الثلاثاء، 14 مارس 2023

لا تستعبدك أشياؤك

 لا تستعبدك أشياؤك





قد يكون للمرء مال وفير, وولد كثير.
وقد يكون ذا رئاسة, وتحته من يأتمر بأمره, وينتهي عن نهيه.
وقد يكون لديه ممتلكات من مزارع وعقارات، وأموال.
وقد يكون ذا علم, ولديه طلبة يتقلدون رأيه, ويصدرون عن قوله.
وقد يكون له أولاد وعشيرة يلبون رغباته، ويدفعون عنه السوء.
ولا ريب أن ذلك من النعم التي يستوجب شكرها, ويُسْتَنْكر كُنودُها.
ولكن يحسن بمن كانت هذه حاله ألا يركن إلى ما تحت يده, ويجدر به أن يوطن نفسه على ذهابه وزواله؛ ذلك أن هذه الأشياء التي تكون طوع يمينه وشمالهوالتي يظن أنها سبيل سعادته _ قد تكون سبب شقاوته, وقد يتعلق بها؛ فَتَسترِقُّه, وتذله؛ فيكون أسيراً لها, مكبلاً في أغلالها؛ لأنه يُرى في الظاهر أنه هو السيد, وهو المالك بينما الحقيقة تقول غير ذلك؛ إذ هو المَسُودُ المملوك من جهة أنه لا يستطيع الاستغناء عن هذه الأشياء؛ فيكون فيه وجهُ عبوديةٍ لها من هذه الناحية.

ولهذا قال النبي"في الحديث الذي رواه مسلمليس الغنى عن كثرة العَرَض, وإنما الغنى غنى القلب .

وجاء في حكمة الحكيم اليوناني ديوجونيس الكلبي قولهليس الغنى بكثرة ما تملك إنما الغنى بكثرة ما تستغني عنه .

ولله در الإمام الشافعي إذ يقول:
رأيت القناعة كنز الغنى * فصرت بأذيالها ممتسك
فلا ذا يراني على بابه * ولا ذا يراني به منهمك
وصرت غنياً بلا درهم * أمرُّ على الناس شبه الملك

ولله در أبي فراس إذ يقول:
إن الغنيَّ هو الغنيُّ بذاته * وَلَوَ آنَّه عاري المناكب حافي
ما كل ما فوق البسيطة كافياً * فإذا قنعت فكل شيءٍ كافي

ولا سبيل إلى الوصول إلى هذا السر إلا بتجريد التوحيد لمن بيده ملكوت كل شيء؛ فذلك هو سر السعادة، وسبيل العزة، وطريق الحرية الأعظم.

د.محمد بن إبراهيم الحمد

 

 

http://img375.imageshack.us/img375/2895/97417684mo7.gif

نسأل الله لنا ولكم الهدى والتوفيق والسداد

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق