بين ثورة الخبز وصمت الشعب
بقلم رئيس التحرير
دكتور محمد رمضان
نائب رئيس منظمة “إعلاميون حول العالم”
مرت سنوات عجاف علي الشعب المصري عقب حرب اكتوبر 1973 وقد انهكت الحرب خزينة الدولة وبالاحري جيوب الشعب فقد كان الاقتصاد موجه بالكامل لما يعرف بالمجهود الحربي ، وانتظر الجميع ان يحدث انفراجة بعدما وضعت الحرب أوزارها واعيد فتح قناة السويس في يونيو 1975 ، لكن الأمور لم تتحسن معيشيا واتجهت أنظار الحكومة الي فرض مزيد من الضرائب والرسوم لخفض العجز وفي مساء يوم الاحد 16 يناير 1977 صدر قرار وزاري برفع أسعار بعض السلع ومنها الخبز … كان هذا الخبر بمثابة الصاعق التي ضربت البلاد طولا وعرضا ولم تمضي سوي ساعت الليل وذهب الجميع الي عمله والطلاب الي مدارسهم وجامعاتهم وهم يتهامسون ماذا بعد …
ذهبت الي مدرستي الثانويةً في موعدي وبعد مرور الحصة الثانية فوجئت بحركة غير عادية في الشارع حيث كان مقعدي بجوار النافذة ونظرت فوجدت حشودا “تهتف عاوزين حكومة حرة العيشة بقت مرة “
ادركت أن هناك تحرك شعبي اعتراضا علي قرارات الأمس التي اعلن عنها “القيسوني ” ولم تمضي بضع دقائق ووجدت عددا من ضباط الشرطة والجيش يدخلون الفصل ويطالبون مدرس اللغة الفرنسية بالخروج وتقدم عقيد في الجيش وقال … الان انتهي اليوم الدراسي و ستخرجون من المدرسة وتتوجهوا الي بيوتكم ولا تلتفتوا لما يحدث في الشارع اياكم والانخراط في المظاهرات من يريد الحفاظ علي مستقبلة فليعود الي بيته …
واخرجونا جميعا في طابور حتي باب المدرسة الخارجي !
التزم الجميع بالتعليمات وفي طريقي الي البيت وجدت مسيرة يتقدمها “أبو العز الحريري “والمئات من أبناء الحي وهم يهتفون بأسقاط الحكومة والمطالبة بحياة كريمة …
هذا الامر جعلني أفكر ماذا يحدث ؟
هل ادرك السادات ان ما فعله بالأمس كان سيودي الي ما يحدث اليوم ؟ وفوجئت بأحد أصدقائي يقول لي ان مظاهرات ضخمة عند كلية الهندسة بالشاطبي وآخر يقول ان مظاهرة اخري انطلقت عند الترسانة البحرية … إذن الأمور في تصاعد كل هاته الاخبار ولم اصل بعد الي المنزل …
وبعدما أشرفت علي دخول الحي وجت سيارات الشرطة تقف امام الكبري الفاصل بين الحي الذي اسكن فيه وبين الطريق .. أفراد وضباط مسلحون يطالبون الجميع بالانصراف وعدم التجمع … إذن الأمور في تصاعد وبعد دقائق وصلت المنزل وعلي الفور فتحت التلفاز لأشاهد ما يحدث … مظاهرات تعم البلاد طولا وعرضا وحرائق هنا وهناك اعتراضا علي تصرفات الحكومة الغير مدركة لالام الشعب ومعاناته .
وبعدما شعر السادات بالغضب الشعبي تراجع وأقال القيسوني وعادت الاسعار لما كانت عليه لان الشعب وقف وقال كلمته ، صحيح قبض علي المئات من الأبرياء ولفقت التهم للبعض إلا ان القضاء لم يدعهم فريسة للسادات ولداخليته القمعية .
واليوم وبعد مرور 47عاما علي احداث يناير 1977 يفعل السيسي.. نفس الأسلوب ويرفع سعر الخبز ثلاث أضعاف لكن لم يتحرك احد ولم يثور احد فماذا حدث ؟
هل الشعب تغير ام اصبح مرفه ولا يعنيه ارتفاع سعر اهم سلعة يعتمد عليها في وجبته ؟ هل لديه مخزون من الصبر يستطيع تحمل المزيد من التقشف والضغوط التي تمارسها الحكومةً ؟
الإجابة التي يعلمها القاصي والداني ان هذا الشعب الذي أيد جزء كبير منه هذا المجرم يدفع الثمن الان ، نعم يدفع ثمن تمرده علي النعمة التي من الله بها عليه ، هل يستطيع احد ان ينسي ما كان يفعله وزير التموين “باسم عوده “ الذي كان يشرفه بنفسه علي منظومة الخبز والسلع التموينية ويقول كلمته الشهيرة افضل منتج لأحسن شعب .. اين هو الان ؟

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق