الثلاثاء، 18 يونيو 2024

بيني وبينك.. كيف لا نزال أحياء؟

 بيني وبينك.. كيف لا نزال أحياء؟



كيف لا نزال أحياء
وقد مرّ علينا ما يقرب من تسعة شهور من القتل والذبح والتهجير، بيوتنا دُمّرت، منازلنا هُدمت، أجسادُنا مُزّقت، وقلوبنا احترقت!

كيف لا نزال أحياء
والمجاعة تضرب الشمال وتُلقي بأهله في أتون الموت، وأهل الجنوب يلحقهم ما يلحق أهل الشمال، والجوعى يزحفون، والبطون ضامرة، والأمعاء خاوية، والمِعَد فارغة!


كيف لا نزال أحياء
وكل بارجات الجيوش، وطائرات الأرتال العسكرية، والصواريخ والقذائف، ومئات الآلاف من أطنان المتفجّرات والقنابل التي تفوق قوة القنابل النووية والذرية والهيدروجينية والعنقودية أُلقيت فوق رؤوسنا وحرثتْ ديارنا وترابنا من أوله إلى آخره!

كيف لا نزال أحياء
والصديق تآمر علينا قبل العدوّ، والقريب طَعَنَنا في ظهورنا قبل البعيد، والشقيق قلبَ لنا ظهر المِجَنّ قبل اللئيم!

كيف لا نزال أحياء
وقد أُحرقتْ خيامُنا بعد أن نُسِفت بيوتنا، وسُرِقت حبوبنا، وقُلِعت أشجارُنا، ونعقتْ في سنابلنا الغربان، وأكل طعامَنا الجراد، ووَلَغتْ في مياهنا الكلاب، وعاثت في حقولنا الفئران!

كيف لا نزال أحياء وقد قُطِعَت أوصالُنا، وأطفِئتْ عيوننا، وسُلِبت طفولتنا، وشابَ رأس وليدنا من هول ما رأى، وسُحِقت عظامُنا، وتوزّع دمُنا بين القبائل!

كيف لا نزال أحياء وقد توزّعَتْنا المنافي، ولم يستكرمْنا الكرام، وسُدّت في وجوهنا الأبواب، وأُغلقت أمامنا المعابر، وحُفِرت لنا الحُفر، وخُدِّدت لنا الأخاديد!

نعم، لا نزال أحياء، لأنّنا لم نمشِ في دروب التخاذل، ولا رضينا بالهزيمة، ولا استكنّا إلى الاستسلام، ولا تبادلنا مع العدو القبلات، ولا جلسنا معه على الطاولات، ولا رضينا بأنصاف الحلول، ولا يئسنا من رحمة الله، وإن ربنا أعلم بنا وأرحم، وإنّا لسائرون في دروب الكرامة حتى يأذن الله أو يكون النصر.

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق