في مثل هذا اليوم: وفاة
“الشيخ محمد الغزالي” فارس الدعاة الذي سبقَ عقلُهُ زمنَه
– نعم.. قرأتُ جميع الكتب التي صدرت للشيخ محمد الغزالي، ومعظم الكتب التي صدرت عنه..فهو الداعية العملاق الذي سبق عقله زمانَه، والمفكّر الذي لا يُبارَى على وجه الأرض..
وكنتُ أرددها طيلة السنوات الفائتة، وما زلتُ: (مَن لم يقرأ للشيخ محمد الغزالي؛ لم يقرأ)
– في مثل هذا اليوم 9 مارس، رحل عَلَم الأعلام، وسلطان الدعاة.. الشيخ محمد الغزالي، وقرأنا أروع رثاء عرفه تاريخ الأدب والنثر العربي:
– الدكتور يوسف القرضاوي يرثي الشيخ محمد الغزالي:
(وأخيرا هوى النجمُ الساطع، واندكَّ الجبلُ الأشمّ، وطُويَ العلم المنشور، وغابت الشمسُ المشرقة، وترجَّل الفارسُ المعلم، ومات الشيخ الغزالي..
أخيرًا فقدت الأمة الإسلامية عَلَم الأعلام، وشيخ الإسلام، وإمام البيان، ورجل القرآن.
أخيرًا أُغمدَ قلمٌ كان سيفا علي أعداء الله، لم يفلّ له حدٌّ، طالما أرعب الملاحدة والمنافقين، وسكت لسانٌ ظلَّ يجلجل ويدوِّي خلال ستين عاما، بالدعوة إلى الله، يحشد الناس ألوفا ألوفا في ساحته، ويجمعهم صفوفا صفوفا علي دعوته.
مات الشيخ الغزالي، وهو في قلب المعركة، لم يُلقِ السلاح، ولم يطوِ الشراع، بل ظلَّ يصارع الأمواج، ويواجه العواصف التي هبَّت من يمين وشمال علي سفينة الإسلام، تريد أن يبتلعها اليم، وأن تغرقها الرياح الهوج…)
————
محمد الغزالي أحمد السقا الجبيلي (محمد الغزالي – اسم مركّب)
– الميلاد: 22 سبتمبر 1917م، قرية نكلا العنب، مركز إيتاي البارود، محافظة البحيرة (مصر)
– الوفاة: 9 مارس 1996م، الرياض، السعودية
– مكان الدفن: البقيع (المدينة المنورة)
– نشأ في أسرة متدينة، وحفظ القرآن بكتّاب القرية في العاشرة، ويقول الإمام محمد الغزالي عن نفسه وقتئذ: (كنتُ أتدرب على إجادة الحفظ بالتلاوة في غدوي ورواحي، وأختم القرآن في تتابع صلواتي، وقبل نومي، وفي وحدتي، وأذكر أنني ختمته أثناء اعتقالي، فقد كان القرآن مؤنسا في تلك الوحدة الموحشة)
– التحق بعد ذلك بمعهد الإسكندرية الديني الابتدائي، وظل بالمعهد حتى حصل منه على شهادة الكفاءة ثم الشهادة الثانوية الأزهرية، ثم انتقل بعد ذلك إلى القاهرة سنة 1937م، والتحق بكلية أصول الدين بالأزهر، حتى تخرّج بعد أربع سنوات، في سنة1941م، وتخصص بعدها في الدعوة والإرشاد، ثم الماجستير في الدعوة والإرشاد؛ وعُيـّن عام 1943، إماما في مسجد العتبة الخضراء (وسط القاهرة)، وتدرج في العمل بوزارة الأوقاف ليصل إلى مفتش عام للمساجد، ثم مديرا للدعوة والإرشاد، كما درَّس فترة في الأزهر.
– سُـميَ الشيخ “محمد الغزالي” بهذا الاسم رغبة من والده بالتيمّن بالإمام الغزالي، فلقد رأى في منامه الشيخ (أبو حامد الغزالي) وقال له إنه سوف ينجب ولدا، ونصحه أن يسميه على اسمه: الغزالي، فما كان من الأب إلا أن عمل بما رآه في منامه.
– كان الغزالي فارسا، عُرف بمواجهة الطغيان، وكان كتابه: (الإسلام والاستبداد السياسي) بمثابة القنبلة التي انفجرت في طغاة العالمين العربي والإسلامي
يقول الغزالي عن هذا الكتاب: (أشهر كتبي، وأعتبره نقطة انطلاق لي… بمجرد أن نزل الكتاب إلى الأسواق، فوجئت بالحكومة كلها تهتز وتصدر قرارا بمصادرة الكتاب، وأحسست أن القصر الملكي اهتز بشدة من هذا الكتاب، وقُـبض علىّ، وقُـدّمت للمحاكمة بتهمة مهاجمة الحكومة، وخرجت من هذه القضية من دون أن يثبت عليّ شيء)
ويؤكد الغزالي: (الحكم الاستبدادي تهديم للدين وتخريب للدنيا، فهو بلاء يصيب الإيمان والعمران جميعا، وهو دخان مشؤوم الظل تختنق الأرواح والأجسام في نطاقه حيث امتد، فلا سوق الفضائل والآداب تنشط، ولا سوق الزراعة والصناعة تروج)
مؤلفاته:
– للشيخ الغزالي أكثر من مائة كتاب، منها:
1- خُلق المسلم
2- كفاح دين
3- نظرات في القرآن
4- تراثنا الفكري
5- هموم داعية
6- عقيدة المسلم
7- حصاد الغرور
8- من وحي السيرة
9- معركة المصحف في العالم الإسلامي
10- دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين،
11- “السنّة النبويّة بين أهل الفقه وأهل الحديث” وهو الكتاب الذي أثار جدلا كبيرا..
12- قذائف الحق
13- الإسلام والأوضاع الاقتصاديّة
14- الإسلام والمناهج الاشتراكيّة
15- تأمّلات في الدين والحياة
16- الإسلام في وجه الزحف الأحمر
17- واقع العالم الإسلامي
18- موكب الدعوة
18- الغزو الثقافي يمتد في فراغنا
20- كيف نتعامل مع القرآن؟
– جُمعت خطبه في كتاب: “خطب الشيخ محمد الغزالي في شؤون الدين والحياة”.
الثائر الحق
– في عهد الرئيس السادات انتقد الغزالي قانون الأحوال الشخصية المعروف آنذاك بـ”قانون جيهان السادات”، فمُنع من الخطابة في مسجد عمرو بن العاص، وتمت مصادرة كتبه، فلما أتيحت له فرصة الخروج من مصر، توجه إلى السعودية، ثم أسس عام 1980م، جامعة الإمام عبد القادر الإسلامية في قسنطينة الجزائرية.
– بعد تعرض حسني مبارك لمحاولة اغتيال في إثيوبيا عام 1995م، ذهب الغزالي في وفد أزهري لتهنئته بالنجاة، ولكنه اختلف مع مبارك، عندما قال الأخير إنه يصحو من نومه وهمّه توفير طعام ملايين المصريين، فقال له الشيخ الغزالي بحدّة: (تُطعم من؟! أنت لا تستطيع أن تطعم نفسك، الله هو الذي يطعمهم ويطعمك، أنت مش ربنا، أنت مهمتك إدارة الدولة ورفع مستوى مصر ودورها القيادي)
– رغم الهجوم الشديد من بعض الدعاة عليه، كان الشيخ يحترم الجميع، وكان يردد: (إنني لا أجعل عيبًا ما يغطي مواهب العبقري، ثم لحساب مَنْ أهدم تاريخنا الأدبي والديني؟، ولمصلحة مَن أشتم اليوم علماء لهم في خدمة الإسلام وكبت أعدائه كفاح مقدور؟، ومَن يبقي مِنْ رجالنا إذا أخذت تاريخ الشيخين أبي بكر وعمر مِنْ أفواه غلاة الشيعة، وتاريخ على بن أبي طالب من أفواه الخوارج، وتاريخ أبي حنيفة من أفواه الإخباريين، وتاريخ ابن تيمية من ابن بطوطة وابن فلان، وتاريخ محمد بن عبدالوهاب من أفواه الترك)
– كان الشيخ الغزالي يرفض دخول العوام، وأنصاف العلماء حلبة الإفتاء، وكان يراهم مدَّعين، وكثيرًا ما تعرَّض لتطاولهم، وإساءاتهم، يقول الغزالي: (وَدِدتُ لو أُعِنتُ على محاكاة أبي حامد الغزالي مُؤَلِّفِ (إلجام العوام عن علم الكلام)، فَأّلفتُ كتابًا عنوانه: (إلجام الرَّعاع والأغمار عن دقائق الفقه ومُشكِل الآثار)، لأمنعهم عن مناوشة الكبار، وأشغلهم بما يصلحون له من أعمال تناسب مستوياتهم، وتنفع أممهم بهم)
الغزالي .. الداعية الأديب
يقول الغزالي: (تطور الأدب في عصرنا هذا لا يُنكر، وقد بلغ من تمكن المؤلفين والمتأدبين في اللغة أن تناولوا الموضوعات التافهة فأخرجوها في ألبسة زاهية، ووجهوا ألوف القراء ـ بسحر بيانهم ـ إلى ما يريدون، فهل يبقى الكلام في العقائد حكرًا على هذا النمط من الحواشي والمتون)
– يُعد الشيخ من أبرز الدعاة المنافحين عن اللغة العربية في هذا العصر، فقد كان دائمًا يصيح بحرقة: «اللغة العربية في خطر، أدركوها قبل فوات الأوان».
والخطر الذي يهدد اللغة العربية هو النتيجة الحتمية لتقاعس العرب عن أداء واجبهم تجاه لغتهم، وتنفيذهم لخطة الاستعمار الثقافي الساعية إلى إلغاء دورها الحضاري والفكري والثقافي، والقضاء على أداة التواصل بين الحاضر والماضي، الأداة الجامعة لهذا الشتات المتقطع للعاميات في الوطن العربي.
الغزالي والباقوري
– يقول الشيخ محمد الغزالي، رحمه الله: (أرسلت لي وزارة الأوقاف خطابا لأتولّى الخطابة في مسجد عمرو بن العاص، ولكني تكاسلت في التنفيذ، ومرت أيام، أسبوع.. وذهبتُ للمسجد متثاقلا، فقد كنتُ أكره كل الذين كانوا ضد “علي بن أبي طالب”…وابن العاص منهم… ولكني فوجئت باستدعاء من وزير الأوقاف، الشيخ أحمد حسن الباقوري، في بيته، وليس مكان العمل، فاندهشتُ.. فالباقوري كان لا يقابل الناس في بيته،
وذهبتُ للشيخ الباقوري الذي كان يعاني من آثار (جلطة) فبادرني الباقوري بحدّة: ما الذي بينك وبين عمرو بن العاص؟
كرر الباقوري السؤال ثلاث مرات، والغزالي يجيب باندهاش: لا شيء
فقال الباقوري: لقد جاءني عمرو بن العاص في المنام، وقال لي: قل لـ محمد الغزالي إني من خيرة صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وطلب مني أن أبلغك أنه غفر لك تطاولك عليه، لأنك أحييت مسجده، وهذا المسجد هو رابع مسجد في الإسلام، لأنه المسجد الذي اجتمع فيه الفاتحون الذين هزموا الرومان في مصر وأدخلوا الإسلام.
قال الشيخ محمد الغزالي معلقــًا على الرؤيا:
– الحقيقة عندما سمعت الرؤيا أخذتني رعدة، وأجهشتُ بالبكاء، وقلتُ: أنا ذهبتُ إلى مسجد عمرو كارهًا، وبدرت مني كلمات ضد عمرو بن العاص، لأني كنت أكره الذين حاربوا علي بن أبي طالب، ولكن الآن وبعد أن سمعت هذه الرؤيا، أنا أتوب إلى الله من ذِكر أحد الصحابة بما لا يليق .. وعمرو له مكانته، ولولاه والمؤمنون معه، ما دخل الإسلام مصر، وما اعتنقت أنا الإسلام.
(رؤيا الباقوري، ذكرها بنفسه، وتكلم عن تفاصيلها الشيخ الغزالي أمام علماء ثقاة، نقلوها عنه، وجاءت في مذكراته، وذكرها مفتي مصر الأسبق د. علي جمعة، وقال إنه سمعها بنفسه من الشيخ الغزالي.. والفيديو على يوتيوب)
حروب السلفيين ضد الشيخ الغزالي
ما زال السلفيون للآن يكرهون الشيخ الغزالي، وتسمع أحدهم يقول ساخرا: ماذا قدّم الغزالي للدعوة؟.. وقد أجاب الرجل عليهم قبل وفاته وقال إن الدعوة ليست فقط في أحكام الصلاة ونواقض الوضوء والصوم.. الدعوة هي توعية الناس وقول الحق، لا مداهنة كل سلطان
ولذا انشغل دعاة السلفية بالغزالي أكثر من اهتمامهم بالدعوة، ومنهم الشيخ أبو إسحاق الحويني في بداياته، وكتابه: (سمط اللآلي في الرد على الشيخ محمد الغزالي).. ولكن الشيخ الحويني تراجع بعد ثورة يناير 2011م، عن آرائه في القرضاوي والغزالي، بعد أن أصبح ثائرا أكثر منهما.
ومن كتب السلفية ضد الشيخ الغزالي أيضا:
1- (جناية الشيخ محمد الغزالي على الحديث وأهله) أشرف عبد المقصود
2- (المعيار لعلم الغزالي في كتابه السنة النبوية) صالح آل الشيخ
3- (مناقشة هادئة للغزالي) سلمان العودة (تراجع بعد ذلك وأصبح ثائرا إخوانيا)
4- (إعانة المتعالي لرد كيد الغزالي) عبد الكريم الحميد
5- (كشف موقف الغزالي من السنة وأهلها ونقد بعض آرائه) ربيع المدخلي
– قد يأخذ الناس علي الشيخ الغزالي بعض آرائه وفتاويه، لأنها ليست علي مشربهم، ولكن الشيخ الغزالي لم يخرج في فتوى أو رأي علي إجماع الأمة.. وهي نفس الاتهامات التي وُجّهت للإمام ابن تيمية، رغم أن تلك الفتاوى هي التي أنقذت الأسرة المسلمة من الانهيار
يقول الدكتور يوسف القرضاوي عن الشيخ الغزالي:
(ربما كان في عباراته بعض الحدَّة، وما ذلك إلا أثر من آثار الحرارة التي تتوقَّد في صدره، فهو لا يطيق العوج، لا من المسلمين ولا من غيرهم، فإذا رأى عوجا تأجَّج قلبه نارا، تظهر علي ثمرات قلمه ولسانه، فقد عاش الشيخ الإمام رحمه الله، عمره كلَّه محاربا للقوى المعادية للإسلام في الداخل والخارج، والتصدِّي لتياراتها، والعمل علي هدم أوكارها، وهتك أستارها، وكشف عملائها. وهو هنا مقاتل عنيد، لا يستسلم ولا يطأطيء، ولا يلين يوما.
وقف في وجه الاستعمار، وكشف عن حقيقته ودوافعه، وأنها: (أحقاد وأطماع).
وفي وجه الصهيونية، التي اغتصبت الأرض المقدَّسة، وشرَّدت الأهل، وخطَّطت لهدم المسجد الأقصى، وإقامة هيكل سليمان علي أنقاضه.
وفي وجه التنصير، الذي يريد أن يسلخ المسلمين من عقيدتهم، ليصبح المسلمون عبيدا للصليبية الغربية.
وفي وجه الشيوعية التي سمَّاها (الزحف الأحمر)، ونبَّه علي خطرها من قديم، واكتساحها للجمهوريات الإسلامية في آسيا.
وفي وجه الحضارة المادية، وأباحتها الجنسية، وعصبيَّتها العنصرية، ومحاولتها للسيطرة الإمبريالية، وان لم ينكر ما فيها من عناصر إيجابية، يمكن الاستفادة منها.
وفي وجه العلمانية اللا دينية، التي تؤمن ببعض الكتاب وتكفر ببعض، تريد الإسلام عقيدة بلا شريعة، وسلاما بلا جهاد، ودينا بلا دولة، واتباعا أعمى للغرب “شبرا بشبر، وذراعا بذراع”.
– لقد عاش الشيخ الغزالي حياته كلَّها حرَّ الفكر والضمير، حرَّ القلم واللسان، لم يعبِّد نفسه لأحد إلا لربِّه الذي خلقه فسواه، لم يبع ضميره ولا قلمه لمخلوق كان.
وكم حاول أصحاب السلطان أن يشتروه، ولكنهم لم يقدروا علي ثمنه. وكيف يمكن أن يُشترى مَن يريد الله والجنة؟! ولقد لُوِّح له بالمناصب التي يسيل لها لعاب الكثيرين من عبيد الدنيا، ولكن الشيخ لم تلن له قناة، ولم يغرُّه وعد، كما لم يثنه وعيد. لقد كان يتمثَّل بالشافعي رضي الله عنه، وهو يقول:
أنا إن عشتُ لستُ أعدم قوتا وإذا متُ لستُ أعدمُ قبرا/
همّتي همة الملوكِ ونفسي نَفْس حُـرٍ ترى المذلة كُفرا/
– مما يذكر للشيخ الغزالي هنا: أنه رفض الخضوع لأهواء العوام، كما رفض الخضوع لسلطة الحكام، وكتب مرَّة مقالة يقول فيها: أهواء العامة لا تُهادَن، ولم يحاول أن يزايد بإرضاء الجماهير، علي حساب ما يراه حقًّا في دينه، كما يفعل ذلك بعض (الأدعياء) الذين يحسبهم الناس (دعاة). وما أعظم الفرق بين الدعاة والأدعياء!
الوفاة:
ظل الشيخ الغزالي يدعو الله طيلة عمره ويقول: (اللهم ارزقني الوفاة في بلد حبيبك المصطفى).. وشاء الله تعالى أن يُدعَى لمؤتمر في الرياض بالمملكة السعودية، عام 1996م، ورفض الأطباء، وحاولوا منعه من السفر، ولكنه أصرّ على السفر، وألقى كلمة في ذلك المؤتمر، وقام إليه أحدهم واتهمه بمعاداة السُنّة، فانفعل الشيخ وعلا صوته وهو يدافع عن موقفه من السنة وكان آخر كلامه: (نريد أن نحقق في الأرض لا إله إلا الله) وأصيب بذبحة صدرية، مات على إثرها في الحال.
وبتوصية من الشيخ ابن باز، جاء الأمر الملكي بنقل جثمان الشيخ إلى المدينة المنورة.
– يقول الدكتور زغلول النجار الذي كان مرافقا له: (لمّا حضر جثمان الشيخ للمدينة فوجئنا أن هناك طائرات خاصة أتت من جميع أنحاء العالم تقل مئات المسلمين أتوا للصلاة على الشيخ الغزالي في المسجد النبوي، وازدحم المسجد عن آخره، وخرجنا بالجثمان إلى البقيع، وكنا ندفنه وما زال الناس بالمسجد من كثرتهم)
– يقول الرجل الذي يتولى دفن الأموات بالبقيع: (إن هذا الرجل أمره غريب، كلما شرعتُ في حفر حفرة أجد الأرض لا تلين معي، حتى جئتُ هنا ولانت معي الأرض، بين قبر نافع مولى عبد الله بن عمر وقبر مالك بن أنس صاحب المذهب المالكي.
(أبو عبد الله نافع المدني مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب، من أئمة التابعين بالمدينة المنورة، وأحد رواة الحديث النبوي الثقات)
ولذا قال القرضاوي: (إنها الموتة المُخرِسة.. فقد دُفن الشيخ الغزالي بين أهل الفقه وأهل الحديث، فكأنه يرد على من أعلنوا براءة أهل الفقه والحديث منه)
– اللهم اغفر له، وارحمه، واجعله رفيق النبي (صلى الله عليه وسلم) في الجنة
اللهم اجزهِ عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء
………………
(المصدر: سطور من موسوعة “شموسٌ خلْفَ غيوم التأريخ” – الجزء الأول – يسري الخطيب)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق