رذيلة جديدة لفرنسا
في خطوة تشير إلى مزيد من الانحطاط الذي تهوي فيه المدنية الغربية باستدراج الشيطان لهم؛ ليتبعوا الشهوات…
الخبر…ثورة صغيرة
حملت لنا الأخبار -حديثا- أن الشبان في فرنسا سيتمكنون من الحصول على أوقية ذكرية مجانا من الصيدليات بدءًا من الشهر القادم يناير/ كانون الثاني، في محاولة -في زعمهم- للحد من انتشار الأمراض التي تنتقل عبر العلاقات الجنسية.
ولينضم ذلك إلى موانع الحمل الأخرى مثل: حبوب منع الحمل أو اللولب… التي هي مجانية لمن تقل أعمارهم عن ٢٥ عاما في فرنسا منذ ما يقرب من عام.
وفي السابق كانت الفتيات فقط تحت سن ١٨ عاما مؤهلات للحصول على وصفة طبية للحصول على أقراص منع الحمل مجانا..
وقد أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بنفسه عن هذا الإجراء الجديد خلال فعالية موضوعها صحة الشباب، ووصف الخطوة بأنها: ثورة صغيرة في ما يتعلق بمنع الحمل..
وقد سجلت فرنسا عامي ۲۰۲۱ و ۲۰۲۲م ارتفاعا في معدل الأمراض المنقولة جنسيا بنسبة ٣٠ في المئة، ويأتي الإجراء الجديد إلى جانب مبادرات تستهدف مواجهة انتشار هذه الأمراض، وتسهل الحصول على وسائل منع الحمل.
فرنسا من تحليل المحرمات إلى رعايتها
تجاوزت العلمانية في فرنسا مرحلة حرية الزنا واللواط دون قيود إلى مرحلة رعاية هذه الحرية والإنفاق عليها تمهيدا لما هو متوقع قريبا من الأمر والإلزام بها..
وتأمل كيف (وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ)، فبدلا من أن يمنعوا الفوضى الجنسية والعلاقات المحرمة، تجدهم يسيرون في تيسيرها ودعمها.. (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا).
عن مجاهد في قوله: (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ) قال: الرنا (أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا) قال: يريدون أن تزنوا1.
وقال العلامة السعدي: (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ)، أي: يميلون معها حيث مالت ويقدمونها على ما فيه رضا محبوبهم، ويعبدون أهواءهم، من أصناف الكفرة والعاصين، المقدمين لأهوائهم على طاعة ربهم، فهؤلاء يريدون (أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا) أي: أن تنحرفوا عن الصراط المستقيم إلى صراط المغضوب عليهم والضالين.
يريدون أن يصرفوكم عن طاعة الرحمن إلى طاعة الشيطان، وعن التزام حدود من السعادة كلها في امتثال أوامره، إلى من الشقاوة كلها في اتباعه. فإذا عرفتم أن الله تعالى يأمركم بما فيه صلاحكم وفلاحكم وسعادتكم، وأن هؤلاء المتبعين لشهواتهم يأمرونكم بما فيه غاية الخسار والشقاء، فاختاروا لأنفسكم أولى الداعيين، وتخيروا أحسن الطريقتين2.
ما أحوج العالم للإسلام ينقذه من سلطان الشهوات..
ونقول للمغترين بالحضارة المادية لدول الكفر
انظروا إلى القيم الإسلامية النقية الظاهرة المنزلة من عند الله عز وجل، وقذارات من يبيح وييسر الزنا والفواحش بقرارات رسمية…
إن عقيدة المسلم وأفعاله كلها مستمدة من الله عز وجل الذي بعث للبشرية رسلا يدعونهم إلى عبادة الله وحده، كما قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)، أي: يوحدون ويطيعون. وقال تعالى: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ)، وقال تعالى: (وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا)، وقال تعالى: (وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)، وقال تعال: (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ۗ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ).
ودول الكفر -وأذنابهم من العلمانية- يتبعون أهواءهم، فلا يستمدون من شريعة ولا دين؛ فكل ما بدا لهم مما يظنونه منفعة لهم فهو مباح.. وهؤلاء لا يعبدون الله وإنما يعبدون أهواءهم، كما قال تعالى: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ).
الدعارة والإباحية والقمار والربا والخمور والخنزير وإشعال الحرب لغرض بيع السلاح وسرقة بلاد وخيرات الشعوب المستضعفة، وغير ذلك، وكثير من الجرائم التي ترتكب بقوانين أو دون قوانين في شريعة الكفر بملله المختلفة -ومنها العلمانية-..
لهذا يحاربون الإسلام
إن الشريعة الإسلامية إذا طبقت ستنهي تجارة هؤلاء المجرمين التي تجعلهم أغنى الأغنياء وتقطع لذاتهم غير المشروعة، ولذلك فالعداء للإسلام متجذر في أصحاب الشهوات وفي أصحاب السلطات الذين يريدون العلو في الأرض والفساد..
ولقد استشرى في وسائل الإعلام العالمية وصف الإسلام والإسلاميين بالإرهاب، وقاموا بشراء ذمم بعض المسلمين واستخدامهم لتضليل الناس عن حقيقة إجرامهم.
ماذا تنتظر من العاهر الزاني شارب الخمر آكل الربا الذي يقتات على حرمات المسلمين ؟!! لا شك أنه سيصف الإسلام والمسلمين بكل سوء ويحاربه بكل طاقته لينجو -بظنه- بإجرامه وآثامه.
لقد اتفق أصحاب العقول والفطر السليمة أن الإنسان محدود العلم ضعيف الإرادة، تغلب عليه ظروفه المحيطة به فتتحكم في إرادته، وتؤثر في اتخاذ حكمه وقراره؛ لذا لم تسلم التشريعات البشرية على مر العصور من الأهواء والأخطاء، ولا أدل على ذلك من أن التشريعات البشرية تتغير من آن لآخر طبقا لما يكتشفه الإنسان عند تطبيقيها من الأخطاء التي تشقى بها البشرية دهورًا طويلة، ولا يفطن إليها إلا بعد أن تشقيهم وتضيق عليهم.
فمن الممكن أن يأتي في فرنسا من يمنع الزنا والفواحش بعد أن يكتشفوا قلة عددهم وانقطاع نسلهم وتفشي الأمراض الجنسية بينهم، نتيجة لتدافع الناس لتحصيل الشهوات دون نظر للعواقب، ولو امتثلوا شريعة الله عز وجل من البداية لتجنبوا كل شر، لأنها شريعة الخالق الذي يعلم من خلق وما يصلح له في معاشه ومعاده..
حين يحكم الإسلام
وقد حفظ الله المسلمين من هذا العبث وضياع الوقت والجهد، ووقاهم شرور التجارب الفاشلة؛ فأنزل إليهم المنهج القويم ليستقيموا عليه في الدنيا، وما ترك الإسلام شيئًا إلا وبينه بيانا شافيا في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة؛ قال تعالى: (وَنزلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ).
فمن أخذ بشرع الله تعالى القويم فقد نجا في الدنيا من عبث الأهواء البشرية، وسلم من عذاب الآخرة؛ قال الله عز وجل: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) .
قال السعدي رحمه الله تعالى: ولما قرر أنه الإله الحق المعبود، بين العبادة والدين الذي يتعين أن يعبد به ويدان له، وهو الإسلام الذي هو الاستسلام لله بتوحيده وطاعته التي دعت إليها رسله، وحثت عليها كتبه، وهو الذي لا يقبل من أحد دين سواه، وهو متضمن للإخلاص له في الحب والخوف والرجاء والإنابة والدعاء ومتابعة رسوله في ذلك، وهذا هو دين الرسل كلهم، وكل من تابعهم فهو على طريقهم3.
لذلك -وغيره- كان من نصب نفسه لسن القوانين وتشريع الدساتير المخالفة لشرع الله طاغوتا متجاوزا حده في أمر الله وطاعته؛ لأنه نازع الله في حق من حقوقه سبحانه وتعالى، وصار المتحاكمون إلى غير شرع الله عز وجل إنما يتحاكمون إلى الطاغوت…
يستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير
والعجب من هؤلاء الذين يستبدلون بشرع الله الصالح لهم -والضامن لهم السعادة في الدارين- شرع العجزة والضعفة والجهلة؛ قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا).
وهذا إنكار من الله سبحانه وتعالى على من يدعي الإيمان بما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى الأنبياء الأولين، وهو يريد أن يتحاكم إلى غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).
يقول ابن كثير رحمه الله -في تفسيره لهذه الآية-: يقسم الله بنفسه الكريمة المقدسة أنه لا يؤمن أحد حتى يحكم الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور، فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد له ظاهرا وباطنا، ولهذا قال: (… ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، أي: إذا حكموك يطيعونك في بواطنهم؛ فلا يجدون في أنفسهم حرجا مما قضيت به وينقادون له في الظاهر والباطن، فيسلمون لذلك تسليما كليا، من غير ممانعة ولا مدافعة ولا منازعة4.
مكن الله عز وجل لدينه في الأرض واستعملنا في طاعته..
الهوامش
(1) [رواه الطبري بسند صحيح].
(2) [تيسير الكريم الرحمن ص(١٧٥)].
(3) [تيسير الكريم الرحمن ص (١٢٤)].
(4) [تفسير القرآن العظيم (٣٤٩/٢)] .
حاجة العالم اليوم إلى الإسلام
الرجعية وأصحاب الأيكة المعاصرون
خطوات الشيطان؛ وفاحشة التشريع من دون الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق