ماذا يريد “مواطنو الرايخ”!
ما الذي دفع الحركة إلى استعادة نشاطها الآن؟ وما الذي أخاف السلطات الألمانية منها رغم أنها تحت الرصد؟
أرادوا إسقاط الدولة الألمانية، ولا يعترفون، بالمؤسسات الرسمية للدولة، ويجتمعون بشكل سري، ولا يحتفظون بهوياتهم الرسمية أو جوازات سفرهم، ويحملون بدلا عنها “وثائق غير رسمية” يطلقون عليها اسم “هوية مواطني الرايخ”. وكانوا يستعدون لمداهمة البوندستاج والاستيلاء على السلطة وإحياء الإمبراطورية الألمانية من جديد وفق بيان وزارة العدل.
التخطيط لانقلاب مسلح
يقظة السلطات الألمانية وتحركها السريع صباح اليوم، وقيام أكثر من ثلاثة آلاف شرطي بمداهمة مقرات ومنازل قيادة الحركة الإرهابية لمنعهم من تنفيذ مخططهم.
لكن ما الذي دفع الحركة إلى استعادة نشاطها الآن؟ وما الذي أخاف السلطات الألمانية منها رغم أنها تحت الرصد؟
بات واضحا أن الجماعات اليمينية المتطرفة بشكل عام في ألمانيا بدأت تنشط مستغلة أزمة الكورونا، وأزمة الحرب الأوكرانية التي دفعت الناس إلى التذمر بسبب ارتفاع الأسعار، والنقص في مواد الطاقة، إضافة إلى تفاقم أزمة الهجرة غير الشرعية. كلها أسباب أعادت هذه الحركات إلى إعادة نشاطها لعداء الدولة تحت ذريعة أن ألمانيا تتعرض لمؤامرة، مما أصبح يشكل تحديا كبيرا فعلا للحكومة الألمانية، وهو الذي عجل بقرارها التخلص من خطر تلك الحركات في ظل الأزمة الدولية الحالية.
كان واضحا في بيان وزير العدل الألماني “ماركو بوشمان” بما لا يدع مجالا للشك إلى أي مدى كانت هذه الجماعة تشكل خطرا على الحياة الديمقراطية في ألمانيا، فقد تم وصفها في البيان بالجماعة الإرهابية، ومعروف أن ألمانيا حذرة في استخدامات مثل هذه التوصيفات حتى تكون متأكدة تماما. لكن تقريرا عن أعداء الدولة الألمانية كان قد نشره مكتب الشرطة الجنائية الفيدرالية في منتصف مايو 2022 أكد فيه أن حركة “مواطني الرايخ” أصبحت أكثر شعبية لأول مرة، وان خطر الهجوم المسلح على مؤسسات الدولة الدستورية ليس مستبعدا.
الفرق المسلحة مستعدة للصراع الدموي
إن أخطر ما يتميز به “مواطني الرايخ” ليس فقط عدم اعترافهم بالدولة، ولا قوانينها ، إنما إيمانهم بالصراع المسلح مع الدولة لفرض سيطرتهم، لقد تسبب ذلك في مقتل أحد ضباط القوات الخاصة الألمانية على يد واحد من تلك الجماعة، مما دفع السلطات الألمانية إلى أخذ الحذر من الزراع المسلح فيها، ووفق الاستخبارات العسكرية الألمانية فإنها رصدت عسكريين من الاحتياط في الجيش الألماني، واحد الجنود في الجيش النظامي، منضمون إلى الجماعة، تم توقيفهم الآن وهم قيد التحقيق، وكانت صحيفة “فوكوس” قد أشارت إلى تقرير سري بعنوان “مواطني الرايخ المنفصلين” ذكرت فيه أن المحققين الألمان ينسبون حتى الآن إلى هذه الحركة 13 ألف جريمة، من بينها 750 جريمة عنف، وأكثر من 700 جريمة موجهة ضد موظفين حكوميين في الدولة.
لكن هل فعلا هذه الجماعات اليمينية المتطرفة يمكن أن تشكل خطر حقيقي علي الدولة الألمانية؟
مما لا شك فيه أن أحد أهم تنامي هذه الجماعات هو النزعة القومية لدي البعض، والأثر الكبير الذي تركه استقبال أعداد كبيرة من المهاجرين عند البعض الآخر، ثم إن المبدأ عن الحديث عن فرق مسلحة في تلك الجماعات يمكن أن يتسبب في حرب أهلية بالنظر إلى أعداد المهاجرين الكبيرة في ألمانيا، ومعروف أن حركة أو خلية “تسفيكاو” النازية المتطرفة التي تم ضبطها قبل عدة سنوات كانت قد تورطت في قتل ثمانية أتراك ويوناني وشرطية بدافع الكراهية والعداء لللاجانب.
الدولة تراقب ونشاط الكراهية يتزايد
لكن ليست هذه هي المرة الأولى التي تداهم فيها السلطات الألمانية مقرات “مواطني الرايخ” فقد سبقت ذلك في عام 2017 عندما داهمت مقراتهم أيضا وألقت القبض على عدد كبير منهم، لكن لم يكن بينهم وقتها عسكريون خدموا في الجيش مثل هذه المرة، وهذا ما يطرح بسؤال حول الأزرع العسكرية وما يمكن أن تقوم به من انقلاب مسلح إذا سمحت لهم الظروف بذلك؟! .. إنهم شديدو الإيمان بالنازية الهتلرية التي تقوم على مبدأ عسكرة الحياة المدنية في كل القطاعات، ولا مانع لديهم في سقوط قتلى في حالة قيامهم بالاعتداء المسلح على البرلمان ومؤسسات الدولة كما أفادت تقارير الاستخبارات.
إن تفكيك مثل هذه الجمعيات الخطيرة الآن هو يحسب للدولة لآن تركهم كان يغذي الكراهية والعنصرية في المجتمع، فحركة “بيجيدا “التي تأسست عام 2014 مدينة دريسدن، بولاية سكسونيا شرقي ألمانيا تخصصت في عداء الإسلام والمسلمين وتواجد الأجانب في ألمانيا. وراحت تحتج بشكل منتظم أسبوعيا، وقد بلغت هذه الاحتجاجات ذروتها مع تدفق سيل اللاجئين السوريين إلى ألمانيا في عام 2015 وقد تسببت في مخاوف كبيرة للجالية الإسلامية التي لم تجد أي مبرر لرفع وتيرة العداء معها بسبب العقيدة، بل ساهمت ” بيجيدا ” كذلك في تدعيم ظاهرة الإسلاموفوبيا لدى قطاع كبير من الألمان، وكان ذلك أحد دوافع حركة “مواطني الرايخ” إلى حمل السلاح.
حلم عودة الامبراطورية الألمانية
بشكل عام المتطرفون اليمنيون في ألمانيا هم منظمون، وظهورهم قديم في نفس العام الذي سقطت فيه ألمانيا 1945 تأسست منظمات سرية عديدة كانت تأمل في عودة الرايخ الألماني، بل وفي زمن الديمقراطية التي تأسست في ألمانيا بعد انتهاء الحرب، تأسست أيضا أحزاب مثل حزب حزب الرايخ الاشتراكي في 1949 حتى تم حظره، في عام 1952 تأسس حزب NPD وأعقبه تأسست منظمات مثل “مواطني الرايخ” وغيرها، وكلها كانت تهدف الي استعادة قدرة الرايخ الألماني على العمل في الأحزاب والمنظمات التي أسسوها ، ومن ثم المطالبة بعودة الامبراطورية الألمانية من جديد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق