السبت، 10 ديسمبر 2022

النكبة بعيون «فرحة».. فيلمٌ عربيٌّ يزعج الإسرائيليين ودعوات لمقاطعة «نتفلكس»

النكبة بعيون «فرحة».. 

فيلمٌ عربيٌّ يزعج الإسرائيليين ودعوات لمقاطعة «نتفلكس»



نشر موقع «ذي إنترسبت» تقريرًا للصحافي مرتضى حسين، يقول إنَّ الفيلم الأردني «فرحة»، الذي عرض هذا الأسبوع على منصة «نتفلكس»، يحكي قصة مأساة فتاة حدثت خلال حرب عام 1948 لإنشاء دولة إسرائيل، عندما طُرد آلاف الفلسطينيين من منازلهم، ويطلقون على هذا الحدث النكبة.

ما قصة فيلم «فرحة»؟

يحكي الفيلم قصة فتاة فلسطينية تبلغ من العمر 14 عامًا، تحلم بكسر تقاليد قريتها تجاه النساء وترغب بالالتحاق بالمدرسة في مدينة قريبة. ولكن والدها يجبرها على الاختباء مهاجمة الجنود الإسرائيليين قريتهم الهادئة. وأثناء اختبائها داخل مخزن انتظارًا لعودة والدها، تراقب من خلال فتحة صغيرة في الجدار الجنود الإسرائيليين وهم يعدمون عائلة فلسطينية تضم ثلاثة أطفال.

أوضح حسين أن الفيلم هو باكورة أعمال المخرجة دارين سلام، وهو أيضًا أول فيلم أردني يترشح لجوائز الأوسكار لعام 2023. قالت دارين إن الفيلم مبني على قصة حقيقية لصديقة والدتها، التي عاشت بعد سنوات لاجئة في سوريا، والتي استعادت ذكرى تجربتها وهي فتاة صغيرة خلال النكبة. تصف دارين الفيلم بأنه وسيلة للمساعدة في معالجة ذكرى مؤلمة في ذلك الوقت.


وقالت دارين في مقابلة الشتاء الماضي عقب العرض الأول للفيلم في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي: «أنا لا أخشى قول الحقيقة. نحن بحاجة إلى القيام بذلك لأن الأفلام تعيش ونموت. لهذا السبب قررت أن أصنع هذا الفيلم. ليس لأنني سياسية، ولكن لأنني مخلصة للقصة التي سمعتها».

حملات المقاطعة

أثار الفيلم كما هو متوقع، الاهتمام الذي يحظى به الآن على منصة رئيسية مثل نتفلكس، وأثار غضب المسؤولين الإسرائيليين، الذين شجبوا الفيلم، بل هددوا بعواقب بثه.

قال أفيجدور ليبرمان وزير المالية الإسرائيلي المنتهية ولايته في بيان: «من الجنون قرار نتفلكس بث فيلم هدفه خلق ذريعة كاذبة والتحريض ضد الجنود الإسرائيليين». كما اتخذ ليبرمان خطوات لإلغاء تمويل الدولة لمسرح في ضاحية يافا في تل أبيب عرض الفيلم، بهدف «منع عرض هذا الفيلم المروع أو غيره من الأفلام المماثلة في المستقبل».

واستنكر مسؤولون إسرائيليون آخرون إنتاج الفيلم في تصريحات عامة. وفي رد على بثه على نتفلكس، شُنت حملات تصويت منسقة لخفض تقييمات الفيلم على الإنترنت، بالإضافة إلى حملة على وسائل التواصل الاجتماعي تدعو الأشخاص إلى إلغاء اشتراكات نتفلكس الخاصة بهم.

ربما لا يريد الكثير من الناس رؤية فيلم فرحة تحت أي ظرف من الظروف. ويستدرك حسين بأنَّه مع ذلك يبدو أن هذه المحاولة لمنع عروض الفيلم تعكس إنكارًا غير عادل لحق إنساني أساسي آخر للفلسطينيين، وهي القدرة على معالجة صدماتهم من خلال الفن. بدلًا 


وقالت دارين بعد عرض الفيلم: «لقد جرى تناقل القصة على مر السنين حتى وصلت إليَّ. عندما كنت طفلة، كان لدي هذا الخوف من الأماكن المغلقة والمظلمة، وظللت أفكر في هذه الفتاة وما حدث لها. لذلك عندما كبرت وأصبحت مخرجة، قررت أن هذه القصة ستكون باكورة أعمالي».

ويضيف حسين بأنَّه لا بد أن الرغبة في استخدام الفن وسيلة للتعامل مع الألم، بما في ذلك الصدمات التاريخية التي تنتقل عبر الأجيال مألوفة لدى الإسرائيليين؛ إذ ينحدر الكثير منهم من نسل ناجين من الإبادة الجماعية في أوروبا، التي يوجد حولها تاريخ ضخم من الإنتاج الثقافي يستمر حتى يومنا الحالي.

وعلى الرغم من الحقيقة الموثقة عن الهجرة الجماعية للاجئين الفلسطينيين، فإن الروايات الفردية لأولئك الذين عانوا من هذه الأحداث غالبًا ما يجري قمعها، ولم تحصل إلا مؤخرًا على اعتراف محدود من الجمهور الأوسع، بعد عقود من وقوعها. برزت صناعة السينما الفلسطينية، التي حققت نجاحًا شعبيًّا في السنوات الأخيرة، بوصفها أداة حيوية لالتقاط الذاكرة التاريخية ليس فقط للنكبة، ولكن من الصدمات المستمرة التي يعاني منها ملايين الفلسطينيين الذين يعيشون أشخاصًا تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي.

الاعتراف بمعاناة الآخر

يصور المشهد المحوري في فيلم «فرحة» مقتل عائلة فلسطينية على يد الجيش الإسرائيلي زمن النكبة. ويضيف حسين أنَّه مع ذلك أكد مؤرخون إسرائيليون أن مثل هذه الحوادث كانت شائعة خلال النكبة.

وكتب المؤرخ إيلان بابي في كتابه «التطهير العرقي في فلسطين»، واصفًا روايات المجزرة التي وقعت في قرية الدوايمة الفلسطينية: «وقد كشف الجنود اليهود الذين شاركوا في المذبحة أيضًا عن مشاهد مروعة: أطفال فتحت جماجمهم، واغتصاب أو حرق نساء أحياء في المنازل، وطعن رجال حتى الموت».

الاحتلال الإسرائيلي

منذ سنة واحدة
«المؤرخون الجدد».. تاريخ القضية الفلسطينية بعيون الأرشيف الإسرائيلي

كانت مذبحة الدوايمة مجرد واحدة من حوادث التطهير العرقي التي لا تعد ولا تحصى خلال هذه الفترة، والتي حُفر الكثير منها في ذاكرة الفلسطينيين، ولكن الآن فقط يعترف بها الآخرون.

يؤكد حسين أنه من حق الأشخاص الذين عانوا من النكبة وأطفالهم إحياء ذكرى تجربتهم من خلال الفن، حتى لو كانت القصص التي يروونها تجعل بعض الناس غير مرتاحين في يومنا هذا.

ويختم بأنَّ فيلم «فرحة» متاح الآن لملايين الأشخاص لمشاهدته على منصة نتفلكس. على الرغم من محاولات إيقاف إنتاجه، فإن هناك مبررًا قويًّا لإثبات وجوب رؤيته، ولكن ليس لتعميق الكراهية التي لا يمكن عكسها. بدلاً من ذلك، يجب أن يمثل الفيلم اعترافًا بالجانب الآخر لقصة تاريخية حول إنشاء دولة إسرائيل جرى تجاهلها أو نفيها لفترة طويلة، وهي قصة ضحاياها.

 مترجمٌ عن المصدر موقع «ذي إنترسبت» 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق