غفلة الأمة
أسس كمال أتاتورك الجمهورية التركية العلمانية بعد مساعدة الصليبيين في إسقاط دولة الخلافة الإسلامية العثمانية..
تنازل عن أملاك دولة الخلافة في ثلاث قارات في اتفاقية سميت باسم «معاهدة لوزان» عام 1923..
وتستمر مائة عام !!
تم إبرام المعاهدة مع الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الأولى، والذين كانوا ﻻ يزالون يحتلون أجزاء كبيرة من تركيا.
بريطانيا هي التي وضعت هذه الشروط الخطيرة والمجحفة للسيطرة على العالم الإسلامي حتى 100 عام قادمة من تاريخ التوقيع عليها عام 1923..
ومنها:
1 – إلغاء الخلافة العثمانية – ونفي السلطان وأسرته خارج تركيا.
2 – مصادرة جميع أموال الخلافة والسلطان.
3 – إعلان علمانية الدولة.
4 – منع تركيا من التنقيب عن البترول على أراضيها ويمكنها إستيراد البترول فقط.
5 – اعتبار مضيق البوسفور ممر مائي دولي ولا يحق لتركيا تحصيل أي رسوم من السفن المارة فيه ( خليج البوسفور الرابط بين البحر الأسود وبحر مرمرة ومن ثم إلى البحر المتوسط)، يعنى ممر مائي في غاية الأهمية مثل قناة السويس.
سينتهي العمل بهذه المعاهدة عام 2023 ويكون قد مر عليها مائة عام.
وهنا لاحظ تصريحات أردوغان المتتالية بأنه بحلول 2023 ستنتهي تركيا القديمة ولن يكون منها شيء، وستسرع تركيا في التنقيب عن النفط، وحفر قناة مائية جديدة تربط بين البحرين الأسود ومرمرة تمهيدا للبدء في تحصيل الرسوم من السفن المارة.
ومن هنا يمكنك فهم بعض أوجه الحرب الدائرة بين تركيا والغرب بضراوة شديدة..
من الظلمِ البين أن نحكم على الدولة العثمانية من خلال مظاهر الظلم التي طغت في أواخر عهدها، وحصراً في آخر خمسين سنةٍ من عمر الدولة التي حكمت 800 سنه، وذلك بعد أن تكالب عليها العالم بأجمعه بمعاونة خونه العرب والأتراك، وتسرب اليهود إلى مفاصلها ، وسمِّيت ب (رجل أوروبا المريض) فلم تعد قادرة على إدارة البلاد وبدأت عُراها بالتفكك واحدةً تلو الأخرى حتى سقطت جميعها،
والسؤال هنا:
أليس ظلماً أن نختزل 800 عام من الجهاد ورفع راية الإسلام في آخر 50 عاماً فقط من عمرها؟
أليْس ظلما أن نتجاهل أكثر من 100 مليون مسلم دخلوا الإسلام بسببها؟
أليس ظلما أن نتجاهل دورها بمنع الروافض من نشر المذهب الشيعي من التمدد بالبلاد العربية وخاضت من أجل ذلك معركة «جالديران»؟!
أليْس من الغريب أن يجهل مثقفونا أن الدولة العثمانية هي التي أنقذت المسلمين في الأندلس (إسبانيا) من محاكم التفتيش، بل واليهود أيضاً، وذلك عبر معارك بحرية طاحنه بقيادة البطلين المسلمين، الأخوين بربروسا ضد الأسبان والبرتغاليين؟
أليس من التجهيل والتعتيم، ألا يعرف شبابنا شيئا عن معركة (نيكوبوليس)،
التي أشبه ما تكون بحرب عالمية حيث اجتمعت روسيا وبريطانيا العظمى وفرنسا وألمانيا وايطاليا وبلجيكا واسكتلندا ولكسمبرغ وبولندا وبلغاريا
بأمر من البابا (بونيفاس التاسع) للقضاء على الدولة العثمانية
وكانت النتيجة -كالعادة- هزيمة ساحقة لأوروبا وروسيا وانتصاراً باهرا للعثمانيين بقيادة (بايزيد الأول)
فاتسعت رقعة الدولة الإسلامية من الفرات شرقا، إلى الدانوب غرب أوروبا؟
وقد يسأل سائل: أين كانت أمريكا وما موقفها من تلك الحرب؟
والجواب يا صديقي: أن أمريكا كانت خاضعة للدولة العثمانية وتدفع الجزية للجزائر إحدى ولايات دولة الخلافة الإسلامية العثمانية..
وأهمس في أذنك وأقول لك:
لعل هذه الهدنه تفسر لك لغز الإرهاب الفرنسي بالجزائر حيث قتل الفرنسيون ما يزيد عن المليون ونصف المليون شهيداً جزائرياً؟
أليس من سوء الأدب أن ننتقد الدولة التي تصدت بمفردها لأكثر من 25 حملة صليبية على العالم الإسلامي وكانت هي المنتصرة دائما؟!
أليْس ظلما أن يجعلونا نسب الدولة الذي دفع آخر سلاطينها (السلطان عبد الحميد) عرشه ثمنا للتمسك بفلسطين والمسجد الأقصى وعدم تسليمها لليهود؟!
أليس من الخيبة ألاّ يعرف شبابنا شيئا عن سليمان القانوني ، الذي ضُربت لوفاته أجراس الكنائس في أوروبا،
وأقيم قداس شكر ثلاثة أيام بأمر من البابا شخصيا، وهو قائد معركة موهاكوس التي تكلمنا عنها في منشور حريم السلطان؟
وكذلك بايزيد الأول قائد معركة (نيكو بوليس) الخالدة، الذي أوقف العالم كله على أمشاط قدميه ينتظر نتيجة المعركة، فكان ما كان،
وكذلك سليم الأول قائد معركة جالديران، التي قضى فيها على المد الصفوي، وكذلك السلطان عبد الحميد صاحب فلسطين، الذي قال لليهود:
«فلسطين ليست ملكا للسلطان عبد الحميد، بل لجميع المسلمين، فاجمعوا لي تواقيع المسلمين أنهم قد تنازلوا عن فلسطين لأتنازل عنها أنا»
وكذلك محمد بن مراد المسمى بـ(محمد الفاتح) لأنه فتح القسطنطينية، التي طمع بفتحها كل قادة المسلمين العظماء من عهد بني أمية، وذلك لان النبي ﷺ بشّر بفاتحها وأثنى عليه،
فقد روى الإمام أحمد في المسند أن النبي ﷺ قال:
«لتُفتحَنّ القسطنطينية، فلنِعمَ الأميرُ أميرُها، ولنِعمَ الجيشُ ذلكَ الجَيش». وقد حصل الفتح بقيادة الأمير السلطان محمد الفاتح رحمه الله في 29 مارس عام 1453م. وهو ابن إحدى وعشرين سنة؟
أليس من الغفلة العظيمة لنا أن تبقى بطولات هؤلاء العمالقة حبيسة الأدراج والمكتبات، ولا يعرف شبابنا عنهم شيئا..
في الوقت الذي يحفظون عن ظهر قلب لاعبي الكرة والفنانين والتافهين؟
وأخيراً، أليس ظلما أنّ المناهج العربية والإسلامية لا تذكر بايزيد أو سليم الأول أو السلطان عبد الحميد أو سليمان القانوني؟
المراجع:
تاريخ الدولة العثمانية، لمحمد فريد.
العهد العثماني، لمحمود شاكر.
تاريخ الدولة العثماني ، يلماز أوزثونيا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق