في ذكرى تشييد القاهرة.. النيل يبني عواصم مصر
القاهرة.. حاضرة الدنيا
خلال فترة وجيزة تم تشييد المدينة على مساحة 340 فدانا، وأحيطت بسور بلغ طوله 4800 ياردة، لتصبح بذلك أول مدينة مسورة في تاريخ مصر الإسلامية، وأكبر العواصم الإسلامية آنذاك.
ووفق ما ذكره المؤرخ الفرنسي، أندريه ريمون، في كتابه “القاهرة تاريخ حاضرة” فإن عاصمة الدولة الفاطمية كانت مصممة في البداية للخليفة وحاشيته وفِرق الجيش ثم توسعت بمرور الوقت بسب الحركة الاقتصادية لتدخل في حيازتها مدينة الفسطاط.
في البدء سُميت العاصمة الجديدة بـ”المنصورية”، وعندما وصل الخليفة الفاطمي المعز لدين الله الفاطمي مصر -بعد 4 سنوات من تشييد المدينة- تغير الاسم إلى “القاهرة”، وثمة ترجيحات عدة طرحها المختصون حول سر التسمية، فالبعض أرجع أصل الكلمة إلى اللغة الهيروغليفية وتعني “كاهي رع” أي موطن الإله رع، بينما رجح آخرون أن التسمية تعود لاسم قُبة داخل قصر فاطمي، والشائع أنها سمّيت نسبة إلى الكوكب القاهر وهو كوكب المريخ.
ورغم أفول حكم (الدولة العبيدية)الفاطميين في مصر عام 1171م وتتابع الحكام بعدهم من الأيوبيين إلى المماليك ثم العثمانيين والعلويين حتى العصر الحديث، ظلت القاهرة عاصمة للبلاد، لتكون بذلك صاحبة المدى الزمني الأطول كمركز للحكم.
ذلك التاريخ الطويل للقاهرة جعلها زاخرة بالآثار الشاهدة على الحقب المتتابعة، وأهمُّ ما يميزها هو كثرة المساجد التاريخية مثل مسجد عمرو بن العاص ومسجد أحمد بن طولون ومسجد الحاكم بأمر الله الفاطمي، لذا سميت بمدينة الألف مئذنة.
ووفق آخر تقدير للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء (جهة رسمية)، يعيش بالقاهرة نحو 10 ملايين و300 ألف مواطن على مساحة تبلغ نحو 3 آلاف كيلو متر.
“تبدو وكأنها غابة من القلاع مرتفعة في كل مكان فوق مجموعة من المكعبات” غاستون فييت، مستشرق فرنسي
عواصم تجاور النيل
على مدار نحو 5 آلاف سنة، شُيدت 21 عاصمة لمصر، لم تخرج أغلبها عن حيز وادي النيل، وأول تلك العواصم كانت مدينة الطينة (2950 ق. م إلى 2892 ق.م).
وبعد توحيد القطرين الشمالي والجنوبي على يد الملك مينا أصبحت مدينة منف عاصمة للبلاد منذ عام 2895 ق.م حتى عام 2360 ق.م، ثم تحولت العاصمة إلى مدينة أهناسيا من عام 2360 ق.م. حتى عام 2160 ق.م.
وتعتبر مدينة طيبة من أشهر العواصم التاريخية للبلاد، إذ حظيت بكونها عاصمة 3 مرات، الأولى من عام 2160 ق.م حتى عام 1715 ق.م”، والثانية من عام 1580 ق.م. حتى عام 1353 ق.م والثالثة عام 1332 ق.م. حتى عام 1090 ق.م.
وتعد الفسطاط أول عاصمة إسلامية للبلاد، والتي بناها الصحابي عمرو بن العاص عقب دخوله مصر عام 641، واختار موقعها عند تفرع النيل إلى دلتاه ثم تحولت العاصمة إلى مدينة العسكر أثناء الخلافة العباسية عام 750م، وفي عهد الدولة الطولونية أسس أحمد بن طولون عاصمة جديدة للبلاد وهي القطائع عام 868م.
أحِنُّ إلى الفسطاط شوقًا وإنني.. لأدعو لها أنْ لا يحُلَّ بها القَطْرُ
وهلْ في الحَيا من حاجة لحياتها.. وفي كلّ قُطْرٍ من جوانبها نهر
الشريف العقيلي، شاعر مصري عاصر الفاطميين
الاستثناء
رغم ارتباط عواصم مصر بوادي النيل غير فإن هناك استثناء لتلك القاعدة التي دامت لآلاف السنين، فمع احتلال اليونانيين مصر في القرن الثالث قبل الميلاد أصبحت العاصمة لأول مرة عبارة عن مدينة شاطئية تقع شمالي البلاد.
وضع الإسكندر الأكبر حجر الأساس لمدينة الإسكندرية على شاطئ البحر الأبيض المتوسط عام 332 ق.م واستكمل تأسيسها الملك بطليموس فيلادلفوس، لتصبح عاصمة البلاد – قرابة ألف عام- حتى الفتح الإسلامي عام 641م.
واشتهرت العاصمة الشاطئية بانتعاشة حضارية، وبرز ذلك في التفوق العمراني ومن دلائله مكتبة الإسكندرية والمنارة التي تعد من عجائب العالم القديم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق