غزة.. ونهاية أكاذيب إسرائيل
كيف يرى قادة إسرائيل العالم، وكيف ينظرون إلى أنفسهم وإلى الآخرين من حولهم؟ وكيف يتصرفون، وعلام يستندون في تبرير آرائهم وسلوكياتهم؟! إن قادة إسرائيل الذين لجؤوا باستمرار إلى ضمير الإنسانية العامة بدعوى الاضطهاد والقمع والنفي والمحارق التي تعرضوا لها، واستغلوها للحديث عن مظلوميتهم، الآن استنفدوا ذلك الضمير ولم يعد ملاذًا آمنًا لهم.
لم تعد البشرية مُستغَلة ولم يبق لديها ما تُشفق به على العنصرية الإسرائيلية، وهذه علامة اقتراب العنصرية الإسرائيلية من نهاية الطريق الذي تمضي فيه بسرعة نحو نهايتها. لقد استنفدت إسرائيل كل التعاطف بجرائمها ضد الإنسانية. وعندما تحين لحظة النهاية لن تتمكن أمريكا ولا قادة أوروبا من ضمان ملاذ آمن لها، ولن يتمكنوا من مساعدتها.
فالجميع يمضي مهرولًا نحو تلك اللحظة. وستكون نهاية إسرائيل من خلال غطرستها غير العقلانية وغير المعقولة والمعادية للتاريخ وعدوانها الوقح. لأن هذه الغطرسة والعدوان لا تنتج سوى الغضب والتمرد الذي بدأ ينتشر في جميع أنحاء العالم في موجات تنبئ عن تصور مشترك ووعي وشعور واحد.
بالطبع لا يأتي هذا الشعور من العَدم، بل يظهر نتيجة الأفعال الاستفزازية التي تقوم بها إسرائيل نفسها، إلى الحد الذي لا توجد فيه حجة للدفاع عنها عقلًا وضميرًا. فالحقيقة واضحة وضوح النهار. والذين يحاولون إخفاءها وتضليل الإنسانية لن ينجوا من الحساب وسيطالهم العار والخيبة، ومثال ذلك ما أصاب السيدة عَزرا كوهين عندما أرادت الدفاع عن الكيان المحتل.
عزرا كاتبة تركية عضوة في حزب النصر وسياسية عنصرية، وعمها بائع متجول للقومية المتطرفة في تركيا، وابن أخيها كوهين نفسه يفتخر بقرابته بعمه. وحينما حاولت تبرير تصرفات إسرائيل، تلقي باللوم على آباء الأطفال الذين تركوهم للتفجير والحرق حتى الموت تحت قنابل إسرائيل، وتقول إن هؤلاء الأطفال غاضبون من آبائهم أكثر من إسرائيل!.. إنها تحاول أن تفعل ما لا تستطيع القنابل الإسرائيلية أن تفعله، ولهذا وصلت إلى مستوى متدنٍّ من اللا منطقية والكراهية وانعدام الضمير حين تكون مؤلفة مشهورة وأمًّا ثم تنطق بمثل هذه الكلمات.
بالطبع، هذه الحماقة وانعدام الضمير ليست مشكلة كوهين وحدها، إنها مشكلة إسرائيل. ويرجع ذلك أيضًا إلى حقيقة أن إسرائيل ليس لديها أساس عقلاني أو ضميري أو أخلاقي تدافع عنه. وهذا أوضح مظهر من مظاهر إفلاس إسرائيل الأخلاقي والضميري والعقلي.
إنها قضية أمنية خطيرة بالنسبة لتركيا؛ تكمن في عزرا كوهين ومؤلَّفاتها التي سجلت أعلى مبيعات، وعمها الذي يتحدث بنفس الافتقار إلى العقل والضمير والأخلاق.
ألا ينبغي أن نشعر بالقلق إزاء ذلك؟! ألا يجعلنا ذلك نفكر قليلًا ونتساءل: هل يكون تُركيًّا من أشاع التركية العنصرية في الشعب التركي والأطفال الأتراك؟ ألا ينبغي لنا أن نرى كيف ولماذا كان تكين آلب، واسمه الحقيقي موئيز كوهين، وهو تركيٌّ يُخفي اسمه الحقيقي لسنوات؟ بالتأكيد هذا ليس بسبب حبهم لتركيا؟ ألا يقدم هؤلاء الذين تدور أفكارهم الرئيسية ومحتوى تُركيَّتهم حول معاداة العرب، دعمًا الأكثر دهاء والأكبر لإسرائيل ؟
بالنسبة لإسرائيل، العربي فلسطيني، وهو جندي المقاومة الذي خنقهم في الأراضي المحتلة. ولذا فهو عدو يجب القضاء عليه وتشويه سمعته وعزله عن العالم.
كيف يمكنهم تمييع مبررات دعم تركيا لفلسطين؟ كل ما كان يجب القيام به من أجل هذا فعله أصحاب هذه الأيدي نفسها. بعبارات: العرب طعنوا تركيا من الخلف. الفلسطينيون باعوا أرضهم. هؤلاء العرب لم يتمكنوا أبدًا من الاتحاد… إلخ. في هذه الأثناء، تتسع المسافات بين العرب والأتراك ليدخل البريطانيون والأمريكيون والفرنسيون، وبالتالي تنهار الروابط. ومن ناحية أخرى لا ننسى الغطرسة الوطنية والكبرياء الذي وضعه أعداء تركيا والإسلام فينا، حين لا نرى أن الرجال الشجعان الذين يقاتلون في غزة يدافعون عن حدود تركيا، ونسميهم إرهابيين، وهذا بالضبط ما تريده إسرائيل الذين يستعدون لغزو بلادنا خطوة بخطوة.
لا تكشف كلمات عزرا كوهين عن عدم كفاءتها وافتقارها إلى العقل فحسب، بل تظهر أيضًا بؤس إسرائيل ذات القوة المالية والدعم غير المحدود. واليوم فإن أقنعة الحكمة والإيمان التي دافعت عنها قد سقطت في هذا البؤس الذي لا تنتظره سوى الهزيمة الحتمية جراء انعدام الأخلاق ومعاداتها لكل شيء أو شخص، فالهزيمة هي النتيجة العادلة لأفعالهم التي لا ترقب في أحد إلًّا ولا ذمة.
أكاديمي وسياسي
وكاتب تركي
@yaktay
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق