معالم الفشل.. تشنج الخطاب (1-2)
محمد صالح البدراني
سردية الصمود ضد المستجدات
في خطبة موحدة ليوم الجمعة، وهي خطبة توزعها الأوقاف للواعظين على منابر الجمعة لأسباب عدة، تظهر الإخفاقات في الفكر السائد وفي الفهم للإسلام بشكل واضح، وتحشد لمقاومة الإصلاح والتغيير بشكل غير مقصود، وإنما هذا هو الموجود من الجهاز المعرفي الموروث عند كل المسلمين وغير المسلمين والعلمانيين والملحدين، وكل ما يخطر لكم على بال في بيئتنا المزدحمة بالأفكار والأيديولوجيات، ذات اللسان الذي لا يتوقف الأصم عن سماع المخالف الأعمى، عندما يُعرض عليه أمر جاد للقراءة. هم يستقون تفكيرهم من ذات الجهاز المعرفي، ولو تأملت من يزعم أنه ثائر على الأعراف، ستجد أنه يجعل من مخالفته هذه دين (الإلحاد، التحرر، العلمانية)، وتجد أن هنالك نوعا من العصبيات عند الطوائف تعدّ خطوطا حمراء عند من يعترض على العصبية والاستقطاب، ولا يرى نفسه أنه متعصب أو طائفي، وهذا ليس غريبا، فهو من سمات منظومة تنمية التخلف وفاعليتها وبيئتها وإبداعها في التخلف مع الزمن.
فعندما يحذر خطيب أو واعظ موجه من جهة عليا يفترض أنها دعوية من المستجدات، ويتخذ موقفا دفاعيا تجاه الانفتاح على العالم، فهذا مؤشر سلبي لدعاة يعدّون أي ضال هو مشروع إصلاح، وأي مخالف هو مشروع للتفاهم.
الإنترنت أضحى في متناول اليد ومتطور، لدرجة أنه يستكشف اهتمامات المتصفح ليقدم له المزيد مما يهتم به هو، لا تحده قيم ولا منظومة أخلاقية ولا قواعد اجتماعية، وإنما يضع قواعد تعدّ الثوابت عندك مخالفة لقواعد المجتمع.
أخذ موقع دفاعي من المستجدات باعتبارها خطرا هو الخطوة الأولى للاستسلام، لكن علينا فهم كل جديد ونصنف الإيجابيات فيه والسلبيات، وفق معايير ما بعد الفهم لما عندنا من فكر ينبغي أن يرتقي عن الانطباعات، ونحن في المجتمع مها كانت عقيدتنا الدينية أو فكرنا السياسي، يجب أن نفهم.
كيف نفهم:
طبيعة الإنسان الاختصار، والتعلق بسبب واحد للمشكلة؛ بمعنى تكوين انطباعات عن الأشياء والأفكار والاصطلاح الضيق لمفاهيم واسعة، وهذا التصور يسمونه تبسيطا، بينما هو تضليل للمنظومة العقلية.
الفهم يأتي من كفاءة المنظومة العقلية في تجسيد المعنى بشكل ملائم ليكون مقروءا، كتابة أو صورة أو مشهدا أو فكرة؛ ومن هذا فهم الفكر والكتب ونصوصها، وما يطرح من معاني وغايات في نصوص كتب الأديان لتعريف الغايات التي تحقق للوصول إليها مجموعة من الأهداف، وكذلك الأسس الفكرية التي ترسي عليها القيم، والقيم بأنواعها التي تعرف السلوك عند الإنسان، وهذا يحدد إما بمنطلق قيمة واحدة، أو مجموعة من المنطلقات التي هي معايير للسلوك كالأخلاق.
فالأخلاق مثلا هي معايير وليست صفة أو سلوكا؛ لأن المعيار يمثل حالة قيمية ثابتة الجوهر، أما السلوك فنسبي، ويعتمد على العقلية والنفسية ودرجة ارتباطهما لإحداث الفاعلية والبيئة والتفاعل إيجابيا أو سلبيا بين منظومتي الإنسان والبيئة، أو أي كيان من فرد إلى ألوف والبيئة.
الإسلام وضع معايير قيمية مرتبطة بالفكر، لهذا فالنفسية المرتكزة إلى الإيمان لا تتأثر بشكل فاقع بالمادية ودرجتها؛ لأن التأثر يعني اهتزازها عند الفقر وتكبرها عند الغنى؛ بل ربط العقلية والنفسية وهما محورا الشخصية بالفكر نفسه، لهذا فالفهم الجيد يجعل حالة التدين أقرب إلى المنظومة العقلية، وضعف الفهم يجعلها فريسة الحالة الغريزية، التي هي المفرق للسلوك المؤدي إلى الغايات من عدمه؛ وهذا له تأثير على إدارة مستجدات الحياة أو التلاقح ومدنيات أخرى قد لا تحمل فكرا حضاريا، فعندما يضعف الفهم يظهر الخوف من المواجهة، وتصبح القضية تمترسا ومقاومة بدل احتواء مطلوب؛ لأن الرسالة ليس ملك أحد ولسنا وكلاء لا عليها ولا على الناس، وإنما نحن مكلفون، ومن ضمن التكليف أن ندعو الناس بالحكمة والموعظة الحسنة. وهذه لن تكون فاعلة بفكر بعيد عن الواقع أو منفصل عنه، لذا كان من الضرورة بمكان أن ينقى الجهاز المعرفي المنقول وراثة، الذي يراد أن تحشى به تلافيف حافظة الجيل، الذي سيصطدم بأسئلة لم تتوفر لها حلول أو أجوبة منقولة من الماضي.
فيديو في الميديا يتحدث فيه رجل دين نزق عن موضوع لا يعني دينه، فأخذ يصف قومه بالرقي عموما وأنه ليس همجيا، ناسيا أن كلماته تعبر عن تدن في الشخصية كعقلية ونفسية؛ لأنه يخاطب انفعالاته وليس واقعا ملموسا. فالتعميم والتنزيه والتعريض بمواطنيه، ليست سلوكيات ناضجة وإنما همجية ينكرها عن نفسه ويصف الآخرين بها. هذا نوع من التعبير عن كراهية ومشاعر بدائية فاعلة لعصبيات لا تنسجم مع إنشاء الأمة، وهو أمر مضر بقومه؛ لأنه يبقيهم في حالة انفصال شعوري عن أمتهم وانتمائهم للأرض، لأنها إما لهم وحدهم وهذا ليس ممكنا، أو أنها ليست مكانا للاستقرار، فيتخذ الناس طريق الهجرة بحثا عن سلام متوقع، فيكون هو سبب الأزمة، ولا يفهم هذا فيزداد كرهه للمخالف ويتهمه بتهجير رعاياه. نوع من المتضادات تخلق شخصية مضطربة تبدو مسالمة، ثم تنقلب حاسدة أو صلفة في التعبير، ظانة أنها وحدها مظلومة، ولا ترى أن من تحدثه مرّ بذات الظرف والمظلومية.
الحاجة للإصلاح في كل المنظومة
هنالك حاجة لإصلاح المصلحين في منظومة تنمية التخلف واستخراج الأفكار القاتلة؛ لأن غياب الرؤية والتأمل والسكينة والتعمق، في الفكر ومحاولة التفاهم.
انتشار الفساد والممنوعات لا يقضى عليه بالوعظ؛ لأن من يتجه إلى هذا استغنى عن الوعظ ومحتوياته أو البيت وتربيته، وهو مسألة منفصلة عن الفكر بحكم انفصال الفكر عن الواقع، لذا فالحل بالقانون والتشدد على مسببات تلك السلبيات، فما ينتشر من فساد لا بد أن يكون من قوة فاعلة، فإيقاف تلك القوة من الرأس هو الحل، وليس مطاردة الضحية وترك هذه المنظومات الفاسدة حرة، ومتابعته من الوعاظ عند هذا لتقييم نتائجه كجهة رقابية، تعادل أي منظومة في المجتمع معترف بها، دون خوف أو تقوقع أو تقييد لنشاط وفاعلية وتوسع مدارك الأولاد.
في خطبة موحدة ليوم الجمعة، وهي خطبة توزعها الأوقاف للواعظين على منابر الجمعة لأسباب عدة، تظهر الإخفاقات في الفكر السائد وفي الفهم للإسلام بشكل واضح، وتحشد لمقاومة الإصلاح والتغيير بشكل غير مقصود، وإنما هذا هو الموجود من الجهاز المعرفي الموروث عند كل المسلمين وغير المسلمين والعلمانيين والملحدين، وكل ما يخطر لكم على بال في بيئتنا المزدحمة بالأفكار والأيديولوجيات، ذات اللسان الذي لا يتوقف الأصم عن سماع المخالف الأعمى، عندما يُعرض عليه أمر جاد للقراءة. هم يستقون تفكيرهم من ذات الجهاز المعرفي، ولو تأملت من يزعم أنه ثائر على الأعراف، ستجد أنه يجعل من مخالفته هذه دين (الإلحاد، التحرر، العلمانية)، وتجد أن هنالك نوعا من العصبيات عند الطوائف تعدّ خطوطا حمراء عند من يعترض على العصبية والاستقطاب، ولا يرى نفسه أنه متعصب أو طائفي، وهذا ليس غريبا، فهو من سمات منظومة تنمية التخلف وفاعليتها وبيئتها وإبداعها في التخلف مع الزمن.
فعندما يحذر خطيب أو واعظ موجه من جهة عليا يفترض أنها دعوية من المستجدات، ويتخذ موقفا دفاعيا تجاه الانفتاح على العالم، فهذا مؤشر سلبي لدعاة يعدّون أي ضال هو مشروع إصلاح، وأي مخالف هو مشروع للتفاهم.
الإنترنت أضحى في متناول اليد ومتطور، لدرجة أنه يستكشف اهتمامات المتصفح ليقدم له المزيد مما يهتم به هو، لا تحده قيم ولا منظومة أخلاقية ولا قواعد اجتماعية، وإنما يضع قواعد تعدّ الثوابت عندك مخالفة لقواعد المجتمع.
أخذ موقع دفاعي من المستجدات باعتبارها خطرا هو الخطوة الأولى للاستسلام، لكن علينا فهم كل جديد ونصنف الإيجابيات فيه والسلبيات، وفق معايير ما بعد الفهم لما عندنا من فكر ينبغي أن يرتقي عن الانطباعات، ونحن في المجتمع مها كانت عقيدتنا الدينية أو فكرنا السياسي، يجب أن نفهم.
كيف نفهم:
طبيعة الإنسان الاختصار، والتعلق بسبب واحد للمشكلة؛ بمعنى تكوين انطباعات عن الأشياء والأفكار والاصطلاح الضيق لمفاهيم واسعة، وهذا التصور يسمونه تبسيطا، بينما هو تضليل للمنظومة العقلية.
الفهم يأتي من كفاءة المنظومة العقلية في تجسيد المعنى بشكل ملائم ليكون مقروءا، كتابة أو صورة أو مشهدا أو فكرة؛ ومن هذا فهم الفكر والكتب ونصوصها، وما يطرح من معاني وغايات في نصوص كتب الأديان لتعريف الغايات التي تحقق للوصول إليها مجموعة من الأهداف، وكذلك الأسس الفكرية التي ترسي عليها القيم، والقيم بأنواعها التي تعرف السلوك عند الإنسان، وهذا يحدد إما بمنطلق قيمة واحدة، أو مجموعة من المنطلقات التي هي معايير للسلوك كالأخلاق.
فالأخلاق مثلا هي معايير وليست صفة أو سلوكا؛ لأن المعيار يمثل حالة قيمية ثابتة الجوهر، أما السلوك فنسبي، ويعتمد على العقلية والنفسية ودرجة ارتباطهما لإحداث الفاعلية والبيئة والتفاعل إيجابيا أو سلبيا بين منظومتي الإنسان والبيئة، أو أي كيان من فرد إلى ألوف والبيئة.
الإسلام وضع معايير قيمية مرتبطة بالفكر، لهذا فالنفسية المرتكزة إلى الإيمان لا تتأثر بشكل فاقع بالمادية ودرجتها؛ لأن التأثر يعني اهتزازها عند الفقر وتكبرها عند الغنى؛ بل ربط العقلية والنفسية وهما محورا الشخصية بالفكر نفسه، لهذا فالفهم الجيد يجعل حالة التدين أقرب إلى المنظومة العقلية، وضعف الفهم يجعلها فريسة الحالة الغريزية، التي هي المفرق للسلوك المؤدي إلى الغايات من عدمه؛ وهذا له تأثير على إدارة مستجدات الحياة أو التلاقح ومدنيات أخرى قد لا تحمل فكرا حضاريا، فعندما يضعف الفهم يظهر الخوف من المواجهة، وتصبح القضية تمترسا ومقاومة بدل احتواء مطلوب؛ لأن الرسالة ليس ملك أحد ولسنا وكلاء لا عليها ولا على الناس، وإنما نحن مكلفون، ومن ضمن التكليف أن ندعو الناس بالحكمة والموعظة الحسنة. وهذه لن تكون فاعلة بفكر بعيد عن الواقع أو منفصل عنه، لذا كان من الضرورة بمكان أن ينقى الجهاز المعرفي المنقول وراثة، الذي يراد أن تحشى به تلافيف حافظة الجيل، الذي سيصطدم بأسئلة لم تتوفر لها حلول أو أجوبة منقولة من الماضي.
فيديو في الميديا يتحدث فيه رجل دين نزق عن موضوع لا يعني دينه، فأخذ يصف قومه بالرقي عموما وأنه ليس همجيا، ناسيا أن كلماته تعبر عن تدن في الشخصية كعقلية ونفسية؛ لأنه يخاطب انفعالاته وليس واقعا ملموسا. فالتعميم والتنزيه والتعريض بمواطنيه، ليست سلوكيات ناضجة وإنما همجية ينكرها عن نفسه ويصف الآخرين بها. هذا نوع من التعبير عن كراهية ومشاعر بدائية فاعلة لعصبيات لا تنسجم مع إنشاء الأمة، وهو أمر مضر بقومه؛ لأنه يبقيهم في حالة انفصال شعوري عن أمتهم وانتمائهم للأرض، لأنها إما لهم وحدهم وهذا ليس ممكنا، أو أنها ليست مكانا للاستقرار، فيتخذ الناس طريق الهجرة بحثا عن سلام متوقع، فيكون هو سبب الأزمة، ولا يفهم هذا فيزداد كرهه للمخالف ويتهمه بتهجير رعاياه. نوع من المتضادات تخلق شخصية مضطربة تبدو مسالمة، ثم تنقلب حاسدة أو صلفة في التعبير، ظانة أنها وحدها مظلومة، ولا ترى أن من تحدثه مرّ بذات الظرف والمظلومية.
الحاجة للإصلاح في كل المنظومة
هنالك حاجة لإصلاح المصلحين في منظومة تنمية التخلف واستخراج الأفكار القاتلة؛ لأن غياب الرؤية والتأمل والسكينة والتعمق، في الفكر ومحاولة التفاهم.
انتشار الفساد والممنوعات لا يقضى عليه بالوعظ؛ لأن من يتجه إلى هذا استغنى عن الوعظ ومحتوياته أو البيت وتربيته، وهو مسألة منفصلة عن الفكر بحكم انفصال الفكر عن الواقع، لذا فالحل بالقانون والتشدد على مسببات تلك السلبيات، فما ينتشر من فساد لا بد أن يكون من قوة فاعلة، فإيقاف تلك القوة من الرأس هو الحل، وليس مطاردة الضحية وترك هذه المنظومات الفاسدة حرة، ومتابعته من الوعاظ عند هذا لتقييم نتائجه كجهة رقابية، تعادل أي منظومة في المجتمع معترف بها، دون خوف أو تقوقع أو تقييد لنشاط وفاعلية وتوسع مدارك الأولاد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق