كان الحديث في الماضي القريب يدور مع كل مجزرة عن توحش الاحتلال الإسرائيلي وأمريكا والنظام الدولي، وكذلك عن الأنظمة العربية المتواطئة وعن حجم الضعف العام في الأمة وغياب القدرة والفاعلية في حركاتها السياسية عن إحداث تغيير ينهي العدوان الغاشم.
لابد أن يتغير هذا الطرح الآن، لاسيما بعد أن كشفت حروب الطوفان الأمريكية المتصهينة عن مشروعها عبر ثلاث موجعات هي عنوان المرحلة والمشروع الأمريكي الزاحف على المنطقة مستخدما لأدواته القذرة، سواء كانوا الصهاينة المجرمين أو الملالي الإيرانيين القتلة فكلاهما محتلين، والثلاث التي تميز المرحلة هي:
1/ الكبر والغطرسة والذي عبر عنه التصفيق للنتن ياهو في الكونجرس الأمريكي 81 مرة أثناء خطابه الأخير، والذي أعلن فيه عن بشاعة جرمه وكبره وغطرسته بالشكل الذي تبحث عنه أمريكا العميقة المتصهينة، وهي الأكثر منه توحشا دون شك.
2/ مجزرة الفجر التي استهدفت المصلين في مسجد سعد بمدرسة التابعين في حي الدرج بغزة، والتي قتل فيها المصلون وناهزوا المائة وتم جمعهم أشلاء في أكياس ولم يعرف الكثير منهم، ودون تفريق ولا اعتبار لكبير أو صغير، مدني أم عسكري.
3/ اغتصاب الجندي الإسرائيلي لأحد قادة سرايا المجاهدين في غزة، وخروجه على الشاشات في القنوات الفضائية الإسرائيلية متباهيا ومدافعا، ثم نزعه اللثام عن وجهه متحديا العالم بأسره، وموقنا بحصانته الكاملة تجاه أقبح فعلة، سبقه إليها الجنود الأمريكان في أبو غريب بالعراق.
هذه العناوين الثلاثة هي التي ستشكل شكل التعامل الأمريكي مع شعوب المنطقة العربية ومع كل من يرفع رأسه، سواء استخدمت الصهاينة القذرين في فلسطين، أو استخدمت الملالي الإيرانيين الأنجاس وأذرعهم في العواصم العربية المحتلة، أو حتى نفذته القوات الأمريكية بشكل مباشر كما شهده العالم في أفغانستان والعراق وشرق سورية.
ما الحل إذن؟
لا حل بدون إطلاق مشروع جديد لا يعترف بالحدود القطرية في تصوراته وخططه وخطواته، كما لا يبقى محدودا قصير القامة وفق الجماعات السياسية القائمة سواء أكانت وطنية أم إسلامية، ولا يعني هذا أن يكون فاقدا للمعقولية، أو أن يعبر عن نموذج الداعشية، فهذه ثنائية مخادعة ألزمت الإسلاميين أن يكون إما دواجن أو قاعديين، وكلاهما مستخدمين أو على الأقل فاقدي الفاعلية في انجاز التغيير والتحرير.
لابد من مكون جديد تحكمه تصورات مختلفة بعد أن تنفض الغبار عن تصوراتها وأدواتها وأساليب عملها التقليدية، كما لابد أن تراجع ارتباطاتها المعلنة والسرية وتحالفاتها الآثمة، فجميعنا رأى اليوم أن حجم وشكل الخطاب الإسلامي الثوري دون أدنى فاعلية في منع المجازر المستقبلية.
فهل ستنتظر شعوبنا حتى تصلها المجازر ويأتيها من يغتصب قادتها من تلكم الوحوش البشرية بكبر وهنجعية؟
ألا يكفي حالنا في فلسطين ومصر واليمن والعراق والشام وتركستان ومينامار لننفض الغبار ونعيد التفكير بجسم ومكون ووسائل أكثر فاعلية قادرة على تجاوز تواطئ حكامنا وضعف جماعاتنا وتلبي مطالب شعبية حقيقية؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق