شهادتي من الأزهر ..وشهادتي له..
د.عبدالعزيز كامل
لست أزهريا بالمعنى المتعارف؛ فقد كانت دراستي الشرعية في مرحلتي الجامعة والماجستير ، بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وعلى حسب مناهجها في العقيدة السلفية المبنية على أصول أهل السنة والجماعة ، وإن كان معظم من طلبنا العلم على أيديهم بتلك الجامعة في المواد الأخرى من فضلاء الأزاهرة، مصريين وغير مصريين، وأغلبيتهم الكاثرة كانوا أشاعرة ..
★.. تأثر جمع كبير أعرفهم من مدرسي تلك الجامعة الوافدين بالمنهجية السلفية في الاعتقاد، بعد طول المعايشة والمناقشة العلمية الهادئة مع مخالفيهم ، ومع ذلك لم يكن مسموحا تدريس العقيدة على يد أحد من المتعاقدين الوافدين _ تحوطا _ إلا في أضيق نطاق، وممن يوثق جيدا في عقيدتهم غير المتاثرة بالمذهب الأشعري ، وكان من هؤلاء فضيلة شيخنا الدكتور السوري عبد الرحيم الطحان، حفظه الله، وجزاه عنا خير الجزاء..وكانت دراسته في الدكتوراة بالأزهر ..
★..لما امتنع قبول غير السعوديين في مرحلة الدكتوراة، التحقت بجامعة الأزهر للتقدم برسالتي فيها، وكانت بعنوان ( الخلاف المذهبي وأثره في التفسير) والمقصود بالخلاف فيها، ذلك الاختلاف الاعتقادي والفقهي والأصولي الموجود في كتب التفسير، والآثار السلبية والإيجابية لذلك الاختلاف، وكان من ضمن المباحث الرئيسة في الرسالة تناول كتب التفسير التي تلتزم مذهب المتكلمين الأشاعرة في الاعتقاد ..
★.. وقد أخذت راحتي في انتقاد أمر خطير؛ وهو خدمة الأشاعرة _ كغيرهم _ لمعتقداتهم في التاويل والإرجاء وغير ذلك من خلال تفسير كتاب الله، وقد كانت تلك مغامرة مني ، فالأزهر الذي يعتمد العقيدة الأشعرية رسميا؛ كان متوقعا أن يتعنت رجاله ويتشددوا في قبول رسالة تنتقد الأشاعرة في معقلهم ، ولكن ذلك لم يكن، وأشهد أن مشرف البحث ومناقشيه ولجنة التحكيم وهيئة التدريس؛ قبلوا الرسالة بقبول حسن بعد مناقشة هادئة ..وتم اعتمادها في وقتها بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى..
ومع ذلك كنت أقول دائما لمن يعدني أزهريا.." أنا نزلت على الأزهر ب "البراشوت" أو المظلة..!
★.. أقول هذا لألفت النظر إلى أن الاختلاف العلمي النزيه في مسائل الاعتقاد وغيرها ؛ يمكن أن يوصل لأرضيات من الاتفاق، تبنى عليها دعائم الوئام والوفاق..
وما أحوج الأمة اليوم إلى الوفاق والاتفاق ، في عصر توحش أهل الفواحش والإفساد والنفاق ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق