75 سنة على مجزرة دير ياسين فجّروا البيوت وقتلوا الأطفال والنساء..
يوافق اليوم التاسع من أبريل/نيسان، الذكرى الـ75 لمجزرة دير ياسين، التي نفذتها عصابات “أرغون” و”شتيرن” الصهيونية عام 1948، وأسفرت عن استشهاد ما بين 250 إلى 360 فلسطينيًّا.
وحدثت المجزرة بعد أسبوعين من توقيع اتفاقية سلام طالب بها رؤساء المستوطنات اليهودية، ووافق عليها أهل دير ياسين. في ذلك الوقت، ووفق شهادات الناجين، فإن الهجوم على قرية دير ياسين، الواقعة غرب مدينة القدس المحتلة، بدأ حوالي الساعة الثالثة فجرًا.
لكن الصهاينة في حينه فوجئوا بنيران الأهالي التي لم تكن في الحسبان، وسقط من اليهود 4 قتلى، وما لا يقل عن 32 جريحًا، فاستنجدت العصابات بـ”الهاغاناه” في القدس، وجاءت التعزيزات وتمكّنوا من فتح الأعيرة النارية على الأهالي دون تمييز بين رجل أو طفل أو امرأة.
والهاغاناه منظمة عسكرية صهيونية مارست دورًا عسكريًّا كبيرًا في تأسيس إسرائيل عام 1948، وارتكبت في سبيل ذلك أعمالًا إرهابية وجرائم حرب في حق الفلسطينيين. وانتظم في صفوفها عدد كبير ممن أصبحوا لاحقًا قادة للدولة، وبحكم متانة تدريبها وتسليحها شكلت النواة الأولى للجيش الإسرائيلي الرسمي.
وقد استعان الصهاينة بدعم من قوات “البالماخ” في أحد المعسكرات بالقرب من القدس، حيث قامت من جانبها بقصف دير ياسين بمدافع الهاون لتسهيل مهمة العصابات المهاجمة. والبالماخ أو جند العاصفة، هي منظمة صهيونية عسكرية مارست دورًا مهمًّا في إقامة دولة الاحتلال، وأدمجها رئيس وزراء إسرائيل ديفيد بن غوريون عام 48 ضمن قوات الجيش الإسرائيلي.
واستمرت المجزرة الوحشية الصهيونية حتى ساعات الظهر، وقبل الانسحاب من القرية، جمع الصهاينة كل من بقي حيًّا من المواطنين العرب داخل القرية، وأطلقوا عليهم النيران لإعدامهم أمام الجدران.
ومنعت الجماعات الصهيونية، في ذلك الوقت، المؤسسات الدولية بما فيها الصليب الأحمر من الوصول إلى موقع الجريمة للوقوف على ما حدث على أرض الواقع.
كان مناحيم بيغن رئيسًا لعصابة “الأرغون” -منظمة عسكرية صهيونية- وبعد تأسيس دولة الاحتلال أصبح رئيسًا للوزراء (1977-1983)، وقد تفاخر بهذه المجزرة في كتاب له فقال “كان لهذه العملية نتائج كبيرة غير متوقعة، فقد أصيب العرب بعد أخبار دير ياسين بهلع قوي، فأخذوا يفرون مذعورين”.
وتابع “من أصل 800 ألف عربي كانوا يعيشون على أرض (إسرائيل) الحالية – فلسطين المحتلة عام 1948 لم يتبق سوى 165 ألفًا. لقد خلقنا الرعب بين العرب وجميع القرى في الجوار. وبضربة واحدة، غيرنا الوضع الاستراتيجي”.
بينما مجموعة شتيرن -واحدة من أكثر المنظمات الصهيونية خطورة وشهرة- كان يترأسها إسحق شامير (الذي انتُخب رئيًسا لوزراء إسرائيل 1983-1992 بتقطع).
وكانت مجزرة دير ياسين عاملًا مؤثرًا في الهجرة الفلسطينية إلى مناطق أخرى من فلسطين أو البلدان العربية المجاورة، لما سببته من حالة رعب عند المدنيين، ولعلّها القشة التي قصمت ظهر البعير في إشعال حرب 1948.
موقع استراتيجي
كانت قرية دير ياسين تقع على تل يبلغ ارتفاعه نحو 800 متر، وتبعد حوالي كيلومتر واحد عن النواحي الغربية للقدس المحتلة.
بدأ الاستيطان اليهودي في قرية دير ياسين عام 1906، وقامت قوات الإمبراطورية العثمانية بتحصين مرتفعات دير ياسين ضمن منظومة الدفاع عن القدس. وإلى جانب موقعها الاستراتيجي، تمتعت دير ياسين بحركية اقتصادية لافتة قبيل الانتداب البريطاني وبعده، كما شهدت نموًّا ديموغرافيًّا ملحوظًا.
عاش اليهود بأمن وأمان داخل القرية، غير أن العلاقات بينهم وبين الفلسطينيين تدهورت إبان ثورة 1936-1939، قبل أن ترجع إلى سالف عهدها وتستمر كذلك إلى حدود نكبة 1948.
وبعد المجزرة، وفي صيف عام 1949، استوطنت مئات العائلات من المهاجرين اليهود قرب قرية دير ياسين، وأُطلق على المستعمرة الجديدة اسم “جفعات شاؤول بت” تيمنًا بمستعمرة “جفعات شاؤول” القديمة التي أنشئت عام 1906.
ولا تزال القرية إلى يومنا هذا قائمة في معظمها، وضُمت إلى مستشفى الأمراض العقلية الذي أنشئ في موقع القرية، وتُستعمل بعض المنازل التي تقع خارج حدود أراضي المستشفى لأغراض سكنية أو تجارية، وثمة خارج السياج أشجار الخروب واللوز.
أما مقبرة القرية القديمة، الواقعة شرق الموقع، فقد اكتسحتها أنقاض الطريق الدائرية التي شُقّت حول القرية، وما زالت شجرة سرو باسقة وحيدة قائمة وسط المقبرة حتى اليوم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق