الأربعاء، 1 أبريل 2020

للوافدين العاملين باليومية... الكويت بلد الإنسانية

للوافدين العاملين باليومية... الكويت بلد الإنسانية

خواطر صعلوك

كتب رئيس تحرير جريدة «الراي» الغراء - التي يحبها القراء - الأستاذ وليد الجاسم الأسبوع الماضي مقالاً بعنوان «هكذا يمكن ترحيلهم قبل أن تقع الطامة!» وضّح فيه بكل صراحة وشفافية كيف أن انقطاع الرزق عن الكثيرين - خصوصا المقيمين - والذين يستنزفون مدخراتهم لتأمين الحاجيات الأساسية للإنسان، ولكن آجلاً أو عاجلاً، ستنفد مدخرات الكثيرين، وإذا نفدت المدخرات وقرصهم الجوع وقضّت مضاجعهم الحاجة، ومن ثم تواصل الاستنزاف وتراجع في الاستيراد الذي يواجهه العالم أجمع اليوم، بالطبع سيزداد الوضع سوءاً.

وأضاف بقوله: «إن العمالة المسرحة اليوم بلا عمل ولا مداخيل تملأ الشوارع، ما بين العمالة الهامشية التي تقتات على العمل بـ(اليومية) وقد توقفت أعمالها، أو تلك العمالة في الشركات والمطاعم والمقاهي والمشاريع الصغيرة والمتوسطة وقد توقفت تقريباً أعمالها أيضاً، وصار معظمهم بلا دخل أو عمل... ولا نستبعد أن تضطر كذلك الشركات الكبرى إلى تسريح عمالتها هذه الأيام مع توقف أعمالها... عندها، لنتخيل ماذا سيحدث؟... إنه سيناريو الرعب... الآلاف يواجهون الجوع... والبطالة... وفوق هذا كله انقطاع سبل العودة إلى الأوطان»!
ويختم الأستاذ وليد الجاسم مقاله قائلاً: فالمهم أن يخف الضغط عن داخل الكويت هذه الأيام، ويزول هاجس الجوع الذي يحرك الإنسان ويعيده إلى غريزته المتوحشة... ولنعلم جميعاً أنهم إذا جاعوا وهم لدينا (...)، أتوقف هنا عن خوض السيناريو المخيف!
تشجعت كثيراً بعد أن قرأت مقال الأستاذ وليد لكي أكتب في الموضوع نفسه، المحاط بمجموعة معطيات مثل تصاريح الدول التي أجلت استقبال رعاياها لما بعد الأزمة، وبعض الحوادث المتفرقة التي حدثت لكسر الحظر في خيطان والجليب وواقع أعداد المقيمين في البلد، وواقع من يعمل منهم باليومية أي «يكسب قوت يومه من خلال العمل اليومي ولا سبيل له غيره»... وواقع أن الجوع كافر!
كل هذه المعطيات لا تجعل الحل السياسي عبر الضغط على دول بعينها من أجل استقبال رعاياها هو الحل الأمثل، فهذه أمور فيها مماطلة وأخذ و رد وتنسيقات دولية كثيرة، فزمن كورونا ليس هو الوقت المثالي من أجل معالجة التركيبة السكانية، بقدر ما هو الوقت المثالي لإدارة المشهد بحكمة وتعقل وواقعية وإنسانية... لأننا في وطن قائده أمير للإنسانية.
إن الذين يعملون باليومية ويبلغ عددهم مئات الآلاف ومن المعتادين على الشقاء والذين يستريحون وقوفا، والبدون الذين فقدوا قوت يومهم بالكلية سيقدرون جداً للدولة لو تكفلت باحتياجاتهم الأساسية خلال الأزمة، وحتى يكتب الله أمراً آخر.
إن توجيه الجمعيات الخيرية سواء الخارجية أو الداخلية للعمل في الداخل الكويتي الآن لهو أولوية كبرى في هذا الوقت، الذي تقطعت فيه السبل أمام بعض إخواننا من العمالة الوافدة أو المسرحة أو البدون... لن نستطيع أن نحمل الناس أخطاء غيرهم من تجار الإقامات، أو تضاخُم الملفات، ولا نستطيع حتى أن نحمل الناس أخطاءهم هم في هذا الوقت بالذات.
إن المقال الذي كتبه الأستاذ وليد الجاسم يؤكد ما أشارت إليه العديد من الدراسات إلى أن ردود الأفعال الانفعالية والسلبية عادة لا تنتج عن الحوادث، بقدر ما تنتج عن المعتقدات حول الحادث نفسه، ما يسبب ردة فعل مبالغ فيها.
حفظ الله الكويت وأميرها وشعبها وكل من عليها من كل مكروه، وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.
اقتباس:
قال الأديب علي الطنطاوي في مقدمة كتابه «من حديث النفس»:
دعوة واحدة لي بعد موتي، من قارئ حاضر القلب مع الله، أجدى عليّ من مئة مقالة في رثائي ومئة حفلة في تأبيني، لأن هذه الدعوة لي... والمقالات والحفلات لكتابها وخطبائها... وليس للميت فيها شيء.

@moh1alatwan

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق