الثلاثاء، 2 يوليو 2024

فورين بوليسي الأمريكية: كيف دمر السيسي مصر؟ How Sisi Ruined Egypt

 

فورين بوليسي الأمريكية: كيف دمر السيسي مصر؟

How Sisi Ruined Egypt



تقرير ترجمة وإعداد

سمير يوسف

رئيس منظمة “إعلاميون حول العالم”


The coup leader-turned-president promised Egyptians prosperity, but the country is flat broke.

Throughout much of the summer of 2013, Egypt was in the grips of what could be described as “Sisi-mania.” Songs, sandwiches, music videos, poems, and even pajamas paid tribute to Abdel Fattah al-Sisi, the military officer who’d just overthrown President Mohamed Morsi.

From the outside, it was a bizarre spectacle as millions of Egyptians rejoiced at the military’s ruthless and brutal intervention against the Muslim Brotherhood apparatchik who’d only become president a year before, in June 2012. Even so-called revolutionaries and longtime critics of Egypt’s authoritarian political system seemed to genuinely adore the diminutive military leader who promised them a fresh start after a tumultuous 18 months beginning with the uprising against longtime leader Hosni Mubarak in late January 2011.

With Morsi jailed and members of the Muslim Brotherhood dead, arrested, or on the run, Sisi promised Egyptians better days, though he warned his fellow citizens to be patient. That was wise. Egypt’s complex economic, social, and political problems had only deepened as Egypt lurched from one crisis to another throughout the fraught and short-lived democratic transition. Yet a decade later, Sisi has not rewarded Egyptians for their patience. Quite the opposite: The man who was supposed to have rescued Egypt is now overseeing its ruin.

Sisi promised Egyptians prosperity, but Egypt is flat broke. The statistics are staggering. Inflation is running at almost 37 percent and a single U.S. dollar fetches 30 Egyptian pounds. (It was about 7 pounds to the dollar when Sisi came to power.) The country’s international debt is almost $163 billion, and its overall debt is projected to reach nearly 93 percent of the country’s GDP in 2023. Government officials have been forced to manage Egypt’s finances like a shell game, moving money around in a vain attempt to hide the country’s precarious economic conditions.

Sisi has been making the case that the country’s economic tribulations are the result of issues beyond his control, especially the COVID-19 pandemic and Russia’s invasion of Ukraine. Those crises have no doubt created significant economic challenges that countries—the United States included—have had difficulty managing. Yet Sisi’s protestations are clearly a discursive strategy to downplay his own culpability in the further pauperization of Egypt.

نشرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية تحليلاً يرصد الوعود التي قدمها الرئيس عبد الفتاح السيسي للمصريين على مدى 10 سنوات، وكيف أن أياً منها لم يتحقق، وأصبحت مصر على شفا الإفلاس.

“كيف خرب السيسي مصر؟”، تحت هذا العنوان كتب ستيفن كوك، الباحث الأمريكي في “مجلس العلاقات الخارجية” والزميل الأول في معهد “إيني إنريكو ماتي” الإيطالي لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا، مقالا بمجلة “فورين بوليسي“، مستعرضا المشكلات المزمنة التي تعيشها مصر، لا سيما على مستوى الاقتصاد، الذي بات مثقلا بالديون الضخمة ويعاني من مشكلات هيكيلية شديدة الصعوبة.

ويرى كوك أن “السيسي استولى على دولة فقيرة فجعلها أكثر فقرا”، رغم تلقيه مليارات الدولارات من دول الخليح، التي أخذت على عاتقها تعويم الاقتصاد المصري بعد أزمات عاشتها البلاد خلال الفترة القصيرة للتحول الديمقراطي منذ ثورة يناير/كانون الثاني 2011، وحتى الانقلاب العسكري على أول رئيس مدني منتخب في صيف 2013.

ويقول الكاتب إنه بعد سجن محمد مرسي ومقتل أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أو اعتقالهم أو هروبهم، وعد السيسي المصريين بأيام أفضل، وطالبهم بالصبر، لكن بعد عقد من الزمان، لم يكافئ السيسي المصريين على صبرهم، وعلى العكس تمامًا: الرجل الذي كان من المفترض أن ينقذ مصر “يشرف الآن على خرابها”، على حد قوله.

 وكيف بدأت الرحلة بحالة من الشعبية الجارفة، توصف بأنها “هوس السيسي”، وصولاً إلى حالة من الاختناق شبه التام بسبب السياسات الاقتصادية التي أوصلت البلاد إلى حافة الهاوية.

فقد شهد الدَّين المصري تزايداً حاداً خلال العقد الماضي، ووصل إلى مستويات قياسية، حيث بلغت الديون الخارجية فقط ما يزيد على 163 مليار دولار، أي أكبر بنحو 5 أضعاف ما كانت عليه عندما تولى السيسي زمام الأمور.

عبد الفتاح السيسى شهبندر التجار ووعوده الكاذبة

وتبدأ Foreign Policy تحليلها للأوضاع في مصر من صيف عام 2013، حين كانت مصر في قبضة ما يمكن وصفه بـ”جنون السيسي”، حيث أشادت الأغاني ومقاطع الفيديو الموسيقية والقصائد، وحتى البيجامات بعبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع الذي أطاح لتوه بالرئيس الراحل محمد مرسي، الذي كان أول رئيس مدني ينتخبه المصريون في تاريخهم الحديث.

من الخارج، كان مشهداً غريباً حيث احتفل الملايين من المصريين بتدخل الجيش القاسي والوحشي ضد مسؤولي جماعة الإخوان المسلمين، الذين كانوا قد جاءوا لسدة الحكم في البلاد قبل عام واحد فقط، في يونيو/حزيران 2012، عبر صناديق الانتخابات.

حتى بعض الثوار والمعارضين  للنظام السياسي الاستبدادي في مصر، بدا وكأنهم عشقوا بصدق القائد العسكري الذي وعدهم ببداية جديدة وعهد جديد وجمهورية جديدة، وكان ذلك بعد 18 شهراً فقط من اندلاع الثورة الشعبية ضد الرئيس الأسبق حسني مبارك، والذي كان قد ظل في الحكم لمدة 30 عاماً.

وتزامناً مع اعتقال الرئيس محمد مرسي، ووفاة بعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، واعتقال آخرين، أو هروبهم، انهالت وعود السيسي على المصريين بأن القادم أفضل على كل المستويات، واعداً إياهم بحياة أكثر رغداً.

فقد كانت مصر تعاني بالفعل من مشكلات اقتصادية واجتماعية وسياسية، وتخبطت البلاد في الأزمات المتتالية طوال فترة الانتقال الديمقراطي الحرجة وقصيرة المدى. ومع ذلك، وبعد عقد من الزمان، أثبتت الأيام أن السيسي وعد فأخلف، فلم يكافئ السيسي المصريين على صبرهم، بالعكس تماماً: الرجل الذي من المفترض أن يكون قد أنقذ مصر، الآن هو نفسه يشرف على تدهورها في جميع المجالات.

إنفاق بالديون على مشاريع عملاقة لم تكن لها مبررات إقتصادية سليمة

ويمضي  الكاتب بالقول: لقد انخرط السيسي في فورة إنفاق تغذيها الديون على مشاريع عملاقة ليس لها سوى القليل من المبررات الاقتصادية، كان أكثرها فحشًا هي العاصمة الإدارية الجديدة، والتي لا تزال في مرحلتها الأولى فقط، حيث تكلفت حتى الآن أكثر من 45 مليار دولار.

وعندما انسحبت الإمارات والصين من المشروع، اضطر المصريون لدفع الفاتورة عن طريق إضافة مبالغ ضخمة من الديون إلى الميزانية العمومية للبلاد.

ويشرف السيسي الآن على مشروعات كبيرة أخرى، مثل عاصمة أخرى صيفية في الساحل الشمالي (العلمين الجديدة)، ومحطة للطاقة النووية (في بلد يقول إن لديه فائضا في إنتاج الكهرباء) ومدينة مستدامة في دلتا النيل، وإحياء مشروع ضخم فاشل في عهد مبارك في جنوبي مصر (توشكى)، وجاء ذلك بعد افتتاح تفريعة جديدة لتوسعة قناة السويس، والتي أطلق عليها “قناة السويس الجديدة” عام 2015.

ويعتبر الكاتب أن هذه المشروعات كانت ذات قيمة اقتصادية مشكوك فيها، لكنها كانت مهمة من الناحية السياسية، حيث حرص السيسي على أن تعكس ولادة ما يقول إنها “جمهورية جديدة” تحت يد ثابتة للضابط العسكري الجديد الذي تحول إلى رئيس مع زملائه في وزارة الدفاع.

وعد السيسي المصريين بالازدهار، ولكن مصر الآن باتت على شفا الإفلاس، إذ إن الإحصائيات مرعبة. فالتضخم يبلغ ما يقرب من 37%، ودولار واحد أمريكي يساوي نحو 31 جنيهاً مصرياً بالسعر الرسمي في البنوك، بينما يساوي 38 جنيهاً في السوق الموازية. (كان سعر الدولار يساوي 7 جنيهات فقط عندما تولى السيسي الحكم).

وبلغ الدَّين الخارجي لمصر ما يزيد على 163 مليار دولار، ومن المتوقع أن يصل الدين العام للبلاد إلى ما يقرب من 93% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الجاري (2023).

ويقوم المسؤولون الحكوميون في مصر بإدارة الأمور المالية كما لو كانوا يلعبون لعبة “الاستغماية” بالعامية المصرية، أو “الغميضة” بلغة أهل الشام، حيث ينقلون الأموال من مكان لآخر، في محاولة عبثية لإخفاء الظروف الاقتصادية الهشة للبلاد.

مشاريع ضخمة دون دراسات جدوى إقتصادية لأنه لايعترف بها

قام السيسي بجولة ماراثونية من الإنفاق على مشاريع ضخمة لا توجد لها مبررات اقتصادية كثيرة، مستنداً على الاستدانة ورفع الدعم الحكومي، الذي كان بمثابة الساتر للفقراء، وهم يمثلون أكثر من نصف عدد السكان، بحسب التقارير الرسمية.

أضخم هذه المشاريع وأكثرها إثارة للجدل هي العاصمة الإدارية الجديدة، التي لا تزال في مرحلتها الأولى وقد كلفت حتى الآن أكثر من 45 مليار دولار. وعندما انسحبت دولة الإمارات العربية المتحدة والصين من المشروع، صمم السيسي على مواصلة العمل فيه، وأجبر المصريين على تحمّل التكاليف من خلال إضافة مبالغ ضخمة من الديون إلى ميزانية البلاد.

وبالإضافة إلى بناء عاصمة جديدة تماماً في وسط الصحراء، يشرف السيسي على العديد من المشاريع الكبيرة الأخرى. ومن بينها عاصمة الصيف الجديدة “الساحل الشمالي”، وتحديداً مدينة العلمين الجديدة، ومحطة للطاقة النووية (في بلد لديه تخمة في الكهرباء)، ومدينة مستدامة في دلتا النيل، وإحياء مشروع ضخم فاشل من عصر مبارك في صعيد مصر يُعرف باسم “توشكا”.

وقبل ذلك كله، كان افتتاح مجرى جديد لقناة السويس – المعروف باسم “القناة الجديدة لقناة السويس” – في عام 2015.  معظم هذه المشاريع لها قيمة اقتصادية مشكوك فيها، ولكنها (أو كانت) مهمة سياسياً.

ورغم التخمة في إنتاج الكهرباء، فوجئ المصريون في صيف 2023 الحارق بانقطاعات في الكهرباء أثارت غضباً عارماً، وجاء رد الحكومة مرتبكاً ومتخبطاً في تفسير السبب، ليصبح مصطلح “تخفيف الأحمال” مادة دسمة للسخرية على منصات التواصل الاجتماعي.

صندوق النقد الدولى

ويقول الكاتب إنه في أحدث اتفاق لها مع صندوق النقد الدولي، وافقت الحكومة المصرية على بيع أصول الدولة، بما في ذلك الأصول التي يمتلكها الجيش.

ومع ذلك، كان هناك عدد قليل من المشترين، لأن هذه الأصول إما لا تساوي شيئًا، ولا أحد يعرف كيف يحدد لها قيمة، أو أن المشترين المحتملين يجلسون على الهامش في انتظار تخفيض آخر لقيمة الجنيه المصري (والذي سيكون الرابع منذ مارس/آذار 2022) حتى يتمكنوا من الحصول على أي شركات عالية الجودة بأسعار أرخص. في الآونة الأخيرة.

وقد أعلنت الحكومة عن مبيعات بقيمة 1.9 مليار دولار لأصول الدولة، وهو أمر إيجابي لكنه لا يفعل الكثير لتخفيف المعاناة الاقتصادية الواسعة الانتشار.

وبدلاً من الاستمرار في انتظار الازدهار الذي وعد به قادتهم، يغادر المصريون بأعداد متزايدة البلاد عبر الهجرة الشرعي وغير الشرعية، وعلى الرغم من زيادة عدد المصريين الذين يهاجرون إلى أوروبا عن طريق القوارب بعد انتفاضة يناير 2011، فقد ارتفع بشكل أكبر في السنوات الأخيرة.

وخلال شهر يونيو/حزيران الماضي، حاول أكثر من 6000 مصري الوصول إلى إيطاليا عن طريق البحر منذ بداية عام 2023، وهم يشكلون ثاني أكبر مجموعة من المهاجرين الذين يأملون في الوصول إلى الشواطئ الإيطالية، ومن المنطقي أن تغادر أعداد أكبر من المصريين في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهونها.

ويرى كوك أن هذه المشكلات المزمنة حولت مصر من لاعب مهم في المنطقة إلى “مجرد مراقب”، على حد قوله، مستشهدا بالحرب الدائرة الآن في السودان، والتي تمثل الفناء الخلفي لمصر، حيث غابت القاهرة بشكل شبه كامل عن المشهد، وتصدرت دول أخرى، مثل السعودية والإمارات.

ميدل إيست آي: مستقبل مصر قاتم بعد عقد من انقلاب السيسي

وكان من المفترض أن تكون تلك “المشاريع القومية”، كما يسميها السيسي ورجاله، عروضاً ملموسة عن تجديد مصر تحت إشراف اليد الثابتة لضابطها العسكري الجديد  الذي تحوّل إلى رئيس، وزملائه في وزارة الدفاع.

قد يكون الهدف من تلك المشاريع هو رسالة مفادها أن مصر لا تزال قادرة على فعل أشياء عظيمة، ولكن هذه المشاريع الضخمة أصبحت أعباء اقتصادية يدفع فاتورتها المصريون، وبخاصة الفقراء والطبقة المتوسطة، أو ما تبقى منها.

يشير المسؤولون إلى أن العديد من المصريين كانوا يعملون في بناء هذه المشاريع وهذا مقبول، ولكن بأي ثمن؟ تحمل الحكومات مسؤولية بناء البنية التحتية، ولكن يجب أن تفوق الفوائد طويلة الأمد التكاليف القصيرة الأمد، يقول تحليل فورين بوليسي.

حفر ضخمة تبتلع الأموال

ولا شك أن الجسور الجديدة والطرق والتقاطعات والمحاور وتحسينات المطارات والمترو تستحق أن يتم الإنفاق عليها،  بسبب العائدات من هذه المشاريع في وجود نشاط اقتصادي أكبر وأكثر فعالية. وقد تندرج قناة السويس الجديدة ضمن هذا التصنيف كذلك، لكن العاصمة الصيفية والعاصمة الإدارية الجديدة هما “حفر ضخمة لأموال لا تمتلكها مصر” فتستدينها.

ومن الصعب أن نفهم أنه في غضون عقد من الزمن، السيسي – الذي قام رعاته في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بإعادة تعويم الاقتصاد المصري بتحويلات نقدية مباشرة، والذي حصل على قروض من صندوق النقد الدولي بشروط ميسرة، والذي تمتع بسمعة طيبة بين الحكومات الغربية – استولى على دولة فقيرة وجعلها أكثر فقراً.

ففي أحدث اتفاق لها مع صندوق النقد الدولي، وافقت الحكومة المصرية على بيع أصول الدولة، بما في ذلك الأصول التي يمتلكها الجيش. ومع ذلك، كان هناك عدد قليل من المشترين، لأن هذه الأصول إما لا تساوي شيئاً، أو لا أحد يعرف كيفية تحديد قيمة لها، أو أن المشترين المحتملين غير متعجلين وينتظرون تخفيضاً آخر لقيمة الجنيه المصري حتى يتمكنوا من الحصول على شركات عالية الجودة بأسعار أرخص.

أعلنت الحكومة المصرية مؤخراً عن مبيعات بقيمة 1.9 مليار دولار من أصول الدولة، وهو أمر إيجابي، لكنه لا يفعل الكثير لتخفيف المعاناة الاقتصادية واسعة الانتشار.

هجرة المصريين خارج البلاد عبر قوارب الصيد وكوارث غرقها

ثار المصريون عام 2011 سعياً وراء “العيش والحرية والعدالة الاجتماعية”، لكن كثيرين منهم، وبخاصة الشباب، ملّوا من الاستمرار في انتظار الازدهار الذي وعدهم به قادتهم ، فبدأوا يغادرون البلاد بأعداد متزايدة.

وعلى الرغم من التغطية المكثفة لمأساة غرق قارب الصيد المكتظ بالمهاجرين غير الشرعيين قبالة سواحل اليونان في يونيو/حزيران الماضي، فإن ما غاب عن كثير من التقارير حول الكارثة هو حقيقة أنه ربما كان هناك 300 إلى 350 مصرياً على متن قارب الموت ذاك.

وفي الإطار نفسه، سجل المواطنون المصريون حوالي خمس المهاجرين غير النظاميين الذين وصلوا إلى إيطاليا خلال العام الماضي (2022)، بعدما بلغ عددهم 20 ألف مهاجر من بين 93 ألفاً عبروا البحر المتوسط، فضلاً عن تنامي هجرة الأطفال المصريين للاستفادة من القوانين الإيطالية التي تمنع ترحيل الأطفال، وتلزم السلطات بإيوائهم في مراكز تأهيل حتى بلوغهم 18 سنة، قبل منحهم حق الإقامة.

وعلى الرغم من زيادة عدد المصريين الذين يهاجرون إلى أوروبا عن طريق القوارب بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011، فإن العدد ارتفع بشكل أكبر في السنوات الأخيرة.

فقد حاول أكثر من 6000 مصري الوصول إلى إيطاليا عن طريق البحر منذ بداية عام 2023، وذلك حتى يونيو/حزيران فقط، وهم بذلك يشكلون ثاني أكبر مجموعة من المهاجرين الذين يأملون في الوصول إلى الشواطئ الإيطالية. ومن المنطقي أن تغادر أعداد أكبر من المصريين في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهونها. فالمتاعب الاقتصادية في مصر تعزز فقط فكرة تحول البلاد إلى قوة مستهلكة.

مصر بعد أن كانت اللاعب الرئيسي فى سياسات الشرق الأوسط

 مصر تحولت إلى مراقب في هذه التجمعات أكثر من كونها لاعباً. والمثال الأكثر وضوحاً على نزول مصر وما يصاحب ذلك من سياسة خارجية جوفاء هو الغياب شبه الكامل للقاهرة في الحرب الأهلية في السودان – الفناء الخلفي للبلاد.

“يجب أن يشعر البعض في القاهرة بالحرج من أن المملكة العربية السعودية قد انتهى بها الأمر إلى لعب الدور الحاسم في صراع حيث يجب أن تتولى مصر – وفقاً لأساطيرها – زمام القيادة”، تقول فورين بوليسي.

وحتى عندما استضافت القاهرة مؤتمراً لسبعة جيران للسودان في منتصف يوليو/تموز الماضي؛ للمطالبة بوقف إطلاق النار، لم يسر هذا الاجتماع على ما يرام ولم يحقق شيئاً للقاهرة، فقد كان أكثر بقليل من منتدى حديث وصورة فوتوغرافية – وخلال تصريحاته في الاجتماع السري، توجه رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد بالشكر إلى المملكة العربية السعودية على جهود الوساطة التي تبذلها.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق