الدرة (( إني رأيتُ وقوفَ الماء يفسدهُ، إِنْ سَاحَ طَابَ وَإنْ لَمْ يَجْرِ لَمْ يَطِبِ )) الامام الشافعي
السبت، 31 أغسطس 2024
صمت الشعوب الصادم.. (١)
لماذا أنشئت إسرائيل؟
لماذا أنشئت إسرائيل؟
حلمي الأسمر
طيلة الوقت كنا نعتقد أن الكيان الصهيوني أنشئ لحراسة المصالح الغربية في بلادنا، وتلك كما يبدو فرية كشفت عنها معركة طوفان الأقصى، يحضرني هنا قول الرئيس الأمريكي جو بايدن: لو لم تكن إسرائيل قائمة لأنشأناها، تلك الفرية أو الفرضية على أحسن تقدير، جرت أكثر من مرة على ألسنة قادة وزعماء غربيين وأمريكان، ويبدو أننا صدقناها، وتفننا فيما بعد في توصيفها، فطفقنا نشتق عبارات عربية بليغة لهذا الأمر، من مثل: إسرائيل قاعدة أمريكية متقدمة (يا للسخرية، هناك إحصاءات تتحدث عن وجود 55 قاعدة أمريكية في بلادنا، ولا يوجد قواعد أمريكية معروفة في الكيان فيما هو معلن!) و: إسرائيل حاملة طائرات أمريكية، والحقيقة أن عدد الطائرات الموجودة في قواعد مقامة في بلاد العرب وفي مياههم الإقليمية يفوق عدد طائرات سلاح الجو لدى العدو، وفي المحصلة، ما حاجة أمريكا لقاعدة عسكرية في إسرائيل، ما دامت أبواب بلاد العرب مفتوحة على مصراعيها لإقامة ما تشاء من قواعد؟
أما حكاية حماية المصالح الغربية، والأمريكية، فأمريكا والغرب يحمون مصالحهم بطريقتين، أكثر جدوى وأقل كلفة مما تكلفهم إسرائيل، الأولى: عبر قواعدهم العسكرية آنفة الذكر، والثانية عبر الأنظمة التي تتمتع بحماية أمريكا وتدور في فلكها تحت بند "إقامة الشراكات الاستراتيجية" و"التعاون الثنائي!" وحكاية الشراكات لا تقل سخرية عن فرية حماية إسرائيل للمصالح الغربية، فأي شراكة بين مستعمِر ومستعمَر، (بكسر الميم الأولى وفتح الثانية)..
البعض يتحدث عن سبب آخر لإنشاء إسرائيل، وهو شعور الغرب بعقدة الذنب نتيجة ما وجده اليهود في أوروبا، وما يقال عن الإبادة النازية، لذا كان لا بد من قيام وطن قومي لليهود يعوضهم عن "العذابات!" التي وجدوها في الغرب، حسنا، منذ متى تتحرك دول الغرب بدافع "أخلاقي"؟ هذا أولا، وثانيا وثالثا وعاشرا، أليست إسرائيل اليوم المكان الأقل أمانا لليهود من أي بقعة في العالم؟ أين يقتل اليهود؟ فقط في "وطنهم القومي!" يعني تلك فرية متهالكة، لا تصمد أمام حقيقة أن تجميع اليهود في مكان واحد كفلسطين، جلب عليهم شرا مستطيرا من أهل البلاد الأصليين، الذين لم يسلموا (ولن) باستيلاء الأغراب على أرضهم، بالعكس من تلك الفرية، فقد جُمع اليهود في فلسطين لكي يسهل قتلهم، وكأني بهذا الكيان أقيم بوصفه "مؤامرة" على اليهود، أوقعتهم فيها الصهيونية العالمية، والتواطؤ الغربي، وتلك حكاية يطول الحديث فيها، وإن كانت جماعة ناطوري كارتا اليهودية المتدينة المتبرئة من الصهيونية هي العنوان الأبرز لهذه الحكاية، إذ تناصب هذه الجماعة كيان العدو العداء وتدعو اليهود إلى ترك فلسطين لأهلها العرب!
أقيمت "إسرائيل" كي تكون رأس حربة، بل قاعدة لكل الحراب الممكنة، لمشاغلة الأمة، وإنهاكها، ومنع صحوتها بكل الطرق، وعبر كل الوسائل، ابتداء من إقامة حزام سلطوي من الأنظمة الموالية للغرب والمتحابة مع الكيان، وانتهاء بسلسة عمليات تستهدف غسيل دماغ للعقل الجمعي العربي والمسلم، عبر منظومة من الأساليب الجهنمية
آخرون يتحدثون عن سبب ديني دفع الغرب لإنشاء "إسرائيل"، وهو ترجمة لإيمان بعض الطوائف النصرانية بضرورة قيام إسرائيل للتعجيل بعودة المسيح، حسنا، هذه عقيدة دينية موجودة لدى بعض القوى المؤثرة في الغرب (المسيحية الصهيونية، أو الإنجيلية) ولكن هنا سؤال: بلاد علمانية تدوس كل يوم على كل القيم المسيحية، هل تقيم وزنا لهذا السبب "الديني" وتخصص له تمويلا يكاد يكون مفتوحا، وتستميت في الدفاع عنه؟ كيف يستقيم هذا الأمر وعقيدة اليهود أصلا تعتبر المسيحيين كفارا، وهم جزء من "الأغيار" الذين خلقهم إله اليهود يهوه كي يكونوا خدما لليهود؟
وفي المقابل يعتبر المسيحيون اليهود هم من قتل المسيح، وقد أفاض الإنجيل في شرح دور اليهود المناهض للمسيح من الإهانة والمضايقة (يوحنا 5:16، مرقص 14:65) إلى المطاردة والاعتقال (يوحنا 20:19) إلى الصلب والقتل (متّى 27:22-26). ويصفهم الإنجيل بأقذع الصفات: منها أنهم قتلة الأنبياء (لوقا 13/34 والرسالة الأولى إلى مؤمني تسالونيكي 2/14-15)، وأبناء قتلة الأنبياء (متى 23/31)، وأنهم "أولاد الأفاعي"، (متَّى 12/34) (متى 23/33 ومرقس 3/7)، وأنهم أهل رياء وفسق (متى 15/7-8 ومرقس 77/6) وأنهم أهل جهل وعمى وضلالة (متى 23/17، 23/19، 23/24، 15/14)، وأنهم عديمو الإحساس بالعدل والرحمة والأمانة (متى 23/23، والرسالة إلى مؤمني روما 10/3).
وفي المحصلة فكلا الطرفين يهودا ومسيحيين لا يلتقون "دينيا" وتصنفهم النصوص الدينية أعداء، وهم كذلك فعلا حين يتعلق الأمر بتضارب مصالحهما، ليس بسبب التناقض الديني فقط، بل بسبب تحكم المصالح البحتة في علاقة كلا الجماعتين، فما الذي جمعهما على هذا الشكل الغريب، الذي يجعل الغرب يستميت في الدفاع عن الكيان ويكرس له كل هذا الدعم غير المحدود المادي والمعنوي والحماية الدولية حتى ولو بلغت حد مجرد "الإدانة" في مجلس الأمن؟ ما السر الكبير الذي يجعل الكيان ابنا مدللا لأمريكا والاتحاد الأوروبي والغرب عموما، ويحظى بكل هذا الدلال رغم ما يرتكبه يوميا من جرائم يندى لها جبين الإنسانية في فلسطين عموما وغزة على وجه الخصوص؟ ما الذي يجعل صاحب القرار وما يسمى تشكيلات الدولة العميقة في الغرب يغض الطرف عن كل تلك الفواحش ويستمر في ترديد الاسطوانة المشروخة وهي (حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها!) رغم أنها هي المعتدي وهي التي لطخت وجه المدنية الغربية برمتها بالدماء وهشمت صورة الغرب الزائفة بوصفه داعية حقوق إنسان وحريات وديمقراطية؟
صحوة الإسلام هي بداية نهاية الغرب واستفراده في حكم العالم، ولعل وقوف الغرب كله وراء الكيان في عدوانه الشرس على غزة الجهاد، وغزة حفظة القرآن، وغزة الإسلام، هو ما يفضح هذا الأمر.
الجواب عن كل تلك الأسئلة، في كلمة واحدة فقط: الإسلام!
نعم، أقيمت "إسرائيل" كي تكون رأس حربة، بل قاعدة لكل الحراب الممكنة، لمشاغلة الأمة، وإنهاكها، ومنع صحوتها بكل الطرق، وعبر كل الوسائل، ابتداء من إقامة حزام سلطوي من الأنظمة الموالية للغرب والمتحابة مع الكيان، وانتهاء بسلسة عمليات تستهدف غسيل دماغ للعقل الجمعي العربي والمسلم، عبر منظومة من الأساليب الجهنمية، عن طريقة العبث بالمناهج، وصناعة التفاهة، وتضليل الوعي، وصناعة "أبطال" بديلين من ورق الفن والرقص والتمثيل، وغير هذا كثير مما لا يتسع المجال لشرحه، ومركز كل هذا والموجه له وتصنيعه هو الكيان، وأذرعه في بلاد العرب والمسلمين، أما لماذا؟ فباختصار شديد: صحوة الإسلام هي بداية نهاية الغرب واستفراده في حكم العالم، ولعل وقوف الغرب كله وراء الكيان في عدوانه الشرس على غزة الجهاد، وغزة حفظة القرآن، وغزة الإسلام، هو ما يفضح هذا الأمر.
وربما، للحديث صلة، إن كان في العمر بقية.
هل يعود عباس إلي غزة علي ظهر دبابة صهيونية؟!
هل يعود عباس إلي غزة علي ظهر دبابة صهيونية؟!
معركة غزة سنة 642 هجرية
معركة غزة سنة 642 هجرية
بعد أقل من نصف قرن من وفاة صلاح الدين الأيوبي حدثت منازعات ومشاحنات وحروب بين ملوك بني أيوب في بلاد الشام ومصر أدت الى ركون بعضهم الى الصليبيين، فجرت عليهم هذه السنة التي لا ترد ولا تتحول.
انفرد الصالح أيوب (ابن الكامل محمد بن العادل شقيق صلاح الدين) بحكم مصر في أواخر سنة 637 هجرية.
وقرر استعادة دمشق من عمه الصالح إسماعيل الملقب بأبي الخيش الذي انتزعها من الصالح أيوب غدرا.
وهنا لم يجد أبو الخيش إسماعيل غضاضة في الاتصال بالصليبيين وطلب التحالف معهم ضد ابن أخيه صاحب مصر.
ومن الطبيعي ان يرفض الصليبيون تقديم مساعدتهم لأبي الخيش إسماعيل بدون مقابل، ولذلك أعطاهم أبو الخيش صفد وقلعة الشقيف، وهونين، وتبنين، كما تنازل عن حقوق المسلمين في مناصفات صيدا وطبرية وبعض بلاد الساحل وذلك سنة 638 هجرية.
ولم يجد أبو الخيش حرجا حينما منح الصليبين هذه البلاد في الوقت الذي تنصل فيه بعض أتباعه من ذلك الجرم مثل نائبه على قلعة الشقيف ويدعى الحاج موسى الذي رفض أمر أبي الخيش بتسليمه للصليبين فرفض قائلا «والله لا جعلته في صحيفتي» فقبض أبو الخيش عليه وضربه ضربا مبرحا حتى قتله وصادر كل أمواله وممتلكاته غير أن حامية القلعة بزعامة رجل يدعى الشقي فعصوا أمر أبي الخيش إسماعيل، وعندما اتضح لأبي الخيش حميتهم للمسلمين وانتصارهم للدين، خرج من دمشق بعسكره وحاصر الشقيف حتى أخذه منهم بعد أن طلبوا منه الأمان على أنفسهم قائلين «أنت أمرتنا أن نسلمه للفرنج أما نحن فما يحل لنا أن نسلمه لهم ونسلمه إليك تفعل فيه ما تختار» فسلمه أبو الخيش للصليبين وظل بأيديهم أكثر من عقدين من الزمان حتى استرده الظاهر بيبيرس.
وتسلم الصليبيون من أبي الخيش صفد التي كانت خرابا منذ زمن الحملة الصليبية الخامسة فقرروا بنائها وجمعوا ألف أسير مسلم كانوا في سجونهم وسخروهم للعمل في بناء صفد وكان يحرسهم 200 رجل من الصليبين فاتفق الأسرى فيما بينهم على مهاجمة حراسهم وتجريدهم من أسلحتهم والاستيلاء على صفد.
ولضمان نجاح خطتهم أرسلوا إلى والي عجلون ليبعث إليهم من يتسلم صفد إذا تخلصوا من حراسهم فأرسل والي عجلون برسالة الأسرى إلى سيده الناصر داود صاحب الكرك الذي أرسلها بدوره إلى عمه أبي الخيش إسماعيل الذي أرسل رسالة الأسرى إلى الصليبين فجاء الصليبيون إلى صفد وقبضوا على الأسرى ودخلوا بهم عكا «فذبحوهم عن آخرهم» ثم واصل الصليبيون بناء صفد بمساعدة أبي الخيش إسماعيل الذي ارتكب بعمله هذا جرما شنيعا يتنافى وكل القيم الخلقية، ناهيك عن خيانة الدين والوطن والشرف.
وسمح أبو الخيش إسماعيل للصليبيين بالدخول إلى دمشق لشراء السلاح، فتحرج تجار السلاح من بيع الأسلحة للفرنج واستفتوا الشيخ عبد العزيز بن عبد السلام فأفتى بتحريم بيعهم السلاح قائلا «إنهم يشترونه ليقاتلوا به إخوانكم المسلمين»
ولقد أثارت أفعال أبي الخيش إسماعيل الرأي العالم الإسلامي في بلاد الشام؛ وقطع الشيخ عبد العزيز بن عبد السلام خطيب جامع دمشق الدعاء لأبي الخيش إسماعيل وندد به وأكثر من التشنيع عليه واستبدله بذلك الدعاء الذي يقوله الخطباء إلى اليوم «اللهم ابرم لهذه الأمة إبرام رشد تعز فيه أوليائك وتذل فيه اعدائك ويعمل فيه بطاعتك وينهى فيه عن معصيتك» والناس يبتهلون ورائه بالدعاء.
فاعتقل أبو الخيش الشيخ عبد العزيز وأخذه إلى قرب القدس حيث اجتمع مع زعماء الصليبين وظل الشيخ معتقلا بجوار الخيمة يقرأ القرآن فقال أبو الخيش لزعماء الصليبين أتسمعون هذا الذي يقرأ القرآن؟ قالوا نعم، قال: هذا أكبر قسوس المسلمين وقد حبسته لإنكاره علي تسليمي لكم حصون المسلمين فقال زعماء الصليبين «لو كان هذا قسيسنا لغسلنا رجليه وشربنا مرقتها».
ووصلت اثناء ذلك حملة صليبية من فرنسا نجدة للصليبيين في بلاد الشام فأرسل الصالح إسماعيل جيشا للانضمام للصليبيين والزحف على مصر. ولما علم الصالح ايوب صاحب مصر أرسل جيشه للتصدي لذلك الحلف ولما التقى الجمعان انضم عسكر الشام إلى قوات الصالح أيوب ومالوا على الصليبين وهزموهم وأسروا عددا كبيرا منهم.
ولم يتعظ أبو الخيش من تلك الهزيمة فجند قوات جديدة وجدد التحالف مع الصليبين واستمال إليه المنصور صاحب حمص والناصر داود صاحب الكرك. ولما علم الصالح أيوب بذلك أرسل إلى الخوارزمية «وهم بقايا جيش الدولة الخوارزمية التي انهارت أمام المغول» وكانوا زهاء 10000فارس.
وقرر أبو الخيش إسماعيل بالاتفاق مع ابن أخيه الناصر داود تسليم بيت المقدس بكامله إلى الصليبين وكذلك المسجد الأقصى وقبة الصخرة كما أعطاهم قلعة كوكب، ودخل الصليبيون بيت المقدس ولم يكتف أبو الخيش بذلك بل وعد الصليبين بجزء من ديار مصر إذا فتحوها.
وأخذ الصليبيون في حشد قواتهم لتنفيذ اتفاقهم مع أبي الخيش إسماعيل والناصر داود وقد حكى المؤرخ المعاصر ابن واصل كيف انتهك الصليبيون حرمة المقدسات الإسلامية في القدس حين مر بها في أواخر سنة 641 هجرية وهو في طريقه إلى مصر فقال “ودخلت البيت المقدس ورأيت الرهبان والقسوس على الصخرة المقدسة وعليها قناني الخمر برسم القربان ودخلت الجامع الأقصى وفيه جرس معلق وأبطل بالمسجد الآذان والإقامة وأعلن فيه بالكفر.
ولما وصلت دعوة الصالح أيوب إلى حلفائه الخوارزمية بالجزيرة الفراتية التي يدعوهم فيها لمناصرته عبروا الفرات إلى بلاد الشام وساروا حتى وصلوا البيت المقدس واقتحموه على الصليبين فقتلوا كل من وجدوه بها منهم ثم دخلوا كنيسة القيامة ونهبوها وهدموا المقبرة التي يعتقد النصارى أنها مقبرة المسيح وطهروا المسجد الأقصى من براثن الصليبين وطاردوا الفارين من الصليبين إلى قرب يافا ولم ينج منهم سوى 300 شخص فقط. وباسترداد الخوارزمية لبيت المقدس أصبح في أيدي المسلمين ولم يقدر لجيش نصراني الوصول إليه حتى الحرب العالمية الأولى.
وتوجه الخوارزمية إلى غزة وراسلوا الصالح أيوب يخبرونه بقدومهم لنصرته وطلبوا منه إرسال عسكر مصر إليهم لقتال أعدائه جميعا فجهز الصالح أيوب جيش مصر بقيادة مملوكه ركن الدين بيبرس فوصل إلى غزة وانضم إلى الخوارزمية.
أما أبو الخيش إسماعيل فقد استدعى المنصور صاحب حمص وجعله قائدا عاما على عساكره ولما اجتمع المنصور مع أبي الخيش في دمشق اتفقا على تسليم كل البلاد التي تقع غرب نهر الأردن للصليبين إذا نجحوا في الاستيلاء على مصر بشرط أن يمضي الصليبيون بكل جيوشهم معهما إلى مصر.
وقاد المنصور العساكر من دمشق ومر بعكا ووضع معهم الاتفاق على غزو مصر بكل قواتهم وأن يكون لهم جزء من الديار المصرية واتحد المنصور بقواته مع قوات الصليبين وكان الصليبيون يكونون ميمنة الجيش بينما المنصور بعساكره وعساكر دمشق وكتيبة من حلب في القلب أما الميسرة فكانت من نصيب عساكر الناصر داود صاحب الكرك. وكانت أعلام الصليبين ترفرف فوق رؤوس المنصور وأصحابه وفي أعلى سواري الأعلام شارات الصليب، ومعهم الرهبان والقسيسين يدورون على كتائب العساكر الشامية يصلبون عليهم ويباركونهم وبأيديهم كاسات الخمر يسقونهم.
والتقى الجمعان شمال شرق غزة يوم الاثنين 12جمادى الأولى642هجرية ودارت معركة حامية الوطيس وثبت الخوارزمية في ميدان القتال وأنزلوا الهزيمة الساحقة بالقوات الشامية وانهزم المنصور صاحب حمص وعندئذ أحاطت الخوارزمية بالصليبين وحصدوهم بسيوفهم وأسروهم ولم ينج منهم إلا القليل وكان عدد القتلى من الصليبين وحلفائهم من الشاميين كما ذكر المؤرخ المعاصر سبط بن الجوزي الذي شاهدهم بنفسه فقال «ولقد أصبحت ثاني يوم الكسرة إلى غزة فوجدت الناس يعدون القتلى بالقصب» فقالوا «هم زيادة على ثلاثين ألفا» وقد أيده في هذا التقدير كثير من المؤرخين.
وغنم الخوارزمية وعسكر مصر أثقال الشاميين وأسلحتهم وأموال وخزائن المنصور صاحب حمص الذي طلب بعد فراره شاشا يتعمم به فلم يجده. وهنا عاد له وعيه فتذكر هذه السنة التي وضعها الله جل وعلا لهذه الأمة وعبر عن مضمونها بقوله «قد علمت أن لما سرنا تحت صلبان الفرنج أنى لا نفلح» لقد أدرك هذه السنة بعد فوات الأوان وحاول التكفير عنها بالانضمام إلى الصالح أيوب وساعده في استرداد معظم بلاد الشام التي كانت بأيدي أولئك الحكام.
أما الصالح إسماعيل فلم يؤثر عنه أنه ندم على فعلته وقد أسره مماليك الصالح أيوب في سنة 648هجرية وأعدموه في القاهرة.
وقد جرت هذه السنة الربانية في بلاد الشام مرات عديدة وقد وضحنا في هذا المقال واحدة منها لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
يهود إسرائيل الشرقية «إيران» والغربية
يهود إسرائيل الشرقية «إيران» والغربية
يهود إيران ويهود إسرائيل وجهان لكيان واحد يستهدف بلاد العرب والمسلمين الأول يهدم الأمة من الداخل بمزاعم التشيع والآخر من الخارج بمزاعم التلمود الكاذبة.
يهود إيران لهم دجال اسمه المرشد يهود يهود إسرائيل لهم دجال اسمه الحاخام
..
يهود إسرائيل قتلوا من المسلمين في فلسطين. مصر ولبنان وسوريا قرابة النصف مليون خلال 70سنة وقاموا بتهجير 10مليون من ديارهم.
..
يهود إيران قتلوا من العراق والشام قرابة 2مليون وقاموا بتهجير ما يقارب من 15مليون خارج أراضيهم في العراق والشام ولبنان واليمن.
..
يهود إيران لهم مخطط واضح لهدم الكعبة والعداء للصحابة رضي الله عنه
يهود إسرائيل لهم مخطط للقضاء على المسلمين عن طريق يهود إيران
..
يهود إسرائيل ينتظرون الدجال
يهود إيران ينتظرون الدجال في أصفهان ليكونوا القوة الضاربة له
..
الخلاصة:
المخطط واحد بين إسرائيل الشرقية إيران وإسرائيل الغربية المحتلة لفلسطين.
…
التطبيع مع اليهود في إسرائيل أخبث من التطبيع مع إيران والعكس صحيح مليون في المائة.
..
خلاصة الخلاصة:
– من قتل الحسين هو من قتل هنية
– من احتل القدس هو من احتل بغداد
– الرافضة يهود الداخل والصهيونية يهود الخارج
– تحرير العراق من الرافضة هو الخطوة الأولى لتحرير فلسطين من اليهود
خلاصات المخطط الصهيوني المعاصر
كيف أحرقت ألمانيا "القنطرة" مع المسلمين؟
كيف أحرقت ألمانيا "القنطرة" مع المسلمين؟
في مارس/آذار 2003، أنشأت وزارة الخارجيّة الألمانية منصّة على الإنترنت تُدعى "قنطرة"، والتي تعني "الجسر" في اللغة العربية الكلاسيكية، ردًا على هجمات 11 سبتمبر/أيلول في الولايات المتحدة والعداء الذي أثارته تلك الهجمات في الغرب ضد المسلمين. كان الهدف المعلن للبوابة المستقلة، التي تُدار من قبل هيئة الإذاعة الألمانية "دويتشه فيله"، هو "جسر" الفجوات الثقافية بين الغرب والعالم الإسلامي وتوفير منصة محايدة للحوار بين الأديان.
عملت البوابة، التي تنشر محتوياتها باللغات الإنجليزية والألمانية والعربية، بنجاح لأكثر من 20 عامًا، على ما يبدو دون توجيه تحرير من الحكومة الألمانية. ولكن هذا تغيّر عندما بدأت تنشر محتويات تنتقد النقاشات الألمانية حول معاداة السامية في سياق الإبادة الجماعية في غزة. في وقت سابق من هذا العام، أُعلن أنه سيتم إعادة هيكلة "قنطرة" ونقل إدارتها من "دويتشه فيله" إلى معهد العلاقات الثقافية الخارجية (Institut für Auslandsbeziehungen – IFA)، وهو معهد تابع لوزارة الخارجية الفدرالية وممول منها.
وادّعت الوزارة أن الخطوة كانت "ببساطة" هيكلية ولا علاقة لها بتوجهات الموقع التحريرية ومحتوياته. إلا أن وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك عارضت هذا الادّعاء، مشيرة في مقابلة إلى أن المخاوف حول المحتويات التي نشرتها "قنطرة"، وخاصة المحتويات المتعلقة بمعاداة السامية، كانت عاملًا في اتخاذ القرار.
بعد الإعلان، نشر 35 من أعضاء هيئة تحرير "قنطرة" خطابًا مفتوحًا موجهًا إلى بيربوك، يعبرون فيه عن شكهم في أن معهد العلاقات الثقافية الخارجية يمتلك القدرات التحريرية اللازمة لاستمرار هذا المشروع المعقد، بنجاح، وهو المشروع الذي تم بناؤه بعناء على مرّ السنين وأثبت أنه مصدر هام لأولئك المهتمين بالشرق الأوسط وعلاقته مع أوروبا. لم يؤثر الخطاب في شيء، واستقال جميع أعضاء التحرير احتجاجًا.
في 1 يوليو/تموز، نُقلت إدارة "قنطرة"، التي لم يعد لها أي أعضاء في فريق التحرير، من "دويتشه فيله" إلى معهد العلاقات الثقافية الخارجية. وأفاد المعهد بأن البوابة ستظل تحت سيطرته التحريرية حتى يشكل رئيس التحرير الجديد، يانيس هاجمان، فريقَ تحريرٍ جديدًا، ويبدأ العمل رسميًا في الأسابيع المقبلة.
هذه الفترة الانتقالية في "قنطرة" تمثل فرصة فريدة لمراقبة وتقييم الرؤى الحقيقية للحكومة الألمانية حول الشرق الأوسط وشعوبه، نظرًا لأن المسؤولين الحكوميين باتوا الآن يقومون بتحرير منصّة تُعلن على أنها "جسر" ألمانيا إلى العالم الإسلامي.
قبل التغيير في الإدارة، كانت "قنطرة" محترمة بسبب تقاريرها وتحليلاتها الموضوعية والمتعمقة حول الشرق الأوسط والعالم الإسلامي الأوسع، سواء في ألمانيا أو في المنطقة نفسها.
لم يعد هذا هو الحال. حاليًا، تحت الإدارة التحريرية التابعة لمعهد العلاقات الثقافية الخارجية، يبدو أن "قنطرة" تركز ليس على بدء حوار بين الثقافات والأديان، بل على تأكيد تحيّزات الحكومة الألمانية وأحكامها المسبقة ضد المسلمين، وخاصة الفلسطينيين، من خلال مقالات رأي سيئة التحرير.
ربما يكون أفضل مثال على الموقف التحريري الجديد لـ"قنطرة" – ومن ثم نظرة الحكومة الألمانية الحقيقية نحو الشرق الأوسط وشعوبه – هو مقال رأي بعنوان "الاتصال بالأزمات والشرق الأوسط: إعجاب ومشاركة"، نُشر في 25 يوليو/تموز.
يتناول المقال التحليلي الذي كتبته الكاتبة المغربية -الألمانية سناء المساري، تغطية الإعلام لحرب إسرائيل على غزة، ويصور الفلسطينيين كشعب عنيف ومعادٍ للسامية بطبيعته، وأنهم يكذبون بشأن معاناتهم وتاريخهم وثقافتهم ودوافعهم السياسية لتشويه سمعة إسرائيل وزعزعة استقرار الديمقراطيات الغربية.
يزعم المقال، على سبيل المثال، أن المجاعة في قطاع غزة، "وفقًا للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) المنشور حديثًا، لم تكن موجودة ولا توجد". بالطبع، التقرير المشار إليه في المقال يوضح بجلاء: "بينما يصنف كل إقليم غزة في مرحلة الطوارئ (المرحلة 4)، ما يزال أكثر من 495,000 شخص (22٪ من السكان) يواجهون مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة 5 من IPC)." ويعرف التصنيف (IPC) المرحلة 5 في نشرته بأنها "مجاعة" ويقول إن هذا الترتيب يُعطى فقط لمنطقة عندما "يكون هناك على الأقل 20٪ من الأسر التي تواجه نقصًا حادًا للغاية في الغذاء، ويعاني 30٪ على الأقل من الأطفال من سوء تغذية حاد، ويموت شخصان لكل 10,000 يوميًا؛ بسبب الجوع المباشر أو بسبب التفاعل بين سوء التغذية والمرض".
يبدو، وفقًا لـ"قنطرة" والمسؤولين الحكوميين الذين يسيطرون عليها حاليًا، أن المجاعة المؤكدة من قبل (IPC) ليست في الواقع مجاعة عندما تحدث للفلسطينيين وتُسهلها إسرائيل.
ولا تنتهي التشويهات الفاضحة للحقائق عند هذا الحد. يزعم المقال أيضًا أن "معاداة السامية الإسلامية" كانت السبب في مقاومة المسلمين في فلسطين للسيطرة الصهيونية على أراضيهم. ويضيف المقال: "على عكس ألمانيا، لم يتصالح الشرق الأوسط نفسه أبدًا مع ماضيه النازي".
هذه بالطبع كذبة أورويلية لا مكان لها في أي منشور صحفي جاد. ما الذي يوحي بأن الشرق الأوسط يمتلك بالفعل "ماضيًا نازيًا" يحتاج للتصالح معه؟ بالطبع لا شيء. النازية هي أيديولوجية غربية بحتة – وتحديدًا ألمانية – لا أساس لها أو صلة بالشرق الأوسط والشعوب المسلمة التي تعيش هناك.
المسلمون في المنطقة لديهم تحيز ليس ضد اليهود واليهودية – التي وُلدت وتأسست في الشرق الأوسط وازدهرت تحت الحكم الإسلامي في مختلف البلدان عبر المنطقة لقرون – ولكن ضد الصهاينة الذين يحكمون إسرائيل، والذين يقتلون أحباءهم، ويسرقون أراضيهم، ويحبسونهم في أحياء محاطة بشدة لعقود.
ويقول المقال أيضًا: "تم استغلال القضية الفلسطينية لزعزعة استقرار الديمقراطيات الغربية".
يبدو أن الكاتبة، مثلها مثل الحكومة الألمانية، منزعجة من أن الناس في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في ألمانيا، يعترضون على محاولة إسرائيل إبادة شعب كامل.
فهل حقًا استغلال "القضية الفلسطينية"، مهما كان المقصود بذلك، هو ما يزعزع استقرار الديمقراطيات الغربية؟ أم قد يكون الدفاع عن إبادة الفلسطينيين هو ما يزعزع استقرارها؟ بعد كل شيء، قتل الأبرياء بشكل جماعي – أو توفير غطاء مالي وقانوني ودبلوماسي للمجزرة – لا يتماشى مع القيم المعلنة للديمقراطيات الغربية، مثل احترام حقوق الإنسان والقانون الدولي.
ربما لهذا السبب يحاول المقال الإيحاء بأن الدمار الذي نشاهده جميعًا في غزة في الوقت الفعلي هو بطريقة ما "مفبرك"، تحتاج الحكومة الألمانية إلى أن تكون هذه الصور مفبركة لتستمر في إقناع الناس بأن لديها التفوق الأخلاقي.
بهذا المقال الواحد، الذي نُشر تحت السيطرة التحريرية لمعهد تابع لوزارة الخارجية، أحرقت الحكومة الألمانية "جسرها" إلى العالم الإسلامي. إن بقاء المقال على منصة "قنطرة"، دون أي تصحيح أو توضيح – حتى لتصحيح الكذبة الصارخة "لا توجد مجاعة" – بعد رد فعل كبير من جمهورها المستهدف المفترض، يشير إلى أن ألمانيا فقدت كل اهتمامها ببدء حوار مع العالم الإسلامي. يبدو أنها ترغب في أن تتخلى المنصة عن كل نزاهة صحفية، وتُنشر محتويات تدعم – بأي ثمن – سياسة الحكومة الخارجية.
لماذا يحدث هذا؟
يبدو أنه منذ بداية الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل في غزة قبل 10 أشهر، لم تعد آراء وأفكار وتطلعات العالم الإسلامي، والعالم الجنوبي الأوسع، تهم الحكومة الألمانية. فهي لم تعد مهتمة بأي حوار أو نقاش، بل ترغب فقط في الاستمرار في سياستها الخارجية الحالية تجاه المنطقة، والتي تهتم بشيء واحد فقط: تخليص نفسها من عبء الهولوكوست في أعين الأمم الغربية الأخرى من خلال الدفاع عن إسرائيل دون قيد أو شرط، وتصوير من يقاومون الإساءة الإسرائيلية كنازيين معاصرين. وهكذا، تصف الفلسطينيين، وبالتبعية جميع المسلمين الذين يدافعون عنهم، بأنهم "نازيون".
وقال رئيس التحرير الجديد لمنصة "قنطرة"، يانيس هاجمان، في مقابلة حديثة، إنه هو وفريقه، بمجرد أن يبدؤوا العمل رسميًا، لن يسمحوا لأنفسهم "بالتدخل في المحتوى، لا من قبل معهد العلاقات الثقافية الخارجية ولا من وزارة الخارجية".
وقال إنه كان "منزعجًا" من مقال سناء المساري وأنه "لم يكن ليظهر المقال بهذا الشكل تحت إدارة فريق قنطرة الجديد".
ربما سيثبت هاجمان صحة كلامه، وربما سنشهد عودة لـ"قنطرة" القديمة بمجرد أن يتولى الفريق الجديد السيطرة، حيث لن تجد مقالات مثل مقال المساري مكانًا لها في الصفحة الرئيسية. ومع ذلك، بمجرد حرق جسر، يستغرق الأمر وقتًا وجهدًا كبيرًا لإعادة بنائه. المنصة الآن تواجه معركة شاقة لإثبات أنها أكثر من مجرد أداة دعاية حكومية.
ومهما كان ما سيحدث في المستقبل، فقد علمتنا هذه الفترة الانتقالية في "قنطرة"، ومقال المساري، الكثير عن الحكومة الألمانية ونهجها تجاه الشرق الأوسط.
فقد أظهرت لنا أن الحكومة الألمانية ترى إسرائيل ككيان صائب وأخلاقي حتى عندما ترتكب إبادة جماعية، والمسلمين كمجموعات معادية للسامية وبسيطة ولكنها متلاعبة، وتهدف إلى زعزعة استقرار الديمقراطيات الغربية.
وهذا، على الرغم من أنه مزعج، يعد معلومات قيمة إذا كنا نرغب في فهم ومواجهة رد الفعل الألماني تجاه الإبادة الجماعية المستمرة التي ترتكبها إسرائيل في غزة.
المقاومة الفلسطينية: طوفان العدل ونجاة الحق
المقاومة الفلسطينية: طوفان العدل ونجاة الحق
بقي الطوفان من بعد نبي الله نوح رمزًا لإرادة الله التي تعصف بالظلم وتنصر المغلوب وتطهّر الأرض من الدنس والفساد، رمزا لتربة طاهرة تنبت واقعا بلا قهر. وبقيت سفينته رمزًا لنجاة صاحب كلمة الحق في زمن الجحود، واليقين بالعدل في زمن الشك.
قال تعالى: ﴿كذّبت قبلهم قوم نوحٍ فكذّبوا عبدنا وقالوا مجنونٌ وازدجر * فدعا ربّه أنّي مغلوبٌ فانتصر * ففتحنا أبواب السّماء بماءٍ منهمرٍ * وفجّرنا الأرض عيونًا فالتقى الماء على أمرٍ قد قدر * وحملناه على ذات ألواحٍ ودسرٍ * تجري بأعيننا جزاءً لمن كان كفر * ولقد تركناها آيةً فهل من مدّكرٍ * فكيف كان عذابي ونذر﴾ [القمر: 9- 16].
وها هي مقاومتنا الباسلة، “نوح” هذا الزمان، صامدة وصابرة، كذّبها حتى من أيقنوا سنة الله في كونه، يغضون الطرف عما أنبأهم به ربهم، يعرفون الحق وثلته الطاهرة ويحيدون، وفي معارك الله قعدوا مع القاعدين! وها هي قد زجرها حتى من هم من عشيرتها، ينهونها بغلظة وشدّة! إلا غزة كانت أول من آمن بالمقاومة، بل غزة وحدها من آمنت، ورأت واقعا لهذا العالم خارج سياق الظلم والقهر، ولأجل ذلك تموت على عين القريب والبعيد وتدعو ربها أن “يا الله، مغلوبة فانتصر”، وتزيد فوق ذلك وتقول: “اللهم إني بلّغت، اللهم فاشهد”، وكأنها أقامت حجتها على الناس أجمعين.
إن الطوفان الكبير قادم لا محالة، ولن يمرّ أيضا كحدث عابر، وغزة ليست كأي أرض منذ الآن، بل منذ أن أعدّت، بل منذ أن خلقت. هي الجودي الذي ترسو عنده قلوب الأحرار، وكل من لا يأوي إليها سيغرق وإن كان منها بمنزلة ابن نوح من نوح، وستبقى المقاومة -سيدة غزة وسيدة هذا الطوفان وسفينته- عصية على الانكسار، عصية على الأمواج، وعصية على الغرق..
وسيبقى رجالها مشاعل نور تضيء درب التحرير لكل من يأتي بعدهم، فهم البحارة الأشاوس الذين أعلنوا للعالم أجمع أن الحق لا يضيع، وأن الطوفان سيجرف كل من يقف في طريقه، وسيعيد للأمة عزها وكرامتها.
المقاومة ستبقى سفينة كل غزاوي، تثأر لجراحه وأحبابه وشهدائه، وبيته المدمر، ومسجده وحيّه وبحره.. بل لكل فلسطيني كذلك.
ستثأر لكل من عاش الظلم والاضطهاد، لكنه لم يستسلم ولم يترك قضيته مهما اشتدت عليه المحن، مدركاً أن طريق الحق معبّدٌ بالتضحيات، وأن النصر وعدٌ من الله لمن صدق ووفّى، وأن شروقاً جديداً لوطننا حتماً سيسطع من جديد بعد الطوفان.
المقاومة ستبقى سفينة المستضعفين في كل المنطقة والعالم، تماماً كطوفان نوح عليه الصلاة والسلام. هذه المعركة التي بدأها أولئك الرجال بإيمانهم الراسخ وصدق نواياهم، بدمائهم وأرواحهم، لن تحرر فلسطين والقدس والمنطقة فقط، بل ستعمّ كل هذه الأرض. كيف لا وأمريكا هي قطب العالم الأوحد وعدوّة المستضعفين الأولى والأخيرة، وإن بحثت عن جذر الظلم في كل قضية ستجد إصبعاً، بل يداً، بل جسداً كاملاً لأمريكا، من العراق إلى سوريا إلى لبنان إلى السودان إلى مصر إلى إفريقيا مسلوبة الثروات، إلى كل شبر فيه من المظالم ما فيه…
بعد طوفان فلسطين سيشرق العدل في كل هذه الأرض، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
ثم لا مكان للمنافقين في تلك السفينة، لا لأنهم يتمنّعون، بل لأن السفينة نفسها تلفظهم وتلفظ عار خيانتهم، فلا مكان فيها إلا لطاهر وشريف.
وفي مواجهة المنافقين الذين يسعون لتحريف الرسالة وتحويل الحق إلى باطل، نجد أولئك الثابتين على مواقفهم، الذين يدركون أن المعركة ليست على الأرض فقط، بل هي معركةٌ على المبادئ والقيم والعقيدة أيضاً؛ فما صنعه أبطالنا ليس إلا امتدادًا لتلك الإرادة التي أرادها الله عز وجل، ليكون طوفانًا يعصف بالظالمين والمستبدين والمحتلين، ويطهر الأرض من دنسهم.
نعم، الطوفان القادم الذي بدأه أبناء الأرض المباركة هو بداية النهاية لهذا الكيان الغاصب، ومن خلفه أمريكا وقوى الظلم والكفر.
وهذا نداء إلى كل حر وشريف في الأمة، في هذه اللحظة الفاصلة من تاريخ الأمة، علينا أن نستذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر”، فإن كان الفاجر يسخَّر لخدمة الدين، فكيف بأولئك المؤمنين الصادقين الذين نذروا حياتهم للدفاع عن مقدساتهم وأرضهم؟ إنهم القوم الذين لا يشقى بهم جليسهم، الذين أقسموا أن يعيشوا كراماً أو يموتوا شهداء، وأن يتركوا لأجيالهم القادمة إرثًا من العزة والكرامة لا يمحى.
هذا نداء لكل حر.. أن اقترب.
حياة الماعز وقناة العربيَّة!