في سيكولوجيا الحاسد...!
خواطر صعلوك
لم أرَ في حياتي شخصاً ظالماً لنفسه، ومُعذّباً لها، مثل الحاسد، فإذا رأيته في سلوكه وكلماته وأمانيه ودعائه عرفت أنه «ظالم أشبه بمظلومٍ» من كثرة الشفقة عليه وعلى حاله الذي وصل إليه.
فهو دائماً آسفٌ على حاله ولا يعجبه، كئيب ويحترق قلبه غمّاً وهمّاً، فلا يجد للنعمة التي بين يده طعماً، واختفت عيوبه في عين نفسه، فلم يعد يرى محاسن الناس حوله، ساخطاً على كل من لا يرضيه، وكارهٌ لكل من هو فوقه، ومُستسخِف لكل مَن هو دونه إذا وجده مرتاح البال، وفي صراعٍ دائم مع كل مَن هُم على شاكلته.
جلسته مملة، وأفكاره مكرّرة، وسخطه لا ينتهي، ونظرته للأمور مبتورة، وفي بيته ومع زوجته وأبنائه دائم التذمر والشكوى والغضب بسبب ما أنعم الله على من حوله من عِلم أو مال أو شرف أو جاه... ناقمٌ على الأرزاق.
إنّ الحاسد نِتاج سلسلة طويلة من الإحباطات والقهر وغياب الحب والعطاء في حياته، يُكثِر من ذِكر المال وأهميته، ويُسرف في ذم الناس عامتهم ونبلاؤهم.
وإذا وجدت بين أصدقائك أو زملائك حاسداً، اهرب من تلك النوعية من البشر هروب الأسلاف من الطاعون والأحفاد من الإيدز، ليس بسبب الخوف من أن يحسدك في نعمة فيسلبك إياها، ولكن بسبب الخوف على عقلك وسلامة قلبك منه... فهو زاهدٌ في كل ما أوجب الشكر، وما يستحق الذكر، لا يرى محاسن الناس بعد أن غاب عنه عيبه، وإذا أردت أن ترى العيوب جمة فتأمل عيّاباً حاسداً، فإنه إنما يعيب الناس بفضل ما فيه من العيوب، واحذر صديقاً يحمل في قلبه خبيئة سوء لمن حوله، فهو كشجر النار يحرقُ بعضه بعضاً، فإذا لم تمسك النار... اختنقت من دخانها.
وفي الختام، فالحاسد قليل الذكر لله. وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.
Moh1alatwan@
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق