أمي..
أول كلمة نطقناها ، وأحلى كلمة رددناها ..
لكن اسمحوا لي قبل أن أنطلق أنا وإياكم أن أقدم كلمات شكر وعرفان إلى ..
أمي ..
كلمات عرفان إلى أمي التي أدين لها بالفضل بعد الله تبارك وتعالى ..
فمهما قلت ، ومهما عملت فلن أوفيك أجرك يا أمي ..
لن أنسى صدرك الحنون ..
ولن أنسى سهر الليالي وتعب الأيام ..
لن أنسى حين كنا نجتمع على مائدة الطعام وتقدمينا وتؤثرينا على نفسك بما لذَّ وطاب ..
حتى بعد أن كبرنا كنت تضعين اللقيمات في أفواهنا ..
كم أتعبتك أماه حين كنت أتأخر بالسهر فينام أهل البيت وتبقين أنت ساهرة بالانتظار ..
كنت تخافين علينا من البحر يوم أن كنا نسكن قريباً منه ..
أذكر مرة أنك ضربتيني ضرباً مبرحاً ، لأني اقتربت من البحر ؛ وخضت في شواطيه ..كنت صغيراً ..لم أعرف السبب .. لما كبرت عرفت !!..
لقد كان خوفك علي هو الدافع ..
لم أنسى أني حين كبرت وسافرت للدراسة أنك أنت التي كنت تجمعين من هنا وهناك مصاريف دراستي حتى لا أحتاج إلى أحد في غربتي ..
يالله كم كنت أتعب حين أرجع في الاجازات ويأتي وقت العودة للسفر ..
كم كان قلبي يتقطع حين تقولين لي : لعلك ترجع من هذا السفر ولا تراني ..
كم كان قلبي يتقطع حين تقولين لي مودعة : لعلك ترجع من هذا السفر ولا تراني ..
كم كنت أبكي حين أسمع هذا الكلام ..
عدت من السفر وكبرت أنت يا أمي وضعفت ولقد أعطيتيني وأخوتي أحلى سنين العمر ..
كم دافعت من أجلنا ..
كم ضحيت في سبيلنا ..
لقد تحملت همومنا وسعيت في حاجاتنا حتى بعد أن أصبحنا كباراً ..
بالأمس كنت أسمى خالد ..
واليوم يقال لي الشيخ فلان ..
وما أنا والله إلا حسنة من حسناتك..
وما أنا والله إلا حسنة من حسناتك ..
والفضل لله ثم لك أماه فيما أنا فيه اليوم فجزاك الله عني خير الجزاء ..
فيا صاحبة الثغر الباسم ..
ويا صاحبة العطاء والقلب الرحيم ..
إليك ..
أيتها الزهرة الغالية ..
إليك ..
يا صاحبة النبع الصافي ..
للتي مسحت دمعتي ..
وغسلت قذرتي ..
للتي أطعمتني وسقتني بيدها ..
لمن جعلت صدرها مسكناً لي ..
وعينها حارسة لي ..
أهدي إليك هذا اللقاء ..
وأقول وجزاك الله عني خير الجزاء ..
اللهم احفظ أمي بحفظك ، أطل عمرها ، وأحسن عملها ،
واختم بالصالحات ، أعمالها ..
أماه ..
لو كان عمرك بيدي لزدته ولو كان فيه فنائي ..
أماه ..
لو كان أمري بيدي لرفعتك لعنان السماء ..
والله ..
لن يوفيك حقك إلا الله ..
والله ..
لن يوفيك حقك إلا الله جل في علاه ..
أما أخبار وعناصر هذا اللقاء بعد هذه المقدمة فأخبار وعناصر ستة ..
أولها : الأم وما أدراك ما الأم ..
ثانيها : احذر دعوة المظلوم ..
ثالثها : لا أصدق أنهم فعلوا هذا بك ..
رابعها : لماذا يبكي هذا ..
خامسها : حقيقة لا خيال ..
وآخرها : هذا هو ديننا ..
فمع أول العناصر..
الأم وما أدراك ما الأم ..
هي نموذج رحمة يتحرك بين أظهرنا ولا يلتفت إليه أحد بالإجلال والتقدير إلا من رحم الله ..
الأم كتلة من الصبر ..
وصورة حية للعفو والحلم ..
يقول أحدهم ..
الآن عرفت معنى قولهم ليس من سمع كمن رأى ..
ليس من سمع كمن رأى ..
يقول لقد سمعت كلاماً كثيراً وأحاديث متنوعة عن عظيم فضل الأم ..
وكنت كغيري أسمع ما أسمع فلا يكاد يتجاوز ما أسمع سوى أذني ..
قد تهزني عبارة جميلة ..
قد أحرك رأسي إعجاباً بأبيات جميلة ثم لا شيء في دنيا الواقع ..
لكن الله أراد بي خيراً إذ وجدت نفسي أتابع مراحل حمل زوجتي خطوة
خطوة ..
وحين دخلت المسكينة في شهرها التاسع وتجاوزته بقليل تخيلت نفسي أنا ذلك المتكور في هذا البطن للمنتفخ ..
وأنا أرى وأراقب بدأت أستشعر بعض من تلك المعاني التي سمعتها طويلاً وكثيراً عن عظيم فضل الأم ..
لقد رأيت ثم رأيت أمراً هائلاً يدير الرأس ، ويرقق القلب ، ويدمع العين ..
ومن ثم أخذت أقتنع تماماً أنَّ هذه المرأة الجليلة الأم لم ينصفها الناس ولن ينصفوها أبداً ..
مهما زخرفوا الأقوال ..
ورققوا العبارات ..
ونسقوا الكلام ..
والله ..
لن يكافأها على الحقيقة إلا الله وحده ..
ولذلك قالوا أجر الوالدين على الله ..
يقول مواصلاً كلامه :
ليت المعاني تسعفني لكي أقرب الحقيقة ..
لقد تشبعتها ليالي وأيام خلال أواخر شهرها التاسع ، بل في ساعات الليل
والنهار ..
فماذا رأيت !!..
رحماك يا الله ثم رحماك ..
أوَ يستطيع الإنسان أن يتحمل كل تلك المعاناة والآلام ..
لقد رأيتها تتحمل كل ذلك بفرح وسعادة وحبور مرات ومرات ..
رأيتها وسمعتها وهي لا تدري وهي تطلق صرخة متوجعة فأحس بحرارة ألمها قد انتقل إلى قلبي مباشرة ، فأجالد نفسي حتى لا تفضحني عيناي ..
ثم أفاجأ بها بعد لحظة وقد أخذت تتبسم متناسية تلك الآلام وهي تشير إلى بطنها وتقول :
كم أحبك يا صغيري ..
وكم أنا مشتاقة لرؤياك ..
سبحان من صبرها على آلامها المتصلة مع الأنفاس ..
تراها ..
إذا تحركت تألمت ..
وإذا جلست أنَّت ..
وإذا اضجعت صرخت ..
وإذا مشت تعبت ..
وإذا حاولت النوم لتهجع قليلاً تعبت ..
فهي لا تستطيع أن تتقلب على فراشها على راحتها كما كانت قبل هذا الحمل الثقيل الحبيب ..
ومع هذا كله فهي لا زالت مطالبة في الغالب بالاهتمام بالبيت ، وشؤونه الداخلية ، ومتابعة الصغار ونظافتهم وإطعامهم وغسلهم ونومهم وما إلى ذلك مما هو وحده كفيل بهدّ جبل من الجبال ، وتفتيت صخرة راسية ، وإحراق البقية الباقية من الأعصاب المشدودة ..
ومع هذا كله تراها تقول للصبر مبتسمة ..
خذ مني دروساً يا صبر ..
خذ مني دروساً يا صبر ..
جرب نفسك لتكن أماً ..
هل يستطيع رجل واحد أن يتحمل البقاء مع طفل في الثانية أو الثالثة من عمره لساعات قبل أن يدعو على نفسه بالويل والثبور وعظائم الأمور ..
إنها والله وحدها الأم التي تتحمل ذلك راضية متبسمة ..
تأمل معي هذا المنظر وقل :
ما أجمل منظرها وهي جالسة وقد التف حولها صغارها أشبه بفراخ الطير تفتح مناقيرها لتلقمها أمها شيئاً من الطعام ..
تشجع هذا ليأكل ..
وتداعب الثاني وهي تطعمه ..
وتسقي الآخر بعد محاولات ..
وتضحك مع أصغرهم ليقبل على وجبته ..
كل ذلك وهي تجلس بينهم جلسة غير طبيعية يكاد كل مفصل منها يأنّ على حدة يشتكي و يتوجع ..
وهي مع ذلك لا تزال تبتسم وتشجع وتسقي وتطعم ..
ثم فجأة تطلق صرخة خافتة فلقد تلقت من جنينها لكمة محكمة تحت الحزام فتسارع لتغير جلستها..
وما إن تستوي عظامها حتى تعاود الابتسام كأنَّ شيئاً ما كان ..
ومن جديد يسدد الجنين لكمة أخرى محكة كأنما يقول لها :
أنا هنا أماه ..
تفرح بلكمه ورفسه وهو لا يدعها تستريح لحظة ..
فإذا هدأ عن الحركة خافت وقلقت ..
وإذا تحرك فرحت واستبشرت ..
يالله ..
ألوان متعددة من العذاب الذي أظن أنه لو صبَّ على رجل مفتول العضلات لصاح حتى يسمعه الجار الأربعون ..
أما هي ..
فصابرة محتسبة ..
بل ضاحكة مبتسمة ..
فرحمة الله لها ..
ورحمة الله عليها ..
ورحمة الله معها ..
يقول مواصلاً كلامه ..
رأيتها مرات تنظر لي نظرات تحمل الكثير من معاني الألم دون أن تحرك شفتاها..
ثم بعدها بلحظات إذا بها تبتسم ضاحكة ويفيض لسانها بأعذب الحديث عن الضيف الجديد ..
عجيب أمرك أيتها الأم ..
هل تظنون أن الآلام والمعاناة بالحمل تنتهي ..
لا ..
اسمع واسمعي ولنقل :
ما أعظمك أماه ..
فإذا حل بها الشهر التاسع وأزفت ساعة خروج الجنين إلى الدنيا حلت الطامة ..
فلا هو براغب بالبقاء في الأحشاء ..
ولا هو براغب في الخروج إلى دار الفناء ..
وهنا الشدة التي لا تطاق ..
والمأزق الذي لا يسهل ..
والعقبة التي لا تذلل ..
ثم لا يخرج في أكثر الأحيان إلا قصراً و إرغاماً ..
فيمزق اللحم ..
أو يبقر البطن ..
أو تسلط عليه آلة الضغط والطبيبة تقطع لحم أمه ، والقابلة تجهد في سحبه ..
ثم يتسابق وروحها بالخروج ..
وكثيراً ما تسبق الروح وتموت الأم ويحيى هو ..
فإذا كان لها فسحة في الأجل أفاقت من بعد هذه المعركة اللاهبة حتى إذا ما رأته إلى جانبها تبسمت وقالت :
فداك روحي ..
يالله ..
ما هذا الحنان ، وما هذا الإيثار ..
تقاسي ما تقاسي ثم تتمنى أن تموت ويحيى هو ..
أماه ..
لو النجمات تسكب نورها أماه شلالا ****و كل حناجر الأطيار لو غنتك موالا
لو الأنسام طافت في رحابك تنثر عطراً ****ما وفتك يا أماه .. ما وفتك مثقالا
عن أنس قال : ارتقى النبي على المنبر درجة فقال آمين ..
ثم ارتقى الثانية فقال آمين ..
ثم ارتقى الثالثة فقال آمين ..
ثم استوى فجلس فقال أصحابه : علامَ أمنت يا رسول الله ؟!..
فقال :
(( أتاني جبريل فقال :
رغم أنف امرئ ذُكرت عنده فلم يصلِ عليك ، فقلت : آمين .._ اللهم صلي على محمد في الأولين وفي الآخرين _
ثم قال : ورغم أنف امرئ أدرك أبويه ولم يدخل الجنة ، رغم أنف امرئ أدرك أبويه ولم يدخل الجنة فقلت : آمين ..
فقال : رغم أنف امرئ أدرك رمضان فلم يُغفر له ، قلت : آمين )) ..
قد يقول قائل ..
لماذا الأم دون الأب !!..
قلت : لا شك أن فضل الأب كبير ولكن فضل الأم أكبر ..
قال تعالى : ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً ﴾
(15) (الأحقاف)..
قال ابن عطية : ذكر الله الأم في هذه الآية في أربع مراتب والأب بمرتبة واحدة جمعه مع الأم في قوله ﴿ بِوَالِدَيْهِ ﴾ ثم ذكر الحمل للأم ، ثم الوضع لها ، ثم الرضاع الذي عبر عنه بالفطام ..
ففضلها عظيم ..
ومكانتها كبيرة ..
وفضلها لا يعرفه إلا الله ..
لفضـلك أمـي تــذل الجبـاه ***** خضوعاً لقدرك عُرف أصيل
وذكرك عطر وحضنك دفء ***** فيحفظك ربي العلي الجليل
لأمي أحن ومن مثل أمي ***** رضاها علي نسيم عليل
حنانـك أمي شفـاء جـروحـي ***** وبلسم عمري وظلي الظليل
وبعد الله أرنو إليك إذا حلَّ خطب ***** وأثنى الكواهل حمل ثقيل
بـدعـواك أمـي تزول الصعـاب ****** فدعواك أمي لقلبي السبيل
فيا أمي أنت ربيـع الحياة ***** ولون الزهور ونبع يسيل
على راحتي كم سهرت الليالي ***** وتلوع قلبك عند الرحيل
فـدومي لنـا بلسـماً شــافيـاً ***** وبهجة عمري وحلمي الطويل
ولحـن شجـي علـى كل سـاه ***** فمن ذا عن الحق منا يميل
أغلب القصص التي سأذكرها تدور حول عقوق الأولاد ..
ولم أكثر من قصص البر لأن البر واجب ..
واجب على الأبناء وليس للأبناء فضل في ذلك ولا منة ..
ولأنه حق عليهم ..
فمن فعله فقد أدى واجباً ..
ولكن من عق والديه هو الذي يجب أن نحاسبه ونقول له :
قف ..قف فإن طريقك هذا يؤدي إلى النار وبئس المصير ..
وإلى أول العناصر والأخبار ..
احذر دعوة المظلوم ..
احذر دعوة المظلوم ..
فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ..
احذر دعوة المظلوم ..
فإن الله يرفعها فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء ويقول الرب :
وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين ..
فكيف إذا كان المظلوم أماً أو أباً ..
فكيف إذا كان المظلوم أماً أو أباً ..
قال كعب الأحبار :
إن الله ليعجل هلاك العبد إذا كان عاقاً لوالديه ليعجل له العذاب ..
وإن الله ليزيد في عمر العبد إذا كان باراً بوالديه ليزيده براً وخيراً ..
حدث أحد الثقات قائلاً : جلست مع شيخ معروف فأخبرني هذا الخبر..
يقول الشيخ : جاءني رجل وهو يلعن أمه ..
جاءني رجل وهو يلعن أمه فنهيته عن ذلك ثم سألته : ما ذنبها ، وما جرمها ، وما هي خطيئتها ؟!..
قال : عملت سحراً لزوجتي ..
قلت له : وكيف عرفت ..كيف عرفت أنها هي ؟!..
قال : زوجتي أخبرتني بذلك وهي تنكر ذلك _ يعني الأم _ ..
قلت : عجباً تصدق زوجتك وتكذب أمك !!..
يقول الشيخ فطلبت رؤية أمه فجاء بها ابنها الأكبر ، وجمعت بينهم ، وكثر النقاش ، وطال الحوار ، ونفسي تحدثني _ يعني الشيخ _ ونفسي تحدثني أن الزوجة كاذبة ..
سمعت من الأم أيماناًً وبكاء حاراً يدل على صدقها ، وأصرت الزوجة أن لا تقبل اليمين من الأم إلا في بيت الله الحرام ..
فقلت لهم بعد ان أصرت زوجة الابن : اذهبوا إلى بيت الله الحرام ..
ثم طلبت رقم هاتف الابن الأكبر واتصلت به بعد يومين فقال :
ذهبنا لبيت الله الحرام ودعت أمي على نفسها..دعت أمي على نفسها بأن لا تعود إلى بيتها إن كانت فعلت وتضرعت إلى الله أن ينتصر لها من ابنها وزوجته إن كانت مظلومة ..
يقول الابن للشيخ ثم عدت بأمي ودموعها على خدودها ..
فلما وصلنا وجدنا الخبر أمامنا في بيتنا ..
أن أخي وزوجته ماتا على إثر حادث لهما في الطريق ..
فلما وصلنا وجدنا الخبر أمامنا ..
أن أخي وزوجته ماتا على إثر حادث لهما في الطريق ..
أما قال الله ﴿ وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ ..
42 سورة ابراهيم
كيف إذا كان المظلوم اماً أو أباً !!..
اتق الله يا زوجة الابن ..
اتق الله يا زوجة الابن ..
اتق الله في أم زوجك ..
فأنت عندك أم تريدين أن تبريها وهو مطالب ببر أمه ..
بل حقها أعظم حق عليه بعد حق الله ..
فلولاها ما كان ..
هل أنت التي حملتيه !!..
هل أنت التي التي ربيتيه !!..
هل أنت التي احتضنيه !!..
اتق الله يا زوجة الابن فأنت ستكونين أماً في يوم ما ..
هب أن الأم أخطأت هل يحق لنا أن نسيء معاملتها وننسى فضلها ..
أما أمرنا الله ببر الوالدين ولو كانا كافرين فقال : ﴿ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ﴾ .
15سورة لقمان.
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال قال صلى الله عليه وسلم :
(( رضى الله من رضا الوالدين ..
وسخط الله من سخط الوالدين ))..
أَخْرَجَهُ التِّرمذيُّ، ...
اعلمي واعلم أن كل شيء يعوض في هذه الدنيا ..
الزوجة لو طلقتها ستتزوج وستجد من هي أفضل منها ..
وهي كذلك ستتزوج من هو أفضل منك ..
والأبناء ستنجب غيرهم ..
والأموال ستجمع مثلها ..
لكن كيف لو فقدت أمك أو فقدت أباك ..
لكن كيف لو فقدت أمك أو فقدت أباك ..
بصراحة كم واحد منا يقبل يد أمه ..
وكم واحد منا يقبل رأسها ..
وكم واحد منا يجلس بين قدميها ..
وكم واحد منا يكلمها بأدب واحترام ..
صدقوني ..
لو نظر كل واحد منا إلى أسلوب تعامله مع أمه لوجد نفسه عاقاً وجاحداً ..
الحقيقة ..
أننا بحاجة ماسة لإعادة النظر لعلاقاتنا مع أمهاتنا ..
أما تدرون أن في الإحسان للوالدين متعة في الدنيا وسعادة في الآخرة ..
والله إننا لنعجب ممن يظهرون على وسائل الإعلام يتحدثون عن علم الاجتماع وترتيب الأسرة وتنظيم العلاقات بين أفرادها ، وعلى الجانب الآخر ترقد أمهاتهم في دور العجزة والمسنين ..
أقسم بالله العظيم بعد وفاة الأم وهداية الابن العاق يتمنى هذا الابن ..
أن تخرج أمه رأسها من قبرها ليقبلها ويقول لها :
أماه سامحيني ..
أماه سامحيني ..
قال رجل لعمر بن الخطاب : إن لي أماً بلغ بها الكبر أنها لا تقضي حاجتها إلا وظهري مطية لها فهل أديت حقها ..
قال : لا ..لأنها كانت تصنع بك ذلك وهي تتمنى بقاءك ، وأنت تصنعه وتتمنى فراقها ..
قلت أنا : أين حنانك من حنانها !!..
اسمع ..
اسمعي ..
اسمعوا معي ..
اسمعوا هذه الصورة التي تبين حنان الأم وشفقتها ..
ما أروعها من صورة ..
تقول عائشة رضي الله عنها : جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها فأطعمتها عائشة ثلاث تمرات ؛ فأعطت الأم كل واحدة منهما تمرة ورفعت التمرة الثالثة إلى فيها لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما ..
تقول عائشة فأعجبني شأنها فذكرت الذي صنعت الأم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
(( إنَّ الله قد أوجب لها الجنة ..
إن الله قد أوجب لها الجنة ، أو أعتقها من النار )).
رواه مسلم ــ.
فأبشري أماه ..
أبشري أماه لن يضيع السهر والتعب ..
العنصر الآخر ..
لا أصدق ..
لا أصدق أنهم فعلوا بك هذا يا أماه ..
اسمع واسمعي الأم العجوز تروي خبرها ..
تقول حملته في بطني تسعة أشهر ومات أبوه بعد ولادته بأشهر ..
فكنت له أباً وأماً هو وأخته التي تكبره بسنوات ثلاث ..
من حبي له لم أفطمه إلا بعد ثلاث سنوات وبعد أن تركه بنفسه ..
أسبغت عليه كل حبي وحناني ولما بلغ سن الزواج زوجته من فتاة أحبها لأخلاقها ودينها وكرم أهلها ..
طلقها بعد خمس سنوات ..
بعد أن أنجبت له ولداً وبنتاً ..
طلقها لأنها كما يقول غير متعلمة ..
وتزوج أخرى تعمل مدّرسة ..
وقمت أنا بتربية ابنه وابنته ..
وكنت أخدم زوجته لكونها مدّرسة ونفسي راضية ..
وبعد فترة أصبحت لا تحب طعامي وتقول أني لا أعتني بالبيت كما ينبغي ..
فطلبت خادمة وتكفلت هي بمرتبها ..
ولما جاءت الخادمة استغنوا عن خدماتي ..
وأصبحت ضيفة ثقيلة على زوجة ابني ..
أصبحت ضيفة ثقيلة على زوجة ابني ..
أخذت تتهمني بالتدخل فيما لا يعنيني وأني أتدخل بشؤون الخادمة ، بل وأني أتلفظ عليها بألفاظ لا تليق ..
أصبح ابني لا يكلمني ..
بل أخرجني من غرفتي داخل البيت إلى الملحق الخارجي للبيت حيث سكن الخادمة ..
وأدخلوا الخادمة مكاني لحاجتهم لها ..
أدخلوا الخادمة مكاني لحاجتهم لها كما يقولون وخوفهم عليها ..
أما أنا فانتهت حاجتهم لي ولماذا يخافون علي !!..
لا أصدق أماه أنهم فعلوا هذ بك ..
تقول : تحملت هذا ورضيت وكتمت غيظي لأنه ابني أحبه ، ثم من أجل ولده وبنته من زوجته الأولى ..
في يوم عدت من زيارة ابنتي التي تسكن في مدينة أخرى ..
فلما توجهت إلى الملحق الذي أسكن فيه وجدت عفشي وفراشي وصندوقي الصغير قد وضعوا خارج الغرفة ..
ولما طرقت الباب عليهم أسألهم عن السبب قالت زوجة ابني وابني يقف خلفها :
لقد احتجنا للملحق ليكون مستودعاً لأغراضنا ..
قالت : وأنا أين أهب ..أنا أين أذهب وبمثل هذا الوقت ؟!..
قالت _ يعني الزوجة _ اذهبي إلى أي مكان ..اذهبي إلى أي مكان إلا داخل البيت وأرض الله واسعة ..
لا أصدق أماه أنهم يفعلون هذا بك ..
أين القلوب !..
أين المشاعر !..
أين الإحساس !..
تقول الأم : العجيب أن ابني خلفها لم يحرك ساكناً ولم ينطق بكلمة ..
طرقت باب الجيران في جو شديد البرودة فلما دخلت على جارتنا قلت :
أريد ان أبيت عندكم الليلة ..
فاستغربت ماذا أقول لها ..فصارحتها فبكت غير مصدقة ..
قلت لها : فقط سأبات عندكم الليلة ثم في الصباح ستأتي ابنتي لتأخذني ..
فقالت : لا عليك والبيت بيتك ..
تقول العجوز ثم في الصباح اتصلت بابنتي وأخبرتها بالخبر وطلبت منها أن تحضر لتأخذني عندها ..
لكنها اعتذرت ..
لكنها اعتذرت لأن زوجها تضايق جداً عندما جلست عندها يومين فقط فكيف إذا سكنت عندهم ..
ثم أغلقت سماعة الهاتف ..
يالله ..
أماه ..أيعقل أنهم فعلوا هذا بك ..
أين جزاء الإحسان !..
أما علموا أن الزوج إذا فقد فبدله زوج آخر ..
وأن الزوجة إذا ذهبت فبدلها زوجة أخرى ..
ولكن إذا ذهبت الأم فكيف سيأتون بأم غيرها ..
لا أصدق أماه أنهم فعلوا هذا بك ..
تقول العجوز : أغلقت ابنتي سماعة الهاتف ومعه أغلقت باب الأمل ..
كنت آمل أن أسكن عندها لأنها ابنتي وهي التي سوف تتحملني وتتحمل كبري وعجزي ..
وصرت أبكي حتى لم أجد دموع أبكيها ..
وعلمت جارتي بالخبر شاطرتني البكاء وقالت : لا عليك فهذا بيتك ونحن أهلك..
وعن طريق أحد المحسنين في حينا لما علم بقصتي وفر لي سكناً قريباً وقام بتجهيزه وقال لي نحن مستعدون لخدمتك من كبيرنا إلى صغيرنا ..
كان أهل الحي يزوروني ويقدمون لي كل شيء إلا ابني لم يزرني ..
بل مرضت مرضاً شديداً وأخذني الجيران للمستشفى وصار أهل الحي يزوروني إلا ابني ..إلا ابني لم يزرني ولم يسأل عني ..
وها أنا أنتظر زيارته وقلبي يتقطع عليه ..
وها أنا أنتظر زيارته وقلبي يتقطع عليه ..
وأدعو الله أن يسامحه ويعفو عنه ..
ما أرحمك اماه ..
رغم ما صنع وفعل لا زلت تدعين له بالعفو والمغفرة ..
لا أصدق أماه أنهم فعلوا هذا بك ..
ولكن ..
قسماً بمن قرن عبادته بالإحسان إليك ..
قسماً بمن قرن عبادته بالإحسان إليك ..
ليدفعن الثمن ولو بعد حين ..
والجزاء من جنس العمل ..
قال ابن عمر رضي الله عنهما قال صلى الله عليه وسلم :
(( البر لا يبلى ..
والذنب لا ينسى ..
والديان لا يموت ..
وكن كما شئت ..
فكما تدين تدان ))..
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( لو علم الله شيئاً أدني من الأف لنهى عنه ..
فليعمل العاق ما شاء أن يعمل فلن يدخل الجنة ..
وليعمل البار ما شاء أن يعمل فلن يدخل النار ))
رواه ابن حبان في صحيحه..
العنصر الآخر
لماذا يبكي هذا ؟!..
يقول أحدهم زرت أخاً لي في الله فقال لي إن والدة جارنا قد ماتت وسيصلى عليها اليوم في الجامع الكبير فهل ترغب بالذهاب معي ..
فقلت : نعم ..وهل يكره الإنسان فعل الخير ..
يقول صلينا على الجنازة ثم تبعناها إلى المقبرة ..
هناك عند القبر كان رجل يبكي بكاءً شديداً ..
قلت : من هذا ؟!..
قال صاحبي : هذا ابنها ..
قلت : ألهذه الدرجة كان يحبها وباراً بها ..
قلت : ألهذه الدرجة كان يحبها وباراً بها ..
قال صاحبي : لا .. بل هي دموع الندم ..بل هي دموع الندم ..لقد ماتت ولم يرها منذ ثلاث سنوات ..
لقد لبثت في المستشفى عشرين يوماً ، وكانت تطلب رؤيته ولم يأتِ لرؤيتها ..
ماتت ولسان حالها : قلبي على ولدي انفطر وقلب ولدي عليّ مثل الحجر ..
هكذا نحن ..
لا نعرف قيمة الشيء حتى نفقده ..
وأي شيء في حياتنا أعظم من أمهاتنا ..
يالله ..
كيف يحتمل الإنسان فراق أمه التي ..
تلقته نطفة لا ترى ..
وتشكل في أحشائها خلية خلية ..
وتكون عظمه من دمها ..
ونبت لحمه من حلو لبنها ..
أمك ..
التي لا يلذ لها طعام ..
ولا يهنأ لها مقام ..
حتى تراك ملئ السمع والبصر ..
كم آثرتك على نفسها مع الخصاصة ..
كم سهرت لتنام ..
كم جاعت لتشبع ..
وكم شقت لتسعد أنت ..
أسألك بالله ..
من ذا الذي يسد الفراغ الذي تركته أمك وهي التي ..
كانت لا ترى الحياة إلا من خلالك ..
والسعادة إلا بوجودك ..
بل جعلت أكبر همومها أن ..
تحملك في بطنها ..
وتحضنك في حجرها ..
وترقبك بنظراتها ..
وترويك من صدرها ..
فأنت لها الأجمل منظراً ..
والأعذب صوتاً ..
ويوم أن عقتتها ردت جفاءك بحبها ..
وغلظتك بشفقتها ..
ونسيانك بسؤالها عنك ..
والله ما عرف قدرها إلا الله ..
حين جعل الجنة تحت أقدامها ..
وجعل النظر إلى وجهها عبادة ..
وربط حقه بحقها وشكره بشكرها ..
قال سبحانه : ﴿ وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ﴾ .
. [النساء:36]
وقال : ﴿ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾ .
(14) لقمان..
وقال صلى الله عليه وسلم :
(( رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه ، قيل من يا رسول الله :
قال : من أدرك والداه عند الكبر أحدهما أو كلاهما ثم لم يدخل الجنة )) .
رواه مسلم، ...
عن رفاعة بن إياس قال : رأيت الحارث العلفي في جنازة أمه يبكي بكاء شديداً ، فقلت :لمَ كل هذا البكاء ؟!..
قال : كيف لا أبكي وقد أغلق عني اليوم باب من أبواب الجنة ..
كيف لا أبكي وقد أغلق عني اليوم باب من أبواب الجنة ..
أماه أنيـني مـرتـفـع ... يسمعـه القاصي والدانـي
أماه ذكرتك غائبة ... فسئمت زماني ومكاني
أعياني رـسمك في ذهني ... وجـهاً يستجمع أحزاني
يا ملك الموت أما تدري ... من بعدك هُدّت أركاني
وحبال البعد تحاصرني ... وتشدّ وثاق الحرمان
سأبرك أمي فاقتربي ... فالدمعة تحرق أجفاني
أماه تعالي مسرعة ... كي أشعر يوما بحنان
أو فابن عندك لي قبراً ... كي أدخل كهف النسيان
عجباً أماه لمن يبدي ... للأم صنوف النكران
لو سلبوا يوماً بسمتها ... غنوا للبر بألحان
ندموا من فرط جهالتهم ... أن باعوا بالباقي الفاني
فالأم نعيـم يعـرفـه ... من جرب يوماً حرمان
عن ابن بريدة عن أبيه ان النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة أتى رسم قبر فجلس إليه فجعل يخاطب ثم قام مستعبراً ..
فقلنا : يا رسول الله إنا رأينا ما صنعت ..قال :
(( إني استأذنت ربي في زيارة قبر أمي فأذن لي ، واستأذنته في الاستغفار لها فلم يأذن لي )).
رواه مسلم . .
فما رؤي باكياً أكثر من يومئذ صلوات ربي وسلامه عليه ..
فيا من فقدت أمك ..
فيا من فقدت أمك ..
ابكي على فقدها وأكثر من دعاءك لها ..
ويا من ما زالت أمك باقية ..
فالزم قدميها فثمَّ الجنة ..
فسيأتي يوم ولن تراها ..
فسيأتي يوم ولن تراها ..
العنصر الآخر ..
حقيقة لا خيال ..
في إحدى القرى المجاورة مرضت الأم العجوز فأخذها ابنها إلى المستشفى وتركها هناك وانتقل إلى العمل في المدينة ..
وبعد مدة عاد إلى قريتهم ..
وحين سألوه عن أمه ..
أجابهم أنها ماتت ودفنها ..
أجابهم أنها ماتت ودفنها وهي على قيد الحياة ..
وبعد مدة ذهب أحد سكان تلك القرية إلى مستشفى المدينة لزيارة قريبة له ، ودخل المستشفى فوجد أم ذلك الشاب بنفس الغرفة التي فيها مريضته ..
فسألها الرجل بتعجب واستغراب : أنت أم فلان؟!..
قالت : نعم ..
قال : من أتى بك إلى هنا ، ومنذ متى وأنت هنا ؟..
قالت : أحضرني ابني منذ سنتين ولم أره من حينها ..
_ اسمعوا ماذا تقول _ تقول : والله إني خائفة عليه ..
والله إني خائفة عليه أن يكون قد أصابه مكروه أو حصل له شر ..
يالله ..
ما أحلم الأم ، وما أحنها ، وما أرفقها ..
رماها ..تركها ..نساها ..
ولا تزال خائفة عليه ..
فقام الرجل بالاجراءات اللازمة وأخرجها وذهب بها إلى القرية ..
ثم قام بإعداد وليمة كبيرة ودعى كل أهل القرية وألح على ابنها بالحضور ..
فلما اجتمع أهل القرية ومن بينهم ذلك الابن سأله الرجل أمام الناس عن أمه ..
فقال : إنها ماتت قبل سنتين ..
قال : إنها ماتت قبل سنتين ..
فقام الرجل وطلب العجوز ثم أتى بها أمام الناس ..
ثم قال : أهذه أمك يا فلان ؟!..
وقال للعجوز : أهذا ابنك يا أم فلان ؟..
فصعق الابن العاق أمام الحضور ولم يستطع الكلام ..
صدقوني إنها قصة حقيقية وليست من نسج الخيال ..
لكن أيعقل مثل هذا ..
أهذا جزاها بعد طول عناها ..
أيعقل مثل هذا ..
وهل هذا من الدين في شيء ..
لم يكرر القرآن الكريم وصية أبلغ تأثيراً وأقوى عبارة بعد عبادة الله وحده ..
كأمره بالإحسان للوالدين وإكرامهما والعطف عليهما ..
اسمعوا معي هذه الآيات ..
قال الله : ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً ﴾ (
ـ ثم تأمل ـ { وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً }..
﴿ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً ﴾ ..
قال صلى الله عليه وسلم يوماً لأصحابه ، وقد كان يمر ببعض الأسرى وامرأة تأخذ وليدها فتضمه إلى صدرها فيقول صلى الله عليه وسلم :
(( أرأيتم هذه طارحة وليدها في النار ؟!))..
قالوا : لا يا رسول الله هي أرحم به من ذلك ..
فقال صلى الله عليه وسلم :
(( فالله أرحم بكم من هذه بولدها ) ..
((فالله أرحم بكم من هذه بولدها ))..
رواه البخاري ومسلم .
وما قال هذا صلى الله عليه وسلم إلا ليبين أن الرحمة الإنسانية في أعلى صورها إنما هي عند الأم فقط ..
ولذلك كرر علينا بأبي هو وأمي :
(( أمك ثم أمك ثم أمك )) ..
فهل عرفنا قدر أمهاتنا !!..
العنصر الآخر والأخير :
هذه ممرضة أمريكية أرسلت هذا الخبر بعنوان :
أذهلني بر الوالدين في الإسلام ..
تقول ..
أول مرة سمعت فيها الكلام عن الإسلام كان أثناء متابعتي لبرنامج في التلفزيون فضحكت من المعلومات التي سمعتها ..
بعد عام من سماعي لكلمة الإسلام سمعتها مرة أخرى و لكن أين !!..
في المستشفى الذي أعمل فيه ..
حيث أتى زوجان وبصحبتهما امرأة كبيرة في السن مريضة ..
جلست الزوجة أمام المقعد الذي أجلس عليه لمتابعة عملي وكنت ألاحظ عليها علامات القلق وكانت تمسح دموعها ..
من باب الفضول سألتها عن سبب ضيقها وبكائها فأخبرتني أنها أتت من بلد آخر مع زوجها الذي أتى بأمه باحثاً لها عن علاج لمرضها ..
كانت المرأة تتحدث معي وهي تبكي وتدعو لوالدة زوجها ..تدعو لها بالشفاء والعافية ..
فتعجبت لأمرها كثيراً ..تأتي من بلد بعيد مع زوجها من أجل أن يعالج أمه ..
تذكرت أمي _ تقول الأمريكية _ تذكرت أمي وقلت في نفسي ..أين أمي ..لم أرها منذ أربعة أشهر ..وإلى الآن لم أفكر بزيارتها ..
هذه أمي ..كيف لو كانت أم زوجي!!..
لقد أدهشني أمر هذين الزوجين ولا سيما أن حالة الأم صعبة ..
وهي أقرب إلى الموت إلى الحياة ..
أدهشني أكثر أمر الزوجة وما شأنها وأم زوجها ..أتتعب نفسها وهي الشابة الجميلة من أجلها !!..
لماذا هذا !..
لم يعد يشغل بالي سوى هذا الموضوع ..
تخيلت نفسي لو أنني بدل هذه الأم ..
يا للسعادة التي سأشعر بها ..
ويا لحظ هذه العجوز ..
أني أغبطها كثيراً ..
كان الزوجان يجلسان طيلة الوقت معها ، وكانت مكالمات هاتفية تصل إليهما من الخارج يسأل فيها أصحابها عن حال الأم وصحتها ..
دخلت يوماً غرفة الانتظار فإذا الزوجة تنتظر فاستغللتها فرصة لأسألها عما أريد..
حدثتني كثيراً عن حقوق الوالدين في الإسلام وأذهلني ذلك القدر الكبير الذي يرفعهما الإسلام إليه وكيفية التعامل معهما ..
بعد أيام توفيت العجوز ..
فبكى ابنها وزوجته بكاء حاراً وكأنهما طفلان صغيران ..
بقيت أفكر في هذين الزوجين وما علمته عن حقوق الوالدين في الإسلام ، وأرسلت إلى أحد المراكز الإسلامية أطلب كتباً عن حقوق الوالدين ..
ولما قرأته عشت حلماً لا يغادرني ..
أتخيل خلالها أني أنا الأم ولي أبناء يحبونني ويسألون عني ويحسنون إلى حتى آخر لحظات عمري ودون مقابل ..
هذا الحلم الجميل جعلني أعلن إسلامي ..
هذا الحلم الجميل جعلني أعلن إسلامي ..
دون أن أعرف الإسلام ..
لم أعرف منه إلا حقوق الوالدين ..
فالحمد لله تزوجت من رجل أسلم وأنجبت منه أبناء ما برحت أدعو لهم بالهداية والصلاح ..
أنا اليوم أم عبد الملك ..
أنا اليوم أم عبد الملك فادعو لي ولأبنائي بالثبات ..
هذا هو ديننا ..
هذا هو ديننا ..
وهذه هي أخلاقنا ..
﴿ لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ﴾ .
164 من سورة آل عمران.
اسمعوا ماذا يصنع البر بأهله
اسمعوا ماذا يصنع البر بأصحابه ..
عن أسيد بن عمرو كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا أتى عليه إمداد أهل اليمن سألهم : أفيكم أويس بن عامر ؟..
حتى أتى على أويس فقال : أنت أويس بن عامر ؟..
قال : نعم
قال : من مراد ثم من قرن ؟..
قال : نعم ..
قال : فكان بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم ؟..
قال : نعم ..
قال : لك والدة ؟..
قال : نعم ..
_ اسمع _ ..
قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
((يأتي عليكم أويس بن عامر مع إمداد أهل اليمن .. من مراد ثم من قرن .. كان به برص فبرأ منه إلا موضوع درهم .. له والدة هو بار بها .. لو أقسم على الله لأبره )) ..
اسمع ماذا يصنع البر بأهله ..
(( له والدة هو بار بها .. لو أقسم على الله لأبره ..فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل )) ..
فاستغفر لي _ يقول له عمر _ فاستغفر لي..فاستغفر له ..( رواه مسلم )..
يالله ..
بره بوالدته بلغ به منزلة لو أنه أقسم على الله لأبره ..
أي بر هذا وما أعظم بر الوالدين ..
بروا آباءكم تبركم أبناؤكم ..
بروا آباءكم تبركم أباؤكم ..
اللهم اغفر لنا ولوالدينا ووالد والدينا ولكل من له حق علينا ..
أذكركم أحبتي قبل النهاية ..
أن الذي تبنى هذا اللقاء هو مؤسسة الوقف التي تتبنى مشروعاً اسمه مشروع الأم هي التي تبنت هذا اللقاء وقامت بالإعداد له .. تقيم وقفاً للأم في المدينة المنورة حيث تقيم وقفاً لصالح الأم ..
فاجعلوا للأم من هذا الوقف نصيب ..
لا يتردد منكم أحد ، وردوا بعضاً من فضل الأمهات بدعم هذا المشروع العظيم..
والأمهات والآباء إن ماتوا فتنفعهم الصدقات الجارية ..
فاجعلوا لأنفكسم ولأمهاتكم وآبائكم من هذا نصيباً ..
وما أعظم بر الوالدين ..
اللهم اجز والدينا عنا خير الجزاء يا سميع الدعاء ..
اللهم اغفر لهم وارحمهم ..
عافهم واعف عنهم ..
اشرح صدروهم ..
يسر أمورهم ..
اغفر ذنبهم ..
واستر عيبهم ..
ارحم شيبتهم ..
أطل أعمارهم ..
واختم بالصالحات أعمالهم ..
اللهم اجز الأمهات عنا خير الجزاء يا رب الأرض والسماء ..
اجزهم بالإحسان إحساناً وبالسيئات صفحاً وعفواً وغفراناً ..
اللهم من كان منهم ميتاً فاغفر له وارحمه وعافه واعف عنه ..
وأبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله وزوجاً خيراً من زوجه ..
اللهم اجمعنا ووالدينا في جنات النعيم ..
اللهم وفقنا لبر أمهاتنا ووالدينا يا رب العالمين ..
اللهم ارحمهم ..
اللهم ارحمهم كباراً كما ربونا صغاراً ..
اللهم ارحمهم كباراً كما ربونا صغاراً ..
اللهم تجاوز عنهم يا رب العالمين ..
اللهم رحماك بأمهاتنا في العراق ..
اللهم رحماك بأمهاتنا في فلسطين ..
اللهم رحماك بأمهاتنا في أفغانستان ..
اللهم رحماك بأمهاتنا في الشيشان ..
اللهم ارحم دموعهم ..
اللهم كن لهم عوناً وظهيراً ومؤيداً ونصيراً ..
اجبر كسر قلوبهم يا رب العالمين ..
﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ،
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
180..181..182سورة الصافات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق