احتلال "إسرائيلي" لإسرائيل!
حلمي الأسمر
كنا حتى الآن نتحدث عن احتلال إسرائيلي لفلسطين، لكن اليوم بعد الزلزال الذي ضرب كيان العدو الغاصب، صار الحديث عن احتلال جديد لـ"دولة" الاحتلال، احتلال من نوع خاص يثير ذعر اليهود قبل العرب، خاصة أولئك "اليساريين" والعلمانيين أو من بقي منهم، الذين لم يزالوا يعتقدون أن بإمكان كيان محتل غاصب قام على أشلاء شعب آخر، أن يعيش بأمن وسلام و"تعايش" مع الشعب الذي احتله!
الاحتلال الجديد الذي فجّر مخاوف من بقي من "عقلاء" اليهود -إن كان ثمة عقلاء أصلا-، افترش مساحة مريعة من تعليقات وكتابات هؤلاء، حتى قبل أن يفوز معسكر اليهودية الصهيونية الفاشية بانتخابات الكنيست الصهيوني الأخيرة، فما بالك بعد أن بدأت تظهر "تباشير" الحرب الأهلية التي تتأهب للانفجار؛ عقب اتفاق رئيس وزرائهم المكلف نتنياهو مع بن غفير وسموترتيش؟
الحادثة التي أشعلت النار مبكرا، كانت في الخليل؛ حين لكم جندي صهيوني يهودي متدين يهوديا آخر "يساريا" وأوقعه أرضا، فيما صرخ زميله الجندي الآخر قائلا: "بن غفير سيعمل نظاما في هذا المكان. أكلتوها. أنا الذي أضع القانون هنا".
أشعل هذا الحادث صدمة في أوساط فلول اليسار، وبعض العرب الذين كانوا حتى وقت قريب يتفاخرون بأنهم من مواطني "إسرائيل"، فكتب عودة بشارات مقالا بالعبرية في صحيفة هآرتس يوم 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022: قال فيه: "أنا مضطر إلى أن أعرض مرة أخرى ما قاله الوزير السابق أوري أريئيل، سكرتير عام مجلس "يشع" (وهو مجلس المستوطنات في الضفة الغربية) في حينه، لشمعون بيرس، سكرتير عام مكتب رئيس الحكومة إسحق رابين: "يوجد لنا صبر. نحن سنقوم باحتلالكم. وأنتم لن تكونوا موجودين. فرضيتنا تتغير. نحن لم نعد نذهب إلى المدارس الدينية للاتفاق. نحن نعلم أولادنا بأن يكونوا ضباطا وقادة في الجيش، في الشباك، في الموساد، وسياسيين". أريئيل كان على حق، جيش الاحتلال تم احتلاله.
الآن ليس فقط الفلسطينيون هم الذين يتم سحقهم بالضرب، بل أيضا اليهود. عندما كتبت في السابق مقالا عن رئيس الموساد السابق مئير داغان، الذي علق صورة جده وهو يركع أمام الجنود النازيين (المقال كان بعنوان "ضحية الضحية")، غفد كان القصد الفلسطينيين. الآن العرب، واليهود أيضا، هم ضحايا الضحية، يجب أن تستيقظوا. فبعد لحظة، الوقت سيكون متأخر جدا!
ومن قبله، كتب أحد أعضاء الطبقة العلمانية التي أسّست كيان العدو، أو ما يسمّى القوى اليسارية والليبرالية، وهو روغل ألفر، في صحيفة هآرتس العبرية مقالا يوم 1 آب/ أغسطس 2022 بعنوان "اليسار في إسرائيل بقي له عمل سياسي ناجع واحد فقط، هو الهجرة إلى الخارج"، قال فيه مخاطبا من بقي من فلول اليسار: "أنتم مقطوعون عن الواقع بمستويات تعرّض حياتكم للخطر؛ لأنكم تراهنون على المستقبل في إسرائيل، الذي هو ببساطة ليس لكم. بناء على ذلك، أقترح عليكم، أيها اليساريون المصابون بالعمى، دورة مكثفة لرؤية الحقائق الواضحة. أنتم، وأولادكم وأحفادكم (!)، يتوقع أن تغادروا البلاد بشكل جماعي. عليكم البدء بتنظيم أنفسكم قبل أن تضطروا إلى فعل ذلك وأنتم في حالة ذعر". ثم يضيف: "أنتم ستغادرون لأنه لا يوجد لكم ما تبحثون عنه هنا، لا مستقبل ولا بيت ولا شعور بالشراكة في مشروع وطني تتماهون معه بأهدافه وقيمه. كل ما ينتظركم في إسرائيل هو الاغتراب والشعور بالخجل العميق واليأس، لقد تمت هزيمتكم. الأمر انتهى"!!
بن غفير وسموترتيش لم يخيفا العرب والفلسطينيين، بقدر ما أخافا اليهود، فهؤلاء ومن معهم من جحافل الوحوش الفاشيين، لا يهددون العرب فقط، بل يتوعدون اليهود الذين يعارضون آراءهم، فما فعله الاحتلال الإسرائيلي مسبقا كان تطبيقا عمليا لفكر بن غفير، ولكن بمخطط بطيء ومتقن ومغلف بقانون الاحتلال. اليوم خلع اليهودي قناعه ورماه جانبا، وبدأت مرحلة جديدة في الصراع، مرحلة تآكل الكيان من الداخل، والانهيار الذي ربما يبدأ تدريجيا ثم يتطور على نحو متسارع، أو كما ينقل مراسل "هآرتس"، غيدي فايس، عن مستشار سياسي مطلع على المفاوضات الائتلافية حين قال: "هذه سيارة بدون كوابح تندفع بسرعة إلى منحدر سدوم"!
فلول اليسار والعلمانيين، لم يكونوا أقل شراسة في الإجرام من أسلافهم الفاشيين، فقد ارتكبوا بالتقسيط ما يريد فعله الفاشيون المتدينون دفعة واحدة!
كيان العدو اليوم مأزوم وأزمته تفوق ربما ما تعانيه أمة العرب، ولكن هذا لا يعني أن ننتظر حتى ينفجر الكيان من الداخل، ربما تكون هذه فرصة تاريخية للمقاومة الفلسطينية، فلا حل مع هؤلاء الفاشيين إلا بتدفيعهم ثمن هذا الإجرام، وسقيهم من الكأس نفسها التي شربها أبناء فلسطين والأمة بأسرها.
الاحتلال الجديد الذي فجّر مخاوف من بقي من "عقلاء" اليهود -إن كان ثمة عقلاء أصلا-، افترش مساحة مريعة من تعليقات وكتابات هؤلاء، حتى قبل أن يفوز معسكر اليهودية الصهيونية الفاشية بانتخابات الكنيست الصهيوني الأخيرة، فما بالك بعد أن بدأت تظهر "تباشير" الحرب الأهلية التي تتأهب للانفجار؛ عقب اتفاق رئيس وزرائهم المكلف نتنياهو مع بن غفير وسموترتيش؟
الحادثة التي أشعلت النار مبكرا، كانت في الخليل؛ حين لكم جندي صهيوني يهودي متدين يهوديا آخر "يساريا" وأوقعه أرضا، فيما صرخ زميله الجندي الآخر قائلا: "بن غفير سيعمل نظاما في هذا المكان. أكلتوها. أنا الذي أضع القانون هنا".
أشعل هذا الحادث صدمة في أوساط فلول اليسار، وبعض العرب الذين كانوا حتى وقت قريب يتفاخرون بأنهم من مواطني "إسرائيل"، فكتب عودة بشارات مقالا بالعبرية في صحيفة هآرتس يوم 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022: قال فيه: "أنا مضطر إلى أن أعرض مرة أخرى ما قاله الوزير السابق أوري أريئيل، سكرتير عام مجلس "يشع" (وهو مجلس المستوطنات في الضفة الغربية) في حينه، لشمعون بيرس، سكرتير عام مكتب رئيس الحكومة إسحق رابين: "يوجد لنا صبر. نحن سنقوم باحتلالكم. وأنتم لن تكونوا موجودين. فرضيتنا تتغير. نحن لم نعد نذهب إلى المدارس الدينية للاتفاق. نحن نعلم أولادنا بأن يكونوا ضباطا وقادة في الجيش، في الشباك، في الموساد، وسياسيين". أريئيل كان على حق، جيش الاحتلال تم احتلاله.
الآن ليس فقط الفلسطينيون هم الذين يتم سحقهم بالضرب، بل أيضا اليهود. عندما كتبت في السابق مقالا عن رئيس الموساد السابق مئير داغان، الذي علق صورة جده وهو يركع أمام الجنود النازيين (المقال كان بعنوان "ضحية الضحية")، غفد كان القصد الفلسطينيين. الآن العرب، واليهود أيضا، هم ضحايا الضحية، يجب أن تستيقظوا. فبعد لحظة، الوقت سيكون متأخر جدا!
ومن قبله، كتب أحد أعضاء الطبقة العلمانية التي أسّست كيان العدو، أو ما يسمّى القوى اليسارية والليبرالية، وهو روغل ألفر، في صحيفة هآرتس العبرية مقالا يوم 1 آب/ أغسطس 2022 بعنوان "اليسار في إسرائيل بقي له عمل سياسي ناجع واحد فقط، هو الهجرة إلى الخارج"، قال فيه مخاطبا من بقي من فلول اليسار: "أنتم مقطوعون عن الواقع بمستويات تعرّض حياتكم للخطر؛ لأنكم تراهنون على المستقبل في إسرائيل، الذي هو ببساطة ليس لكم. بناء على ذلك، أقترح عليكم، أيها اليساريون المصابون بالعمى، دورة مكثفة لرؤية الحقائق الواضحة. أنتم، وأولادكم وأحفادكم (!)، يتوقع أن تغادروا البلاد بشكل جماعي. عليكم البدء بتنظيم أنفسكم قبل أن تضطروا إلى فعل ذلك وأنتم في حالة ذعر". ثم يضيف: "أنتم ستغادرون لأنه لا يوجد لكم ما تبحثون عنه هنا، لا مستقبل ولا بيت ولا شعور بالشراكة في مشروع وطني تتماهون معه بأهدافه وقيمه. كل ما ينتظركم في إسرائيل هو الاغتراب والشعور بالخجل العميق واليأس، لقد تمت هزيمتكم. الأمر انتهى"!!
بن غفير وسموترتيش لم يخيفا العرب والفلسطينيين، بقدر ما أخافا اليهود، فهؤلاء ومن معهم من جحافل الوحوش الفاشيين، لا يهددون العرب فقط، بل يتوعدون اليهود الذين يعارضون آراءهم، فما فعله الاحتلال الإسرائيلي مسبقا كان تطبيقا عمليا لفكر بن غفير، ولكن بمخطط بطيء ومتقن ومغلف بقانون الاحتلال. اليوم خلع اليهودي قناعه ورماه جانبا، وبدأت مرحلة جديدة في الصراع، مرحلة تآكل الكيان من الداخل، والانهيار الذي ربما يبدأ تدريجيا ثم يتطور على نحو متسارع، أو كما ينقل مراسل "هآرتس"، غيدي فايس، عن مستشار سياسي مطلع على المفاوضات الائتلافية حين قال: "هذه سيارة بدون كوابح تندفع بسرعة إلى منحدر سدوم"!
فلول اليسار والعلمانيين، لم يكونوا أقل شراسة في الإجرام من أسلافهم الفاشيين، فقد ارتكبوا بالتقسيط ما يريد فعله الفاشيون المتدينون دفعة واحدة!
كيان العدو اليوم مأزوم وأزمته تفوق ربما ما تعانيه أمة العرب، ولكن هذا لا يعني أن ننتظر حتى ينفجر الكيان من الداخل، ربما تكون هذه فرصة تاريخية للمقاومة الفلسطينية، فلا حل مع هؤلاء الفاشيين إلا بتدفيعهم ثمن هذا الإجرام، وسقيهم من الكأس نفسها التي شربها أبناء فلسطين والأمة بأسرها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق