”طاجيكستان وحرب الهوية”(2)
لا يزال الرئيس الطاجيكي”إمام علي رحمانوف”يصرعلى طمس هوية الشعب الطاجيكي المسلم بزعم محاربة التطرف والإرهاب،فقد قام قبل أيام بتوقيع 35 قانوناً جديدًا ، بما في ذلك نسخ معدلة من القوانين والتشريعات المتعلقة بتنظيم الاحتفالات والطقوس ومسؤولية الوالدين عن تعليم وتربية الأطفال،وحظر احتفالات الأطفال في الأعياد الإسلامية، وارتداء ملابس دخيلة على الثقافة الوطنية..إلخ .
فقد جاء في بيان للرئاسة الطاجيكية:”إن قانوني “تنظيم الاحتفالات والطقوس في جمهورية طاجيكستان” و”المسؤولية عن تعليم وتنشئة الطفل” المعتمدين في نسختهما الجديدة..”يهدفان إلى حماية القيم الحقيقية للثقافة الوطنية ، ومنع الخرافات والأحكام المسبقة والتجاوزات والإسراف في إقامة الاحتفالات والطقوس،وذلك لرفع المستوى الروحي والاجتماعي والاقتصادي لشعب طاجيكستان،وحماية حقوق الطفل وحرياته ، وتعليم وتربية الأطفال في روح الإنسانية والفخر الوطني واحترام القيم الوطنية”!.
وقد سبق ذلك حملات ممنهجة – إعلامية وسياسية – تمهيداً لإصدار هذه القوانين المقيدة للحريات الدينية في هذا البلد المسلم .
ففي شهر مارس الماضي اجتمع “إمام رحمانوف” مع عدد من الشخصيات العامة والدينية ، وقال بصريح العبارة:”إنّ الملابس الوطنية تعكس القيم المادية والروحية لماضي شعبنا ، وتجعل من الممكن التعرف على الأمة من خلال شكل وأسلوب الملابس،أما تقليد ثقافات دخيلة في اللباس كارتداء ملابس أجنبية مثل “الحجاب”.. تشكل مشكلة أخرى للمجتمع الطاجيكي”.
واعتبر رحمانوف أن “الخروج عن آداب وطقوس اللباس هو بمثابة غربة ثقافية تقوض استقلال الفكر والهوية الوطنية والثقافية للأمة ، وأن الملابس الوطنية الطاجيكية حظيت باعتراف عالمي ، بما في ذلك منظمة اليونسكو” .
وخاطب الاجتماع بقوله:”علينا تجنب تغلغل ما يسمى بالملابس الدينية التي لا تلبي احتياجاتنا الدينية ، والغريبة عن عاداتنا وثقافتنا،من أجل حماية حقيقتنا وقيمنا الوطنية”.
كما أصدر تعليمات إلى لجنة شؤون المرأة والأسرة في طاجيكستان بالتعاون مع المصممين الطاجيكيين لتطوير وتقديم تصميم الملابس الوطنية وفقا للاحتياجات الدينية والأخلاقية للمرأة الطاجيكية .
كما أقر مجلس النواب الطاجيكي إجراء تعديلات على القانون لحظراستيراد وبيع وارتداء الملابس الغريبة عن الثقافة الطاجيكية،وتم إقرار القانون بصفة نهائية في 19 يونيو 2024م من قبل مجلس الشيوخ،ويحظر القانون لبس البرقع والنقاب على النساء،مبررًا القرار بأنه محاولة لتشجيع الثقافة والتقاليد الوطنية في مواجهة الثقافة المستوردة ومكافحة التطرف الديني!
وينص القانون على تغريم كل امرأة تلبس البرقع مبلغًا قدره 3500 ساماني(العملة المحلية)،أي ما يعادل 322 دولارا أميركيا.
وبالرغم من أنه تم حظر الحجاب بشكل غير رسمي منذ فترة طويلة في البلاد حيث كان ارتداء الحجاب محظوراً في المؤسسات العامة..إلا أنه بعد صدور القانون من مجلس النواب الطاجيكى وموافقة الرئيس عليه أصبح حظر الحجاب رسميًا في عموم البلاد .
وقال رئيس لجنة الشؤون الدينية في طاجيكستان “سليمان دولت زادة”:”إنّ “القرار يتوافق مع مقتضيات العصر،وبناء عليه يحظر استيراد وبيع ولبس البرقع في الأماكن العامة والدعاية له”.
والغريب أن هذه القوانين والتشريعات تخالف دستور البلاد الذي يسمح بالحرية الدينية!!،بالإضافة إلى الموافقة على تعديلات قانونية لحظر”احتفالات الأطفال”الذين يحتفلون في العيد باللعب والذهاب إلى بيوت الأقارب خلال عيدي الفطر والأضحى لتلقي الهدايا والحلوى من السكان،بزعم ضمان سلامة الأطفال وتربيتهم ،وهل سلامة الأطفال تكون بحرمانهم من الفرح فى يوم عيدهم!.
وكان هذا القانون بمثابة تتويج للحرب على المظاهر الدينية التي يتخذ منها الرئيس”رحمانوف” ذريعة للحرب على المظاهرالدينية في البلاد بزعم محاربة التطرف!
فقد بدأت سلسلة الحرب على هوية الشعب الطاجيكي منذ مجيء “رحمانوف” المدعوم من روسيا وأوزباكستان، بإصدارعدة تشريعات تمنع ممارسة العبادة لمن هم دون 18 عاماً دون موافقة ذويهم.
ثم قام بعد ذلك بمحاربة حزب المعارضة الوحيد في البلاد “حزب النهضة الإسلامي”بزعم مشاركته في الانقلاب،ثم ما لبث أن قام بتصنيف الحزب كجماعة محظورة .
وعلى عادة الدكتاتوريين في السيطرة على كافة سلطات ومفاصل الدولة..قام “رحمانوف”بإسناد رئاسة البرلمان لابنه!،ثم قام بإصدار تشريعات لاحقة تجرِّم الانتماء للتنظيمات والجماعات الدينية،كالإخوان والسلفية واعتبارها تنظيمات متطرفة.
ثم أتبع ذلك بإصدار فتاوى من مجلس الإفتاء -التابع للدولة – تحرم على النساء الصلاة في المساجد.
وقد رافق كل ماسبق حملات إعلامية ممنهجة عبر تلفزيون الدولة والصحف والمجلات للتنفير من ارتداء الحجاب ومحاربته وشيطنته.
وتمثيلًا لدورالعابد الزاهد قام “رحمانوف”بعد كل هذه الإجرات التعسفية ضد هوية الشعب المسلم بأداء العمرة !، وكما يقال:”وكم اعتمر الحرمَ أنجاسٌ،فلا الحرم تنجّس،ولا تطهر الأنجاس”.
ثم خرج “رحمانوف”بعد عودته من العمرة ليقول للشعب: “إن الحجاب والملابس السوداء التي ترتديها النساء لاعلاقة لها بالتقاليد الطاجيكية،كما أن تربية اللحية للرجال لاعلاقة لها بالدين،وأن المظاهر الخارجية لاعلاقة لها بالدين،وأن محبة الله تكمن في القلب فقط”.
ثم فرض قيوداً كثيرة على الراغبين في أداء فريضة الحج أو الراغبين في أداء العمرة!،كما أصدر تشريعاً خاصاً يحظر فيه تسمية المواليد بأسماء عربية!
ويبقى أن نقول لهؤلاء الذين يعادون الإسلام بحجج ومزاعم أوهى من بيت العنكبوت:إن هذه الإجراءت لن تزيد الإسلام إلا قوة،وسيرحل هؤلاء المحاربون للإسلام إلى مزابل التاريخ كما ذهب أسلافهم،وسيبقى الإسلام رغم أنف كل حاقد.
وقبل يومين صدرتشريعاً جديداً،يقضى بتغريم من يعالج بالرُقى الشرعية بمبلغ مالى كبيرأويعاقب بالحس لمدة سنتين. باعتبار ذلك من باب الشعوذة!
﴿یُرِیدُونَ أَن یُطۡفِـُٔوا۟ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَ ٰهِهِمۡ وَیَأۡبَى ٱللَّهُ إِلَّاۤ أَن یُتِمَّ نُورَهُۥ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَـٰفِرُونَ﴾[التوبة ٣٢].
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق