الصراع بين الأخلاقي واللاأخلاقي!
نحن أمّة لا تؤمن بالصراع المطلق، ولا تُفرط في القتل، ولا تفجُر في الخصومة.. النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) خاض بضعًا وثمانين معركة وسرية، قُتل خلالها من الخصوم مئاتٌ قليلة!. فعلًا، هذه الأمة – منذ نبي الرحمة، مرورًا بالفتوحات الإسلامية وحتى قيام الحركات الإسلامية – لم تخض يومًا مذبحة أو مقتلة.
في المقابل، كُل حرب خاضتها الإمبراطوريات العابدة لغير الله، وكل أولئك الذين أُطلق عليهم لقب "العظيم" في التاريخ، من لدن الإسكندر المقدوني الذي غزا نصف العالم القديم، مرورًا بقادة الحربين العالميتين: الأولى والثانية، حتى النظام العالمي الجديد، قتلوا وأبادوا ملايين البشر.
لا عجب اليوم أن نرى نتنياهو الذي قتل أكثر من 40 ألف إنسان في غزة يخرج أمام الكونغرس بكل وقاحة ليقول: "كنّا حذرين كفاية لنخوض معركة أخلاقية، قتل فيها 20 شخصًا في رفح عن طريق الخطأ"
يكشف لنا التاريخ أن الإسكندر "العظيم" لم يتردد في تدمير مدن بأكملها وإبادة سكانها، لتحقيق طموحاته التوسعية، وهو أمر تكرر بشكل مروع في حملات نابليون بونابرت، حيث يُذكر أن حملاته العسكرية خلّفت وراءها دمارًا هائلًا وآلاف الضحايا.. وما زال المثل يُضرب بهتلر لحجم ما ارتكبه من فظائع مروعة.
يجد الباحث أن المؤرخين والسياسيين كانوا يمجدون على الدوام صاحب السلطة والقوة، وإن غرق في الدماء حتى مفرقه.. نعم، هؤلاء يحكمون بلا مرجعية روحية أو أخلاقية، ومع غياب الوازع الديني والأخلاقي يمعنون في القتل دون أن يرف لهم جفن!. هذا ما رأيناه في الحربين العالميتين، حيث تسببت قرارات قادة مثل هتلر وستالين في مقتل ملايين البشر، في مشاهد مروعة للعنف والدمار.
ولا عجب اليوم أن نرى نتنياهو الذي قتل أكثر من 40 ألف إنسان في غزة يخرج أمام الكونغرس بكل وقاحة ليقول: "كنّا حذرين كفاية لنخوض معركة أخلاقية، قتل فيها 20 شخصًا في رفح عن طريق الخطأ".. الحقيقة، هو يعرف أنه كاذب، وكل منافق صفق له وقام تملقًا أكثر من خمسين مرة في أقل من ساعة يعرف أنه كاذب، ولكن نتنياهو يمثل لهؤلاء صورة "العظيم" الذي يمعن في القتل لأجل غاياتهم ومصالحهم المشتركة على مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة". هو مبدأ شريعة الغاب ذاته، هو مبدأ الميكيافيلية والسادية نفسه، ولكنه يأخذ دائمًا تعريفًا وشكلًا جديدين على مر العصور.
الصراع بين الأخلاقي واللاأخلاقي ليس جديدًا على البشرية؛ فقد مررنا بمراحل متعددة عبر التاريخ كان السائد فيها القتل والدمار، ومع ذلك تظل المبادئ والقيم الأخلاقية هي الضوء الذي يرشد الإنسانية نحو السلام والعدل
ولا عجب أن نسمع عن ترامب قوله لنتنياهو: "قتلت فلتخفِ ما فعلت".. وكأن الإبادة لا تسمى إبادة إلا إذا عُرفت!. ومع ذلك تُعرف الإبادات في عالمنا، وتوثق بالصوت والصورة وتكذَّب، ولا يُدان فاعلها لمجرد أنه أنكرها ضمن إستراتيجيات نفسية استعمارية محددة.
هذه القوة منزوعة القيم الأخلاقية هي نفسها ستكون السقطة التاريخية أمام قوة لم يُحسب لها حساب، تخرج في وجهها، تؤمن بمبدأ التدافع لا الإسراف في القتل، والدفاع عن العرض والوطن؛ وسيُعوّل عليها حقًا، إذ إنها تنطلق من فطرة الناس التي ترفض الدم وإن حاول الغرب أن يشوه أطرها على مدار قرن كامل.. {الَّذين أُخرِجوا من ديارهم بغير حقٍّ إِلَّا أنْ يقولوا ربُّنا اللَّه ۗ ولولا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بعضهُم ببعضٍ لَهُدِّمَت صوامع وبِيَعٌ وصلواتٌ ومساجد يُذكر فيها اسمُ اللَّه كثيرًا ۗ ولينصرنَّ اللَّهُ مَن ينصره ۗ إنَّ اللَّه لقويٌّ عزيزٌ} [الحج: 40].
في الختام، هذا الصراع بين الأخلاقي واللاأخلاقي ليس جديدًا على البشرية؛ فقد مررنا بمراحل متعددة عبر التاريخ كان السائد فيها القتل والدمار، ومع ذلك تظل المبادئ والقيم الأخلاقية هي الضوء الذي يرشد الإنسانية نحو السلام والعدل.. علينا أن نتذكر دائمًا أن القوة الحقيقية تكمن في القدرة على حماية الأرواح وليس في تدميرها، وأن الدفاع عن الحق والعدالة هو السبيل لتحقيق السلام الدائم، ولن يجد الناس ملاذهم الآمن إلا في ظلال الإسلام..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق