إضاءات منهجية سياسية،
فلسطين أشرف قضايا الأمة.. كيف ابتُلعت؟
إنها الأرض المباركة فلسطين.. ومعناها الحقيقي قضية الأقصى.. فهي إذن جزء من عقيدة المسلمين.. فكيف ولماذا تبتلع يا أمة الموحدين؟
لقد وعى الصحابة الكرام أهمية الأرض المباركة بسبب ارتباطهم بكتاب الله الذي حدثهم وأخبرهم عن رحلة الإسراء والمعراج برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، حيث عرج به إلى السماء ليلاقي ربه سبحانه ويستكمل التشريع، ثم لينزل للأقصى فيصلي بجميع الأنبياء والمرسلين ويرث بذلك المسلمون المسجد الأقصى المبارك وراثة نهائية ختمت فيها النبوة.
إن عناوين وأهداف وتفاصيل أحداث الفتح المبارك للأقصى على يد الفاروق عمر بن الخطاب ثم تحريرها على يد صلاح الدين الأيوبي تحكي حكاية دين وعقيدة تجسدت في أمة الموحدين.
فما الذي أحدثه الخلف بعد السلف؟
الجرائم السياسية الثلاث في المسار السياسي للقضية الفلسطينية:
أولا: لقد ارتكب القوميون العرب الجريمة الأولى والكبرى حينما فصلوا قضية تحرير فلسطين عن عموم المسلمين وربطوها بالعرب دون سواهم انطلاقا من بعد عرقي جاهلي بغيض، الأمر الذي أضعف القضية الفلسطينية وعزلها عن عالمها الاسلامي وخفف ثلث عوائق الطريق أمام الغرب الصليبي والمحتل اليهودي!
ثانيا: لقد ارتكب التيار الفلسطيني الوطني الجريمة الثانية عندما قبل أن يكون الممثل الشرعي والوحيد للقضية الفلسطينية، الأمر الذي رفع المسؤولية السياسية عن الدول العربية وباتت معفية من الدخول في عملية التحرير الموكلة لأصحاب القضية ممثلين بمنظمة التحرير الفلسطينية، الأمر الذي أضعف القضية وعزلها عن محيطها العربي وخفف الثلث الثاني من عوائق الطريق أمام الغرب الصليبي والمحتل اليهودي!
ثالثا: لقد ارتكب التيار الفلسطيني الإسلامي الجريمة الثالثة عندما قبل أن ينفصل عن عالمه العربي ومحيطه اللصيق وذلك من خلال خطوته العملية بحلفه السياسي الفولاذي مع المشروع الإيراني العدو العميق لكل الشعوب العربية وخصوص محيطه اللصيق، الأمر الذي أضعف القضية وعزلها وأحدث بينها وبين من سيحررونها فجوة مربكة وبذلك خفف الثلث الأخير من عوائق الطريق أمام الغرب الصليبي والمحتل اليهودي!
الجريمة الأولى جعلت العرب يقاتلون لوحدهم المحتل الإسرائيلي ومن ورائه دول الغرب.
الجريمة الثانية جعلت الفلسطينيين يقاتلون لوحدهم المحتل الإسرائيلي ومن ورائه دول الغرب.
الجريمة الثالثة جعلت غزة تقاتل لوحدها المحتل الإسرائيلي ومن ورائه دول الغرب.
إن فلسطين لن تموت وإن الأقصى لن يبتلع حتى لو مات وقتل وشرد كل الشعب الفلسطيني، وهو ما لا يدركه المستكبرون الغربيون الصهاينة، ومفاده أن أحدا من شعوب العرب والمسلمين لن يتنازل عن تحرير المسجد الأقصى المبارك بل سيبقى هدفا لكل الموحدين.
لكن فلسطين لن تنجو والأقصى لن يسترد دون التراجع ومعالجة الجرائم السياسية الثلاث المسؤولة عن إغراق فلسطين وإتلاف القضية واهراق دماء الفلسطينيين بلا نتائج حقيقية طيلة قرن!
فلسطين لن تتحرر من داخلها كما في كل تاريخها، ودورنا الواجب نحن كفلسطينيين هو في جانبين دائمين:
1/ مقارعة الاحتلال الإسرائيلي بشكل ممنهج ومدروس وفق رؤية سيف الله ابن الوليد والتي حفظت بجهادها ظهر وقوام المسلمين ولم تكن سببا في تفتيته.
2/ تحريض المؤمنين على القتال الواجب تجاه أحد أهم مقدساتهم، وواجبهم الأخلاقي والشرعي والسياسي في دفع المحتلين.
وبكلمة يمكن القول إن فلسطين قد تنكسر ولكنها لن تموت لأنها قضية عقيدة ودين، ولأن فيها مجاهدون لا يهابون العدا ولا يركنون إلى الدنيا، وستبقى حية مادام القرآن يتلى ومحفوظ في صدور المؤمنين.
لكن فلسطين أيضا لن تقوم لها قائمة ولن تعود لحضنها ولن تنهض مهما ملكت من صواريخ ومهما سقط فيها شهداء ميامين، حتى تصحح مسارها.. وهو وعد الله الذي لا يخلف الميعاد.
اللهم اجعل لنا سهاما في تصحيح أوضاع العرب والمسلمين، وفي تحرير الأقصى المبارك يا كريم.
المراجعة الفريضة الغائبة في فلسطين
مضر أبو الهيجاء فلسطين-جنين 12/6/2024
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق