﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُون﴾ [الأنعام: ١١٢]
إنه إذن «وحي شيطاني» يتمثل في «زخرف القول»، يدفع به المفترون «المفتونون» وحيَ الله وما جاء به رسوله ﷺ بباطلهم وشبهاتهم وأهوائهم وغرورهم بأنفسهم واغترار الناس بهم تحت شعار «الواقعية السياسية» التي لا يعرف حقيقتها المثاليون الحالمون، وافتتن بسحرها الواقعيون العالمون!
قال ابن جرير الطبري في تفسير الآية: (فإنه يعني أنه يلقي الملقي منهم القول، الذي زينه وحسنه بالباطل إلى صاحبه، ليغتر به من سمعه، فيضل عن سبيل الله)!
وروي عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾ يقول: (حسن بعضهم لبعض القول ليتبعوهم في فتنتهم)!
وروي عن ابن زيد في قوله تعالى: ﴿زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾ قال: “الزخرف”، المزين، حيث زين لهم هذا الغرور، كما زين إبليس لآدم ما جاءه به وقاسمه إنه له لمن الناصحين. وقرأ: ﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاء فَزَيَّنُوا لَهُم﴾، قال: ذلك الزخرف).
ثم قال ابن جرير: (وأما “الغرور”، فإنه ما غر الإنسان فخدعه فصده عن الصواب إلى الخطأ وعن الحق إلى الباطل).
وليس في زخرف القول اليوم كمثل زخرف كلمة (السياسة الواقعية) و (الواقعية السياسية)، ولا في الباطل كمثل من يدفع وحي الله وأحكامه القطعية بشبهة (المثالية)!
ليتفصى الواقعيون من أحكام الله السياسية ويعطلوا فروضه الكفائية التي لا تسقط بحال عن الجميع بهذه الشبهة الشيطانية!
فإذا نظرت في (المثالية) التي يعنونها فإذا هي الواقعية نفسها عند كل أمم الأرض الحرة!
فمقاومة المحتل التي مارستها كل شعوب الأرض وبزّ فيها البوذيون الفيتناميون غيرهم في ضرب المثل في المقاومة والتضحية -حتى طردوا المحتل الأمريكي بعد عشر سنوات ذهب فيها نحو ستة ملايين قتيل هم نصف شعب فيتنام آنذاك من أجل تحررها- باتت في أدبيات أحزاب (الإسلام السياسي الوظيفي) اليوم مثالية مفرطة!
فلا يحتاجون لتبرير وهنهم وغثائيتهم إلا بوصف ما عداها بالمثالية!
وصدق فيهم قوله ﷺ: (يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة على قصعتها، قال: قلنا. يا رسول الله أمن قلة بنا يومئذ؟ قال: أنتم يومئذ كثير، ولكن تكونون غثاء كغثاء السيل، ينتزع المهابة من قلوب عدوكم، ويجعل في قلوبكم الوهن، قال: قلنا: وما الوهن؟ قال: حب الحياة وكراهية الموت)!
كما غدا في نظرهم إقامة (نظام حكم سياسي إسلامي) مثالية مفرطة!
قيام عشرات الأنظمة الشيوعية والاشتراكية في العالم الإسلامي!
بينما استطاع الشيوعيون والاشتراكيون إقامة عشرات الأنظمة والدول الشيوعية والاشتراكية في أكثر دول العالم حتى في العالم الإسلامي!
فما تركت أحزاب (الإسلام السياسي الوظيفي) من أحكام الإسلام السياسية حكما إلا نقضته بشبهة (المثالية)!
ومضى «الواقعيون» في غيهم وغرورهم حد اقتحام سبل الردة السياسية كلها من كل أبوابها، وهم مطمئنون فرحون بما يعملون راضون عما يفعلون! يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا!
فلا يحتاج «الإسلاميون الجدد» منذ أن لبّس عليهم الشيطان دينهم أكثر من قول (هذه هي الواقعية) ليصبح قتالهم تحت راية المحتل الأمريكي لاحتلال أفغانستان سنة ٢٠٠١م -وحربهم طالبان والمجاهدين في سبيل الله في أفغانستان- أمرا جائزا بل واجب شرعي يفتي لهم به أولياؤهم بوحي شيطاني فهم يجاهدون ويموتون مع الأمريكان بوحي الشيطان من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان!
وهو مما يُعلم من دين الإسلام بالضرورة القطعية أنه كفر ينتقض به الإسلام بالنص والإجماع!
فإذا انبرى أحدهم لتبرير فعلهم هذا بحق شعبهم وأمتهم ودينهم أتى بزخرف القول حتى يكاد يقتنع سامعه بأن لقوله وجاهة، ولرأيه حصافة، فلا يزال يدفع كل حجة قرآنية بكل شبهة شيطانية، وكل نص قرآني بزخرف شيطاني، حتى يتمنى سامعه لو أنه كان معهم في “ردتهم” تلك فيفوز فوزا عظيما!
ليصبح ما يمارسونه ويزينونه بزخرف القول هو الإسلام نفسه، وهو المصلحة عينها، وما وراء ذلك «مثالية» تمضي فيها طالبان ومن معها، بلا فقه ولا معرفة بمقاصد الإسلام في حفظ الأنفس والأموال، التي استباح الواقعيون حرمتها باصطفافهم مع المحتل الأمريكي!
لتثبت لهم طالبان بعد عشرين سنة بأن المثالية واقعية، وأن هزيمة أمريكا والنيتو معها أمر ممكن لجماعة واحدة في بلد فقير، كيف لو تداعى المسلمون كلهم لها وجاهدوا معها؟!
(السياسة) و (الواقعية) و (المقاصد) ألفاظ براقة
وإذا (السياسة) و (الواقعية) و (المقاصد) ألفاظ براقة فارغة لا مضمون لها يغرون بها أنفسهم وأمتهم مهما ذهب بسببها من حرمة الدين والأرض والدم والعرض!
وإذا هم يمضون في زخرف قولهم بوحي شياطينهم مع المحتل الأمريكي من كابل التي قتلوا فيها مئات الآلاف من الأفغان المستضعفين، إلى بغداد التي قتلوا فيها الملايين من المسلمين! في حملة استعمارية صرّح بوش أمام العالم كله بأنها ستكون حملة صليبية! شارك فيها الإيرانيون الطائفيون والإسلاميون الوظيفيون!
فإذا ما كان بالأمس ردة بإجماع الفقهاء وبنص الوحي القرآني ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾[المائدة:51] يغدو اليوم بالوحي الشيطاني وزخرف القول “سياسة واقعية” يوجبها الإسلام وتفرضها المصلحة، لا يعرفها إلا من أوتوا فقها وفهما لمقاصد الدين وغاياته من فقهاء الجماعات الوظيفية الأمريكية! فيرخصون دماءهم ودماء شعوبهم من أجل إقامة الديمقراطية وحقوق الإنسان في العراق تحت ولاية الحاكم العسكري الأمريكي بريمر!
كما أقاموها في أفغانستان بمساعدة زلماي زاد!
فأبى الله أن يجعل للمنافقين حظا في فسطاط المؤمنين كما أخبر النبي ﷺ (ثم فتنة الدهيماء لا تدع أحدا من هذه الأمة إلا لطمته لطمة، فإذا قيل: انقضت، تمادت، يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا، حتى يصير الناس إلى فسطاطين: فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه).
وأكرم الله تلك العصابة المجاهدة من العرب التي كسرت صليبهم بالشهادة كما بشر النبي ﷺ في الحديث الصحيح:
(تصالحون الروم صلحا آمنا حتى تغزوا أنتم وهم عدوا من ورائهم فتنصرون وتغنمون وتنصرفون حتى تنزلوا بمرج ذي تلول، فيقول قائل من الروم: غلب الصليب، ويقول قائل من المسلمين: بل الله غلب فيثور المسلم إلى صليبهم وهو منه غير بعيد فيدقه، وتثور الروم إلى كاسر صليبهم، فيضربون عنقه، ويثور المسلمون إلى أسلحتهم فيقتتلون، فيكرم الله تلك العصابة من المسلمين بالشهادة، فتقول الروم لصاحب الروم: كفيناك العرب، فيجتمعون للملحمة، فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كل غاية اثنا عشر ألفا).
المنافقون يحاججون من خالفهم
وإذا المنافقون يحاججون من خالفهم -ورفض ردتهم من المثاليين- بنفَس شيطاني يزينونه بزخرف من القول غرورا يكاد سامعه يصدقهم بأنه فعلا هو دين الحق وما يحبه الله ويرضاه لهم ومنهم!
﴿وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُون﴾!
وإذا هم يرددون زخرف أسلافهم من قبلهم (هذا مثالية وتنظير وإنما العبرة عند التنزيل على الواقع) فهنا تأتي (الواقعية السياسية) التي لا يجيدها إلا هم ولا يعرف بواطنها غيرهم!
فيستحلون بهذا «الوحي الشيطاني» هدم أصول التوحيد والإيمان من الولاء والبراء إلى رفض إقامة الخلافة والجهاد والحكم بما أنزل الله! فالغاية عندهم هي الديمقراطية بلا سيادة للأمة ولا حرية!
ثم يمضي بهم قطار «الإسلام الأمريكي» الديمقراطي سنة ٢٠٠٦ إلى حيث أرض الرباط والجهاد فلسطين -وأمريكا تواجه في العراق هزيمة لم تعرف مثلها منذ حرب فيتنام باعتراف قادتها- فإذا “الواقعيون السياسيون” في غزة بدلا من جهاد المحتل مع أمتهم يشاركون في انتخابات سلطة أوسلو سنة ٢٠٠٦ وبإشراف الرئيس الأمريكي جيمي كارتر الذي وقّع اتفاقية كامب ديفيد!
وتوقفت العمليات الاستشهادية وتعطل الجهاد -بعد أن استشهد المثاليون وتم تصفيتهم كالمقادمة وأبو شنب والشيخ أحمد ياسين والرنتيسي- وإذا رواتب قادة مقاومة (حكومة أوسلو) في غزة تأتي من قطر عبر بنوك المحتل الصهيوني!
ليقوموا بضبط الأمن فيها فيسجنون أو يقتلون كل من يطلق صاروخا على إسرائيل دون إذنهم من الجماعات الجهادية تماما كما يفعل حزب الله في جنوب لبنان!
فقوى المقاومة -برعاية نظام الأسد وإيران- هي التي لها وحدها الحق أمريكيا في خوض المعركة مع المحتل الصهيوني!
فأصبحت أرض فلسطين المحتلة خارج دائرة أخطر صراع تخوضه الأمة من كابل إلى بغداد ضد الحملة الصليبية التي اجتاحتها مطلع ٢٠٠١م!
كيف جرى ذلك؟ ولم حدث ما حدث كذلك؟
هل حماس حركة مقاومة؟!
وهنا تحتاج حماس إلى ماكينة إعلامية ضخمة لإقناع الأمة وشعوبها أنها ما زالت فعلا حركة مقاومة سنية مهما طال عليها الأمد! ومهما توسع العدو الصهيوني وتمدد، ومهما بسط نفوذه على المنطقة من تل أبيب إلى مسقط شرقا والدار البيضاء غربا فضلا عن غزة المحتلة!
ومهما فرض العدو «صفقة القرن» واتخذ القدس عاصمة أبدية له!
ومهما شقت حماس صف الشعب الفلسطيني وفرقت وحدته!
ومهما عجزت عن حماية أهل غزة فضلا عن تحرير أهل الضفة!
ومهما دمر العدو غزة وهجر أهلها حتى بلغ عدد من يهاجر منها سنويا ٧٠ ألف شاب فلسطيني يفرون من سجن الحصار -الذي تديره حماس نيابة عن المحتل وتتقاضى ثمنه من قطر- بحثا عن الرزق والأمن في أقطار الأرض ثم لا يعودون إليها في أخطر تغيير ديمغرافي اختياري يجري في فلسطين!
فيأتي هنا الوحي الشيطاني بزخرف القول: إنها «المقاومة الواقعية» التي تعرف متى تقصف ومتى تقف! ومتى تحارب ومتى تعاهد! والتي لو سقطت في غزة وخرجت من السلطة -التي منحها إياها التفاهم الأمريكي الإسرائيلي بموجب اتفاق أوسلو ٢٠٠٦ ثم قامت بالانقلاب عليه ٢٠٠٧- لسقطت آخر قلاع المقاومة واستباح العدو كل شيء لولا قدرة حماس على التحكم وإدارة الصراع بحنكة وذكاء!
والذي كاد يفسده عليها «المثاليون القاعدون» القابعون في سجون غزة تنفيذا للتفاهم الأمني بين حماس وأمريكا لمكافحة الإرهاب!
فأمريكا هي الضامن لعملية السلام والراعي لقرارات الشرعية الدولية والتي بناء عليها تخلت حماس في ميثاقها عن تحرير أرض فلسطين التاريخية والاعتراف بحدود ١٩٦٧م وقد أوجب الله الوفاء بالعهود وحماس أوفى من عاهد وأصدق من جاهد!
وغزة هي آخر حصون الأمة التي إذا سقطت سقطت الأمة كلها لا قدر الله!
حتى وإن اجتاحت الحملة الصليبية العالم الإسلامي واستباحت الأمة من كابل إلى بغداد فدمشق فحلب فالموصل وقتلت الملايين من المسلمين بالتعاون مع حلفاء غزة من الصفويين الباطنيين!
فالمهم أن تبقى حماس في سلطة الحكم الذاتي في «غزة المحتلة» برا وجوا، ولو لم تحرر شبرا واحدا من أرض فلسطين!
فليست حكومة حماس أقل شأنا من حكومة جمال عبد الناصر فقد هزم في حرب ١٩٦٧م، واحتُلت القدس والضفة، فلم يسقط نظامه!
قوة الإرادة والعزيمة والثبات
فالمهم قوة الإرادة والعزيمة والثبات الذي لا يعرفه المثاليون الحالمون الذين لا يحسنون إلا الثرثرة في السجون التي تحرسها حماس وتقوم بتعذيبهم وانتزاع الاعترافات منهم ومصادرة أسلحتهم حماية للأمن الوطني والنظام الدولي!
ثم تمضي «السياسة الواقعية» -يرصدها المؤرخون «الملهمون» الذين يرون ما لا يبصره المثاليون- فإذا الثورة في سوريا تتداعى عليها الأمم فيأتي الصفويون الإيرانيون بالمحتل الروسي سنة ٢٠١٥ -وبالتنسيق مع المحتل الأمريكي وحملته الجوية التي كانت تقصف فصائل المجاهدين السوريين- ويعبرون بميليشياتهم آمنين يقودهم قاسم سليماني وحزب الله وقوى المقاومة الباطنية فيقتلون ويهجرون من الشعب السوري الملايين لمصلحة الحملة الصليبية!
ثم يعودون بعد تدمير حلب ليدمروا الموصل بغطاء جوي أمريكي!
في مذابح لم يشهد لها العالم الإسلامي مثيلا إلا ما فعل أسلافهم مع المغول حين احتلوا العراق والشام!
فإذا حماس تنأى بنفسها عن الأمة ومعركتها في الشام التي هي عمقها الإستراتيجي بدعوى عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى! وبدعوى النأي بالقضية الفلسطينية الوطنية عن الصراعات الإقليمية والحملة الصليبية!
حتى إذا اغتفرت الأمة وشعوبها لحماس ذلك -على مضض- مراعاة لضعفها والحصار الذي فرض عليها، إذا هي تخرج من تقيتها وتصرح بعقيدتها التي كانت تستبطنها، فتعد قتلى فيلق القدس شهداء، وتمجد قائدهم سليماني وتعده سيد الشهداء وتقيم له ذكرى سنوية للعزاء!
ففزعت الأمة من هذا الخطاب الصفوي وكذبت أذنها -بعد أن أغمضت عيونها منذ ٢٠٠٦- أن تكون هذه حماس التي تعرفها!
طوى الجزيرة لما جاءني خبر
فزعت منه بآمالي إلى الكذب!
كيف حدث ذلك؟ ولمَ لم تأخذ الأمة على محمل الجد -طوال هذه السنوات- التصريحات الإيرانية الرسمية بأن حماس ذراع من أذرعتها في المنطقة!
من خدع الأمة بحماس أوسلو؟
كيف صدق المسلمون بأن نظام الأسد -الذي دمر المخيمات الفلسطينية في لبنان ١٩٨٢ وشارك في إخراج منظمة التحرير الفلسطينية منها بتفاهم أمريكي روسي لتأمين حدود إسرائيل ودك حماة التي ثارت من أجل فلسطين- هو الذي سيكون بعد ذلك الراعي الرسمي لفصائل المقاومة الجديدة ولمدة أربعين سنة!
ثم تغافل المثاليون عن ذلك كله وعدوها أهون ما جرى على الأمة من مصائبها!
روعت بالبين حتى ما أراع له…
وبالمصائب في أهلي وجيراني
ومضى «الواقعيون السياسيون» في باطلهم تؤزهم شياطينهم فإذا نظام البشير الإسلامي -الذي جاء بانقلاب عسكري بترتيب أمريكي وتمويل خليجي سنة ١٩٨٩ والذي قتل من مسلمي دارفور آلاف الأبرياء ونفذ مشروع تقسيم السودان ووافق على التطبيع مع إسرائيل ٢٠١٦م- يقف مع نظام بشار الأسد إلى آخر يوم من حكمه! حتى إذا ثار الشعب السوداني يريد حريته فإذا هو يمتنع منه ويأبى عليه ولا يسلم السلطة إليه بل لمن أرادت منه أمريكا ودول الخليج تسليم السلطة لهم! بعد أن انتهى دوره ودمر بلده وجعل السودان خرابا يبابا يديره الليبراليون والشيوعيون!
وما كادت الأمة تفيق من فجيعتها بالسودان و«حركته الإسلامية» فإذا الإسلاميون «الواقعيون السياسيون» في المغرب يبزون الجميع في واقعيتهم ويوقعون معاهدة التطبيع مع المحتل الصهيوني بعد أن تبين لهم أخيرا أن التطبيع عين الحكمة وحقيقة المصلحة!
لينبري المؤرخون «الملهمون» ليحاججوا عن قادتهم ويذودوا عن حياض «قبيلتهم السياسية» بأنه مع كل هذه الموبقات التي اقترفوها والجرائم التي يقرون بوقوعها -من القتال مع المحتل الأمريكي إلى التطبيع مع المحتل الصهيوني إلى تمجيد مَن قتل مليوني مسلم- فإنهم مع ذلك كله خير من غيرهم! وأحسن رأيا وأحكم عقدا وأصدق قولا وأصلح حالا ممن سواهم من الغوغائيين الذين شاركوا في قتل عثمان بن عفان!
فقد عقمت الأمة أن تنجب خيرا منهم ولا يتوقع لها أن تأتي بخير منهم، فعليها أن تحافظ عليهم وتخضع لهم كما يوصي بذلك المؤرخون الملهمون!
يقضى على المرء في أيام فتنته
حتى يرى حسنا ما ليس بالحسن!
فهذه أحزاب (الإسلام السياسي الوظيفي) والركام الوظيفي وإيران الصفوية هي آخر قلاع الإسلام التي إذا انهارت سقطت الأمة وشعوبها ورأت من عدوها ما لم يكن لها بالحسبان ممن هو على شاكلة السيسي وابن سلمان!
وأعوذ بالله من وحي الشيطان!
وهوس الإنسان وفتنة قطر وإيران!
وهنا يحاول من عصمه الله أن يبحث في أصل هذه الفتنة الشيطانية، ومن بذر بذورها، وسقى جذورها، ومتى نمت حتى اشتجرت أغصانها، فيجد الشهيد سيد قطب قد كتب عن (الإسلام الأمريكاني) مبكرا في مجلة الرسالة العدد ٩٩١ بتاريخ ٣٠/ ٦/ ١٩٥٢م!
حيث يقول رحمه الله: (الأمريكان وحلفاؤهم مهتمون بالإسلام في هذه الأيام، إنهم في حاجة إليه ليكافح لهم الشيوعية في الشرق الأوسط، بعدما ظلوا هم يكافحونه تسعة قرون أو تزيد، منذ أيام الحروب الصليبية! إنهم في حاجة إليه كحاجتهم إلى الألمان واليابان والطليان الذين حطموهم في الحرب الماضية، ثم يحاولون اليوم بكل الوسائل أن يقيموهم على أقدامهم، كي يقفوا لهم في وجه الغول الشيوعي، وقد يعودون غدا لتحطيمهم مرة أخرى إذا استطاعوا!
والإسلام الذي يريده الأمريكان وحلفاؤهم في الشرق الأوسط، ليس هو الإسلام الذي يقاوم الاستعمار، ليس هو الإسلام الذي يقاوم الطغيان، ولكنه فقط الإسلام الذي يقاوم الشيوعية! إنهم لا يريدون للإسلام أن يحكم ولا يطيقون من الإسلام أن يحكم لأن الإسلام حين يحكم سينشئ الشعوب نشأة أخرى، وسيعلم الشعوب أن إعداد القوة فريضة، وأن طرد المستعمر فريضة، وأن الشيوعية كالاستعمار وباء، فكلاهما عدو وكلاهما اعتداء!
الأمريكان وحلفاؤهم إذن يريدون للشرق الأوسط إسلاما أمريكانيا، ومن ثم تنطلق موجة إسلام في كل مكان..
فالكلام عن الإسلام ينطلق في صحافة مصر هنا وهناك، والمناقشات الدينية تغرق صفحات بأكملها في صحف لم يعرف عنها في يوم ما حب الإسلام ولا معرفة الإسلام!
ودور النشر – ومنها ما هو أمريكاني معروف- تكتشف فجأة أن الإسلام يجب أن يكون موضوع كتبها الشهرية! وكتاب معروفون ذوو ماض معروف في الدعاية للحلفاء، يعودون إلى الكتابة عن الإسلام، بعد ما اهتموا بهذا الإسلام في أيام الحرب الماضية ثم سكتوا عنه بعد انتصار الحلفاء! والمحترفون من رجال الدين يصبح لهم هيل وهيلمان، وجاه وسلطان، ولمسابقات عن الإسلام والشيوعية تخصص لها المكافآت الضخام!
أما الإسلام الذي يكافح الاستعمار -كما يكافح الشيوعية- فلا يجد أحدا يتحدث عنه من هؤلاء جميعا!
وأما الإسلام الذي يحكم الحياة ويصرفها، فلا يشير إليه أحد من هؤلاء جميعا.. ما دور العلم الذي يعلن بالإسلام في هذه الأيام؛ وأما المتاجرون بالدين في ربوع الشرق الأوسط، وأما الذين يسترزقون من اللعب به على طريقة الحواة، أما هؤلاء جميعا فهم الزبد الذي يذهب جفاء عندما يأخذ المد طريقه).
انتهى كلام سيد قطب رحمه الله ولم تنته قصة (الإسلام الأمريكاني)!
لقد قامت الثورة في مصر ٢٣/ ٧/ ١٩٥٢ بعد مقال سيد هذا بثلاثة أسابيع!
طه حسين: في سيد قطب خصلتين: المثالية والعناد
وأقام الضباط الأحرار لسيد قطب فجأة حفلا تكريميا وشارك فيه طه حسين الذي كان يومًا مسئولا عن سيد قطب في وزارة المعارف فقال في هذا الحفل التكريمي: إن في سيد خصلتين هما: المثالية والعناد، وبعد أن تحدث عن أثر سيد في ثورة يوليو ورجالها ختم كلمته بالقول: إن سيد قطب انتهى في الأدب إلى القمة والقيادة؛ وكذلك في خدمة مصر والعروبة والإسلام.
آها لقد كانت (المثالية) هي صفة سيد قطب! والذي أطلقها عليه هو طه حسين! وكان ذلك الحفل بحضور عبد الناصر نفسه وجمهور واسع من الضباط والدبلوماسيين والأدباء والمهتمين بعد الثورة بشهر واحد فقط، في أغسطس ١٩٥٢ في نادي الضباط في منطقة الزمالك!
وكان من الحضور الأديب السعودي مؤسس صحيفة عكاظ بعد ذلك، أحمد عبد الغفور عطار؛ الذي نشر خبر الحفل في مجلة كلمة الحق، العدد الثاني، أيار/ مايو ١٩٦٧م!
إذن كان هناك (إسلام أمريكي) يُصنع في مصر منذ الحرب العالمية الثانية بالأموال والإعلام، وقد أدرك سيد قطب بروحه الثائرة وعقله الواعي وبصيرته النافذة بأن الهدف منه فقط مواجهة الشيوعية لا إقامة الإسلام!
وكان لا بد إذن لتحقيق ذلك من الانقلاب العسكري على الملكية في مصر ومجيء النظام الجمهوري باسم الثورة لقطع الطريق على التغيير الذي يدعو إليه سيد قطب!
ولا بد أيضا من مواجهة سيد قطب وروحه الثائرة على الواقع كله! فقد نجحت الثورة وبدأت «الواقعية السياسية» فلا حاجة إلى سيد قطب ومثاليته وعناده، فليس في الإمكان أحسن مما كان كما يريد الأمريكان!
وكان لا بد من إطلاق وصف يكون اغتيالا لسيد قطب ولمشروعه نحو التغيير والتحرير الذي لم يبدأ في نظر سيد بعد! وكان يجب أن يصدر هذا الحكم على سيد أمام الملأ من أديب كبير مسموع الكلمة مشهور المكانة كطه حسين!
وليكن ذلك كله في محفل مشهود بحضور العلماء والأدباء!
التحرر الروحي والفكري في الإسلام
فكان ذلك على هامش محاضرة لسيد قطب نفسه عن «التحرر الروحي والفكري في الإسلام» والتي (حضرها جمع لا يحصى من الشعب، وحضر إلى النادي أبناء الأقطار العربية الإسلامية الموجودون في مصر، وكثير من رجال السلك السياسي، وكبار زعماء الأدب والفكر والقانون والشريعة، وأساتذة من الجامعات والكليات والمعاهد.وكان مقررا حضور الرئيس محمد نجيب، وتوليه تقديم سيد قطب إلا أن عذرا عارضا اضطر محمد نجيب للتخلف، وبعث برسالة تليت على الحاضرين، تلاها أحد الضباط: وموجز كلمة محمد نجيب أنه كان حريصا على أن يحضر المحاضرة، ويفيد من علم سيد،ووصف سيد بأنه رائد الثورة ومعلمها وراعيها. وبعث نجيب برسالته مع أنور السادات. وأناب عنه جمال عبد الناصر)!
فلم يتركوا المجال لسيد ليلقي محاضرته عن “التحرر الروحي والفكري” بل بادروه بالحفل دون علمه، فقام طه حسين وأصدر الحكم الأمريكي بالإعدام السياسي والاغتيال المعنوي على سيد قطب وأن أبرز خصاله (المثالية والعناد)!
وزاد طه إيذانا بنهاية عهد سيد قطب ومشروعه بقيام الجمهورية والثورة (إن سيد قطب انتهى في الأدب إلى القمة والقيادة؛ وكذلك في خدمة مصر والعروبة والإسلام)!
وليس بعد القمة والقيادة إلا الاعتزال والنهاية!
وبما أنه مثالي عنيد فليس لقوله السياسي اعتبار فهو أديب وحسبه ذلك!
فأدرك سيد قطب بفطنته مرامي طه حسين ووحيه الشيطاني وأن كلمته تهديد له لا تكريم ثم (وقف سيد قطب، وألقى كلمة مرتجلة، وسط تصفيق المصفقين، وهتاف الهاتفين له.
قال عن الثورة: إن الثورة قد بدأت حقًا، وليس لنا أن نثني عليها، لأنها لم تفعل بعد شيئًا يذكر، فخروج الملك ليس غاية الثورة، بل الغاية منها العودة بالبلاد إلى الإسلام.
ثم قال سيد قطب: لقد كنت في عهد الملكية، مهيأ نفسيًا للسجن في كل لحظة، وما آمن على نفسي في هذا العهد أيضًا، فأنا في هذا العهد، مهيأ نفسيًا للسجن، ولغير السجن، أكثر من ذي قبل.
وهنا وقف جمال عبد الناصر، وقال بصوته الجهوري ما نصه: أخي الكبير سيد: والله، لن يصلوا إليك إلا على أجسادنا، جثثا هامدة، ونعاهدك باسم الله، بل نجدد عهدنا لك، على أن نكون فداء لك حتى الموت!
وصفق الناس تصفيقًا حادًا متواصلاً، مع الهتاف المتكرر بحياة سيد قطب.
ثم وقف الضابط: محمود العزب، وتكلم عن دور سيد قطب في التمهيد للثورة، وعن حضوره لبيت سيد قبيل الثورة، وأنه وجد عنده عبد الناصر، وغيره من ضباط الثورة! وبين نظرة رجال الثورة لسيد.
ثم وقف الأستاذ أحمد عطار، وعقب على كلام الدكتور طه حسين عن سيد، فقال عطار عن سيد: إن سيد عنيد في الحق، فهو إذا اعتقد شيئًا أصر عليه، ولا يعتقد إلا الحق، وهو عنيد في كفاحه وجهاده) (انظر د. صلاح الخالدي سيد قطب من الميلاد إلى الاستشهاد)!
لقد أصبحت كلمة طه حسين (مثالي عنيد) التي وصف بها سيدا بوحي شيطاني أمريكي بريطاني هي شبهة الواقعيين الإسلاميين بعد ذلك لتبرير تحالفهم مع المحتل الأمريكي في كل بلد فيه (إسلام سياسي)!
﴿أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُون﴾!
كيف نجحت أمريكا في تشكيل (إسلام أمريكاني) يحارب معها الشيوعية في كل مكان! ويحارب أيضا معها أهل الإسلام في كل مكان! كما حذر منه سيد قطب قبل سبعين عاما!
ومن الذين كان يخشى منهم سيد قطب أن يحملوا (الإسلام الأمريكي) في كل مكان ليبشروا بالديمقراطية!
هل كان يقصد حزب الوفد الليبرالي؟
أم الأزهر والجمعيات الدينية التقليدية؟
أم إسلاما سياسيا حركيا تستطيع أمريكا وبريطانيا صناعته وفق مواصفاتها؟
ومن هؤلاء الذين تحققت فيهم هذه الأوصاف التي حذر منها سيد؟ لا تجهد نفسك في البحث عنهم! فلن ترى غيرهم في كل بلد ابتلي بهم فهم الطابور الخامس وحصان طروادة!
إنهم أولئك الذين يرون في أمريكا وأوربا النموذج في الحكم، والحليف في الحرب، وفي الديمقراطية الحل، وفي حقوق الإنسان العدل!
أما “الخلافة” التي دعا إليها الإمام حسن البنا وأسس الجماعة من أجلها، فهي مرحلة تاريخية لن تعود تماما كما قال علي عبدالرازق في كتابه «الإسلام وأصول الحكم»!
و«الحاكمية» التي دعا إليه الشهيد سيد قطب مثالية شاعرية عاطفية وشطحة من شطحاته النفسية في غياهب السجن!
لقد ورد في الوثائق البريطانية كما ذكر مارك كورتيس -«التاريخ السري» ترجمة كمال السيد صـ ٦١- أول اتصال بين بريطانيا وجماعة الإخوان في مصر فقال عن علاقتها مع القصر:
(ومع ذلك، ففي ذلك الوقت، حظي الإخوان المسلمون الذين تحالفوا مع اليمين السياسي، برعاية الملكية المصرية الموالية للبريطانيين، والتي بدأت تمول الإخوان في ۱۹٤٠م، فقد اعتبر الملك فاروق الإخوان معارضا مفيدا لقوة الحزب السياسي الرئيسي في البلاد وهو حزب الوفد الوطني العلماني والشيوعيين.
ونبه تقرير للمخابرات البريطانية في ١٩٤٢م إلى أن: القصر بدأ يرى أن الإخوان مفيدون وأضفى حمايته عليهم.
وخلال ذلك الوقت، كانت السلطات ترعى كثيرا من الجمعيات الدينية في مصر لمعارضة خصومها أو تعزيز مصالح البريطانيين والقصر ومجموعات أصحاب النفوذ الآخرين.
وتم أول اتصال مباشر معروف بين المسئولين البريطانيين والإخوان في ١٩٤١م، في وقت رأت فيه المخابرات البريطانية أن الحشود المناصرة للجماعة وخططها للتخريب ضد بريطانيا هما “أشد خطر يواجه الأمن العام” في مصر.
وفي ذلك العام، كانت السلطات المصرية قد سجنت البنا تنفيذا لضغوط بريطانية، ولكن عند إطلاق سراحه فيما بعد في ذلك العام أجرى البريطانيون أول اتصال مع الإخوان.
ووفق بعض التقارير، عرض المسئولون البريطانيون مساعدة الجماعة لشراء مساندتها.
وكثرت النظريات حول ما إذا كان البنا قد قبل عرض البريطانيين تقديم المساندة أم رفضه، لكن في ضوء الهدوء النسبي للإخوان لبعض الوقت عقب هذه الفترة، فإنه من المحتمل أن تكون المعونة البريطانية قد قبلت.
وبحلول ١٩٤٢ كانت بريطانيا قد بدأت على وجه القطع في تمويل الإخوان.
ففي ۱۸ مايو عقد مسئولو السفارة البريطانية اجتماعا مع أمين عثمان باشا رئيس وزراء مصر، نوقشت فيه العلاقات مع الإخوان وتم الاتفاق على عدد من النقاط، كان أحدها هو أن تدفع الحكومة المصرية سرا الدعم المقدم من حزب الوفد للإخوان المسلمين سرا، وأنها ستحتاج في هذا الأمر إلى بعض المساعدة المالية من السفارة البريطانية.
وإضافة لذلك، ستدخل الحكومة المصرية عملاء موثوقا بهم في صفوف الإخوان لتراقب الأنشطة عن كثب وتقدم لنا في السفارة البريطانية المعلومات التي يحصل عليها هؤلاء العملاء.
وسنحيط بدورنا الحكومة بالمعلومات المتحصلة من مصادر بريطانية.
كما تم الاتفاق على أنه ينبغي بذل الجهد لإثارة الانقسام في الجماعة باستغلال أي خلافات قد تحدث بين القائدين حسن البنا وأحمد السكري.
كما سيقدم البريطانيون للحكومة قائمة بأعضاء الإخوان من الذين يعتبرونهم خطيرين، لكن لن تتخذ أي أعمال عدائية ضد الجماعة، بل كانت الاستراتيجية التي تم الاتفاق عليها هي القتل عن طريق تقديم الأفضال!
واتفق على أن يسمح للبنا بإصدار صحيفة ونشر مقالات تؤيد المبادئ الديمقراطية!
ويعد ذلك طريقة جيدة للمساعدة في تفكيك الإخوان، كما أعلن أحد الحاضرين للاجتماع.
وبحلول ١٩٤٤م كانت لجنة المخابرات السياسية البريطانية تصف الإخوان باعتبارهم خطرا محتملا، لكنهم بقيادة ضعيفة: فقد اعتقدت أن البنا كان هو “الشخصية البارزة الوحيدة وبدونه يمكن أن ينهاروا بسهولة”.
بيد أن هذا التحليل القائل بإمكان زوال الجماعة جرت مراجعته في السنوات التالية، عندما تعهدها البريطانيون وتعاونوا معها في مواجهة العداء المتنامي للاستعمار في مصر.
وهكذا، فإنه بحلول نهاية الحرب العالمية الثانية، توافرت لبريطانيا بالفعل خبرة كبيرة في التواطؤ مع القوى الإسلامية لتحقيق أهداف معينة، في حين أدرك المسئولون البريطانيون أيضا أن هذه القوى نفسها التي كانت بصفة عامة معارضة لسياسة بريطانيا الإمبريالية وأهدافها الاستراتيجية، كانوا أعوانا مؤقتين في ظروف محددة لتحقيق أهداف بعينها عندما كانت بريطانيا تفتقر إلى حلفاء آخرين أو إلى قوة كافية خاصة بها لتفرض أولوياتها.
وتعمقت هذه السياسة البريطانية النفعية بصورة كبيرة في عالم ما بعد الحرب حيث زادت الحاجة للأعوان في مناخ عالمي أصبح أكثر اتساما بالتحدي بقدر كبير) انتهى التقرير البريطاني ولم تنته قصة “الإسلام الأمريكاني”؟!
لقد كان رهان بريطانيا -ثم أمريكا بعدها- على شق صف أول جماعة إسلامية حركية لصناعة (الإسلام الأمريكاني) الذي يتحالف معها ضد أعدائها!
وهو ما تحقق فعلا فقد تم اختراق الجماعة مبكرا سواء من القصر الملكي أو القصر الجمهوري بعد ١٩٥٢م، ومن الاستخبارات البريطانية ثم الأمريكية!
وكان اغتيال الإمام حسن البنا «الرجل القوي» ثم سجن سيد قطب «الفكر القوي» وإعدامه، وبراءة الجماعة من فكره «الثوري المثالي»؛ هو الطريق لصناعة «الإسلام الأمريكاني» بترتيب بريطاني “ووحي شيطاني”!
وللحديث بقية مع الواقعية والمثالية!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق