الأربعاء، 3 يوليو 2024

أصحاب الفيل و الانقلاب العميل

 

أصحاب الفيل و الانقلاب العميل

من روائع الأديب الكاتب الدكتور جمال محمد

عندما شرعت في كتابة هذه السلسلة ( سلسلة القصص القرآني و واقعنا المعاصر ) , كان في الحسبان و كما هو مخطط ألا تزيد حلقاتها عن الأربع أو الخمس , و لكن ما ان أبحرت في بحر القرآن قابضا علي مجاديف الحفظ و القراءة و التدبر , حتي وجدت نفسي أغوص وسط كنوز من الآيات العظام , المبشرات و الكاشفات , و كأن القرآن أنزل الآن يتحدث عما نعانيه , بل و يشرحه تفصيلا يكشف الحقائق وزيف الأمور , و يشد من عضد الفئة المؤمنة المبتلاة , و يضع طريقا مضيئا ليله كنهاره مليئا بالأمل و البشريات , بل لا ينفك ارتباطه الوثيق بعاصرنا هذا و ما نعانيه من ألم و غصة حكاية و تفصيلا , ويرسم لنا حلولا تخرجنا من واقعنا الأليم .. الي واقع مليئ بالأمل و النصر و الفرح و التمكين , مما زاد من اليقين و الايمان بمعجزة القرآن الباقية الي قيام الساعة و لو كره المشركون .

حين وصلت الي سورة الفيل , دار بالخلد ذلك التساؤل , لماذا أفردت سورة كاملة لهذا الحدث الذي وقع قبل البعثة بأربعين عاما و هو عام مولد رسولنا الكريم عليه الصلاة و السلام علي أرجح الروايات ؟ وقصة أصحاب الفيل لم تذكر الا مرة واحدة مثل أصحاب الحجر و أصحاب الرس , و لم تذكر في سياق آيات أخري مثل ما سبقها : و أصحاب الفيل دمرناهم تدميرا , علي سبيل المثال … و لكنه عظم الحدث و العبرة منه و ما أحيط به من مواقف بعينها , خاصة موقف عبد المطلب جد الرسول عليه الصلاة و السلام , الي جانب أهمية بيت الله الحرام للفئة المؤمنة الي قيام الساعة و كونه قبلة و رمز لتلك الفئة و لكن ……

لقد أخبر الصادق المصدوق عليه الصلاة و السلام أن حرمة دم المسلم هي أشد حرمة عند الله من الكعبة و لئن نقضت حجرا حجرا , ذلك الدم الذي أريق علي سطح الكرة الأرضية من مشرقها الي مغربها بالآلاف المؤلفة , و في بلادنا علي مدي عقود , و خاصة في أيامنا هذه , لفئة مؤمنة حافظة للقرآن تتخذه منهجا , و لم تتحرك مشاعر المسلمين و هم يرون اخوانهم يبادون و يحرقون بل أعانوا من قتلهم و شردهم غير مبالين حتي بأبسط المشاعر الانسانية الفطرية .

و ما اريد قوله هنا و قاصدا ايصاله , أن الكعبة ( و التي أصبحت الآن قبلة و رمزا فقط للمسلمين ) هي رمز للاسلام الي قيام الساعة وبقاؤه , حتي يأذن الله بنقضها علي يد ذي السويقتين عندما لا يبقي علي الأرض مؤمن واحد , فبقاؤها مرهون ببقاء مؤمنين يعزونها و يجلونها , و مجرد بقاؤها لهو دليل علي وجود تلك الفئة علي وجه البسيطة مهما دار فيها القتل و الحرق و النفي و الاضطهاد , فتلك الفئة باقية بقاء الكعبة , بل و الروح التي تسري فيها لهي أعظم عند الله حرمة من الكعبة ذاتها , و التي أصبح وجودها يقيم الحجة علي من فرط في دينه و رضي بالضيم و الذل في دينه .

نعم و أكررها , فان بقاء الكعبة دليل علي انتصار الاسلام و الفئة المؤمنة الي قيام الساعة , ذكرنا الله بذلك في سورة الفيل , حتي نتيقن من وعد الله لعباده المؤمنين بالتصرة و الغلبة مهما ” انعدمت الأسباب ” , فللأسباب رب يسببها في حينها اذا انقطع الأمل من تلك الأسباب ( المقال الهام جدا : موسي و التسع آيات و التسريبات ).

وكما اجتمع أصحاب الفيل لهدم الكعبة ( الاسلام ), و اجتمعت الجزيرة العربية و اليهود حول الخندق , اجتمعت العلمانية مع الناصرية , مع النصرانية , مع الصليبية , مع الليبرالية , مع الماسونية و الصليبية الصهيونية , مع اليهود وأمريكا وأوربا وسلاطين العار في الخليج , وتقاطعت مصالحهم مع الفاسدين المفسدين المنافقين و الانقلابيين و ذوي المصالح في بلادنا , للحرب علي الاسلام والهوية الاسلامية , وأقول لهم ولكم :

قالها ( غير المؤمنعبد المطلب جد الرسول عليه الصلاة و السلام “للبيت رب يحميه”, ونقولها اليوم (ونحن مؤمنون بموعود لله) : “ للإسلام رب يحميه “, فقد باتت الحقيقة واضحة وضوح الشمس لمن يري ويتيقن أنها حرب علي الإسلام في مراحلها الأخيرة , ومصر في القلب , و لمن لايري ولا يعتقد , فدليلي موجود في طيات الأيام منذ قدر الله مقادير الخلائق قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة والي قيام الساعة ( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ) ….( المقال السابق الهام : سورة الأنبياء و البشري العظمي ) .

و إن غدا لناظره لقريب...” وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُون ” …. ( وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُون ) , والله ناصر دينه بعز عزيز أو ذل ذليل , ولو كره المشركون ولو كره المرجفون ولو كره المنافقون و لو كره …. الانقلابيون .

للأسف من بات لا يري من خلال الأحداث السابقة و الجارية , خاصة في بلادنا من انقلاب غاشم علي الاسلام و الشريعة و الشرعية , خدمة لمصالح الصهيونية , أنها حرب علي الاسلام في أوجها و مراحلها الأخيرة , فليراجع دينه و عقيدته , بعد أن هان عليه الدم المسلم الذي هو أعظم عند الله من الكعبة المشرفة , بل و بارك اراقة ذلك الدم , مستندا الي أكاذيب منافية للعقل و المنطق و لمن كان له قلب أو ألقي السمع و هو شهيد , بل هانت عليه الكعبة و سب الرسول و الصحابة و الثوابت المعلومة من الدين , متخذا بغض فئة من الفئات و جماعة من الجماعات المحرك الرئيسي الوحيد لمشاعره و فكره و توجهاته الفكرية و العقائدية بلا دليل من كتاب أو سنة , و صدقت ربنا ( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور ) .

الله ناصر دينه , بعز عزيز أو ذل ذليل , و و الله اني لأجد البشري ..كل البشري ما دام الانقلابيون و علي رأسهم عجلهم الذهبي قد أعلنوها حربا صريحة و ظاهرة لا لبس فيها علي الاسلام , خافية لمن طمس الله علي قلبه … (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُون ) …. والوا أعداء الله خاصة من اليهود , بل ماضون قدما في تدمير البلاد لمصلحتهم بعد تجريف سيناء من أهلها حفاظا علي أمنهم , و ناصروا العلوي الكافر بشار الأسد و أرسلوا له السلاح لقتل أشقائنا من أهل السنة في سوريا , و باعوا البلاد بعد حرقها تمهيدا لسيطرة أولئك اليهود الملعونين علي لسان الرسل , و جففوا جميع منابع التعليم الديني و معاهد تحفيظ القرآن , و صادروا جميع أموال الجمعيات الخيرية الاسلامية بزعم مكافحة ( الارهاب ) المزعوم , و أتوا بمشايخ سوء يفسرون الدين علي هواهم , و هاهو راهب الأزهر يزور الفاتيكان للحصول علي صك الغفران و التعليمات , و غيروا المناهج تمهيدا لسلامهم الدافئ مع بني جلدتهم بعد أن حذفوا منها كل ما يتعلق بالجهاد أو حتي ( الاسلام الوسطي ) , امتثالا لتوجيهات عجلهم الذهبي ( بتجديد ) الخطاب الديني …لأن من غير المعقول أن المليار و نصف من المسلمين عايزين يقتلوا العالم عشان يعيشوا !!! , ثم تجد من علماء السوء من يصفق لهم , كما بدءوا الهجوم المباشر علي الحجاب و النقاب , متخذين الممثلات و الراقصات القدوة و الأمهات المثاليات , انتهاء بالتشكيك في البخاري , بزعم تجديد الخطاب الديني مفسرين القرآن علي هواهم , و أصبحت صلاة القيام في رمضان بالبطاقة الشخصية و درس القيام لا يتجاوز خمس دقائق , الي جانب أسر و حبس الآلاف من العلماء الربانيين متخذين الحرب علي الارهاب ذريعة , و منع الآلاف من الخطابة و اعتلاء المنابر كالشيخ محمد جبريل الذي كل ما اقترفه أنه دعا علي ( الظالمين ) ,….انها حرب صريحة علي الاسلام , و لكن هيهات هيهات , ( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ . هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) . 

وصلت حربهم علي الاسلام الي مصر التي هي في القلب من العالم الاسلامي , تمهيدا لمخططات التقسيم , و اقامة دولة قبطية , بعد زرعهم لذلك العميل الصهيوني , و الله سيخزيهم باذنه و حوله و قوته , لتكون مصر مقبرتهم و الصخرة التي يتحطم عليها حلمهم , ليبدأ بزوغ شمس الاسلام من مصر , يلم شعث الأمة الاسلامية كلها باذنه تعالي , و هذا توقعي قريبا جدا ليكون شاهدي مع الأيام , بعد اندحار ذلك الانقلاب الغاشم علي ( الاسلام ) , و عودة رئيسنا الشرعي فك الله أسره , قائدا للأمة …( وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ . فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَام ) . 

إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً . وَنَرَاهُ قَرِيباً .

متي أهلك الله جيش أبرهة؟

——————————

لم يهلك الله أصحاب الفيل و هم في الطريق الي مكة , و لم يهلكهم علي مشارفها , بل أهلكهم حين انقطعت الأسباب بأهل مكة ( الكفار ) وصدقوا في ( اللجوء الي الله )..المقال السابق ( سورة الأنبياء و البشري العظمي ) , و حين كان أبرهة قاب قوسين أو أدني من هدم الكعبة…. ولذلك حين نطق عراب الانقلاب و عجلهم الذهبي بما يغضب الله يوم مولد الرسول الكريم عليه الصلاة و السلام , و أبدي امتعاضه من نصوص قرآنية يقصدها و يعلمها في سياق حرب معلنة ضد كل ما هو اسلامي باتت ظاهرة للعيان , ذكرت بعضا منها في الفقرة السابقة , استبشرت خيرا و تيقنت من دنو أجله و ذله , مذلة تكون درسا ان شاء الله للقاصي و الداني , هو و من شايعه من مشايخ السلطان وأهل السبوبة غير آبهين بمن يسب دينهم بل و يباركونه و يصفقون له …… فقد انقطعت بنا الأسباب , و للاسلام رب يحميه , نلوذ به فليس لنا سواه رب نرجوه و لا اله سواه ندعوه , عليه توكلنا و اليه أنبنا و اليه المصير .

ولعله قد آن الأوان , وبعد الأخذ بالأسباب , كل قدر استطاعته , و كما ذكرت عدة مرات من قبل , أن نخرج سلاحنا السري وسلاح الأنبياء والرسل و عباد الرحمن , السلاح الذي لم يحسب له المنافقون والمرجفون أي حساب , و الذي لا يملكون التعامل معه ولا التغلب عليه بأي حال فهم لا يؤمنون به….” حسبنا الله ونعم الوكيل “, و ” لا حول ولا قوة الا بالله “ نقولهما بحقهما إن شاء الله , و كما بيناه من قبل , مقيمين الليل قانتين خاشعين داعين متضرعين , فوالله أري نصرا تاقت اليه نفوس المؤمنين فوق الرؤوس , و الله غالب علي أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون , و ما كان الله مخلف وعده رسله , ان الله عزيز ذو انتقام , و قد أعلنوها من هم من بني جلدتنا حربا ضروسا علي الاسلام و كل ما هو اسلامي .

ملاحظة هامة:

========

قلتها منذ زمن … لقراءة الأحداث و فهمها كما ينبغي , عند قراءة أحداث ما , أو أخبار بعينها , عندما يذكر الارهاب , فما المقصود منه الا الاسلام , و لذا حين يعلنوها حربا علي الارهاب في كل المحافل و يتحججون به لتكميم الأفواه و النتكيل بأبناء الشعب , و حين ينقلبون علي رئيس شرعي ( مسلم ) , فما مقصودهم الأعظم الا الحرب علي الاسلام دون مواربة , و مثال لذلك : حينما يجتمع وزراء الخارجية العرب لمناقشة خطط محاربة ( الارهاب )….ضعوا كلمة ( الاسلام ) بدلا منها و اقرءوا المشهد ثانية تتضح الصورة جلية بغير لبس , ( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ . وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ . وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ) .
وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا

وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ . بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ .  

فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق