الجمعة، 30 ديسمبر 2022

وقفات ضرورية مع قوانين الأحوال الشخصية

 وقفات ضرورية مع قوانين الأحوال الشخصية

د.عبدالعزيز كامل


★.. مصطلح (الأحوال الشخصية) هو مصطلح حادث في العهود الأخيرة، لم يكن له استعمال بين أهل العلم على مر العصور الإسلامية الطويلة ، لكنه مع ذلك يتعلق مقصوده بقضايا مصيرية لا تخص الأفراد في دوائرهم الشخصية فحسب؛ بل تعم ماحولهم من أسرهم وعوائلهم، لينسحب أثرها على سائر مجتمعاتهم .
★ .. هذه الأمور ليست مسائل هامشية في حياة المسلمين كما يوحي تعبير ( أحوال شخصية)؛ بل لها أحكام في صلب شريعة الإسلام ، ولا يوجد نظير لها في سائر الأديان ، فهي تنظم من خلال نصوص الوحي المعصوم علاقة الأفراد فيما بينهم من عقود الزواج وصحتها وما يترتب عليها من أنساب ومصاهرة وولادة وولاية وحضانة وحقوق زوجية ، وواجبات متبادلة شرعية، تتعلق باستمرارها أو بانحلالها حقوق في النفقة والحضانة والإرث والوصية ونحو ذلك من القضايا الضرورية ..
★.. البت في التشريع والتقنين لهذه الأحوال الأسرية ذات الطبيعة المجتمعية؛ ليس سبيله الآراء والأهواء المتقلبة، لأنها في الأساس أمور تشريع ودين، لا حق لأحد أن يقطع في شأنها بقول أو فعل أو تقنين إلا من خلال مصادر التشريع المعتمدة والمعتبرة دون غيرها في الإسلام ، وهي : ( القرآن والسنة والإجماع والقياس والاجتهاد، غير المتعارض مع شئ من ذلك) فلا تدخل في تلك المصادر قطعا إملاءات المؤسسات الدولية الأممية، ولا منظماتها النسوية الماسونية، ولا قرارات البرلمانات المحلية، ولا توجيهات الجهات ذات الأجندات التي تتخطى مستوى الشبهات بمسافات ..
★.. الشروط المذكورة في قوانين (الأحوال الشخصية الجديدة) بمصر؛ أنكرتها قلوب العامة قبل عقول الخاصة، ومن غير دخول في تفاصيلها التي ذاعت وشاعت، لا نرى ردا عليها أوضح ولا أفصح من قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي صح باستفاضة : ( ما بالُ أقوامٍ يشترطون شروطًا ليست في كتابِ اللهِ ؟ من اشترطَ َشرطًا ليس في كتابِ اللهِ فهو باطلٌ ، وإن كانَ مائةَ شرطٍ ، كتابُ اللهِ أحقُ وشرطُ اللهِ أوثقُ)..
★.. المؤسسات العلمية الدينية في كل بلد ؛ هي المسؤولة الأولى أمام الله ثم أمام الأمة في إصدار أو إقرار أي نظام أو تقنين في أي شأن من شؤون المسلمين العامة أو الخاصة ، باعتبارها المخولة _ افتراضا _ بالفصل بين ما يحل وما يحرم، وما يصح وما لايصح أو يصلح، في ضوء المحكمات ودلائل البينات.
★..أما إذا سكتت تلك الجهات الرسمية أو دلست أو داهنت أو شاركت في التبديل والتغيير ووسائل التغرير؛ فلا عذر أمام أهل العلم المستقلين المتحررين من قيود الرسميات والشكليات أن يصدحوا بالحق ويصرحوا به، فالله تعالى قال فيمن يكتمون ما يعلمون : { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [ آل عمران/ ١٨٧] .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق