زادك للقبول.. وتجارتك التي لن تبور
جاء اقتران القرآن برمضان.. لتنزله في أعظم لياليه، واقتضت الحكمة فرض الصيام فيه؛ لأنه أقوى أسباب إزالة العوائق وقطع العلائق الحاجبة عن مطالعة أسراره والتفهم لأحكامه وأخباره، ولذلك عد السلف الكرام شهر الصيام شهر القرآن، تلاوة، وتدبرا، وتعبدا وتخلقا ..
فلما سئل الإمام الزهري عن ما ينشغل به المرء في رمضان قال: (إنما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام)..
وكان الإمام الثوري إذا دخل رمضان؛ ترك العبادات غير المتعينة فيه وأقبل على تلاوة القرآن، وكان الإمام مالك إذا دخل الشهر؛ هجر مجالس العلم، وأقبل على التلاوة من المصحف
[كتاب وظائف رمضان لابن رجب ص٤٣]
وكان مقصودهم من تقديم القرآن على غيره التفرغ للتدبر، زيادة في استجلاب المحاب المقدمة عند الله، وتتمثل في عشرة أسباب، كما عدها الإمام ابن القيم؛ حيث قال :
«أولى هذه الأسباب: قراءة القرآن بالتدبر والتفهم لمعانيه وما أريد به، كتدبر الكتاب الذي يحفظه العبد ويشرحه ليتفهم مراد صاحبه منه»
[ مدارج السالكين ٣/٧]
وبتلك المحبة يتوجب أن نعد رمضان موسما لأربح التجارات، متسابقين فيه ومسارعين للخيرات، لنوال أعلى الدرجات،
كما قال الجواد الكريم سبحانه:
(إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ (٢٩)
لِيوَفِّيَهُمْ أجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ ۚ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ)
[ فاطر/٣٠]..
وقد يسأل سائل: هل هناك أعلى من ذاك الشكر والغفران من الرحمن؟
والجواب نعم.. أن تكون يا صاحب القرآن من خاصة الرحمن؛ الذين قال عنهم الرسول عليه الصلام والسلام:
(إنَّ للَّهِ أَهْلينَ منَ النَّاس قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، مَن هم ؟ قالَ: أَهْلُ القرآنِ، هم أَهْلُ اللَّهِ وخاصَّتُهُ)
[رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة (١٧٨) ]
فاللهم اجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصتك، يا رب العالمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق