الأربعاء، 21 ديسمبر 2022

عواصف التغيير، والحكم الإلهية في التدبير (١١)

 عواصف التغيير، والحكم الإلهية في التدبير (١١)

د.عبدالعزيز كامل


سنة الله في أهل الفواحش والفساد

توقيع الرئيس الأمريكي( بايدن) في١٣ ديسمبر ٢٠٢٢، على قانون فيدرالي يسمح بزواج الرجال بالرجال والنساء بالنساء رسميا؛ ألحق أمريكا بركب المسارعين للهلاك وسوء العذاب، وقد سبقتها إلى هذا الإجرام التشريعي غالبية الدول الأوروبية، إضافة إلى استراليا وجنوب إفريقيا، وهو ما يعني أن " ثقافة"الانحلال لا تروق ولا تروج إلا في مجتمعات الانحطاط الليبرالية، باسم الحريات الشخصية..
★.. التوقيع الرقيع للرئيس الأمريكي؛ أسبغ التكريم بدل التجريم على أراذل الخلق وعار البشر من الشواذ؛ وقد جاء وسط أجواء احتفالية، حضرها كبار رجال الكونجرس وآلاف المحتفين في حديقة البيت الأبيض، الذي أضاء بألوان أعلام الخبث والخبائث الشيطانية .. في مجاهرة فاجرة، لها ما بعدها في أمريكا وغيرها، كما حدث لأهل القرى الظالمة الذين قال الله تعالى عنهم :
{إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (34) وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (العنكبوت/٣٥)
.. لا نشك أن تقنين زواج من يوصفون ب(المثليين) أو (مجتمع الميم) سيقرب كلمة العذاب على المفسدين المعاصرين، كما حل بأسلافهم الغابرين، لأن رب العالمين قال في سورة هود عن قوم لوط : { فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (٨٢) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (٨٣)}. فالعذاب ليس ببعيد ممن جاء بعدهم، ففعل فعلهم .
★.. أقوام لوط الغربيون المعاصرون؛ لم يكتفوا في ظل إلحاد العلمانية بالجرأة على حكم الله في الأمر والتشريع؛ حتى تجاوزوا ذلك بالاجتراء على حكمته في الخلق والإبداع، عنادا منهم لغرائز الفطرة السليمة، بعد مسخهم لأسس العقيدة القويمة، وفوق ذلك فإنهم لم يقتصروا على تفجير بوابات الفجور في بلدانهم المنكوبة بالزنا و الفواحش والشذوذ فحسب؛ بل يريدون عولمة رذائلهم من خلال هيمنتهم على منظمات نشر الفساد في العالم عن طريق اتفاقيات ( سيداو) الصادرة عن الأمم المتحدة في عام ١٩٧٩ ، والتي بدأت بالإلحاح على حق ملكية كل إنسان في التصرف في جسده كما يشاء، لتنتهي إلى تكريم الشواذ المجرمين وتقريبهم، وتجريم المعترضين عليهم وإقصائهم .
★.. ومن العجيب أن الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ماحرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب؛
يقرأون في كتبهم عاقبة أفعال قوم لوط، ويعرفون مسالكهم التي أهلكتهم، ومع ذلك لا يرعوون ولا يتورعون، فقد جاء في التوراة التي يتلونها خبر العذاب الذي حل على قوم لوط :_ فَأَمْطَرَ الرَّبُّ عَلَى سَدُومَ وَعَمُورَةَ كِبْرِيتًا وَنَارًا مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ مِنَ السَّمَاءِ.)
_ وَقَلَبَ تِلْكَ الْمُدُنَ، وَكُلَّ الدَّائِرَةِ، وَجَمِيعَ سُكَّانِ الْمُدُنِ، وَنَبَاتِ الأَرْضِ.)..[سفر التكوين/٢٤-٢٥]
.. وصحيح أن عذاب الاستئصال التام للأمم قد رفع بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، لكن الفواحشيين المعاصرين سيظلون يعاينون في الدنيا شؤم شذوذهم، ووبال أمرهم، وهذا ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : (..لم تَظْهَرِ الفاحشةُ في قومٍ قَطُّ ؛ حتى يُعْلِنُوا بها ؛ إلا فَشَا فيهِمُ الطاعونُ والأوجاعُ التي لم تَكُنْ مَضَتْ في أسلافِهِم الذين مَضَوْا )..
صحيح الجامع، برقم (٧٩٧٨) ..
ولا يخفى أن العلل والأوبئة والأمراض التي ملأت أجواء العالم في السنوات الأخيرة ، هي أوضح دليل، ولا تحتاج إلى تعليل..
.. أما الراضون بقوانين العهر العالمية ، من المحسوبين على الأمة الاسلامية؛ والموقعون على تلك الاتفاقيات الدولية، بزعم الحرص والمساواة بين الجنسين؛ فإنهم يجمعون كغيرهم بين فضائح (سيداو) المعاصرة وقبائح( سدوم) الغابرة ، ولذلك فبشراهم قول الله عز وجل : { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }
(النور/١٩)
.. ويبدو أن أصحاب عولمة الفساد والاستبداد سيمضون في كبرهم وعنادهم، حتى يملؤوا الأرض رجسا ونجسا ، كما ملؤوها ظلما وجورا، ولا نجاة للمسلمين من شرورهم؛ إلا بتقوى الله واجتناب فجورهم، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: { إذا اسْتَحلَّتْ أُمَّتي خمسًا فعليهِم الدمارُ : إذا ظهر التلاعُنُ ، وشرِبوا الخمورَ ، ولبِسوا الحريرَ ، واتَّخذوا القِيانَ ، واكتفَى الرِّجالُ بالرِّجالِ ، والنِّساءُ بالنِّساءِ).
رواه البيهقي في(شعب الإيمان) برقم (٥٤٦٩)
وحسنه الألباني غي صحيح الترغيب برقم (٢٠٥٤)..
فاللهم سلم المسلمين، واستر عوراتهم وآمن روعاتهم، وامكر بالماكرين بهم ، وانصرهم على من بغى عليهم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق