كيف يمكن استثمار القوة الكامنة في الأمّة لنصرة القضية الفلسطينية؟
لقد عبّرت الأمة الإسلامية خلال القرنين الماضيين عن حيوية فائقة ومدهشة ولافتة للنظر، فمع كل المحاولات لتغريبها كما اتضح في احتلال واستعمار قسم كبير من أراضيها في القرن التاسع عشر، من مثل إندونيسيا والفلبين والهند وباكستان وماليزيا ومصر والجزائر وتونس والمغرب إلخ…، وقد أكمل الاستعمار احتلال معظم العالم الإسلامي بعد الحرب العالمية الأولى، فقد احتلّت فرنسا سورية ولبنان، واحتلّت إنكلترا العراق وسورية والأردن إلخ…، ثم جاء فرض الفكر القومي والنموذج الرأسمالي بعد الحرب العالمية على الدول العربية، ثم فرض الفكر الاشتراكي الشيوعي بعد الحرب العالمية الثانية، وقد كان الهدف من تلك المحاولات تغريب الأمّة ومحو شخصيّتها الحضارية التاريخية، لكنّ تلك المحاولات في التغريب فشلت، وذلك بسبب الوحدة الثقافية المتأصّلة في الأمّة، وذات الجذور العميقة.
هذه الوحدة الثقافية هي التي تجعل الأمّة تتجاوب مع كل مرحلة من مراحل القضية الفلسطينية، فرأينا تجاوبها الكبير مع أحداث جنين عام 2002، كما رأينا هذا التجاوب مع عدوان إسرائيل على غزّة في نهاية عام 2008، لذلك أرى من أجل الاستمرار في عطاء الأمّة على العلماء أن يقوموا بما يلي:
أ – تدعيم الوحدة الثقافية التي تجمع عناصر الأمّة من خلال دعوة المسلمين إلى الحرص على التوحيد والابتعاد عن الشرك، والتمسّك بسنّة الرسول صلى الله عليه وسلّم، فهما من أكبر العناصر التي تحقّق وحدة الأمّة، وتغذّي حيويّتها، وتجعلها موحّدة في تفكيرها ومشاعرها وأشواقها وأذواقها وتطلّعاتها وقِيَمها وأخلاقها وحلالها وحرامها إلخ…
ب- تحذير العلماء من القطرية، والنعرات العنصرية والمذهبية والطائفية إلخ… والتي تؤدّي إلى تقسيم الدول العربية وتفتيتها، وتحذير جماهير الأمّة منها، لأنّ إسرائيل هي المستفيد الرئيسي من عمليات التفتيت تلك، وهي التي تقف وراء التخطيط والتنفيذ لتلك العمليات، وخير مثال على ذلك ما يحدث في العراق والسودان والمغرب العربي إلخ….
ج- إبراز علماء الأمّة للمخطّطات الفكرية التي تحاول مساس ثوابت الأمّة من قرآن كريم وسنّة مشرّفة ولغة عربية والتي تتمثّل في محاولة التلاعب بالنصوص القطعية الثبوت القطعية الدلالة ومحاولة تأويلها في اتجاه التعقيل أو التأريخ أو التأنيس أو ما يسمّى أحياناً ﺑ (العقلنة أو الأرخنة أو الأنسنة)، وهي أخطر ثلاث مدارس تحاول التلاعب بثوابت الدين الأمّة، ويتبنّاها العلمانيون بثوب من دعوى الحرص على التقدّم والعلم والحضارة!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق