الجمعة، 7 أبريل 2023

الحبة الحمراء “ريد بيل” .. الخلفية والواقع

الحبة الحمراء “ريد بيل” .. الخلفية والواقع




د. ليلى حمدان,

أدى سعار النسويات على مواقع التواصل في العالم الإسلامي، لبروز حركة الحبة الحمراء المضادة للفكر النسوي بشكل لافت في السنوات الأخيرة، وهي حركة حملت اسما غربيا “ريد بيل” أي الحبة الحمراء، وقامت على مبدأ حفظ سيادة الرجال الذي تنازعهم فيه الحركة النسوية بحماقة لا تُبارى.

الخلفية

من يتأمل في أصول فكرة “الريد بيل” أو الحبة الحمراء، يجد أنها فكرة منطقية ومطلب فطري لكونها تتصدى للحركة النسوية الضالة بإعادة السيادة للرجال وحفظها من محاولات هدم معاني الرجولة ومحاربتها، وهذا مبدأ سليم في كل الأمم ومتفق عليه على مر التاريخ ولم تختلف فيه الشعوب المسلمة كما الكافرة.

وظهورها في الغرب كان نتيجة طبيعية لطغيان التيار النسوي المدعوم حكوميًا ومؤسساتيًا بشكل مخيف، فعملت هذه الحركة على توعية الرجال بالقوانين النسوية وأساليب النسويات، ووظفت لأجل ذلك الدعم الإعلامي الذي اتخذ أشكالًا مختلفة منذ انضم لمطالب الريد بيل رجال من مختلف الخلفيات والمشارب.

وبالتالي يمكننا أن نلخص وصف “الريد بيل” بأنها حركة الرجل، أو حركة حقوق الرجال، التي ظهرت كرد فعل طبيعي لظهور النسوية أواخر ستينيات القرن الماضي، وإن كان صيتها قد اشتهر منذ سنة 1436هـ (2015م) إلا أن ظهورها في العالم الإسلام لا يزال حديثًا لا يتعدى بضع سنوات قليلة.

نلاحظ أن حركة الريد بيل تستقوي وتشتد كلما اشتدت النسوية واستقوت خاصة مع سياسات دولية تفرض على الحكومات المبادئ النسوية المريضة تحت ستار حقوق المرأة! وهذه العلاقة مستمرة ما دامت النسوية أيديولوجيا تقوم على هدم الرجل ومحاربته وسلبه كل حق فطري وديني، فإن حركة الريد بيل، حركة مقاومة للحركة النسوية، ستستمر في الظهور ما استمرت النسوية في الظهور.

ومع أن هذه الحركة تبرز بنشاط فردي وإقبال جماعي للرجال الذين يرفضون الفكر النسوي، إلا أن إمكانياتها لا تزال لا تقارن البتة مع التمويل والدعم المادي والإعلامي الذي تحظى به الحركة النسوية على مستوى العالم.

والأكيد أن الحديث عن الريد بيل سيستمر ما دام طغيان النسوية مستمرا، فهذا الطغيان النسوي هو الذي يغذي هذه الحركة الرجالية وهو الذي يزيد من شراستها.

أصل التسمية

يأتي اسم الريد بيل ” الحبة الحمراء” من مشهد في الفيلم الأمريكي المصفوفة “ذي ماتريكس” الذي صدر في عام 1420هـ (1999م)، وتدور فكرته حول حصول بطل الفيلم على حبتي دواء، إحداهما حمراء اللون وهي تحمل الحقيقة والوعي، إذا تناولها تخرِجه خارج المنظومة المتحكّمة، وتريه الأمور من بعد آخر وزوايا ثانية، والحبة الثانية زرقاء اللون، وتحمل الغفلة والسبات، ليُكمل الحياة بالوتيرة نفسها والأفكار المسبقة التي نشأ عليها.

أما الأولى (الحمراء) إن تناولها فزع وانتبه وأدرك ما يحيط به، وأما الثانية (الزرقاء) إن تناولها رجع لغيبوبته وتخدر من جديد.

أعقب هذه اللقطات فيلم وثائقي حمل اسم “الحبة الحمراء” صدر في عام 1437هـ (2016م) يعتبر قفزة كبيرة في نشاط فكرة الريد بيل، والغريب أن هذا الفيلم أنتجته امرأة ناشطة نسوية سابقة وليس رجلا، وهي امرأة انشقت عن الحركة النسوية وأصبحت مناصرة للرجل، وحملت في هذا الفيلم تفاصيل رحلتها من النسوية إلى التبرأ منها ومحاربتها. مستندة لآراء مفكرين غربيين ممن يحملون فكرة الريد بيل.

تقييم فكرة الريد بيل

تبدو الحبة الحمراء حركة اجتماعية ظهرت كردة فعل حتمية لسعار النسوية، ولكنها ليست مجرد حركة عفوية إنما هي فلسفة تقوم على فكرة عودة سيادة الرجل، وهو مطلب فطري، قامت عليه الأجيال البشرية منذ أن خلق الله آدم، فجعل الله تعالى القيادة في يد الرجل لما حباه من خصائص رجولية تخوله هذه القيادة، وليقود الأسرة ويقود الأمة. وعلى ذلك سارت جموع البشر واتفقت، المسلمة منها والكافرة.

لكن لأنها دعوة نشأت في الغرب فقد جلبت معها مخالفات للإسلام حملتها أفكار أشهر دعاتها مثل كيفن صامويل ورولو توماسي وروجر ديفلين وغيرهم ممن يقوم تفكيرهم على أفكار كفرية بالأساس فلم تكن قائمة على حقيقة التوحيد والإيمان العظيمة.

ولأنها دعوة شاملة لمكافحة النسوية لقيت استجابة شاملة من الرجال عبر العالم، فدخلها رجال من مختلف الأديان والعقائد والخلفيات الأيديويولجية والفكرية، لذلك نجد من المنتسبين للحبة الحمراء من يحقر المرأة بشدة ويصل تحقيرهم لحد ظلم عظيم بالحديث عن المرأة وكأنها حيوان! ومنهم من يصف المطلقة بأنها قمامة! فحين يقول هذه الكلمات كافر نحن نعلم أن الكفر يعمي البصر والبصيرة وهل بعد الكفر ذنب! ولكن حين يقولها مسلم منتسب للريد بيل، فهذه معارضة للقرآن والسنة بل وطعن في أمهات المؤمنين والصحابيات رضي الله عنهن لا تجوز ولا يمكن تبريرها بأي شكل من الأشكال بل تصل ببعضهم إلى حد الردة!

 وتحت مظلة الريد بيل رجال يعارضون ختان الرجال، وهذا لا خلاف لمعارضته الإسلام، ومنهم من يستعمل ألفاظا فاحشة وعبارات عنصرية بذيئة، وهذا مخالف لهدي الإسلام، بل ومنهم من لا يجد حرجًا في الزنا ويروج له بل لا يرى مشكلة في العلاقات المحرمة والمتعددة خارج عقد الزواج الشرعي، واستحلال ذلك كفر في الإسلام. والمسلم التقي ينكر ذلك ولا تبرر نصرته للريد بيل غض الطرف عن هذه المصائب!

واتجه بعض رجال الريد بيل إلى رفض الزواج تماما بينما في الجهة المعاكسة اتجه بعضهم إلى اللهث خلف الشهوات المادية من مال ونساء بلا قيد ولا عقل.

أضيف لذلك تلوث هذه الدعوات ببعض الأمراض النفسية كحال الساديين ومن يحمل اضطرابات نفسية تدفعه للاستمتاع بتحقير المرأة وظلمها وتعنيفها وضربها، وهذا شذوذ ومرض وعقد نفسية وهشاشة تنعكس في مشاهد الطغيان على المرأة، الإسلام بريئ منه ولا يجيزه ولا يرتضيه للمؤمنين والمؤمنات!.

وبالتالي نحن أمام مشهد شديد التعقيد دخل فيه رجال من كل الاتجاهات بحق وباطل، بفطرة وجاهلية!

أين الخطر؟

من هنا يكمن الخطر، في الانجرار خلف هذا الخليط غير المتجانس من الخلفيات الفكرية التي اجتمعت على مطلب الحبة الحمراء. وإن كان الاجتماع على مطلب حق إلا أنه يهمش التوحيد والإسلام، ويجعل الأولوية لجنس الرجل أيا كان هذا الرجل، وهنا نقطة فارقة للمسلم الموحد!

فانجرار بعض الشباب المسلم حماسة لمطلب فطري حق، قد يتلوث بما تحمله جموع المنتسبين للريد بل من مخالفات الكفر والفسوق، تصل لحد الإخراج من الملة، إن لم ينكرها ويترفع عنها فهو في خطر عظيم!

ولذلك من يتأمل حسابات العديد من العرب الذين ينتسبون للإسلام ويصنفون أنفسهم كأنصار للريد بيل، يعجب من جرأة تصل لحد الانتقاص من أمهات المؤمنين والصحابيات رضي الله عنهن بذلك التعصب الغربي الأعمى لجنس الرجل، الذي لا يُهذّب بهدي الإسلام العظيم ولا يعرف مقامات نساء الإسلام المؤمنات الموحدات.

إن تفوق جنس الرجل لا يكون بالكفر! بل بالإسلام، ومن كفر فلا كرامة له وليس لكونه الذكر يعتبر نفسه ذا قيمة لأجل جنسه حصرًا،  فما قيمة جنسه إن لم يكن قد نفعه بالإسلام وأقام نفسه على التوحيد والسنة! ما قيمة جنسه بلا توحيد لله تعالى وطاعة له جل جلاله!

الحق في كل ما مضى

الحق هو أننا نعاني تبعات تضييع هويتنا، فالشباب المسلم يتعلق بكل دعوة يرى فيها الحق ويتمسك بها وقد يتعصب لها لحد معارضة الإسلام، لأسباب كثيرة في مقدمتها فقدان الاستعلاء بالإيمان، والتأثر المزمن بالغرب فيتفاعل بالطريقة الغربية منقادًا منهزمًا لا رائدًا وقائدًا بإيمانه، وأيضا لكون القوى الإسلامية أمام تيار النسوية لا تزال ضعيفة، فهي مشتتة وغير ممولة ولا نفوذ لها، وأمامها حركة تدعمها السلطة وممولة تمويلا ضخما من الغرب ومؤسساته الدولية، فيعتقد البعض أن زيادة سواد الريد بيل واجب! ونحن قوم أغنانا الله بدين كامل شامل لا يدخله النقص ولا يعرف القصور، والأصل هو الانطلاق من أصول التوحيد التي يبنى عليها كل حق والاعتزاز بها فتكون لها الريادة لا التبعية!

إن الحق الذي يبنى على أصول فضفاضة لا عقيدة فيها ولا توحيد، ينهار ويفسد ويتلطخ بالانحرافات والظلم، وهذا ما شاهدناه مع حركة الريد بيل، ففي أوج اشتعال معاركها مع النسوية لم تكن المرجعية هي القرآن والسنة بل كانت أفكار المنظرين للريد بيل! وهم كفار، يصيبون في بعض خلاصاتهم لكن يغلطون أغلاطا فادحة في أخرى، وهذا باب خطير جدًا إن ولجه شاب قليل المعرفة بدينه فلا يعرف التمييز بين الحق والباطل بين العدل والظلم، بين الحلال والحرام، بين أركان الإسلام ونواقضه، كيف يطمع أن ينجو من الضلال المبين!

المرجعية الإسلام

إن نصر الريد بيل على النسوية في مقام حق، أمر متفق عليه لا يعترض عليه عاقل، ولكن نصرة الريد بيل بإطلاق دون إنكار ما تحمله من ضلالات وتتلوث به من مظالم ومفاسد وانحرافات لا يجوز ولا يمكن تبريره.

فالمسلم الذي يرضى بتحقير المؤمنات الموحدات في قلبه مرض! ولا يمكن أن يكون يدافع عن سيادة الرجل المسلم بل هو يدافع عن سيادة الرجل الكافر. لأن سيادة الرجل المسلم تحفظ مقام النساء المؤمنات وكيف بزوجات النبي صلى الله عليه وسلم والصحابيات رضي الله عنهن!

قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات: 13).

وقال جل جلاله (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة: 71).

عقد نقص نفسية أم سوء فهم!

من الواضح من خلال المناقشات التي تجري في العام، أن العديد من الرجال يدافع باستماتة عن الريد بيل معتقدًا أنه يدافع عن رجولته! ولكن في الحقيقة الذي يتوجب الدفاع المطلق والانتصار الذي لا تراجع فيه هو ما جاء به الإسلام جملة وتفصيلا، والإسلام يحفظ معاني الرجولة ويقيمها على الاستقامة ويصنع منها القوامة والقيادة والبطولة بأفضل ما يمكن أن يستخرجه من جنس الرجال.

ولكن ما يعيشه الرجل المسلم من قهر وسلب صلاحيات القوامة والولاية في بيته وأمته، وما انعكس من سنين هيمنة تحارب معاني الرجولة وتحاول إخمادها وتسلب الرجل حقه في الاحترام وربما خيبات عاطفية! انعكس عند بعض الرجال بعقد نقص فأصبح ناقما على جنس النساء ويجد رجولته بتحقير النساء جميعا وهذه مشكلة نفسية تتعالج بإعادة الفهم الصحيح لمعاني الرجولة والالتزام بدين الله تعالى وعدم تعدي حدود الله، وأما ميادين الرجولة فمعروفة، وليس بالظلم والطغيان!

وللأسف ما أن يوجه انتقاد شرعي لتفاعلات “الريد بيل” التي تتجاوز حدود الله تعالى إلا وينبري ممن ينتسبون للإسلام من يطعن ويقذف ويشتم ويحقر المسلمة ويجعل منها نسوية وإن كانت معروفة بشدة معارضتها للنسويات، وكأن لا حرمة لها ولا حق!

قال تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا) (الأحزاب: 58)

وقال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (النور: 23)

وكأن المساس بالريد بيل مساس بأصول هذا الدين وكأنها حركة معصومة منزهة عن النصح والتوجيه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا ضلال يجب التصدي له ولا تأخذنا في الله لومة لائم، فكل ما عارض دين الله ننكره ولنا في ذلك الحق والواجب. والغاية لا تبرر الوسيلة حين تفسد أو تعارض شريعة الله تعالى، وهذا أمر الله تعالى وإلا أصبحنا كبني إسرائيل الذين لعنوا على لسان داود وعيسى ابن مريم! (كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (المائدة: 79).

وقد ينجر بعضهم لسوء فهم لكثرة التأثر بخطاب واحد، يشيطن النساء جميعا، لدرجة يتعامل مع جنس النساء كعدو يستوجب الحرب والقهر والتعامل بالظلم! والشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده، وهو وسط غير صحي متأثر باستجابة سلبية خاطئة لطغيان النسوية كحال بعض الأمراض المناعية تكون الاستجابة المناعية متجاوزة للحد الطبيعي فتتحول لمرض بحد ذاتها.

تصحيح الاستجابة المناعية

أيها الناس نحن بحاجة ماسة للعودة إلى هويتنا وأصولنا ودعوتنا العظيمة، دعوة التوحيد العادلة، ولن يكون ذلك بالانجرار خلف كل دعوة تدافع عن الرجل بغض النظر عن استقامتها، فلن يدافع عن هذا الرجل مثل شريعة الله تعالى التي نقيمها كما يحب الله ويرضى وليس كما تفرضه أهواء الرجال الكافرين. وإن الدخول في تحالف مع الريد بيل لا يجب إطلاقا أن يكون بالتنازل عن ثوابت هذا الدين وقيمه الجليلة، ولا بتعدي حدود الله تعالى، فهذا الدين لا يقبل المساومة ولا البيع ولا الاجتزاء، إنما يقام كاملا لمن أراد أن ينصره الله ويسدد خطاه ويمن عليه بالفتوحات في أي صراع.

(فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (النساء: 65)

أصناف المناصرين للريد بيل

في عالمنا الإسلامي ينقسم المناصرون للريد بيل إلى أصناف:

  • صنف ينصر الريد بيل في كل ما هو حق ولا يعارض الإسلام ضد النسوية، وفي الوقت نفسه ينكر كل منكر يصدر من “الريد بيليين” فلا ينصرهم بعمية وجهالة إنما لحق يراه وينكر كل منكر يراه أيضا، وهذا نحسبه على خير.
  • صنف ينصر الريد بيل وإن كان يتحرج من تجاوزات ترافق دعواها، إلا أنه يغض الطرف عن المنكرات التي تصدر من “الريد بيليين” والمنتسبين إليها في ظنه أن ذلك يردع النسوية!، وهذا يظلم نفسه وغيره ويخدع نفسه وغيره.
  • صنف ينصر الريد بيل بإطلاق ويتبنى كل فكرة يجتمع عليها “الريد بيليون”، ويقدس المنظرين لها ويتأثر بهم ويجعلهم قدوة وكتبهم مرجعا لا ينتقد! وهذا في ضلال مبين.

فأنصار الريد بيل بين العاقل والسفيه والضال، مراتب!

التفرد لا التبعية

وفي الختام ليعلم الرجل الذي تأذى من النسوية أن في هذه الأمة نساء تأذين أكثر منه من النسوية فلا يكن ظلما مضاعفا على المؤمنات، تجد المؤمنة نفسها بين مطرقة النسوية وسندان الرجال الذين لا يفرقون بين البارة والفاجرة!

ثم إن من النساء المؤمنات الموحدات من هن الأتقى والأعظم درجة عند الله من كثير من الرجال، فلم ينفع الرجال جنسهم إن لم تنفعهم تقواهم وتوحيدهم وقيامهم بحدود دين الله تعالى. وامرأة مؤمنة خير من كل الرجال الكافرين وإن كانوا ذكورا، هذا هو الميزان الحق، (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) ولم يحددها الله تعالى في الجنس حصرًا بل ربطها بالتقوى والعمل.

قال ابن تيمية رحمه الله: “لا ريب أن في النساءِ من هنَّ أعقلُ من كثير من الرجال“ [الفتاوى (6/447)]

إن هذا التدافع مستمر، ولا يمكن إيقافه لأنه رد فعل عالمي على حرب على الفطرة مسعورة يشنها الغرب، ولذلك سيكون له خسائر وتداعيات وآثار جانبية، ما لم يضبط بشريعة الله جل جلاله.

ونحن كمسلمين، علينا أن نعيد الريادة والسيادة للإسلام كي نعيد الحقوق للرجال ولكل مظلوم، وبدون إعادة هذه الشرعية الكاملة للإسلام فلن تنفع حركة الريد بيل ولا ألف حركة مثلها المسلمين، فإنما هي سبيل المؤمنين ننصرها بالتوحيد والسنة إلى آخر رمق. وكل جاهلية تحت أقدامنا.

قال أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه:” نحن قوم أعزَّنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزَّة في غيره أذلَّنا الله”.

إن الرجولة الحقيقية هي في إقامة شريعة الله تعالى وبنيان الإسلام في الأرض والاحتكام لها بلا حرج ولا اعتراض، بل بتسليم كامل، قال تعالى (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) (الأحزاب: 36).

إن الرجولة الحقيقية هي في العدل لا الطغيان، في الإسلام لا دعوات الغرب المضطربة، في الحق لا في الباطل.

إن الرجولة الحقيقية هي في الاعتزاز بالإسلام والقرآن والسنة وسير السابقين الأولين ورجالات هذا الدين العظيم، وإعادة الاعتبار لمصطلحاتنا القيّمة وشريعة ربنا، والجهاد بما أمرنا الله به تعالى من دعوة حق منصورة من الله لا نبغي لها بدلا.

فكن مسلمًا مؤمنًا محسنًا موحدًا ولا تكن راد بيليًا تابعًا مضطربًا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق