الثلاثاء، 18 يونيو 2024

ركز معي في هاتين الكلمتين

 ركز معي في هاتين الكلمتين

محمد شعبان أيوب

باحث في التاريخ والتراث


من أهم الكتب التي رصدت نظرة الثقافة الغربية الأكاديمية والسياسية للإسلام باعتباره دينا «لا ديمقراطيًا» مناقضًا للبروتستانتية التي هي «ديمقراطية وليبرالية في ذاتها» سنجد كتاب جوزيف مسعد «الإسلام في الليبرالية» وحقيق على كل أحد مهتم بالمخططات الغربية والأميركية للإسلام المعاصر أن يقرأ هذا الكتاب ويستوعبه.

لقد مرّ الخطاب النقدي الغربي «البروتستانتي» تحديدًا يعني الأنجلوأمريكي تجاه الإسلام بعدة مراحل أولها اتهامه بالتخلف والاستبداد لأسباب ذاتية وموضوعية فيه، ولكنهم في السنوات الخمسين الأخيرة بدأوا في نغمة جديدة هي تتبع ظاهرة «الليبرالية في الإسلام» ودعمها، ورأوا أن العمل على لبرلة الإسلام وجعله «مدنيا ديمقراطيًا» متوافقا مع الثقافة المسيحية لا يحدث إلا  خلال نخبة سياسية وفكرية قوية وسلطوية، وهو أمر ممكن بل وضرورة إستراتيجية أمريكية.

وقد وقف جوزيف مسعد مع كثير من المؤلفات التي حرّضت الإدارة الأمريكية على هذا النهج، منها تقرير راند الشهير في 2003 الذي جاء فيه: «إن الإسلام دين مهمّ له تأثير سياسي ومجتمعي هائل، فقد ألهمَ أيديولوجيات وسلوكيات سياسية مختلفة، بعضها يشكّل خطرا على الاستقرار العالمي، وبالتالي يبدو من الحكمة تعزيز ورعاية السلالات داخله التي تدعو إلى نظام اجتماعي أكثر اعتدالا ودمقرطة وسِلما وتسامحًا، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: أي من الطرق هي الأفضل لتحقيق ذلك؟»

ويرصد مَسعد التقنيات التي بدأوا في اتخاذها لتحقيق هذا الهدف ووجد الإجابة عند المفكرة صبا محمود التي لاحظت أنه «أصبح من الشائع في أوساط اليساريين والليبراليين على السواء أن يربطوا مصير الديمقراطية في العالم الإسلامي بمأسسة العلمانية باعتبارها عقيدة سياسية وخُلقًا سياسيا على السواء، وتجد هذه التوأمة صداها في وزارة الخارجية الأميركية ولا سيما في جهودها البرامجية لإعادة تشكيل وتحويل الإسلام من الداخل».

يعني ببساطة شديدة يرى الأميركان أن تغيير الإسلام لصالح الغرب مهمة سياسية ملحة تقودها وزارة الخارجية الأميركية ويجب تحقيقها بكل السبل، ولا يتم ذلك إلا من خلال مأسسة العلمانية أي صبّها في مؤسسات حكومية وغير حكومية للهيمنة على المجال العام بقوة الدولة والسلاح.

ألا ترى أن ما يحدث من علمانية قسرية كمراكز تكوين ومؤمنون بلا حدود ودعم جماعات مثل الجامية والحدّادية والنسوية والمراكز اليسارية الفكرية، وفي الوقت نفسه سجن العلماء في دول عديدة في العالم العربي في السنوات الأخيرة هو تحقيق للرؤية الأميركية التي توصّل إليها جوزيف مَسعد وصبا محمود وشيريل بينارد وغيرهم؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق