجر
***
يا سعد الحريري: لماذا رضيت أن تكون أبا رغال
***
مرحبا بالدكتور أحمد العمري في القاهرة..
بقلم د محمد عباس
3/02/2011
أعترف أنني مذهول..
عندما تصاعدت نداءات الفيس بوك انصرفت عنها ملولا موقنا أنها نوع من حلم اليقظة والاستعاضة بالخيال عن الواقع كمخدر يغنيهم عن مواجهة الحقيقة..
لما جاء يوم 25 يناير لم أعتن بالمتابعة.. فلما نبهني البعض لم أصدق.. جلست مشدوها أمام التلفاز أقفر من الجزيرة العامة إلى المباشرة ومنها إلى المستقلة والحوار والرأي..
مصعوقا كنت..
ليس لحجم الاستجابة فقط..
ولا لاستمرارها بعد اليوم الأول فقط..
ولكن لأن رهانا هائلا قد سقط..
رهانهم بالقدرة على اجتثاث وعي أبنائنا وتدمير وجدانهم وهويتهم..
من أهم كتبي كتاب:"الوعي ينزف من ثقوب الذاكرة".. لقد نجحت الأمة في إيقاف النزيف ومقاومته.
أعترف أنهم نجحوا جزئيا في تكوين نماذج قامت النخبة الحاكمة بتنصيبها كقيادات للحركة الفكرية والثقافية وانظروا نماذج مثل مجدي الجلاد ورفعت السعيد وجابر عصفور وسيد القمني وخليل عبد الكريم ونوال السعداوي..
ونجحوا جزئيا في توزير شخصيات شاذة-فكريا- كوزير الثقافة الذي يشكو متوجعا من ضياع جهوده لأن ما يبنيه في ألف مؤسسة للثقافة يمحوه تماما ما يقال في 42000 مسجد.
كانوا يأملون أن تقوم هذه النخبة بتربية الأجيال الجديدة كما يريدون.
لقد كان رهانهم بأن تكون الأجيال الجديدة كالسائمة.. كالقطيع تنقاد حيثما تُقاد.
قطيع بلا دين..
أو على الأقل بقشوره..
قطيع ينسلخ من دينه ويكره أمته ويتبرأ من وطنه..
قطيع على استعداد لبيع أمته بالتجزئة كما باعها حكامها بالجملة.
قطيع على شاكلتهم..
لكنهم لم ينجحوا..
هذا هو رهانهم الذي سقط..
أعترف:
لقد كنت واحدا ممن فقدوا الثقة في جيل الفيس بوك..
لم أكن أدينه بقدر ما كنت أدين جيلنا الذي فشل أن يربيه وأن يحميه من التغريب ومن تزييف الوعي..
الآن..
الآن..
الآن يثبت هذا الجيل المذهل ليس أنه نجح في تربية نفسه فقط..
ولا أنه نجا من التخريب والتغريب فقط..
ولا أنه فعل ما عجز جيلنا المنفوش بالكبرياء الزائف وعبادة الذات وتضخيم الأنا عن فعله فقط..
ذلك كله مهم..
لكن الأهم.. أنه وقد فعل هذا كله:
الأهم:
أنه وقد فعل هذا كله..
المهم..
أنه..
وقد..
فعل..
هذا ..
كله:
أثبت أن هذه الأمة عصية على التخريب والتغريب وأن الشيطان قد يئس أن يعبد فيها ورضي بما دون ذلك..
لن يعبدوا الشيطان..
لن يعبدوا النموذج الغربي.
الأمة باقية..
الأمة باقية وستقاوم.. وسوف يأتي يوم تنهض فيه لتقاتل دفاعا عن دينها وحقها وكرامتها .. وأرضها.
البذرة باقية في أعماقهم..
البذرة باقية..
ولذلك فالأمة باقية..
وهذه هي المفاجأة المذهلة..
إن الأمر يشبه بالنسبة لأعدائنا أنهم ظنوا أنهم أبادوا جيوشنا وشتتوا أفرادنا ولم يعد لنا أي قدرة على المواجهة والمقاومة وإذا بهم يفاجئون بجيش جديد فتي يخرج إليهم من حيث لا يحتسبون. جيش لا يعرفون صفاته ولم يشكلوا طباعه ولم يجرعوه كأس الهزائم.
جيش جديد سيواجه وسيحارب وسيبتكر وسيعيش إن شاء الله..
سيواجهك يا إسرائيل.. وسيهزمك..
سيواجهك..
فأيقني بالخراب والدمار والزوال يا إسرائيل..
أيقنوا بالخراب والهزيمة أيها الطغاة المجرمون السفلة..
أيقنوا بمصير بن علي أو شاوشيسكو يا حكامنا..
أيقن بالفشل يا بابا الفاتيكان الأحمق –المتهم بالتستر على الشذوذ- وكل من خلفك..
أيقنوا بالهزيمة يا دعاة الحرب الصليبية والتبشير والتنصير..
أيقن بفشل مخططاتك وانقلابها عليك يا شنودة..
أيقن بالنهاية يا رابطة الشواذ الذين يحكمون ..
أيقن بالنهاية يا حسني مبارك..
أيقني بالفرج يا وفاء قسطنطين وكاميليا وعشرات الألوف في معتقلات الطاغوت بغير ذنب وبلا سبب..
أيقن بالهلاك التام يا أحمد عز.. بل يا مذمم ذلّ..أنت وكل أقرانك.
أيقن بفضح مخططاتك يا ساويرس.
أيقنوا..
أبناؤنا..
أحفادنا..
فعلوا ما عجزنا عن فعله..
وسيفعلون..
في مزابل التاريخ سيلقون بكم..
ثأر الله قادم على أيديهم..
ثأر الله قادم..
ثأر الله قادم.
والجيل الذي حسبناه عقيما كشف عن قوته..
كان عميقا لا عقيما..
أعمق من قدرتنا على سبر غوره..
وهذا وحده يقلب الموازين كلها..
يغير الحسابات كلها..
فالإسلام فاعل وباق وقادم..
ولقد كان منظر الصلاة في الشارع في تونس.. وكذلك في القاهرة عنوانا وعلما وعلامة ونبراسا ومؤشرا على المستقبل.
انتهى الطواغيت أو أوشكوا..
النهاية آتية والانهيار حتمي.
ليس الأمر متعلقا بالمظاهرات الأخيرة، ولا حتى بثورة تونس، وإنما هو متعلق في الأساس بجيل خططوا لإبادته فكريا فإذا به حي ينبض، بل ويعج بالحياة.
لقد كانت الحرب علينا تعتمد بالأساس على ضعفنا وليس على قوتهم. على هدم قوانا وإخصاء مقاومتنا.. ومع أي قدر جاد من المقاومة فإن بنيان الطاغوت الهش سينهار.
ولقد كشفت المظاهرات أن النظام وصل إلى مرحلة اللاعودة حيث الانهيار التي لا يمكنه التخلص منه مهما فعل. إنها كالصدمة غير المرتجعة بالتعبير الطبي، حين يصل المريض إلى مرحلة يستحيل إنقاذه منها. لأن كل خطوة مهما كانت مفيدة لا تفيده. إنها سنن الله في الأرض. خاصة مع نظام جاهل باطش جبار خائن. لم يجد في النهاية إلا النصارى يستقوي بهم، فأساء إليهم، وأساء إلى نفسه أكثر، واستجلب لهم كراهية الأمة وازدرائها، وقد كان ذلك مقصورا عليه، لكنه من الناحية الأخرى لم يكن له خيار آخر. لقد فقد الجميع، عدا حثالات اليسار والليبراليين وهؤلاء لا وزن لهم ولا قيمة. لهم فقط الصوت العالي والقدرة المذهلة على الكذب وإلباس الحق ثوب الباطل. ولم يعد له إلا النصارى يستقوى بهم، وابتلع الأغبياء منهم الطعم بعد أن أغراهم ضعف الناس وعجزهم عن الدفاع عن أنفسهم، باعوا بحماقة وقصر نظر أخوة في الوطن استمرت خمسة عشر قرنا في لحظة وهم عميت فيها أبصارهم بل بصائرهم فبادروا إلى التقام الطعم بجشع وطمع ونهم وخسة. وهم لا يعلمون أنهم أقرب إلينا من حكامنا. لأنهم أهل كتاب. أما النخبة المثقفة فهم يرتعون في حظائر الردة، وأن أولياء الأمر في الدرك الأسفل من النار لأنهم منافقون.
وهنا أحذر إخوتنا في تونس.. كما أحذرهم في مصر..
أحذرهم من الشيوعيين..
الشيوعيون هم الحلقة النجسة الوسيطة التي يستخدمها الأمريكيون للقضاء على الإسلاميين قبل أن يباشروا السيطرة بأنفسهم.. فاحذروهم..
احذروهم.. فقد ينهار النظام.. ويستولي الشيوعيون على الحكم فنكون قد استبدلنا سيدا بسيد وعميلا بعميل وخائن بخائن .. ونظل نحن نفس العبد.
احذروهم لأنهم يقومون بأقذر الأدوار وأخطرها.. إنهم يبدون بمظهر امرأة شريفة يتسللن إلى أوساط العفيفات لغوايتهن واستقطابهن للانضمام إلى شبكات الرقيق الأبيض.
احذروهم.. فهم الذين خدعونا بمواقفهم ضد الاستعمار وأمريكا وإسرائيل.. فإذا أزفت الآزفة إذا هم على حجر الاستعمار وأمريكا وإسرائيل في علاقة شاذة مقززة، فهم يستعينون بهم علينا ووكالات أنبائهم لا مجد سواهم ولا تدافع عن غيرهم كما أن مؤسساتهم لا تمنح الشهرة والجوائز إلا لهم. كما أن الاستعمار الأجنبي، يقوم عن طريق وكيله وخادمه وعبده: الاستعمار الداخلي، بمنحهم صدارة المناصب، ورخصة بالارتزاق الحرام دون حساب، من الداخل والخارج، ورخصا بالحماية تصل إلى منح أكابر مجرميهم الحصانة كي يفلتوا من عواقب أي جريمة وليكافئوا على الإشراك بالله حيث لا يعاقب إلا على الإشراك بالطاغوت..
احذروهم..
إنهم نجس فاحذروهم..
***
انتهيت أيها الطاغية..لكن كل ذلك ينتهي الآن..
ينتهي..
مهما فعل النظام سينهار.
قد يطول احتضاره..
لكنه سينهار..
سينهار.
يوم الجمعة 28 يناير صدر أمر غبي من مسئول بتوجه كوادر الحزب الوطني لصلاة الجمعة، مما يعني أنهم لا يصلونها من تلقاء أنفسهم، والأمر مكشوف، فهو تهديد مستتر أن الأمن المركزي سيكون في المساجد بملابس مدنية. كما أحذر قيادات الشرطة من حساب قادم لا ريب فيه أراه قريبا وإن ظنوه بعيدا. في تونس كان ضباط الأمن هم المجرمون الذي روعوا المجتمع وأطلقوا الرصاص عليه. لا تكونوا مثلهم فالصحف الأجنبية تصفكم بأنكم عصابة من البلطجية. . في إيران قتلوا ضباط السافاك وتركوا جثثهم طعاما للكلاب.. وفي تونس حاصروهم وقاتلوهم وألقوا القبض عليهم.. أحذركم من ذات المصير .. و أحذر من مذبحة يتسبب فيها عناد غبي مجرم فاجر.. لن يغني عنكم في الدنيا ولا في الآخرة شيئا.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم
أحذركم..
هذه علامات احتضار..
هذا نظام ينهار..
سينهار..
سقطت الأقنعة. الحكم عمالة. والمنصب مكافأة على الخيانة. والتوريث إصرار عليها وخوف من كشف الأسرار وتمزق الأستار. الأمن عصابة وهتك للأمن. والمسئول مجرم لا يتورع عن تشكيل العصابات لإشعال الحرائق ونهب المؤسسات ولإطلاق الرصاص على الأمة كي يتهم معارضيه بتلك الجرائم، ولكي يبرر للعالم ولنفسه البطش بها.
لماذا تندهشون لفضيحة السلطة الفلسطينية في الوثائق السرية؟!.
هل تظنون أن الوضع يختلف في مصر والسعودية عما هو في فلسطين..
ولو قيض لقناة الجزيرة أو سواها أن تكشف عن الوثائق السرية لحكامنا فهل تظنون أن الخيانة هنا أقل من هناك؟..
هل تتخيلون أنهم أقل خيانة من محمود عباس ومن صائب عريقات ومن محمد دحلان..
لا والله.. فهم عصابة واحدة.
لكنهم ينهارون..
لا أمل:
لو تراجع النظام سينهار..
ولو واصل الطغيان سينهار..
لو قاوم سينهار..
ولو تراجع سينهار..
لو قتل المئات سينهار..
ولو لم يقتل أحدا سينهار..
لو سلط كلاب الميديا المسعورة على الأمة لتنهشها سينهار..
ولو أمسكها عنهم سينهار..
ولو واصل إلى التوريث سينهار..
ولو أقلع عن التوريث سينهار..
ولو واصل جهاز الأمن الباطش الجبار سينهار..
ولو تحولوا إلى ملائكة سينهار..
لو انتصرت المظاهرات سينهار..
ولو نجح في كبحها سينهار..
لو كابر وعاند سينهار..
ولو خضع وذل سينهار..
بل إنني أظن أن انهياره سيكون فريدا.. فقد كان في طاغوتيته فريدا.. بل كان شيطانا مريدا..
كما أظن أن الله سيمد له في عمره حتى يطلب الموت فلا يجده..
انتهى الدرس يا غبي.. يا منافق.. يا عميل..
ربما يبقى لكم ثغرة: الخروج الآمن..
وحتى في هذه: لن يسمح لكم سيدكم.. لأن قيمتكم بالنسبة له أنكم خونة وعبيد وعملاء.. فإن لجأتم إليه فأنتم عبء عليه.. ولن يقبلكم.. تماما كما لم يقبل طاووس إيران وشين الهالكين(لا زين العابدين) بن علي ومن معهم.
ذق يا كل طاغوت..
ذق يا كل عميل..
ذق يا كل فاجر:
ذق.. إنك أنت العزيز الكريم!.
***
أعترف أنني مذهول..
أتساءل في ذهول:
هل يمكن أن أرى غدا وأسمع – كما سمع أهل تونس- من يصرخ فينا:
اتحررنا..
الشعب المصري حر..
الشعب المصري لم يمت..
الشعب المصري عظيم..
تحيا مصر الحرة..
المجد للشهداء..
الحرية للمصريين..
يا مصريين يا اللي عذبوكوا..
يا مصريين يا اللي قهروكوا..
يا مصريين يا اللي سرقوكوا..
الشعب المصري حر..
تحيا مصر العظيمة..
يا مصريين ما عادش خوف..
المجرم هرب..
الطاغوت هرب من الشعب المصري..المجرم هرب..
اللص هرب..
الطاغية هرب من الشعب المصري..السافل هرب..
هرب من الشعب..المجرم هرب..
المجد للشهداء..
المجد لمصر..
المجد للشهداء ..
يا مصر يا كبيرة..
يا مصر يا عظيمة..
خلاص اتحررنا..
المجرم هرب..
خلاص المجرم هرب..
مصر من غير المجرم..
المجرم اتنحى..
الشعب المصري من غير المجرم..
يحيا الشعب..
تحيا مصر حرة..
تحيا الحرية..
يحيا الشعب العظيم..
المجد للشهداء ..
***
فهل يمكن أن نسمع ذلك في مصر غدا؟
هل يمكن أن نقرأ:
القبض على أحمد عز وهو يحاول الهرب من منفذ السلوم.
اعتقال فتحي سرور.
القبض على ساويرس على حدود إسرائيل.
محاكمة مدير وضباط مباحث أمن الدولة بتهم التعذيب والخطف والقتل خارج القانون.
تحديد إقامة وزير الداخلية تمهيدا لمحاكمته!!!
هل يمكن أن يتحول الحلم إلى واقع..
بالأمس.. كان تحرك الشعب حلما.. وهاهو ذا واقع..
يا رب..
يـــــــــارب.
يــــــــــــــــــــــــــارب..
***
منذ أربعين عاما لا ينفك هذا العنوان يتراءى لي:
هلك الفاجر..
كان هذا هو الهتاف الذي أطلقه المسلمون في أربعة أركان المعمورة عندما هلك يزيد بن معاوية –لعن الله الأول ورضي عن الثاني- والذي أظن أن أي حاكم من حكامنا أكثر منه فجورا وكفرا. فقد تورط يزيد- في أغلب الروايات- في قتل سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين رضي الله عنه وجل آل البيت. أما حكامنا، فقد قتلوا إخوان رسول الله صلى الله عليه وسلم ونكلوا بأتباعه، وإنني أقسم بالله أنه لو وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بيننا لحاولوا قتله إلا أن يعصمه الله.
إي وربي..
أولئك قوم تجرءوا على الله فهل كان يصعب عليهم الجرأة على رسوله.
هلك الفاجر..
وأحسب حكامنا أفجر منه.
***
بارك الله فيكم يا أبناء الفيس بوك..
الآن أفخر بصلاح الدين وبقطز وبالعز بن عبد السلام.. وبكم.. وكأنكم روح واحدة توزعت على مائة ألف بطل.. مليون بطل.. بل ملايين الأبطال..
أفخر بكم كأنكم شخص واحد.. بطل واحد.. جاء ليغير مسار التاريخ ومجراه..
لم أصدق أن ما حدث يمكن أن يحدث..
أعترف أنني ارتكبت خطيئة وكبيرة..
فقد يئست منكم..
تضافرت مئات العوامل لتدفعني إلى شاطئ بحار اليأس.. لولا أن تداركتني رحمة ربي..
ربما كان ألمي الفاجع على الشهيد سيد بلال هو واحد من عشرات بل مئات مسببات ذلك اليأس..
وكان غضبي الحاد المتفجر من المجرم الطاغية .. من الحيوان الذي ذهب إلى أسرته يقول لهم:
- ادفنوا الرمة دي.
وكان ألمي هائلا وحارقا من المجرمين الذين ذهبوا إلى زوجته من المجرمين الذين ذهبوا ليضربوا زوجته ويعتقلوها في اليوم التالي لإدلائها بحديث إلى صحيفة الوفد تفضح فيها المجرمين الذين قتلوا زوجها ثم ذهبوا إليها ليقولوا: ادفنوا الرمة دي وإلا سندفنه في مقابر الصدقة ولن تعرفوا له مكانا أبدا.
وكان ألمي فاجعا وغضبي هائلا وحزني حارقا وأنا أرى أصحابه يعجزون عن حماية زوجته بعد أن عجزوا عن حمايته..
تمنيت في - أضعف الإيمان- أن يبتكروا طريقة جديدة لفضح التنين المفترس الذي يحمي الطاغوت.. أن ينصبوا سرادقا أمام بيته للعزاء.. سرداق يستمر منصوبا لمدة عام أو عامين، يتلى فيه القرآن وتتلى الخطب، وتعرض حتى الوسائط والكتب التي تشرح تفاصيل التعذيب.
وكان غضبي من الدكتور ياسر برهامي شديدا لأنه طلب من الناس أن تصمت وألا تحاول الانتقام.. وليته صمت.. وليته أسرّ بالنصيحة.. وليته لم يُطَمْئنْ بنصيحته تلك جبارين مجرمين يستحقون أن يروعوا..
يعلم الله أنني أنظر إلى كل عالم سلفي-وعلى رأسهم الدكتور ياسر برهامي- نظرة الطالب إلى الأستاذ ونظرة القاعد إلى المجاهد.
وأن هناك الكثير الذي أحبسه في صدري يتأجج جمرا في قلبي.
وبعض هذا الجمر يسأل أساتذتي وشيوخي من السلفيين: تركتم السياسة حتى يترككم الطاغوت تتفرغون للدعوة.. فهل ترككم؟.
ألم تدركوا أن الإسلام هو المستهدف لا أنتم..
الإسلام في كل صوره..
السلفى المجاهد والسلفي الذي عطل الجهاد وأهل السنة والجماعة والإخوان والشيعة والصوفية..
إنه لا يستثني من حربه إلا الفرق التي انحرفت انحرافا يخرجها من الإسلام كبعض فرق الشيعة وكل العلويين والدروز والبهائيين.
دينكم هو المستهدف لا أنتم.
وأن هذا الطاغوت المجرم الخائن الجبار حين يترككم.. لا يترككم لكي تمارسوا الدعوة.. وإنما لتمارسوا الدعوة محاصرين مراقبين ولتنموا قوتكم وعدد أنصاركم تحت عينيه.. وليذبحكم في الوقت المناسب. إنهم كالقصاب الذي يربي خرافه كي يذبحهم عندما يريد. إنني آسف للتشبيه. لكن هذا هو الواقع المر. وهو تشبيه لا ينال من كرامة الضحايا بقدر ما ينال من كرامة الجلاد.
لكن السؤال ينفجر كالنزيف: هل من مصلحة الدعوة أن يستمر صمتكم؟ أم أن الجلاد يحقق غاياته من إجهاضكم عند مرحلة معينة من النمو من ناحية، كما أنه بتنكيله بكم يجعلكم عبرة تخيف العامة وتنفرهم منكم ومن طريقكم من ناحية أخرى. تنفرهم من الإسلام. حتى وصل الأمر أن بعض المعتقلين للاشتباه في علاقتهم بكم، يثبتون براءتهم بأنهم لا يصلون، وبأنهم يسكرون ويزنون.
فهل كان من الحكمة أن تصمتوا؟!..
يا أساتذتي يا شيوخي يا فقهائي: هل كان الصواب أن تصمتوا؟!.
أوجه نفس السؤال للإخوان المسلمين..
سؤال آخر..
نزيف آخر..
نعم.. نزيف آخر ينبثق عنه ذات السؤال للإخوان المسلمين –رضي الله عنهم- ثم ماذا؟ وإلى متى؟! ومتى؟!
متى تتحركون؟ متى تحسمون؟!
لم أعط نفسي الحق في أن أجهر بهذا من قبل.. لكن ثمانين عاما زمن طويل جدا!.
لم أعط لنفسي الحق في الفتوى لفقهاء الثغور خاصة أنهم هم الذين يدفعون الثمن.
لكن ثمة سؤال يدمدم في صدري..
أحاول أن أكتمه خوفا وخجلا وخزيا وحنانا وإشفاقا.. هذا السؤال يتعلق بتأثير الضغط الحيواني الباطش المجرم على الإسلاميين عموما.. حين يواجهون-كأفراد عزل- بخبرة محدودة جدا خبرات جهاز باطش جبار يستمد خبرته وعقيدته من أمريكا وإسرائيل.. ومن الشيطان. وما علاقة هذا التأثير بحساباتهم للأمور وللقرارات.
عندما سمع بعض أصحابي انتقاداتي للصمت والسلبية من الإسلاميين قالوا لي بمرارة :
- لو أنك رأيتهم وهم يُعذّبون لالتمست لهم المعاذير.
ولم أقل لصاحبي شيئا..
لكنني ونفسي تتفتت تحت مطارق الغضب وتتمزق تحت سياط القهر قلت لها في ألم لا يوصف:
- إنهم معذورون بكل معنى الكلمة.. لكن هذا العذر قد يمس أهلية بعضهم لاتخاذ قرارات حاسمة. تماما كما فعل أصحاب المراجعات أو التراجعات.. بل قد يمس قدرتهم على اتخاذ القرارات الصائبة أو إصدار الفتاوى الصحيحة..
إنني لا أطعن لا سمح الله في كفاءتهم ولا علمهم ولا إخلاصهم لكنني ألتمس المعاذير لضعفهم البشري إزاء طاغوت مجرم جبار لا يرعى فيهم إلا ولا ذمة. ولا أقصد أنهم يرضخون للطاغوت، ولكنني أقصد أن ضغط الطاغوت عليهم واعجز الأمة عن حمايتهم تشوه نظرتهم للأمور كعدسات محدبة ومقعرة. وأنهم لا يخالفون ضمائرهم بقد ما يخطئون حساباتهم. فمن المؤكد أن رأي أي واحد منا في معظم القضايا سيختلف إذا ما صدر منه وهو في غرفة مريحة عنه إذا ما أخذ منه تحت السياط، أو تحت التهديد بها، دون أي شبهة في المداهنة أو النفاق.
إنني هنا أوجر ولا أطنب..
ألمح ولا أصرح..
بل إن مجرد الإيجاز والتلميح يؤلماني أشد الألم.
***
يشرح الدكتور مصطفى حجازي في كتابه الخطير والهام" الإنسان المهدور"- المركز الثقافي العربي- الدار البيضاء – المغرب- العلاقة بين الجلاد وضحيته. بين رمة الشهيد الطاهرة ورمة الضابط الجلاد النجسة. ليؤكد أن الضابط المجرم إذ يحاول سلب ضحيته إنسانيتها وحقوقها يفقد هو الآخر إنسانيته ليتحول إلى وحش. وحش لا قيمة له إلا ما يراه رؤساؤه فيه، ورأي رؤسائه فيه يعتمد على قدرته على التعذيب. على حيوانيته ووحشيته وهمجيته.
***
من المحزن والمخزي أن مصر لم تتميز على العالم إلا بإجرام رجال أمنها، حتى أن أمريكا..أمريكا نفسها.. وإسرائيل..إسرائيل نفسها تلجأ إليهم في الملمات. وياله من عار أن نعرف أنهم في جوانتنامو.. في جوانتنامو نفسها.. كانوا يهددون المعتقلين أنهم إن لم يستسلموا ويعترفوا فسوف يرسلونهم إلى مصر. ياله من عار.
بعد أحداث تونس الأخيرة عرضت الشاشات شكوى معتقل تونسي. كدت أجهش بالضحك وهو يروي ما حدث له خلال عشرة أشهر من الاعتقال والهرب. لكنني أجهشت بالبكاء عندما ذهب بعد الثورة إلى أمه.. يحمل المصحف بين يديه.. ويقرأ القرآن.. ثم راح يشكو لها.. لأمه.. يشكو لها ما فعلوه به. هل قلت لكم أنه ذهب إلى أمه. عفوا. ليس الأمر كذلك بالضبط. لقد ذهب إلى قبر أمه، كانت قد ماتت أثناء فترة اعتقاله وهربه، ولكنني رغم دموعي لم أتمالك نفسي من الدهشة من فرط بساطة ما تعرض له من تعذيب مقارنة بما يحدث في مصر.
كنت من الذين بكوا أيضا على الضابط المغربي أحمد المرزوقي عندما استضافه أحمد منصور في برنامجه ذائع الصيت: شاهد على العصر. بكيت وهو يصف لحظات الإفراج عنه.. ثم وهو يصف لقاءه بأمه. لكنني لاحظت أنه أهمل جانب التعذيب الجسدي، فهرعت إلى كتابه أبحث فيه عن بغيتي: أحمد المرزوقي- تزممارت- الزنزانة رقم 10- الدار البيضاء-المغرب- منشورات طارق- لكنني ذهلت. لقد كان ورفاقه مدللون جدا بالمقارنة لما حدث للإسلاميين في مصر. إن أي شاب من شبابهم لم يعذب معشار معشار ما عذب به الشهيد العظيم سيد قطب وهو في الستين من عمره. لكن ذلك لم يكن كل شيء. فبرغم التعذيب الحيواني الوحشي المجرم المجنون أيام عبد الناصر إلا أن من عذب في عهده وفي عهد مبارك يترحم على إنسانية صفوت الروبي وحمزة البسيوني وسامبو.
يا له من عار.
الخطير في الأمر، أن النظام المجرم قد دمر قطاعا واسعا من شباب الأمة. حولهم إلى مجرمين وإن ارتدوا أردية الدولة الرسمية وحملوا شاراتها. مجرمون لا يصلحون إلا للإجرام. وانظروا إلى أقرانهم في تونس، الذين تآمروا وخططوا لتفجير 800 سيارة محملة بالمتفجرات بين صفوف شعبهم. بين صفوف أهلهم. وانطلقوا كقطعان الوحوش يطلقون الرصاص على الناس. بلا دين ولا وازع ولا ضمير. إنهم لا يختلفون عن الكلاب البوليسية المتوحشة التي يقودونها ويدربونها. بل ربما كانت الكلاب أفضل.
***
كنت بين أمرين متناقضين كليهما يشدني.. يمزقني..
الاعتراض على صمت الناس وعدم مقاومتهم..
والتماس المعذرة للناس بسبب التنين المفترس والخنازير الوحشية التي ترتدى الملابس الرسمية..
كان الخوف الإنساني مبررا..
وكان العجز مبررا..
وكان الصمت مبررا..
لكنهم بنفس الدرجة كانوا غير مبررين..لأنه المواجهة كانت هي الطريقة الوحيدة لوقف الخوف والنزيف والسلبية وانهيار الوطن..
وبين العجز عن التحريض والإدانة والعجز عن الاستسلام والتفهم والاستكانة رحت أنزف وأتألم وأئن..
وكان هذا من عوامل يأسي.
يئست حتى كتبت في المختار الإسلامي-عددها الماضي- تحت عنوان:
حسبنا الله ونعم الوكيل
كنت قد توقفت عن إدانة الحكام توقف اليائس من إصلاح حالهم.. وعدم جدوى أن أندد بخياناتهم.. فتلك وظيفتهم التي ارتضوها باختيارهم تماما كما ارتضي الشيطان باختياره أن يكفر بالله وأن يضل عباده..وإننا نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.. لكننا لا نعاتبه ولا نطلب له الهداية.. وأظن أن موقفي من حكامنا أصبح كذلك: لا عتاب.. ولا دعاء بالهداية.
لم يكن ذهولي بسبب فجور ولاة الأمر..
لكنني كنت مذهولا بسبب صمت الناس....
أين هم..
أين هم..
أين هم؟!
وانهار سد داخل نفسي.. فسال مخزون الرغبة في الحديث إلى الناس.. سالت الرغبة في الكتابة كطوفان من الماء تلقفته أرض خراب لا تحفظ ماء ولا تنبت ثمرا..
أين الناس..
وما جدوى الكتابة إذا كانت لا تصل إليهم.. وما جدواها إذا كانت تصل إليهم فلا تؤثر فيهم.. وما جدواها إذا تأثروا فلم يتحركوا.
هل خنعوا؟..
هل التمسوا العزة في غير الإسلام فذلوا؟!..
هل صدقوا الذئب الذي اتهمهم بتكدير الماء عليه؟..
هل اقتنعوا بمن يتهمهم بالإرهاب والعنف؟!..
هل خافوا..؟..
هل ألقوا بأيديهم إلى التهلكة بالكف عن الجهاد..
أنا على العكس تماما.. أتهمهم بأنهم لم يمارسوا الحد الأدنى من الإرهاب والعنف اللذين كانا ضروريين للحفاظ على كرامتهم وحياتهم.
كنت أرقب الأمثال يضربها لنا الله..
بعد ذلك أعلنت توقفي عن الكتابة على الأقل في المجلة:
أتوقف انسحابا..
وأتوقف احتجاجا..
وأتوقف اشمئزازا..
أتوقف وأنسحب..
أتوقف.. ولو خيرت لاخترت أي سبيل آخر غير أن أتوقف..
أتوقف كقنبلة أفسد مفعولها صمت الناس..
أتوقف بقرار مني..
لكي يكون الأمر بيدي لا بيد عمرو..
بيدي لا بيد شنودة..
بيدي لا بيد بيشوي..
بيدي لا بيد ساويرس..
بيدي لا بيد خالد الفيصل..
(...)
إن لم يكن على سبيل الحقيقة فعلى سبيل المجاز..
بعد أن هدد الأذل أنه سيطرد الأعز صرخ أحد كتاب المدونات مرة : ماذا لو هدى الله شنودة للإسلام؟.. هل كانوا سيطردونه إلى بلاد البدو؟!.. هل كان سيفقد مصريته وحقه في البلاد؟..
أما أنا فأتساءل: ماذا لو تنصر حكامنا.. هل كانوا سيفعلون بنا أكثر مما يفعلون؟!
لا أملك إلا الانسحاب شاكيا في أنين:
حسبنا الله ونعم الوكيل..
***
ولم أكن أظن أن الإجابة تأتي قبل أن يدور الشهر دورته..
وأنها حين تأتي ستأتيني من جيل لم يكن لي أي أمل فيه..
جيل كنت أنظر له بمزيج من الرثاء والازدراء..
فإذا به هو الجيل القادر على التغيير.
***
كان ذلك قبيل ثورة تونس الحبيبة
عانيته ونزفت ألمه بعد القرارات اللئيمة بإغلاق الفضائيات الإسلامية ظلما وعدونا في تحالف نجس بين أنجاس النخبة وأنجاس الكنيسة.. وبعد إغلاق مكاتب تحفيظ القرآن في السعودية.. واستبد بي اليأس إلا من رحمة الله.. كنت قد كتبت وكتبت وكتبت.. واعتقدت اعتقادا جازما أن النخبة رغم إدراكي لعمق سفالتها سوف تخفف من غلوائها وتكبح بعض شططها.. لكنني بعد أن كتبت اتخذوا القرارات المعاكسة تماما. كنت كالمريض الذي ذهب إلى الطبيب كي يعالج له كليته المريضة خشية أن ينتقل المرض إلى الكلية الأخرى السليمة. لم يكن يثق في الطبيب كثيرا لكنه في نفس الوقت لم يتخيل ما يمكن أن يفعله، ذلك أن الطبيب، الطبيب المجرم السافل اللص، قد سرق كليته، ليبيعها لمن يدفع الثمن، أو ليمنحها بلا ثمن لأعداء ذلك المريض.
فوجئت بزيادة الفساد والإجرام وحصار غزة والعلاقات الحميمة مع أمريكا وإسرائيل والتسليم بتنصير مصر والتنكيل بالإسلام والمسلمين.
سحقني الألم..
وجاءتني رسالة من صديق عزيز من كندا يقول فيها:
السلام عليكم ورحمة الله أخي الحبيب الدكتور محمد عباس
كان في نيتي أن أكتب إليك خطابا طويلا منذ أن قلت أنك ستتوقف عن الكتابة، ولكن مرت أيام كثيرة ولم أستطع أنفذ ما نويته، لذا اكتفى هنا بهذه الكلمات القليلة التي أبث فيها أشجاني وآمالي.
قلبي يتمزق، والتمزق وصف هين لما أشعر به، وأنا أقرأ أنك ستمتنع عن الكتابة.. .. أحس بشعورك تماما.. (...) فأصرخ من قلبي الممزق: آآآآآآآآآآآآه.. يارب!
ولكن.. ..
تعلم أنني كنت من اليائسين، بل من أوائل اليائسين، من أن ينتفض المصريون، وكنت ولازلت أرجع السبب فيما نحن فيه إلى عامة الناس وليس إلى الحكام(...). ومنذ 1965 وأنا أقول أننا في الحضيض وأنه لن تأتى السنة القادمة وإلا التغيير قد حدث.. .. وظللت أقول ذلك كل سنة، مع ازدياد يقيني بالتغيير القادم مع ازدياد عمق الحضيض سنة بعد أخرى!!! .. ..
ومع مرور السنين اقتنعت بأنه لا أمل!!!.. .. وكان القادمون من زيارات لمصر يقولون أن الحالة هناك قد بلغت الحضيض وأنه لابد وأن يحدث تغيير، فكنت أقول لهم إن الحضيض في مصر ليس له قرار!!!
ولكن.. ..
الآن فقط بدأ يتملكني شعور بأن التغيير على الأبواب!!! شعور عجيب ليس له مرجعية تحليلية أو منطقية وإنما هو شعور باطني فقط!!! !!!
أعلم أنك ستقول معي آآآآآآآمين.. يارب!
لا أدرى لم كتبت لك هذا إلا أنه التواصل القلبي الواجب بين المؤمنين.
والسلام عليك وعلى آلك وعلى من اتبع الهدى.
محمد طاهر
وكأنما كشف الله الغيب لهذا الرجل الصالح والداعية الإسلامي القديم فألقى بإرهاصاته في قلبه.
وكانت ثورة تونس المذهلة قد تمكنت من فاجر تونس.. فرددت عليه:
أخي الحبيب الأستاذ محمد طاهر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ها هي ذي رسالتك تحمل البشرى فيهلك فاجر ..
اللهم أهلك الفاجر الذي ننتظر.
أحس باليتم على وجه ما.. يتم في العقد السابع من العمر..
لا أجد من أبثه ألمي وشكاتي.. ويجب ألا أصرح بألمي وألا أفصح عن عجزي ويأسي حتى لا يتأثر بي الآخرون.
أدين الجميع..
وقبل الجميع أدين نفسي.
لماذا كان عليهم أن يصمتوا..
لماذا لم يطرقوا الجدران..
لماذا لم يقاوموا..
لماذا يموتون كالدجاج الأبيض..
هذا خنوع وليس صبرا واحتسابا..
هذا استسلام وليس سلاما.
هذا جنوح للذل لا للسلم.
لماذا عجزوا؟ لماذا مكثوا كل هذا الوقت ولم ينجحوا في التغيير.
يستباحون ويقتلون..
ودين الله يستباح ويسب ويزدرى..
وهم صامتون..
الإخوان والسلفيون والجهاد والأصوليون والمراجعون والمتراجعون و..و..و..
إن كانوا قد عجزوا عن التصرف كمسلمين فليتصرفوا كبشر..
ماذا كان يمكن أن يفعل الألمان لو أن البوليس قتل واحدا منهم ثم ذهب المجرم القاتل ليقول لزوجته:
- ادفنوا الرمة دي..
ماذا كان سيفعل الألمان..
ماذا كان سيفعل الألمان بذلك الحيوان وبجميع رؤسائه وهم أكثر منه شرا وحيوانية..
ماذا كان سيفعل الإنجليز لو أن لديهم أحمد عز يزور الانتخابات بفجور لم ير التاريخ له مثيلا..
ماذا كان يمكن أن يفعل الفرنسيون لو حكمهم اللصوص والأفاكين والأفاقين..
لا أتحدث عن الإسلام والإسلاميين..
أتحدث عن البشر الأسوياء في الخارج..
البشر العلمانيين الملحدين..
لماذا جعلتم من الإسلام بؤرة عجز لا كمركز قوة..
فلماذا لم تتصرفوا كما كان يمكن لهم أن يتصرفوا.
ليس كإسلاميين ولا حتى كمسلمين..
وإنما كبشر..
مجرد بشر.
***
منذ أيام قلائل-قبيل رحيل الفاجر عن تونس-.. قبل النوم، أدركت أن الأيام القادمة سوداء.. وأن تحالف مبارك-شنودة ضد الإسلام سيفعل بمصر ما فعله أتاتورك بتركيا.. وأن الكارثة التي سببها مبارك لمصر أفدح مما يمكن لأي واحد منا أن يتخيله..
كنت قد كتبت كثيرا..
كثيرا جدا..
ورغم أنني لست من النوع الذي يحوم في سماوات أحلام اليقظة.. ولا تستخفني سذاجة أن أولي الأمر لا يعلمون وأنهم حين يعلمون سينبهرون ويستغفرون ليغيروا مواقفهم.. لكنني.. ولأسباب موضوعية وغير إسلامية في الوقت نفسه كنت مقتنعا أن ولي الأمر-إن كان لديه عقل – لابد سيطيعني. ليس نصرة للإسلام ولا للمسلمين ولا حماية لدولته وشعبه ولكن حماية لعرشه. حماية للبلد التي يحكمها من التفتت والانهيار.. وتوقيا لانفجار الناس بسبب المزيد من التضييق عليهم. وفي اللحظة التي ظننت فيها أنني ألزمت ولي الأمر الحجة، وأنني أفحمته، إذا بالغبي يتخذ القرارات المضادة تماما. كقائد جيش مجنون أو خائن يأمر بعض قواته بإطلاق النار على بعضها الآخر.
فاجأني الأمر..
فاجأتني الحماقة..
فاجأتني الخيانة..
رحت أنوح:
لقد هزم الإسلام..
هزم الإسلام..
هزم الإسلام..
هزمه تحالف مبارك وشنوده..
سيموتان ..وليواجها في الآخرة مصيرهما..
ولكن..
سوف يواجه المسلمون في مصر على يدي أتباعهما عقودا سوداء.. حقبا سوداء.. قرونا سوداء..
انتهى الإسلام في مصر إلا ما شاء الله وإلى ما شاء الله..
ربما يستخفى أبناؤنا بعد ذلك إن أرادوا أن يصلوا أو أن يصوموا..
وجدت نفسي أنفجر باكيا:
انصر الإسلام يا رب..
انصر الإسلام يا رب..
انصر الإسلام يا رب..
انصر الإسلام يا رب..
انصر الإسلام يا رب..
انصر الإسلام يا رب..
انصر الإسلام يا رب..
...
...غرقت في الدموع ثم في النوم...
بعد ساعات كنت أحلم:
ضباب غامض وظلام لا يعمي ولا يبين وضجيج وعجيج وثمة صوت غاضب يقول لي:
اقرأ سورة النور..قمت من نومي..
وقرأت..
وبكيت:
(بسم الله الرحمن الرحيم)
سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1)
...
...
اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35)
...
رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ (37)
...
وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39)
...
وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (42)
...
...
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (55)
...
ثم وصلت إلى النهاية الصاعقة:
لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَأْوَاهُمْ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ (57)
...
***
يا طاغوت ويا نخبته.. لستم معجزين في الأرض..
يا شنودة : لست معجزا في الأرض..
يا إسرائيل: لست معجزة في الأرض..
يا أمريكا : لست معجزة في الأرض.
يا مبارك: لست معجزا في الأرض.
كما أنني أنبه إخوتي في مصر وفي تونس وفي اليمن وفي كل بلد من بلاد المسلمين هي بلادي حيث الحدود لا إله إلا الله محمد رسول الله أن يصفحوا ما وسعهم الصفح إلا عن:
- التعذيب.
- -تزوير الانتخابات.
- الخيانة العظمى بموالاة الأعداء والبراء من إخوتنا في الدين.
- نهب أموال المسلمين.
- كذب الإعلاميين وتزييف وعي الأمة.
- ترزية القوانين وانحراف القضاء بالأحكام الجائرة المتعمدة.
- محاولات التنصير والاستقواء بالخارج وسيطرة الأقلية وفرض الطابع النصراني على بلاد مسلمة.
- المسئولين عن تسليم وفاء قسطنطين وكاميليا وأخواتهن.
فلا عفو أبدا عن هذه الجرائم ..
***
لقد انفجرت ثورة تونس كما ينفجر النور والأمل.
والآن تنفجر ثورة مصر.
ويا لحلاوة سقوط طاغية فاجر..
ويا لسعادة أمة لا إله إلا الله محمد رسول الله..
تأملت..
قلت لنفسي إذا كانت كل هذه السعادة لسقوط فاجر واحد..
فكيف تكون نشوتنا يوم القيامة.. يوم يسقط الفجار جميعا..
سبحانك..
قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير 26 آل عمران.
***
رسالة إلى سعد الحريري
لقد رضيت بأن تكون أبا رغال. رضيت خسة وضع أبي رغال لتكون مرشدا لأبرهة لتحطيم وطنك. وعبر التاريخ ما يزال قبره يرجم.. كما سيظل قبرك يرجم إلى آخر الزمان.
يا سعد الحريري: أنت أول من يعلم أن إسرائيل هي التي قتلت أباك.
وأنت أول من يعلم أن أمريكا ليست هي الصديق الذي سيأخذ لك ثأر أبيك.
وأنت تعلم أن سوريا لم تقتله.. وعلى الرغم من ذلك اتهمتها وجئت بشهود الزور.. يا مزور.. يا كذاب..
وأنت أول من يعلم أن حزب الله لم يقتله..
ومع ذلك فإنك تقدم أباك قربانا لرضا سيدك الأمريكي والإسرائيلي عنك..
وحتى لو كان حزب الله قتله..
فهل يستوجب هذا أن تحطم دولتك وأمتك وأهلك وعشيرتك.. يا خائن؟!..
أنت خائن من أجل ما مضى فقط..
فكم تكون خيانتك إن كنت تعلم علم اليقين أن إسرائيل –بعلم أمريكا- هي التي قتلته وليس حزب الله.. لكنك لا تتورع عن تقديم عظام أبيه في قربان لقاتليه..
ثم تزعم أنك سني!..
يا سعد الحريري:
أنت لا تمثل السنة بل تمثل العبودية لأوباما وإسرائيل.. عبودية الخيانة والمخططات الصليبية ضد الإسلام والمسلمين والسنة والشيعة والصوفية جميعا..
أنت لا تمثل السنة..
هكذا كتب عنك كتاب السعودية اليوم..
السعودية هي التي منحتك كل شيء بما فيه تمثيلك للسنة وها هي ذي اليوم تسلبه منك.
خسئت.. أنت لا تمثل السنة ولا الإسلام. أنت تمثل أمريكا وإسرائيل.
إنني أتشرف بانتمائي إلى السلفية وأعتبر نفسي من أتباعها المخلصين ( يسميهم السفهاء بالمتشددين) وعلى الرغم من ذلك أقف مع حسن نصر الله ضدك..
إن حسن نصر الله في أسوأ حالاته مسلم ارتكب كبيرة..
ولا أحسبه كذلك..
إنما أحسبه اجتهد فأصاب حينا وأخطأ أحيانا ..
( لا يمس هذا الثوابت: فمن يقول أن القرآن ينقص حرفا أو يزيد حرفا كافر، ومن يسب السيدة عائشة أو أبيها كافر، ومن يقول بعصمة بشر يعتور عقيدته خلل جسيم، وكذلك من يزعم استمرار الوحي بعد النبي صلى الله عليه وسلم). ويرى الجمهور أن من يسب الصحابة رضوان الله عليهم فاسق، ولو كان الأمر لي، وهو ليس لي، وما ينبغي له، لحكمت بكفر من يسب الصحابة).
السيد حسن نصر الله إذن مجاهد أصاب وأخطأ..
أما أنت يا سعد الحريري فقد واليت أعداء الله ضد دينك وأمتك وضد عظام أبيك..
فلماذا يا سعد..
يا خائن الله ورسوله والمؤمنين.
أما أنتم يا أبناءنا السنة في لبنان: هل نجيب ميقاتي شيعي أو درزي.. مالكم كيف تحكمون. مالكم كيف تحكمون. مالكم كيف تحكمون.
لا تسيئوا إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم..ولا تزعموا الانتساب لها وأنتم منتمون لسنة أوباما وباراك..
أما أنت يا أيها الشهال.. المتحدث الرسمي باسم السلفيين في لبنان.. والذي لم يخطئ مرة واحدة ليستشهد في حديثه بآية قرآنية أو حديث نبوي شريف .. أقول لك يا مسكين.. ما أشبهك بذلك الدعي المسكين الذي أفتى بقتل العلامة الشيخ القرضاوي والدكتور البرادعي.. استغفر ربك وتب إليه.
***
الدكتور أحمد العمري
مرحبا بك في القاهرة
لكم كنت سعيدا بلقائك في القاهرة يا أحمد العمري، لكنها كانت سعادة ممتزجة بالخوف عليك.
إنني أعرف أنك بعيد عن السياسة بمعناها المباشر الذي يخيف طواغيت بلادنا، بل إن موقفك من المؤسسة الدينية الرسمية قد يكون جزء:"ويل للمصلين" فيه محببا إلى أفئدتهم دون أن يكملوا الآية، لكن طواغيتنا لا يقرءون، ويكفي أن تكون كاتبا حتى تثير ريبتهم، فهذا هو الذنب الأكبر وما بعده تفاصيل لا تهم كثيرا، أنت تكتب فأتت إذن تفكر، وما دمت تفكر فسوف تلعن الطاغوت وتنادي بزواله.
كنت خائفا أن يعتقلوك في المطار..
كنت ضيفي وابني وحبيبي الكاتب العبقري بشكل ما..
وكنتُ أنا مصر بشكل آخر..
وكانت أية إساءة تلحق بك ستذبحني..
كدت أقول لك لا تأتي.. فلدينا طواغيت ملعونون يحكمون بلادنا..
لدينا قراصنة استولوا على السلطة.. يحاصرونني يا أحمد الحبيب لأنني كتبت أدافع عن بغداد والقاهرة ودمشق والرياض.. وكانت تلك جريمة كبيرة.. فلما كتبت "الوعي ينزف من ثقوب الذاكرة" كانت تلك جريمة أكبر.. فلما كتبت "من يبايعني على الموت" دفاعا عن لا إله إلا الله محمد رسول الله كانت تلك هي أم الجرائم لأتعرض بعدها لأشد أنواع الحصار والتنكيل.
وكنت خائفا أن ينتقموا مني في شخصك..
رحت أستعيد رائعة عبد الرحمن منيف المروعة: شرق المتوسط"..
أستعيد حديث رجب لأشيلوس.. السفينة التي حملته إلى أوروبا بعد الإفراج عنه.. أو على الأحرى بعد الإفراج عن جسده. لأن روحه لم تخرج من السجن أبدا.. من أجل هذا يحذر أشيلوس من العودة إلى شرق المتوسط الملعون:
اهتزي اشيلوس اهتزي أكثر، تحولي إلي حوت، إذا أصبحت حوتاً، انتفضي فجأة، اقلبي البشر، و عندما يطفون حواليك موتي، ممسوخي الوجوه، التقطيهم واحداً بعد الآخر ازدردي المخلوقات التائهة، و الذكريات، و لحظات السقوط، أتسمعين اشيلوس ما أقوله لك ؟ يجب أن تسمعي كل الكلمات، إذا سمعتها جيداً سيزول الندم، ستنقضي لحظة التردد، وتفعلين اشيلوس يا صديقتي يا صديقتي، أنت لم تري السجن، لو رأيته يوماً لتغير صوتك، كانوا يريدون صوتاً، مجرد صوت، يصرخون قل كلمة يا ابن القحبة و اصمت، و لا أقول شيئاً و يضربون لو عرفت السجن يا أشيلوس لتعلمت كيف تصمتين لو توقف صوتك دفعة واحدة، فإن الرعب سيشلهم، سيموتون قل أي شيء يا ابن العاهرة، أشتم أما أن تظل صامتاً مثل الجدار، فسوف تغرق في البول حتى تموت، ولا أجد شيئاً، أي شيء لأقوله، و أصمت، ألا تعرف أين ذهب نجم؟ خد، خد الزبد يتطاير حول أفواههم كما يتطاير حولك يا أشيلوس العيون تنتفخ من الدهشة و الغضب، يجب أن تتكلم يا قواد، سأعلمك كيف تقول كل شيء، لن تعيش هذه المرة، كان جسدي يرتعش، يتمزق، يتحول إلي كلب لا يتوقف عواؤه، و الآن ماذا تقول ؟ ألا تعرف أين نجم ؟ قل لهم شيئاً يا رجب، اكذب عليهم، لا، لن أقول كلمة واحدة، أصرخ و قد احتقن وجهي و أحس عيني تخرجان، اسألوني عن نفسي يا كلاب، و أخيراً بدأت تتكلم من أنت يا مــــ" " حتى نسألك عن نفسك، نريد هادي، نريد نجم، أين يختبئ هادي، قل لنا يا ابن القحبة، و أصمت، لو عرفت السجن يا أشيلوس يوماً واحداً، لعرفت الصمت، لتحولت إلي صوت ينتفض في الشمس ويأكل الحشرات التي تحوم فوقه، سيأتي يوم تقفين في ميناء مهجور مثل سجين قال كل ما عنده، ولم يكتف أحد، سيغادرك كل شيء، حتى الجرذان، و إذا هبت ريح، تميلين علي هذا الكتف، ذاك الكتف، و تغرقين، لم يتركوا لك فرصة لكي تغرقي في البحر الكبير، في أعماق المياه الخضراء، سوف يجرونك حتى تصلين إلي ميناء مهجور، و هناك يجردونك من ثيابك، من الذكريات، ويتركونك وحدك تموتين، لا تنسي ما أقوله لك يا أشيلوس، آه ما ألذ أن يموت الإنسان و هو قوي، يجب أن تعترف، إذا اعترفت لا أحد يمد يده، أما إذا لم تعترف الآن فسوف أجعلك تعترف مثل كلب أتعرف كيف يعوي الكلب، ستعوي أكثر منه قلت لهم وقلبي يرتجف
- ماذا تريدون أن أقول ؟
- ابدأ من يوم ما جئت من " " أمك.
مددوني علي طاولة، كنت عارياً تماماً، وجهي باتجاه الأرض، ورأسي يترنح من الضربات، لا أعرف أي عدد من السجائر أطفئوها في ظهري، علي رقبتي، داخل أذني وفي إليتي، كانوا يضحكون أول الأمر، و أنا أحاول الدفاع عن نفسي بساقي الطليقتين رفست مرتين أو ثلاث مرات، و لما حاولت في المرة الرابعة حزموا رجلي بقوة، و بدءوا يصرخون:
- اعترف اعترف يا ابن الزنا.
أتذكر أني قلت لهم لا أعرف شيئاً، و لن أقول لكم يا كلاب. انهالت عليّ آلاف الضربات بالكرابيج و الأحذية. ضربوني بأحذيتهم علي وجهي المتدلي، قفز واحد منهم فوق كتفي، و كانت يداي مربوطتين وراء ظهري. شعرت أن عظامي تتمزق و رقبتي تسقط مثل خرقة و صرخت :
- لا أعرف لا أعرف شيئاً .
ارتفع صوت الغناء، و وضعوا عصا غليظة بين إليتي، هل كانت دماغي تنفجر في مكان ما و تترنح بسخونتها ؟ هل كانت قطرات من البول ؟ هل كانت شيئاً آخر ؟ أتتصورون أن الإنسان إذا قال شيئاً ينتهي الأمر ؟ لا، الكلمة الأولي بداية لسلسلة من الاعترافات و أي تأخر في الاعتراف، في الإجابة، يثيرهم أكثر من الصمت لا أقول لكم هذا الكلام إلا عن تجربة. جربت نفسي، و رأيت الذين جربوا العكس. الخرزة الأولي وبعدها ينفرط كل شيء. سقطت مرات كثيرة من الضربات كنت أظل علي الأرض، لكي أتعبهم و هم يرفعونني، كنت أتباطأ أثناء الوقوف لكي أدمر أعصابهم وتتوالى الضربات بالأيدي، بالأحذية، بالعصي كانوا يضربونني علي وجهي، ثم مباشرة علي ساقي يضربونني لكمات علي بطني، فإذا شددت عضلات بطني تحسباً للضربات التي ستأتي، أسمع وشيشاً في أذني، ثم لهباً ينفجر من خصيتي:
- ألا تعترف ؟
- ماذا تريدونني أن أقول ؟
- قل كل شئ في بطنك يا ابن القحبة .
وضعوني في كيس كبير، أدخلوه في رأسي، و قبل أن يربطوه من أسفل، أدخلوا قطتين هل يمكن للإنسان أن يتحول إلي عدو للحيوان ؟ و القطط ماذا تريد مني ؟ كانت يدي مربوطتين إلي الخلف، كنت مستلقياً علي وجهي أول الأمر، و كلما ضربوا القطط و بدأت تنهشني، و حاولت أن أنقلب علي جانبي، أحس برجل ثقيلة فوق كتفي، عليّ، و أحس الأظافر تنغرز في كل ناحية من جسدي لما فكوا الكيس، كنت أريد أن أري القطط، كنت أريد أن أحفظ صور أعدائي الجدد تراكضت القطط المذعورة، كأنها خرجت من الجحيم كنت دامي الوجه و أحسست بالنزف من عيني اليسرى ضحكوا كثيراً لما رأوا دمائي.
استلقي نوري علي ظهره، كان يضحك من الفرح و اللذة، و بعد أن مسح عينه من آثار الدموع، قال لي - ما رأيك بهذه الحفلة ؟ ألا تعترف ؟ لم أستطع أن أجيب كان جسمي يلتهب يتمزق من الألم لا أعرف هل حركت كتفي، أم أتصور ذلك قال لي و هو يجرني ناحية الباب - عندي آلاف الوسائل التي تجعلك تتكلم مثل الببغاء هل تتكلم، أم تريد أن تجرب ؟ كنت في ذلك الوقت مستعدا لأي شيء، ليفعل نوري ما يريد، سوف أقتله بصمتي، يجب أن أعاقبه بالطريق التي تقتله أمسك أصابعي بقوة، و دفعها بين شقي الباب و بدأ يغلقه بهدوء لما صرخت بصق في وجهي، قال بتشفٍ:
- هل رأيت؟ هذه واحدة من ألف .
- لا تتعب نفسك يا نوري لن تظفر بكلمة.
كان يجب أن أظل صامتاً .
- و الله يا ابن الكلب، يا سأجعلك تتكلم في نومك.
- حاول..
هل كانت تلك أقسى الليالي ؟ أطولها ؟ جرب نوري كل الوسائل، و ضعني خلف درفة الباب المفتوحة، و ضرب الدرفة بقوة أول مرة أحسست رأسي ينفجر، شعرت أن أضلاعي تخرج من عيني، و لم يسألني شيئاً، بدأ يغلق الباب بهدوء، و شعرت أن أضلاعي تتكسر، لم أعد أقوي علي التنفس، شهقت عدة مرات من الألم و من الرغبة في أن أعب الهواء قبل أن ينتهي.
- هذه بداية، ماذا تقول؟.
لم يكن ينتظر جوابا، كان يريدني أن أمر علي كل وسائل التعذيب قبل أن يسألني، قال لي:
- سأجعلك هذه الليلة أعجوبة، لا أريد منك كلمة واحدة، وسأرفض غدا، و بعد غد استقبالك، لا أريدك أن تتكلم من الألم، أريدك أن تقول كل شيء و أنت مرتاح تماماً. لو طلب مني أن أخلع ملابسي تلك الليلة لما فعلت قررت دخول الرهان مع نوري حتى نهايته، و لو دفعت حياتي ثمنا لهذا الرهان.
قال لعبد:
- انزع ملابسه.
و أحضر حبلا، كانت مقاومة بائسة أقرب إلي العبث، بعد دقيقة أو دقيقتين وجدت ملابسي كومة إلي جانبي و أنفاس عبد تلهث في ظهري، وهو يشد الحبل حول يدي ماذا يستطيع هذا الخنزير أن يفعل؟ البكارة ؟ أن يدعو عشرة من حراسه و يفعلوا ما يشاءون، هذا أقصي ما يستطيع، سمعت القصة أكثر من مرة، هددني نوري أكثر من مرة، قررت أن أموت تلك الليلة، ليفعل نوري أي شئ، لم أعد أطيق أن أظل حيا يوما واحدا، أية روح أبالسة يمكن أن تعيش في الإنسان ؟ لا أريد أن أتصور أي وصف، أية كلمة، لأقول أن نوري أمسك مثل طبيب بخصيتي، بدأ يضغط بهدوء أول الأمر، ثم شدهما بعنف إلي أسفل، أحسست بروحي تخرج من حلقي، لا يمكن لإنسان أن يحتمل هذا الألم كله، تركهما أحسست بهما ثقيلتين، متدليتين كأنهما أجزاء زائدة غريبة، و بدأ الألم يتسرب إلي أمعائي حاداً مثل سيخ النار، لا أعرف من أين أتي بذلك الدبوس الكبير، كان أكبر دبوس رأيته في حياتي أشعل عود ثقاب، أشعل سيجارة ووضع الدبوس فوقها تمنيت في تلك اللحظة أن يغرسه في قلبي، لو فعل لانتهى كل شيء، لكن إبليس المجنون العابث لا يريد أن يقتلني، من جديد رأيته يمسك خصيتي و يغرز الدبوس الأحمر، يا رب: هل تسمع و تري ؟ بصقت في وجهه من الألم و التحدي، كنت أريد أن أفعل أي شئ قبل أن أموت، لقد فعل نوري كل شيء، ألا أستطيع أن أرد عليه مرة واحدة ؟ أحسست بجراحي تزغرد من الفرح لما رأيت البصقة تنحدر بهدوء من عينيه إلي خده، قريباً من الأنف، أذهلته المفاجأة، لم يستطع أن يفعل شيئاً أول الأمر، ثم لما أحس بالبصقة تقترب من فمه، مسحها بظهر يده، كان مجنوناً في تلك اللحظة، ضربني بحذائه علي وجهي، ما تزال العلامة باقية حتى الآن، ضربني علي بطني، ضربني بيده و قدميه، حتى تعب، كان الآخرون يتابعون دون أن يقولوا كلمة، لكن عندما جلس، هز رأسه بطريقة معينة، تأكدت بعدها أن حياتي انتهت انقض عليّ عبْد و أبو خيري، انقضا مثل وحوش مجنونة، و كأنهما ينتظران تلك الإشارة، أتذكر أن وجهي اصطدم بالحائط، وبدأت الدماء تغسلني، و لا أتذكر بعد ذلك إلا و يداي مربوطتان بالسقف و أتدلي، أشيلوس، يا بقرة بيضاء مقطوعة السيقان، ألا تعرفين كم مرة يموت الإنسان وكم مرة يولد ؟ التفتي إلي الشاطئ الشرقي، لتغْزُرْ دموعك في الأماكن المظلمة، و انظري إلي بقايا البشر الضحايا و الجلادين، بقايا البشر، احذري يا أشيلوس، إن عدت يوماً للشاطئ الشرقي سيجدون لكي سرداباً أصغر من القبر، و هناك يجب أن تطاوعي الجنون والوحدة، لقد جنت المخلوقات هناك القطط مجنونة لا تقترب من البشر، لا تهرهر مثل قطط المناطق الأخرى، تجفل من الخطوة، من قطعة الخبز، و نداء الحرية عندها أقوي من نداء الجوع، لقد جنت القطط تماماً، و البشر المجانين يلاحقون القطط، يقبضون عليها، يدخلونها في الأكياس مع البشر، يضربونها و يضربون البشر، تموء، تصرخ، تمزق بمخالبها كل شئ، (...) و من أجل الكلمة سافرت، ركبت البحر الصاخب في الشتاء الحزين، لعلي من مكان بعيد أستطيع أن أقول الكلمات التي حلمت بها طوال خمس سنين والآن، بعد أن حاولت علي ظهر أشيلوس الماكرة..
كنت خائفا على أحمد العمري..
وكنت خجلا منه..
وكنت أريد أن أناشده كما ناشد رجب أشيلوس أن تبتعد عن الأوطان الملعونة..
نعم.. كنت أشعر بالألم والخزي ، ذلك أن القاهرة، التي طالما أحببتها، لم تعد هي القاهرة التي عرفها التاريخ، والتي عرفتها في شبابي. ولولا انتفاضة الشباب في الأيام الماضية لكان خزيي شاملا وعاري كاملا.
كان قلبي يوجف وأنا أتصورك يا عمري موقوفا في المطار ومعتقلا في غرفة حقيرة كما فعلوا مع جالوي.
وكان قلبي يوجف وأنا أتخيلك بعد خروجك تزورّ بعينيك بعيدا عني رحمة بي كي تداري عني صدمتك واستنكارك وتساؤلك النازف المندهش:
هل هذه هي القاهرة؟..
كنت أنوي أن أخفي عنك قصيدة شعر للشاعر حسن فتح الباب يقول في نهايتها:" يا قاهرة.. أيتها العاهرة!"..
كنت أتخيل سؤالك المذهول وأنت تخفي عنى نظرات الاحتقار والازدراء والاشمئزاز لتسرّ لنفسك محاذرا أن أسمع بعيني:
هل هذه كعبة العرب الثقافية وقبلة المسلمين الفكرية؟.
لكن ما يمسح – يا أحمد العمري- عاري ثورة الشباب المجيدة..
الثورة التي تنبأت بها في كتبك يا أحمد العمري.
لقد قام بها الجيل الذي تنبهت إليه وتوليته بالرعاية والاهتمام في كتاباتك ومقالاتك..
***
يا أحمد العمري لا تنظر في صحافتنا ولا في فضائحياتنا فهي عورة..
في الأيام القليلة الماضية كنت مشحونا بطاقة انفعال طارئ وتوقد شعلة أمل توهجت حين ظننت أنها خبت.كنت أقفز ما بين الفضائيات التي تتمتع بحد معقول من المصداقية والاحترام كالجزيرة والمستقلة والحوار والرأي. كانت الضمائر تتوهج و تكاد من فرط الانفعال تضيء.
وبالرغم مني، كل آن وآخر كان ثمة مرور إجباري ببعض فضائياتنا حيث يوجد مذيعونا الذين يمثلون دور مذيعين حقيقيين، وليبراليونا التي اقتصرت الحرية عندهم على الشذوذ والبغاء وصداقة أمريكا والعداء للوهابية(الاسم الرمزي للإسلام). كانوا يعادون الإسلام يا أحمد العمري ولم يتطرقوا أبدا- أبناء القحبة!- لجرائم الشرطة والتعذيب والتزوير. كانوا صنوا لهم، وكلاب نار مثلهم، الضباط والمذيعون والمذيعات، أبناء القحبة!.
كانت تلك الفضائحيات سادرة في غيها، كأنها لو أغمضت أعينها عما يجري في شوارعنا كما فعلت مع ثورة تونس ستمنع الناس من معرفتها أو التأثر بها. وكلما جرحت عيني وقلبي بتوقف الريموت عليها لثوان كنت أحس بشعور ممض. شعور بالدنس. تعبت ذاكرتي في استدعاء شعور مماثل منذ ما يقرب من أربعين عاما. كنت في مكان ما ومررت بمكان ما فوليت هاربا وأنا أشعر أنني غرقت في بحر من الدنس... أين كان ذلك المكان ؟ ومتى؟ .. آآآه.. الآن تذكرت.. كان ذلك في أمستردام في هولندا.. كنت في رحلة علمية.. وكنت أقيم في فندق أنيق في العاصمة اسمه كراسنابولسكي. إن لم تخني الذاكرة كان القصر الملكي في مواجهته. . كان المكان أنيقا جدا، وفاتنا، كل شيئ يبدو كما لو كان لوحة رائعة، لكنه لم يكن لوحة، كان حقيقيا وحيا ورائعا، في صالة المطعم الرئيسي كان ثمة شكل ساحر، كانت الصالة التي تتوسط الفندق مكشوفة، وكان ثمة سلاسل نحاسية ضخمة وشديدة اللمعان تتدلى من الطابق الخامس والأخير لتحمل إناء بالغ الضخامة من النحاس اللامع حتى كأنه يضيء تترعرع فيه شجرة ضخمة يصعد ساقها في المحيط المغلق وكلما ارتفع تبدأ الفروع التي تتجاوز في النهاية الطابق الخامس وكأنها أيد تمتد من داخل سجن الجدران المصمتة إلى الفضاء الرحيب نحو السماء تدعو وتتضرع. كان كل شيء شاعريا وجميلا . كان المكان أنيقا جدا، وخرجت منتشيا بهذا الإحساس أستكشف الشوارع القريبة، كانت الفخامة باذخة، والذوق عال جدا، وأنا أسير وأسير وأسير. قبل أن تخشوشن المفاصل كنت أهوى السير كثيرا. فجأة أحسست بمستوى الفخامة ينخفض. وأن فاترينات عرض المحلات أصبحت صغيرة جدا، كل واحدة منها تعرض موديلا واحدا فقط، تعودت على الفاترينات العريضة التي تعرض عشرات الأشكال من الملابس أو المنتجات. ضايقني عري الموديلات. تنبهت فجأة إلى أن العري كامل، دهشت، فمن المفروض أنهم يعرضون الملابس على الموديلات، لكن.. لماذا يعرضون الموديلات بلا ملابس. بدأت أشعر بالدهشة والمفاجأة وبشيء من الخجل والتقزز، وقبل أن أفهم وأغض بصري ذهلت، كانت إحدى الموديلات تغمز بعينها، وخيل إليّ أنها تنظر نحوي. في البداية ظننت أنها لعبة كعروسة الأطفال التي تفتح عينيها وتغمضها وتبكي وتغني، لكنني لاحظت أنها لا تكتفي بالغمز بل تضحك وتتحرك. فطنت إلى الحقيقة الفضيحة، لم تكن موديلات، كانوا بشرا، رجالا ونساء، كل واحد منهم في قفص زجاجي، قفص يشبه شاشة التلفاز، وبالتحديد شاشة تلفاز فضائياتنا، كان ذلك شارع البغاء في أمستردام، شعرت باشمئزاز عنيف لم يخفف منه ضحكات أصدقائي علىّ بعد ذلك وأنا أحكي لهم الحكاية مصعوقا وهم يشرحون لي أنه خلف هذه الفاترينة، وراء الستارة مباشرة، غرف قذرة صغيرة للممارسة.. ملأني اشمئزاز عنيف، استدعاه إلى الذاكرة اشمئزازي وأنا أمر بالصدفة ببعض فضائياتنا مرغما حتى أصل إلى الجزيرة أو المستقلة أو الحوار فأهرب منها فزعا كما هربت يوما من أوكار الدعارة تلك. تجسدوا أمامي على الشاشة، المذيعون وضيوفهم في فضائحياتنا، كانوا أشبه ما يكون بهاتيك النسوة وأولئك الرجال الذين أذهلني منظرهم في أمستردام منذ أربعين عاما في الفتارين الزجاجية. الآن أجزم، أن هاتيك النسوة وهؤلاء الرجال في أمستردام كانوا أشرف من مذيعي بعض فضائياتنا وضيوفهم، على الأقل، لم يدّع أي واحد منهم الشرف، ولم يتسربل بالفكر، ولم يخلط الدعارة بالاستنارة.
يخيل إلي أنه لو رفعت الستائر في الفضائحيات لشاهدنا فحشاء النخبة عيانا بيانا.
ولو رأيتهم من خلال السطور في الصحف لاشمأززت من عوراتهم البادية..
لا تنظر إلى فضائحياتنا يا أحمد العمري..
ولا إلى معظم صحفنا..
فمصر مستعمرة يا أحمد العمري.. محتلة كبغداد وربما أكثر..
ومن يكتبون ويظهرون على الشاشات فيها هم أعوان الطاغوت وخدمه.
فلا تنظر إليهم
انظر إلى الملايين من شبابنا في معرض الكتاب الذي حضرت من أجله ( والذي يشاع أنهم قد يغلقوه).
انظر إلى ذلك الشباب الفذ المعجز وهو يغير التاريخ ويقود التغيير..
واعلم: أن كل الأسماء الرنانة التي تسمع عنها مجرد خصيان عند الطاغوت لممارسة الدعارة الفكرية.
لا تسع إلى أحد منهم.. فهم مدنسون.. وأفئدتهم هواء..
و..
أما أنتم يا رعاة معرض الكتاب: لا تدعوا الدكتور أحمد العمري في أي ندوة من ندواتكم..
لا تحتفلوا به أبدا..
تجاهلوه..
فهو إنسان شريف حر ..
وهو عبقري وموهوب..
وبهذا كله فهو لا يمتلك الحد الأدنى الذي تشترطونه في كتابكم..
وهو –تخيلوا- لا يؤيد الشذوذ ولا يعتبره حرية شخصية.. ولا يعتبر منع ختان البنات من أصول الدين.. ولا يعتبر الخروج على الحاكم كفرا وسباب الرسول صلى الله عليه وسلم تقدما واستنارة.. وهو رغم دراسته العميقة الشاملة للفلسفات الغربية غير مبهور بها.. وبدراسته العميقة الشاملة للحضارة الإسلامية لا يخجل منها..
وهو مع أمته ضد أعدائها..
فلا تدعوه إذن أبدا..
بل لو استطعتم أخرجوه..لأنه من قوم يتطهرون.
وإذا أردتم معرفة المزيد عنه أرجو مراجعة مقالي: “صانع الأنفاق” على هذا الموقع أو على موقعه على الشبكة: http://www.quran4nahda.com/.
مرحبا بك في القاهرة يا أحمد العمري.
ملحق أخير:
جاء أحمد العمري إلى مصر في نفس يوم إيقاف كل شبكات المحمول وتعطيل شبكة الإنترنت وإلغاء معرض الكتاب.. وكان علىّ أن أذوب من الخوف عليه وأنا أبحث عنه.. هل هو في القاهرة؟ هل هو في الإسكندرية.. ينهشني القلق..لا أدري هل اعتقلوه أم أوقفوه في المطار.. ولا أملك أي وسيلة للاتصال به.. حتى الدار التي تنشر كتبه في دمشق لا ترد..كيف يمكن أن أنقذه..
وتسلل الحزن إلى قلبي.. وئيدا ..أكيدا.. ساحقا..
هناك خمسون ألف أب وأم يعانون نفس القلق الوحشي على أبنائهم لا يعرفون مكانهم ولا أحوالهم.. تماما كما لا أعرف أخبار ابني.. العمري.. بعضهم ما يزال يعاني ذلك القلق الوحشي منذ عشرين عاما.. وبعضهم.. فقد كل آثار ابنه لا يعرف حتى إن كان حيا..
يا إلهي..
هل يمكن أن يقتلوه؟؟
هل ينجو من أهوال الأمريكيين في بغداد كي يموت على أيدي خدمهم في القاهرة..
لماذا لم أطلب منه ألا يأتي إلى هذه البلدة الظالم أهلها..
هل غلب شوقي إليه خوفي عليه؟..
لماذا لم أقل له.. لماذا لم أصارحه بالحقيقة التي –ربما- لا يعرفها بعد.. فالقاهرة لم تعد ملاذا.. القاهرة فخ.. شراك يقع فيه من لم يعلم بتحولها..الحامي غول.. والنجاة سراب والأفق خراب والمدي يباب..
كيف أصل إليه؟
لابد أن أصل إليه..
لا يوجد أي وسيلة للوصول إليه.
ولكن تلك قصة أخرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق