الثلاثاء، 11 يونيو 2024

بيني وبينك.. يَا حَافِيَ القَدَمَيْنِ

بيني وبينك.. يَا حَافِيَ القَدَمَيْنِ



يا حافي القدَمَين يعرفُ أنّه قد أرعبَ الدُّولا.. وفي إهابه الإباء قد امتثَلا.. أيّها الماضِي إلى الله لا ينتظرُ غنيمةً سوى رِضاه، ولا ينتظر سِوى رحمته يومَ يلقاه.
يا حافي القدمَين يشربُ قهوةً بيدٍ تعطّرَ بالدّماءِ شذاها… ويُمدُّ أخرى بالقذيفة مثلما يتناول الأطفال قِطعة الحلوى… بوركتَ ممشًى يا فتاها، بوركَ بالشّذى البادي بباطنها المُعفّرِ بالثّرى الطّاهر والأشواك، هذا العالَم المجنون آتٍ كي يراكْ.. هو المذعور وأنتَ المُطمئنّ يُجهّز مع كلّ رشفةٍ الشِّراكْ.. يا سامِيًا في عُلاكْ، لسْنا هنا ولسْنا هناك..
إنّها ملحمة الصّمود والتّحدّي، إنّها أسطورة النّضال والتّصدّي، كيفَ تهزأ بالأفاعي والفئران والجراد، وأنتَ مطمئنّ الفؤاد؟! هذه الأرضُ تحتضنُ أهلَها، خُطُواتُكَ على ثراها قبلاتُ عاشقٍ يعرفها وتعرفه، لكنّها تتقيأ كلّ دخيل ومنافق.
يا حافي القدمَين كيفَ أعدْتَ لنا بطولات الصّحابة، كيفَ أعدْتنا لعصرٍ كانتْ فيه الإرادة أقوى من ليوثِ الشّرى وأسود الغابَة؟ كيفَ استطعتَ وأنتَ تجلسُ تحتَ فَيْءِ شجرةٍ عريقةٍ سُقِيت بدماء جيلِك والأجيال الّتي سبقتْكَ من الشّهداء أنْ تسخر من كلّ بارجاتهم، وأنْ تتملّى في الفضاء كيفَ تُصادُ الطّائرات كما تُصادُ الطّيور في نزهةِ استجمام؟!
أنتم نورُ القلوب في عتمة الدّروب، أنتم ضحكة النّجوم في الظّلام البهيم، أنتم فرحتُنا في أمواجِ الحُزن الّذي أناخَ بِكَلْكَلِهِ على أرواحنا. أنتم صنعتُم لنا مجدًا كانوا قد طمسوه، ورفعتْم رايةً كانوا قد مَزّقوها، فشَمَختْ بكم رؤوسنا إلى السّماء، وفاخرْنا بكم الدُّنيا.
يا حافي القدمَين العالَم مشغولٌ بأنواع الأحذية الّتي يُنتِجهُا لأصحاب الملايين المُتكدّسة، وأنتَ ترمي هذا الحذاء في وجوههم، وتعقدُ رجِلًا فوقَ رجلٍ كأنّ كلّ ما يشغلك كيفَ تقتربُ خطوةً إلى يومِ التّحرير وأنتَ بلا حِذاء.
يا حافي القدمَين النّاس مشغولون بأنواع القهوة الفاخرة، ببورصتها الّتي تموتُ من أجلها الأيادي الفقيرة، وأنتَ ترتشفُها على مَهَلٍ ممزوجةً بترابِ طُهرِكَ كأنّ كل ما يعنيكَ كيفَ تشربُها في الفرحة يومَ النّصر على عدوّك.
يا حافِيَ القدمَين قبل أنْ تُلقم القاذف، وقبل أنْ تضعَ يدكَ على القذيفة ضَعْها على قلوبنا القَلِقة، وعلى أفئدتنا المُرتجفة لعلّها تكتسبُ شيئًا من طُمأنينتك، ولعلّها تشعر بشيءٍ من معاني العِزّة الّتي تتجلّى في هذه اليد المُبارَكة، وتلك اللّمسة الحانِية.
يا حافِيَ القدمَين ضَعْ هذه القذائف على صدورنا بدلاً من أن تضعها على طوبةٍ تهدَّمَتْ من بيوتِ غَزّة، ضَعْها على صدورنا لعلَّها تَقرّ، ولعلّها تعرفُ معنى العِزّة، وتُدرِك كيفَ تكون الثّقة بالله مُتحقّقة.
يا حافِيَ القدَمين إذا كُنتُ تُقيم دروسًا في الكبرياء، فاعتبرْنا جميعًا تلاميذ في صَفّك، أَسْمِعْنا صوتَ: «الله أكبر» الحقيقيّ، اجعلْه يجري في عروقِنا، لأنّنا والله إلى مثلِ هذه النّداءات في مثل هذه الأيّام لَمُشتاقون!

AymanOtoom@

otoom72_poet@yahoo.com



 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق