قراءة في كتاب أيام من حياتي
كتاب أيام من حياتي
لمحة عن “كتاب أيام من حياتي، لزينب الغزالي، هو جوهرة من جواهر أدب السجون، كتب هذا الكتاب بحرف من المعاناة والآلام جراء ما لاقته زينب الغزالي في سجون الرئيس جمال عبدالناصر وما لاقاه الإخوان المسلمون في خمسينات وستينات القرض الماضي من تشريد واعتقالات وتعذيب.
تحكي لنا زينب الغزالي في هذا الكتاب سيرتها الذاتية في تلك الفترة وتجربتها مع الإخوان المسلمين وصلاتها ببعض القادة البارزين في الجماعة وبشباب الإخوان المسلمين، وتستعرض لنا سعيهم وأفكارهم خلال هذه الفترة من القرن الماضي، والطرق التي وضعوها لتحقيق هذه المساعي، وما حلّ بهم جراء السعي وراء هدفهم، وافردت الكاتبة المساحة الأكبر من فصول هذا الكتاب لتبين لنا حجم المعاناة والألم والتعذيب الذي لاقته في السجون وغيرها من شباب الإخوان، فقد تعرضوا لكل أنواع السباب والإهانات والضرب والتجويع والاعتقال الفردي والتجريد من الملابس في بعض الأحيان، والتعذيب بشتى الطرق، ولتبين حجم الكراهية التي كان يحملها جمال عبدالناصر تجاهها وتجاه جماعة الإخوان، ومحاولات الاستمالة لها ولغيرها، مقابل الإفراج عنهم.”
اهداء
إلى الأرواح الطاهرة الزكية التي صعدت إلى بارئها، فرحة بفضل الله عليها ورضوانه، إلى النفوس النقية التي أزهقت في سبيل ربها، وذهبت إليه تشكو ظلم البشرية وطغيانها، إلى الدماء التي سالت لتكون موجاً هادراً يدفع الأجيال عبر التاريخ إلى طريق ربها، إلى الشهداء الذين قتلوا في سبيل الله وفي سبيل الإسلام فضحكوا وفدوا فكانوا في الأرض الأوفياء، وفي الآخرة الخالدين الفائزين، إلى الذين قال لهم الناس (إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل)، إلى الذين عذبوا في سبيل الله تعالى فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا، لكل هؤلاء وللمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أقدم هذا الكتاب، وأسألك اللهم أن تتقبله وتنفع به (ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين). قراءة د. محمد عبد القادر الشواف
إعلامي وناشط سوري
محنة تحولت إلى منحة عندما أراد الله لزينب الغزالي _ رحمها الله_ أن تغير مسيرة حياتها، وتتوجه إلى الله بكليتها، وتدعو إليه على بصيرة لمدة ثلاثة وخمسين عاماً، فقد تعرضت لحادث حريق في منزلها كادت تفقد حياتها بسببه، ونذرت إن عافاها الله من الحروق أن تعمل لدينه، وتسعى لما فيه خير المرأة وتترك الاتحاد النسائي، وتتوجه للدعوة الإسلامية، وأكرمها الله بالشفاء، وبدأت مرحلة جديدة في مسيرتها الدعوية.
إن من يتعمق بدراسة مراحل حياة الداعية زينب الغزالي يدرك أنه أمام امرأة عظيمة، عمر الإيمان قلبها، فقررت أن تسير في طريق الحق دون الالتفات لزينة الحياة الدنيا وبهرجها الخادع، رائدها الإخلاص، وأمنيتها أن تفوز برضاء الله تعالى وتطمع أن تحظى في الآخرة بجنته.
كما أنه لا يمكن لهذه الشخصية العظيمة أن تتشكل لولا عوامل تضافرت مجتمعة، فجعلتها نسيج وحدها، فهي بنت أسرة كريمة، اجتمع لها أصل عريق يمتد إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه من جهة أبيها، وإلى الحسن بن علي_ رضي الله عنهما_ من جهة أمها، وكان أبوها من علماء الأزهر، وأولاها من العناية وحسن التربية والتشجيع ما أسهم في تكوّن شخصيتها،
فقد كانت تتمتع بشخصية متميزة، تتطلع دائماً لمعالي الأمور.بعد قراءتي لكتاب (أيام من حياتي) كانت تتملكني الحيرة ويأخذني العجب العجاب، وعشت صراعاً عنيفاً مع نفسي أقارن بين نظرتي لقصص أغرب من الخيال عن سجون رئيس كانت جماهير الأمة العربية تتوهم أنه سيكون رائد الوحدة العربية، التي ستكون نواة الوحدة الإسلامية، وبين نبرة الصدق التي ألمسها في كل كلمة من كلمات الداعية الممتحنة زينب الغزالي في الكتاب،
ويشاء الله أن ألتقيها هي بذاتها خلال عملي في مكتب رابطة العالم الإسلامي في باكستان في الثمانينيات من القرن الماضي، وكنت لا أزال أحسّ أنني بحاجة إلى التعرف أكثر على هذه المرأة العظيمة، التي صبرت على محنة السجن، وذاقت ويلاتها، وحاول السجانون المساس بشرفها.كانت زينب الغزالي قد جاءت للاطلاع على أحوال المهاجرين الأفغان، ومساعدتهم بما تستطيع، وطلب مني الشيخ عبدالله عزام _ رحمه الله _ مرافقته للقائها.
كان لقاء مباركاً، ضم ثلاثة من قادة الجهاد الأفغاني ضد الاتحاد السوفيتي آنذاك، وتكلمت زينب الغزالي بموضوعات مهمة ومختصرة، وأوصتهم بالاتحاد، ووحدة الصف، ونقلت إليهم أخبار تعاطف جماهير المسلمين معهم ومع قضيتهم العادلة، ثم سلمت كل واحد منهم ظرفاً فيه تبرعات من الأخوات المسلمات في الدول العربية، كانت عظيمة في هيبتها، عظيمة في طرحها، ثم نظرت إلى أحد القادة الكبار،
وقالت له: أبشر فقد رأيتك فيما يرى النائم أنك تركب حصاناً، وأنت على هيئة صلاح الدين الأيوبي ! فشكرها ودعا لها.
وأحمد الله أن هذا الرجل لم يغيّر ولم يبدل حتى كتابة هذه الحروف، كما أخبر عنه من نثق بدينهم أحسبه كذلك ولا أزكي على الله أحداً ومع ذلك فقد لمحت تأثراً على وجه الشيخ عبد الله عزام رحمه الله، لكنه لم يتكلم فيما يريد، وعرفت سر تأثره بعد أن خرجنا فقد كان عظيم الأدب مع الكبار بل وحتى مع الصغار، قال لي: ليتها لم تحدّثه بالرؤيا في هذا المجلس،
فأدركت أن الشيخ يرمي إلى وجود بعض الحساسيات بين الجالسين وإلى خشيته على ذلك الرجل من أن يدخل نفسه شيء من العجب لا سمح الله.
وفي تلك الزيارة لباكستان قابلت زينب الغزالي (الرئيس الباكستاني _ آنذاك ) ضياء الحق، وكان مقرراً للمقابلة حوالي عشرين دقيقة، ولدى الرئيس مواعيد سابقة وبرنامج محدد، ولعله لأول مرة ينسف كل المواعيد ويؤجلها ليستمع حديثاً عجباً من زينب الغزالي عن معاناة المسلمين في بعض الدول العربية، وما تتعرض له المرأة المسلمة من السجن والتعذيب مما يندى له الجبين، وضياء الحق يصغي إليها ويبكي، ويستمر اللقاء ساعتين ونصف.
تذكرت هذه الحادثة لما أصرّت أميركا على التخلص من ضياء الحق، مع التضحية بسفيرها؛ لأن المرحلة تطلبت من هو أسوأ منه، فطواغيت الأرض الكبار لا يرحبون بمن يخدمهم على مضض، وكأنه يأكل الميتة، ولم يعد للمتأولين سوق لديهم، ولا يقبلون من يأكل الخنزير مضطراً، بل يريدون من يأكله متلذذاً، ومعبراً بكل حواسه عن ذلك السرور.
مما يؤسف له أنني علمت أن ما نشر في كتاب ( أيام من حياتي ) كان جزءاً من الحقيقة، ولم يكن الحقيقة كاملة؛ لأن الحقيقة كانت أسوأ وأعنف، وأدمى لقلب المؤمن مما ذكر في الكتاب.
كرّمت زينب الغزالي من الاتحاد الإسلامي الأوروبي، وكرّمت من نقابة أطباء الإسكندرية، وهي تكرم؛ لأنها رائدة في هذا المجال، وصاحبة تاريخ طويل وعريض في الدفاع عن الإسلام، وزارت كثيراً من الدول العربية والأجنبية.كم نحن مقصرون بحق دعاتنا وعظمائنا، أليس من المحزن أن تعيش هذا العمر الطويل الحافل في الدعوة وخدمة الإسلام ثم لا تأخذ حقها من التكريم، نعم هي تطمع بما عند الله من الثواب،
لكن هذا لا يعفينا من أداء واجبنا نحوها.وأتمنى أن نرى قريباً دوراً لتحفيظ القرآن الكريم تحمل اسمها، وكذلك مؤسسات ثقافية، ومراكز دعوية نسائية. كثيراً من الدروس والعبر نتعلمها من مسيرة حافلة بالعطاء لداعية عاشت 88 عاماً، أمضت أكثرها في الدعوة إلى الله _سبحانه، وصبرت على المحن التي تعرضت لها،ولعل من أشدها بعد حادثة السجن أن يجبروا زوجها على طلاقها، ويحضروا لها وثيقة الطلاق إلى السجن !
تذكرت هذه الحادثة لما أصرّت أميركا على التخلص من ضياء الحق، مع التضحية بسفيرها؛ لأن المرحلة تطلبت من هو أسوأ منه، فطواغيت الأرض الكبار لا يرحبون بمن يخدمهم على مضض، وكأنه يأكل الميتة، ولم يعد للمتأولين سوق لديهم، ولا يقبلون من يأكل الخنزير مضطراً، بل يريدون من يأكله متلذذاً، ومعبراً بكل حواسه عن ذلك السرور.
مما يؤسف له أنني علمت أن ما نشر في كتاب ( أيام من حياتي ) كان جزءاً من الحقيقة، ولم يكن الحقيقة كاملة؛ لأن الحقيقة كانت أسوأ وأعنف، وأدمى لقلب المؤمن مما ذكر في الكتاب.
كرّمت زينب الغزالي من الاتحاد الإسلامي الأوروبي، وكرّمت من نقابة أطباء الإسكندرية، وهي تكرم؛ لأنها رائدة في هذا المجال، وصاحبة تاريخ طويل وعريض في الدفاع عن الإسلام، وزارت كثيراً من الدول العربية والأجنبية.كم نحن مقصرون بحق دعاتنا وعظمائنا، أليس من المحزن أن تعيش هذا العمر الطويل الحافل في الدعوة وخدمة الإسلام ثم لا تأخذ حقها من التكريم، نعم هي تطمع بما عند الله من الثواب،
لكن هذا لا يعفينا من أداء واجبنا نحوها.وأتمنى أن نرى قريباً دوراً لتحفيظ القرآن الكريم تحمل اسمها، وكذلك مؤسسات ثقافية، ومراكز دعوية نسائية. كثيراً من الدروس والعبر نتعلمها من مسيرة حافلة بالعطاء لداعية عاشت 88 عاماً، أمضت أكثرها في الدعوة إلى الله _سبحانه، وصبرت على المحن التي تعرضت لها،ولعل من أشدها بعد حادثة السجن أن يجبروا زوجها على طلاقها، ويحضروا لها وثيقة الطلاق إلى السجن !
رحم الله الداعية المجاهدة زينب الغزالي، وغفر لها، وأسكنها الفردوس الأعلى، إنه ولي ذلك والقادر عليه سبحانه والحمد لله رب العالمين.
الكاتب: د. محمد عبد القادر الشواف
الكاتب: د. محمد عبد القادر الشواف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق