رمضان.. واستثمار الأعمارد. عبد العزيز كامل
رمضان زمن شريف له حرمة، وحُرمته الزمانية كحرمة الحَرَم المكانية، لتنزُّل البينات من الهدى والفرقان فيه:
(شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس)
[البقرة/١٨٥]..
بل إن كل ماهو معروف من الكتب السماوية تنزلت فيه، كما جاء في الحديث:
(أنزلت صحُف إبراهيم في أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لستٍ بقين من رمضان، والإنجيل لثلاث عشرةٍ خَلَت من رمضان)
[أخرجه أحمد في مسنده (١٦٥٣٦) وحسنه الألباني في السلسلة (١٥٧٥)].
لذلك فإن لزمان رمضان خصوصية تعبدية؛ استحق من ضيعها بأن يوصف بأنه (محروم)، وصدق من قال من أهل العلم :
«من رحِم في رمضان فهو المرحوم، ومن حرِم خيره فهو المحروم، ومن لم يتزود لمعاده فيه فهو المَلُوم»
[لطائف المعارف/١٤٨].
فراقب مسيرة عمُرك، وقارنها بحصيلة شهرِك لتعلَمَ أين أنت، فالأمر كما قال الإمام ابن القيم:
« العبد من حيث استقرت قدمُه في هذه الدار؛ فهو مسافرٌ إلى ربه، ومدة سفره هي عمره، والأيام والليالي مراحل،
فلا يزال يطويها حتى ينتهي السفر، فالكيِّس لايزال مهتمًا بقطع المراحل فيما يقربه إلى الله، ليجد ماقدم حاضرًا»
[طريق الهجرتين/١٨٥]
وما أعظم نصح من وصفه ربه بأنه (حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم):
حينما قال صلوات الله وسلامه عليه: (نِعمتان مَغبُون فيهما كثير من الناس؛ الصحةُ والفراغ)
[رواه البخاري/٦٤١٢]
فسائل أوقاتَ شهرِك عن سنوات عمُرِك، لتتدارك مافات فيهما قبل الفوات، وتأمل كلام أهل العلم والدين، كالإمام ابن رجب، عندما نادى من أضاع رمضان فقال :
«يا مَنْ ضيع عمُره في غير طاعة؛ يا من فرَّط في شهره، بل في دهره وأضاعه، يا من بضاعته التسويف والتفريط وبئس البضاعة،يـا مـن جعل خصمه القرآن وشهر رمضان.. كيف ترجو من جعلته خصمك يوم الشفاعة؟»..
فاللهم بارك لنا في أعمارنا وأعمالنا وسائر أمورنا، وأصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا،
وأصلح دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر…
آمين..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق