الخميس، 8 يونيو 2023

فشلت محاولات غسيل أدمغة الشعب المصري تجاه إسرائيل

 فشلت محاولات غسيل أدمغة الشعب المصري تجاه إسرائيل

الجندي المصري محمد صلاح منفذ عملية العوجة



تقرير بقلم رئيس المنظمة

سمير يوسف

الجندي المصري محمد صلاح منفذ عملية العوجة
وفشلت محاولات غسيل أدمغة الشعب المصري تجاه إسرائيل

الأحداث الثلاثة جاءت خلال 3 أيام، يتحدث أحدها عن بند في اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، يسمح للأخيرة بضم سيناء، وتعيد الثانية الحديث عن “غزة الكبرى”، وضم أراض مصرية للقطاع، فيما كان الحادث الثالث مثيرا بقتل جندي مصري لثلاثة مجندين إسرائيليين على الحدود.


رسالة ضد التطبيع

ويؤكد أحمد سلطان (طالب) من سكان حي النزهة في محيط منطقة عين شمس على ضرورة “الاحتفال بالبطل الشهيد”، ويقول “لو كانت معه ذخيرة لقتل منهم المزيد”، مضيفا “ابن عين شمس، كلنا فخورون بك يا فخر العرب الحقيقي”.
ويرى سلطان أن “الشهيد البطل كان يقوم بواجبه في الدفاع عن أرضه وعرضه وبلده ووطنه، وكان يقوم بواجبه ضد مهربي المخدرات وليس مدفوعا من أحد”، مطالبا الدولة بتكريمه وسرعة إحضار جثمانه لدفنه.
“اللهم كما أصلحت الصالحين أصلحني واجعلني منهم”.. تلقف المصريون آخر ما كتبه الجندي المصري الشهيد محمد صلاح في صفحته على فيسبوك بعد قليل من كسر وسائل الإعلام الإسرائيلية جدار الصمت الرسمي في القاهرة بشأن ملابسات وهوية منفذ العملية التي قتل فيها 3 جنود إسرائيليين عند نقطة حراسة قرب معبر العوجة.
واتجهت أنظار المصريين إلى منطقة عين شمس شمال شرق محافظة القاهرة حيث ولد محمد صلاح إبراهيم (22 عاما) الذي تحول خلال ساعات إلى “أيقونة شعبية”، وسط حفاوة جارفة تتحدى الصمت الرسمي.
وبدأ صلاح فترة التجنيد الإلزامي في يونيو/حزيران من العام الماضي بقطاع الأمن المركزي في الشرطة المصرية، وهو القطاع الذي يلتحق به عادة المجندون من غير حملة الشهادات الدراسية، حيث تصل مدة الخدمة إلى 3 سنوات.
كما أن صلاح الذي لم يكمل تعليمه وانتهى به الأمر إلى الشهادة الإعدادية- لم يوفق في مسيرة التعليم الثانوي الصناعي.
وثبت أن صلاح ليس له أي نشاط سياسي من قريب أو من بعيد، لكنه كان يظهر تعاطفا من وقت إلى آخر مع قطاع غزة كلما اشتدت الضربات الإسرائيلية، وكتب ذات مرة على صفحته “الله يقف مع فلسطين”.
في الوقت نفسه إلى أن صلاح -الذي يعول أسرته مع أخيه الأكبر محمود بعد وفاة والده في حادث سير- يجيد القراءة والكتابة رغم أنه لا يحمل أي مؤهل دراسي عال.
عن أقارب في منطقة عين شمس أن صلاح كان يقضي فترة تجنيده الإلزامي في قطاع شمال سيناء عند العلامة الدولية رقم 47، وبقيت له مدة خدمة تزيد على سنة ونصف السنة تقريبا، كما يذكر أبو سامي نقلا عن مقربين من صلاح أنه كان يحب الرسم وأن أصدقاءه كانوا يلقبونه بـ”الرسام”، وكان أيضا يحب السفر والرحلات.

غسيل الأدمغة

ويشير ضابط سابق فضل عدم الكشف عن اسمه “إلى أن صلاح ابن شارع أحمد عصمت في منطقة عين شمس سيدخل التاريخ من أوسع أبوابه”.
ويقول للجزيرة نت إن صلاح المولود في عام 2001 رغم حداثة سنه قدم خدمة جليلة في وجه ما سماها محاولات غسيل أدمغة الشعب المصري، قائلا إن المليارات التي صرفت في هذا الاتجاه “ذهبت هباء منثورا”.
ويحذر الضابط السابق في حديث للجزيرة نت من أن أقارب وذوي صلاح قد يتعرضون لمساءلات واستجوابات طويلة ومعمقة من جانب الأجهزة الأمنية، وينقل عن شهود في المنطقة لافتا إلى أن قوة أمنية زارت بالفعل منزل صلاح واقتادت أخاه وعمه إلى مكان غير معلوم، وسألت عن توجهات صلاح السياسية والدينية.
كما يشير إلى أن إسرائيل ربما سلمت بالفعل جثمان الشهيد للقاهرة، موضحا أن القناة الـ12 الإسرائيلية ذكرت ذلك في إطار الحرص على العلاقات مع مصر.
ن الحادث يبعث رسالة مهمة ضد من يسميهم المطبعين مع العدو، قائلا إن تطبيع العلاقات مع إسرائيل فشل فشلا ذريعا على المستوى الشعبي، كما يعتبر أن “كل محاولات تغييب الوعي وتغيير المفاهيم” لم تحقق أي نتيجة وربما جاءت بنتيجة عكسية.
واستبق المصريون على المستوى الشعبي الموقف الرسمي بخطوات، ولم ينتظروا البيانات الرسمية التي تعودوا أن تتأخر بعض الوقت وتخرج في شكل روايات مفككة كما يقول أستاذ علم النفس الاجتماعي في جامعة القاهرة علي جوهر، ويشير إلى أن الشارع حوّل الشهيد محمد صلاح إلى “أيقونة شعبية جارفة”.
أن على الموقف الرسمي أن يتعاطى بالشكل اللائق مع الحدث ويحترم عقلية المصريين ويعترف في الوقت نفسه بصعوبة إجبارهم على تطبيع العلاقات مع إسرائيل وتغيير مشاعرهم.
كما أن على الموقف الرسمي بالاستفادة من الشعور العام الرافض لإسرائيل ولجرائمها في تحسين صورته الداخلية واكتساب بعض الشعبية.

حدود ملتهبة

وبينما توصف الحدود المصرية مع إسرائيل بأنها ملتهبة ووسط توقعات بأن تزداد التهابا طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مصر بإجراء تحقيق “مشترك وشامل” بشأن الحادث، وذلك ردا على رواية رسمية أعلنتها القاهرة ووصفت بأنها ضعيفة ومفككة جاءت على لسان المتحدث العسكري المصري الذي قال إن عنصرا أمنيا مصريا تبادل إطلاق نار أثناء مطاردته مهربي مخدرات، مما أدى إلى وفاة 3 عناصر إسرائيليين.
وبينما لاذت مصر بالصمت على المستوى الرسمي ويلف روايتها قدر من الغموض والارتباك -بحسب مراقبين- أكدت إسرائيل أنها “ستحقق بدقة” في حيثيات الحادثة التي وصفتها بالنادرة والخطيرة.
إن الحكومة الإسرائيلية تحركت على وقع حالة من الغضب الداخلي، مشيرا إلى أن الصحف الإسرائيلية ضغطت بقوة وبدأت من جانبها تجاوز خطوط أمنية وعسكرية حمراء حول الحادث.
أن تستمر التحقيقات الإسرائيلية فترة طويلة، لمعرفة كيفية تمكن عنصر الأمن المصري من اختراق الحدود في ظل وجود حاجز يمتد على طولها وبارتفاع عدة أمتار، كما يشير إلى أن إسرائيل تسعى لاستغلال الحادث في توسيع وبسط سيطرتها الأمنية على الحدود مع مصر.
وقد اثبت الحادث حدوث توتر غير مسبوق على الحدود مع مصر وهذا الحادث سيكون له ما بعده.
إن هجوم الجندي صلاح على الجنود الإسرائيليين بأنه ضربة مؤلمة ومربكة للجيش الإسرائيلي، كما أن الحدود كانت هادئة عادة لكنها شهدت محاولات متكررة لتهريب المخدرات، مما أدى إلى وقوع اشتباكات بالذخيرة الحية في السنوات الأخيرة بين المهربين والجنود الإسرائيليين المتمركزين على طول المنطقة.

“الله مع فلسطين”

 وعلى صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” فقد عبر صلاح مرارا عن حبه لفلسطين ودوّن قائلاً “الله مع فلسطين” ردا على تدوينة لمايك بنس نائب الرئيس الأميركي السابق يعبر فيها عن مساندة بلاده لإسرائيل.

وكان المتحدث العسكري المصري قد أعلن تفاصيل العملية التي جرت على الحدود مع إسرائيل، حيث قال إنه فجر يوم أول أمس السبت قام أحد عناصر الأمن المكلفة بتأمين خط الحدود الدولية بمطاردة عناصر تهريب المخدرات، وأثناء المطاردة قام فرد الأمن باختراق حاجز التأمين وتبادل إطلاق النيران، مما أدى إلى مقتل 3 من جنود الاحتلال الاسرائيلي وإصابة ۲ آخرين بالإضافة إلى استشهاد فرد التأمين المصري أثناء تبادل إطلاق النيران.

وذكر المتحدث العسكري المصري أنه جار اتخاذ كافة إجراءات البحث والتفتيش والتأمين للمنطقة وكذا اتخاذ الإجراءات القانونية حيال الواقعة.

يذكر أن مصر كانت أوّل دولة عربيّة وقّعت معاهدة سلام مع إسرائيل عام 1979، وغالبا ما تكون الحدود بين البلدين هادئة، لكنّها شهدت محاولات متكرّرة لتهريب مخدّرات، ما أدى إلى وقوع اشتباكات بالذخيرة الحيّة في السنوات الأخيرة بين المهربين والجنود الإسرائيليين المتمركزين على طول الحدود.

فلسطين ترد الاعتبار لجثمان الجندي المصري محمد صلاح

في الوقت الذي مارست فيه السلطات المصرية تضييقاً ضد إقامة مراسم عزاء في الجندي محمد صلاح، بطل واقعة إطلاق النار على الحدود المصرية الإسرائيلية، أقام الفلسطينيون في مناطق عدة وقفات مؤيدة ومراسم عزاء في استشهاد صلاح.

وأظهرت لقطات مُصورة، إقدام أهالي مدينة رام الله في الضفة الغربية على تنظيم وقفة تضامنية مع محمد صلاح، للتعبير عن تأييد العملية التي نفذها والتي أسفرت عن مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين.

وهتف الفلسطينيون المشاركون في الوقفة، هتاف “من رام الله أعلناها. ومصر نجم في سماها. صلاح نجم بسماها”، وتم رفع صور الشهيد وعلم مصر.

كما ردّد الفلسطينيون، الذين شاركوا في الوقفة، هتاف “من رام الله عالمكشوف خيانة ما بدنا نشوف.. بالروح بالدم نفديك يا شهيد”.

وأقام فلسطينيون أيضاً، جنازة رمزية للشهيد البطل، في الوقت الذي حُرِم أو مُنع فيه المصريون من المشاركة في تشييع جثمان محمد صلاح في ظلّ سياج السرية الذي تحاول السلطات فرضه هناك.

وأقيم أيضاً بيت عزاء في مخيم جنين. وذلك لتلقي العزاء في استشهاد الجندي محمد صلاح، وشوهدت صورة البطل المصري وهي تتوسط المراسم.

مصر تمنع العزاء

الأجواء الصاخبة التي تعيشها فلسطين، منذ عملية الحدود المصرية الإسرائيلية، مغايرة تماماً لما تشهده مصر، التي منعت فيها قوات الأمن، مئات المعزّين من الوصول إلى منزل عائلة محمد صلاح.

وقال مصدران مقربان من عائلة صلاح، إن الحشد الذي كان يستجيب لدعوات لتجمع تذكاري نُشر على فيسبوك، منعته الشرطة من الوصول إلى منزل صلاح في حي عين شمس بالقاهرة، حيث فرّقت الحشد.

الأمن المصري يضيّق على أسرة محمد صلاح

كما أعطت السلطات تعليمات لأسرة صلاح بوجوب دفن المجند المتوفى فقط، وأبلغت الأجهزة الأمنية الأسرة بإجراء الدفن بسرعة وسرية، وتأجيل تجمع تذكاري “حتى يكون هناك عدد أقل من الناس”، قبل أن تمنع السلطات تنظيم التجمع مُطلقاً، وفق مصادر تحدثت لموقع مدى مصر.

وكان شقيق صلاح وعمه من بين القلائل الذين حضروا مراسم الدفن في قرية عمار بالقليوبية، وقد أمضيا 48 ساعة قبل ذلك مع رجال الأمن الذين اصطحبوهما من منازلهم يوم السبت، بعد استشهاد صلاح.

يُشار إلى أنه تم استجواب أصدقاء وأفراد من عائلة صلاح في محيط منزله في عين شمس من قبل أفراد الأمن المصري بشأن ميوله الدينية والسياسية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق