في ذكرى الكواكبي: “طبائع الاستبداد” عَرْضٌ مستمر من 120 سنة
اليوم 14 يونيو 1902م، ذكرى رحيل الفارس “عبد الرحمن الكواكبي”
.. 120 سنة، وما زال كتاب «طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد» للمفكر السوري الحلبي “عبد الرحمن الكواكبي”، هو أشهر الكتب السياسية في التاريخ العربي، ورغم أن عُمر هذا الكتاب يزيد عن قرن، إلا أنه ما زال يحكي قصتنا ويمثل حالنا اليوم في أوضح وأدق صورة..
– عبد الرحمن أحمد بهائي محمد مسعود الكواكبي ( 1855م – 1902م)
الميلاد: 9 يوليو 1855 م – حلب (سوريا)
الوفاة: 14 يونيو 1902 (47 سنة) القاهرة (مصر)
جاء في كتاب (النفائح واللوائح من غُرر المحاسن والمدائح) أن الكواكبي ينتسب من أبويه إلى الإمام “علي بن أبي طالب” رضي الله عنه.
– أحد رواد النهضة العربية ومفكريها في القرن التاسع عشر، وأحد مؤسسي الفكر القومي العربي، اشتهر بكتاب «طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد»، الذي يُعد من أهم الكتب العربية في القرن التاسع عشر التي تناقش ظاهرة الاستبداد السياسي.
– عندما بلغ عبد الرحمن الكواكبي الثانية والعشرين من عمره، الْتحق كمحرر بجريدة «الفرات»، وكانت جريدة رسمية تصدر بحلب، ولكن إيمانه بالحرية وروح المقاومة لديه دفعته لأن يؤسس هو وزميله “هشام العطار” أول جريدة رسمية عربية خالصة وهي جريدة «الشهباء»، ولم تستمر سوى 15 عددًا؛ حيث أغلقتها السلطات العثمانية بسبب المقالات النقدية اللاذعة الموجهة ضدها.
– وقد اشتغل الكواكبي بالعديد من الوظائف الرسمية، فكان كاتبًا فخريًّا للجنة المعارف، ثم مُحرِّرًا للمقالات، ثم صار بعد ذلك مأمور الإجراءات (رئيس قسم المحضرين)، كما كان عضوًا فخريًّا بلجنة القومسيون، وكذلك كان يشغل منصب عضو محكمة التجارة بولاية حلب، بالإضافة إلى توليه منصب رئيس البلدية.
– انتقل لمصر، واستقر وعاش فيها، ومات ودُفن في ترابها
– يقول العقاد: (توفَّرَ الكواكبي على قضيتين اثنتين لم يشتغل زمنًا طويلًا بقضية غيرهما، وهما: قضية البحث في أسباب تأخر الأمم، ولا سيّما أمم العالم الإسلامي، وقضية البحث في عوامل الاستبداد في حُكم الدول، ولا سيّما الدول العثمانية، وأودعَ زبدة آرائه عن قضية العالم الإسلامي في كتابه: “جمعية أم القرى” وأودع زبدة آرائه عن الحُكم والاستبداد في كتابه: طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد).
– تعرّض الكواكبي للعديد من محاولات الاغتيال، ولكنه لم يمت، كان آخرها الطعن بالخنجر من مجهول، حتى نجح أعداء الحرية في وضع “السم” الذي قضى عليه في القاهرة، كما مات الأفغاني مسموما في إسطنبول..
– سافر الكواكبي إلى الهند والصين، وسواحل شرق آسيا، وسواحل أفريقيا، كما سافر إلى مصر حيث لم تكن تحت السيطرة المباشرة للسلطان العثماني عبد الحميد، وذاع صيته في مصر، وتتلمذ على يديه الكثيرون، وكان واحدًا من أشهر العلماء.
– ظل أعداء الحرية وأذناب الطغاة يترصّدون خطوات الثائر الإسلامي “عبد الرحمن الكواكبي”، إلى أن تمكّنوا من رسم خارطة لكل تحركاته، وفي يومٍ من الأيام دُعيَ إلى حفلٍ، ونجحوا في وضع “السم القاتل” له في كوب الشاي (وقيل في العصير) ولمّا عاد إلى بيته عقب ذلك الحفل.. أحسَّ بألمٍ في ذراعه، وصداعٍ شديدٍ يكاد يفجّـر جمجمة رأسه من شدة الألم..
وفي بيته بحي الحسين.. رقدَ في فراشه، وفشل الأطباء في علاجه، فقد كان السم قويا جدا.. ورحل الكواكبي عن الدنيا، ورفض المصريون بعد مقتله نقل رفاته إلى بلده: سوريا، لأنهم اعتبروه أحد رموزهم.. وشُـيّعت جنازته في موكبٍ مهيب، ودُفن في مقابر باب الوزير بسفح جبل المقطم، شرقي القاهرة، على نفقة والي مصر العثماني الخديوي عباس.
– وقد نُسبت أبيات في رثائه للشاعر حافظ إبراهيم، ركيكة جدا، جاء فيها:
هنا رجلُ الدنيا هنا مهبِطُ التُّـقَى
هنا خيرُ مظلومٍ هنا خيرُ كاتبِ/
قِفوا واقرؤوا أُمّ الكتابِ وسلّموا
عليه فهذا القـبرُ قــــبر الكواكبي/
– من أشهر أقوال عبدالرحمن الكواكبي:
1- إن الحرية هي شجرة الخُلد، وسقياها قطرات من الدم المسفوك.
2- النُصح لا يفيدُ شيئا إذا لم يصادف أذنا تتطلب سماعه.
3- من أقبح أنواع الاستبداد، استبداد الجهل على العلم، واستبداد النفس على العقل.
4- إن المستبدَ فردٌ عاجز، لا حول له ولا قوة إلا بأعوانه، أعداء العدل وأنصار الجور.
5- الاستبدادُ أصلٌ لكل فساد.
6- المستبد لا يأمن على بابه إلا من يثق به أنه أظلم منه للناس، وأبعد منه عن أعدائه.
7- لو كان الاستبداد رجلا، وأراد أن ينتسب، لقال: أنا الشر، وأبي الظلم، وأمي الإساءة، وأخي الغدر، وأختي المسكنة، وعمي الضر، وخالي الذل، وإبني الفقر، وإبنتي البطالة، ووطني الخراب، وعشيرتي الجهالة.
8- إن خوف المستبد من نقمة رعيته أكثر من خوفهم بأسه، لأن خوفه ينشأ عن علمه بما يستحقه منهم، وخوفهم ناشيء عن جهل، وخوفه عن عجز حقيقي فيه وخوفهم عن توهم التخاذل فقط.
9- المستبد يُوَدّ أن تكون رعيته كالغنم بِرًّا وطاعة، وكالكلابِ تذللًا وتملقا.
10- المستبد خواف رعديد، يخاف من أفراد رعيته أكثر مما يخافون منه.
11- الدين ما يدين به الفرد، لا ما يدين به الجمع.
12- كلما زاد المستبد عسفا وجورا، زاد خوفه من رعيته.
13- الاستبداد يتصرف في أكثر الميول الطبيعية والأخلاق الفاضلة، فيضعفها أو يفسدها.
14- الإرادة هي أم الأخلاق.
15- المستبد يتجاوز الحد، ما لم ير حاجزا من حديد.
16- لو رأى الظالم على جنب المظلوم سيفا؛ لما أقدم على الظلم.
يسري الخطيب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق