الاثنين، 14 أكتوبر 2024

تشكيل جبهة علماء الشام لمواجهة فتنة النازلة الإيرانية!

 تشكيل جبهة علماء الشام لمواجهة فتنة النازلة الإيرانية!



 مضر أبو الهيجاء 

تعيش أمتنا العربية والإسلامية اليوم محنة وفتنة عظيمة تتعلق بإعلاء وتمجيد وتنزيه ملالي إيران ودين الشيعة، وذلك بسبب الاضطراب الشرعي والأخلاقي والسياسي الذي أحدثته قيادات المقاومة الفلسطينية.

وما أشبه الفتنة التي حلت في ديارنا اليوم بفتنة خلق القرآن في زمن الخليفة المعتصم على يد المعتزلة، والتي لم يقدر على مواجهتها إلا الإمام أحمد بن حنبل بعد أعانه الله وجعله سببا في حفظ دين الأمة ونقاء عقيدة التوحيد حتى اليوم.

وبالقدر الذي توفر للمعتصم من علماء أحاطوا به بعد أن ضلوا الطريق، فقد توفر لملالي إيران -مع فارق التشبيه- قدر كبير من العلماء الذين ضلوا الطريق، أو خضعوا لسطوة المقاومة وابتزاز بريق السيوف - بمعزل عن الهدى والحق والنور المبين- كما خضع بعض العلماء لسطوة قصر المعتصم.

ولقد من الله على الأمة الإسلامية بعلماء الشام الأخيار الذين حفظوا دينه في المسألة الإيرانية واتخذوا موقفا بالإجماع أصاب في توصيف مشروع ملالي إيران ودين الشيعة، كما أصاب في الحكم عليه والموقف الواجب تجاهه دون مواربة.

إن الفتوى التي صدرت عن المجلس الإسلامي السوري ـوالذي يضم فسيفساء المرجعيات الشرعية والمذاهب الفقهية والانتماءات الحركية المختلفة

- تعتبر ركيزة هامة يمكن البناء عليها على مستوى العالمين العربي والإسلامي، بهدف التصدي لفتنة حقيقية تمس الدين نفسه وتتعدى للتأثير في مذاهب ومعتقدات وسلوك المسلمين، وهي ما اصطلحت على تسميته ب فتنة النازلة الإيرانية قياسا على فتنة خلق القرآن، فكلاهما تمس جوهر الدين وتهدد بتصدع ديني في أمة الموحدين، كما أنه مرشح لأن يتطور لتناحر ثقافي دموي يعبث في تركيبة البنية الإسلامية ويعيد تشكيلها بشكل مشوه وجديد!

إن اختياري لعلماء الشام لتشكيل جبهة -وليست هيئة- تتسع للجميع وتوحدهم أمام واجب الوقت في التصدي لتلك الفتنة، إنما جاء عن قراءة واعية مبنية على عدة عناصر هي:

1/ تفوق الانسجام الشرعي المذهبي في إقليم الشام ولدى علمائه مقارنة بغيره من الأقاليم العربية والإسلامية.

2/ عدم وجود سقف سياسي يحد من حرية التفكير والاجتهاد والتعبير لدى علماء الشام كأحد نتائج ثورة الشام المباركة.

3/ غلبة أهل الشام وأحرارها في تعرية وكشف مشروع ملالي إيران ودورهم الطليعي في قطع الطريق على تمدده الذي شكل أخطبوطا غير مرئي وصل إلى طنجة.

4/ تميز موقف تنظيم حركة الإخوان المسلمين في سورية عن جميع حركات الإخوان في العالم، والانسجام الكلي مع موقف علماء الشام.

5/ اعتبار أرض الشام هي القاعدة الصلبة في مشروع التغيير والتحرير والتصدي للمشروع الغربي الصليبي والإسرائيلي الصهيوني كما المشروع الإيراني الذي يقوده الملالي، وهي مؤهلة أكثر من غيرها -الى جانب مصر- لإدارة وقيادة الصراع لصالح شعوب الأمة ومقدساتها كما في حقبة الصراع مع الصليبيين.

أعود فأقول منبها:

إن الاضطراب المنهجي والخلل السياسي في مشروع التحرير الفلسطيني قد أحدث فتنة حقيقية تمس دين المسلمين ومعتقداتهم، لاسيما والمشروع الإيراني مكتمل الأركان في استهداف هوية الأمة الثقافية المبنية على معاني التوحيد، كما استهداف وحدتها السياسية ودولها وأمنها.

لذلك فإنني أعتقد أن فتنة المشروع الإيراني في عصرنا اليوم توازي -بخطرها على الدين وعقيدة ووحدة المسلمين- فتنة خلق القرآن في زمن الخليفة العباسي المعتصم.

وكما شكل المعتزلة وبشر بن غياث المريسي فتنة بالقول بخلق القرآن، فإن بعض القيادات الفلسطينية وبعض بطانتهم من العلماء والكتاب والإعلاميين المأجورين يؤسسون للفتنة الإيرانية الشيعية، الأمر الذي بدى واضحا في انتشار الطروحات التي لم تعد تناقش واقع القضية الفلسطينية بل ذهبت فورا لتنبش التاريخ وتطعن في معاوية رضي الله عنه ثم تنتقل للصحابة المعدلين لتنتهي بالطعن في أهل السنة والجماعة معلية من الطائفة الشيعية ومحقرة ومتهمة بالصهيونية كل من يبين للناس دينهم تجاه مشروع طائفي خبيث يمتطي البعض في فلسطين ليسود في المنطقة، ويسعى للاعتلاء على منابر المسلمين ليجري الذبح بسكينه الطائفية فيخضع المنطقة ليستكمل مشروعه الذى دمر العراق وأحرق مدن الشام وأفقر اليمن وقسمه.

ويمكن القول أن علماء الشام اليوم -وعلى رأسهم العالم الرباني الشيخ أسامة الرفاعي الذي يرأس المجلس الإسلامي السوري وهو مفتي الديار الشامية- يشكلون بشكل معنوي شخص الإمام بن حنبل، والذي امتد فقهه وتبلور وانتشر مذهبه بسبب موقفه في فتنة خلق القرآن، وحتى يكتمل هذا التشبيه ويكتسب فاعلية حقيقية تفضي على يد علماء الشام للحفاظ على وحدة الأمة السياسية، وصون وحدتها الدينية، لابد أن يتبلور دورهم في التصدي لفتنة النازلة الإيرانية عبر إطار وأشكال تحاكي العصر وتستفيد من وسائله، محشدين خلفهم علماء اليمن والعراق ومصر والمغرب حتى تندثر تلك الفتنة وتمر المحنة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق