الأحد، 11 ديسمبر 2022

عواصف التغيير، والحكم الإلهية في التدبير (١٠)

 عواصف التغيير، والحكم الإلهية في التدبير (١٠)

د.عبدالعزيز كامل


سنة الله في المتولين عن نصرة الدين

لنصرة الدين أقوام ، يختارهم الله في كل زمان ومكان للعمل في سبيله، فيصنعهم على عينه، ويثبتهم ويهديهم للتوفيق والسداد علما وعملا..
بلا دعوى تميز ولا تزكية نفس، فالعمل في سبيل الله تكليف لا تشريف، وهو لا يتوقف على جهد فرد مهما بذل، ولا على جهاد كيان مهما ضحى، إلا إذا كانت الأعمال كلها لله ، إقبالا على الله، وقبولا تاما لمنهج الله ..
★.. بغير هذه الكيفية في صلاح الأعمال والإخلاص في الإقبال .. يأتي مايعرف في السنن الإلهية بسنة (الاستبدال).. فعندما يغير قوم ما بأنفسهم فيصير أمرهم فرطا وسيرهم عوجا؛ فلابد أن تتفرق بهم السبل، حتى ينتهي امرهم إلى فقدان الأهلية وانتهاء الصلاحية لنصر دين الله الذي قال :{وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج/٤٠]
★..وترتبط سنة الاستبدال دائما بالتولي عن نصرة الدين، إما بالنفس وإما بالمال، وهما الأساسان اللذان لا تتحق النجاة ولا يقوم للمسلمين شأن في الحياة إلا بهما، كما قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (١٠) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (١١) } من سورة الصف.
★.. ولذلك اقترن حديث القرآن عن الاستبدال مرة بالتولي عن النصرة بالنفس، ومرة بالتولي عن النصره بالمال، فقال الله تعالى في الأولى { إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا}[ التوبة /٣٩]
وقال في الثانية : { ها أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم} [محمد/ ٣٨].
★.. وكما أن من يبخل فإنما يبخل عن نفسه، فإن..{ مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ } (فصلت/ ٤٦)
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا أرادَ اللَّهُ بعبدٍ خيرًا استعملَهُ . فقيلَ: كيفَ يستعملُهُ يا رسولَ اللَّهِ ؟ قالَ: يوفِّقُهُ لعملٍ صالحٍ قبلَ الموتِ).
رواه الترمذي(٢١٤٢) بإسناد حسن صحيح.
نسأل الله أن يستعملنا ولا يستبدلنا..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق