عهد الختام ..لشهر الصيام
عندما يصل رمضان إلى خاتمته السنوية، يفترض أن يكون قد أوصل رسالات ، تحتاج منا إلى تأملات ..
★.. فبمثل ما استقبلنا رمضان كاستقبال المودعين؛ فلنودعه وداع المستقبلين، لأن ما يتلوه من الشهور كله من أعمارنا ، ويحتاج للشكر عملا بالطاعات ، وتحصيلا للحسنات والدرجات {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (البقرة/١٨٥)
★.. ومن وفقه الله للإخلاص في الصيام والقيام إيمانا واحتسابا طوال الشهر، فهو في حاجة لهذا الإخلاص طوال العمر ، في جميع الأعمال والأقوال والأحوال: { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (البينة/٥)
★.. القدرة على صيام شهر طويل، تدل على وجودها بعده بالتواصل في السنن والنوافل، فخذ بحظك من الصيام طوال العام، فصيام كل يوم منها خلال العام يصدق عليه قول النبي عليه الصلاة والسلام : ( من صامَ يومًا في سبيلِ اللهِ زحزحَ اللَّهُ وجْهَهُ عنِ النَّارِ بذلِكَ اليومِ سبعينَ خريفًا).أخرجه أحمد والترمذي والنسائي ،وصححه في الألباني برقم(٢٢٤٣)
★.. قدرتك على القيام مهما أطال الإمام ؛ تدل على قدرتك على طول القيام في كثير من أيام العام ، فلاتحرم نفسك من هذا الفضل والشرف، فقد قال أمين السماء(عليه السلام ) لأمين الأرض ( عليه الصلاة والسلام : (..واعلمْ أنْ شرفَ المؤمنِ قيامُهُ بالليلِ، وعزَّهُ استغناؤهُ عنِ الناسِ) صححه الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم(٨٩)
★ إذا كنت قد ختمت القرآن مرات أو مرة أو بعض مرة في رمضان، فأنصفت بذلك نفسك وأنقذتها من معصية هجران القرآن، فلتكن لك همة في ختمه وتدبره والعمل به خلال شهور العام ؛ حتى تكون أهلا لأن تكون من أهله الذين قال فيهم الرسول الله صلى الله عليه وسلم : (إنَّ للَّهِ أَهْلينَ منَ النَّاس قالوا : يا رسولَ اللَّهِ ، مَن هُم ؟ قالَ : هُم أَهْلُ القرآنِ ، أَهْلُ اللَّهِ وخاصَّتُهُ) صححه الوادعي في الصحيح المسند برقم (٧٨)
★..محافظتك بقدر استطاعتك طوال شهر الصيام على سلامة قلبك، وصيانة سمعك وبصرك عن الحرام، هي واجبات لا تذهب بغروب المغرب بعد آخر أيام الشهر..بل تبقى مسؤولا عنها طوال العمر ..{ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} (الإسراء/٣٦).
★..تخلقك بالأخلاق الحسنة في شهر الصيام ، وأمساكك عن سيئها مع أهلك وإخوانك وحتى سابع جيرانك، هو تثقيل للموازين تحتاج تكثيره وتكميله على مر السنين، لأن ( أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلقًا وخيارُكم خيارُكم لأهلِه)
صحيح الترغيب والترهيب( رقم ٣/٣٥٨)
★ ..تقربك إلى القريب المجيب سبحانه، بصلة أهلك وأرحامك وإخوانك وجيرانك في الشهر الكريم ؛ لا تقطعها ولا تصم عنها بعد شهر الصيام ، فيختل ميزانك بقطع ما أمر الله به أن يوصل، حيث قال : { وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ} (الرعد/٢١)
★ ..كنت طوال الشهر جوادا كريما آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر، لأن الشهر الكريم علمك أن تكون جادا كريما ؛ فواصل ذلك تأسيا بنبيك، فقد ( كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ النَّاسِ، وَأَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ.) البخاري في الأدب المفرد ( ٥٦٨٦)
★ .. عاهد الله بالمحافظة على الطاعات وأنت في نهاية الأيام المعدودات، فالعمر كله سنوات وايام وساعات معدودات، وقد كان نبيك الكريم طوال حياته يعاهد الله على الطاعة في كل ساعة قبيل الليل، وأول النهار فيقول في "سيد الاستغفار"..( اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي؛ فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ ) أخرجه البخاري برقم(٦٣٠٦)
★..من أعظم النعم علينا في ختام الشهر أن نخرج مغفورا لنا ، وهي نعمة من الحنان المنان، لا ينبغي تحويلها إلى نقمة بالعودة للتحول والعصيان .
فاللهم كما سلمتنا رمضان سالمين؛ فتسلمه منا مقبولين في صيامنا وقيامنا، وأعنا على عهده طوال عمرنا، وأعده علينا أعواما عديدة، وسنوات مديدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق