السبت، 17 أغسطس 2024

الغيب في حياة سيدنا محمد ﷺ

الغيب في حياة سيدنا محمد ﷺ

أ. د. زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية


-أول ما أبدأ به هذا المبحث هو الآية ١٨ في سورة الحجرات، حيث يحدد لنا المولى عز وجل أن هناك غيب للسماوات وغيب للأرض: "إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ" (18)؛ والآية (8) من سورة الصف، قول الله تعالى: ﴿وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾.

 - كما يحدد لنا سبحانه، فاطر السماوات والأرض، أنه جاعل الملائكة رسلا يقول الله تعالى: ﴿جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ﴾ (فاطر:1). 
وأن لله سبحانه وتعالى جنود السموات والأرض، يقول الله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ (الفتح: من الآية 4، و الآية 7)، ويقول الله تعالى: ﴿وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ (الصافات: 173). وهناك فعلًا عشرات الآيات التي تتحدث عن جنود الله وجنود السماوات والأرض،،،،،


- كما نطالع مشاركة الملائكة في معركتي بدر ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ (الأنفال:8)، وغزوة أحد ﴿ بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ﴾ (آل عمران:125). 
وفي غزوة حنين تطالع: ﴿وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها﴾ (التوبة: من الآية26)، وقول الله تعالى: ﴿ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾. وهوما تؤكده أيضا كل كتب علم الروحية..


-وهناك في غزوة تبوك نطالع: ﴿أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ [الأنفال:9]، وسمع الرسول- عليه الصلاة والسلام- ضربًا بالسوط فقال: "ذلك مدد من السماء الثالثة" أي أنه مدرك ما هو أبعد من المرئي.

-وهناك آية: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ﴾ (الجن:26، 27).
لذلك يقول عليه الصلاة والسلام: "الرؤى الصالحة يراها المسلم أو تُرى له ".

 -ثم نطالع الاطمئنان الإلهي الواجب في مثل هذه الحالات: ﴿ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا﴾ فلولا هذا الاطمئنان وهذه السكينة لربما صعب عليهم أدراك ما يرونه أو يعيشونه، ويتواصل الموقف بأية: ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ﴾.

-ورؤيته كيفية تأدية الاذان للإعلان عن الصلاة بتفاصيلها، وقول الرسول: " أنها لرؤية حق"، وشخص آخر رأى نفس الرؤية: (جلاء بصري).

وضرب الرسول- علية الصلاة والسلام- للصخرة  في حفر الخندق: جلاء بصرى ورآه غيره.

-ومشاهدة الرسول- عليه الصلاة والسلام- لمدائن كسرى وما حولها، ثم مدائن قيصر وما حولها ثم مدائن الحبشة وما حولها.

-وإنذار الرسول- عليه الصلاة والسلام- لعشيرته: " أرأيتكم إن اخبرتكم أن خيلا بالوادي..".
والرسول عليه الصلاة والسلام يخبره الوحي بما سيقع (اتصال روحي في كل المواقف).
 - ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ﴾ (مدرك لمكانته ولتفرده).

- "إنَّ الله - تبارك وتعالى - رفع لي الأرض، حتَّى رأيت معتركهم"٣. ١ أخرجه البخاري (جلاء بصري)

- قول الرسول عليه الصلاة والسلام: "وإن موعدكم الحوض وإنى لأنظر اليه وأنا في مقامي هذا " (جلاء بصري).

- مراجعة القرآن مع أمين السماء ثلاث مرات. (وساطة روحية عالية متفردة).

- معرفة الرسول عليه الصلاة والسلام بطلاق زينب وأنه سيتزوجها.

- سرية مؤتة.

- كان رسول الله عليه الصلاة والسلام مع اصحابه في الحبشة في حالة تواصل..

- شق صدر الرسول وإعداده للرسالة تمت في المجال الغيبي الروحي ومحال ان تتم في المجال المادي أي جسديا.

- رحلة الإسراء والمعراج.

- البراق: سرعته خرافية لأنه كائن أو جسم أثيري.

- رؤية الرسول عليه الصلاة والسلام لبيت المقدس ووصفه للبيت (جلاء بصري).

- " لقد كان الوحي دائم الوصال مع المجتمع المسلم “: المجال الغيبي موجود في كل لحظة ومتداخل في حياتنا، لكن قل من يدركه.

- قول سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام: " الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تنافر منها اختلف ".

- قول سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام: " رحم الله أبا ذر يمشى وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده " (جلاء بصر للمستقبل).

- قول سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام .... "وإنما كان الذي أوتيته وحيًا أوحاه الله إليَّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة"؛ متفق عليه (فاهم دوره ومكانته في الدنيا ويطالب بإتباعه).

- وَضَعَ الرسول- عليه الصلاة والسلام- يده على صدر عثمان بن أبي العاص وأمر الشيطان بالخروج، ويعلم اسمه: خنزب.

- قول الرسول- عليه الصلاة والسلام- في خطبة الوداع: " وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم؟ وهذا هو ما يحدث فعلا بعد الوفاة.

- قول سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام: "فضوح الدنيا، ألا وإن فضوح الدنيا أيسر من فضوح الآخرة ". فهو مدرك تماما لمجال الغيب. فإن كان التخفي ممكنا في الدنيا فهو من المحال في الآخرة.

- قول سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام عن طعام امامه: " ارفعوا أيديكم فإنها أخبرتني أنها مسمومة".

- جذع الشجرة التي كان الرسول- عليه الصلاة والسلام- يرتكن عليه وارتفع أنينه. عندما تركه ليجلس على المنبر. وهذا دليل على أن الجماد يشعر ويألف صاحبه، وهي من روابط الحُبك ([1]).

- عبد المطلب حين أبت الناقة أن تقوم والرسول خلفه، وقامت تسير بعدما أجلسه أمامه (الجماد والحيوان يشعر وكل شيء مرتبط بدرجات ونوعيات مختلفة).

- أم العلاء وعثمان: نامت وأُريت عملة (قول الرسول).

- حديث القرآن الكريم عن أبرهه والفيل.

- الآية الكبرى لرسالة سيدنا محمد- عليه الصلاة والسلام- هي المجال الغيبي لدرجة اليقين في القرآن، وفى المعارك التي خاضها، وفي الحياة اليومية.

- النور: "الله من السماوات والأرض"، النور قبل القرآن.

- الأنسنة في القرآن.

- روح الانسان جزء من نور الله، خلقه لتأدية رسالة يرتقي بفضلها كروح من خلال تأديتها.

- أغلبية الناس يتوقفون عند سطح القرآن، والقرآن يحتوي على بداية الطريق لعلوم الغيب وفهم رسالة الله سبحانه وتعالى وغرضه من خلق هذا الكون..

-غار حراء ومعرفة البعض بمجال الغيب.

- تسبيح الحصى بين كفى الرسول، ونبع الماء المنبثق من بين أصابعه، وحنين الجذع إليه صلوات الله عليه إضافة إلى كل ما حفلت به السنة.

ولا أزعم أن ما ورد في هذا المقال هو حصر أو كل ما ورد عن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام سواء في القرآن أو في كل ما حفلت به السنة، لكنها مجرد نماذج.


أ.د. زينب عبد العزيز

2024

--------------------------------
([1])  للدكتورة زينب عبد العزيز (كاتبة المقال)  كتاب بعنوان: "الحبك في القرآن الكريم"، تتدبر فيه قول الله تعالى: "وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ". بدأت من ظلال هذه الآية الكريمة؛ وتحركت في أودية كثيرة رصدًا للحبك (التشابك الظاهر والغيبي) بين الأشياء. ووجدته. وقدمته للقارئ. ما يعني صحة التعميم، أو أن يصبح "الحبك" نظرية، أو مقولة تفسيرية كبرى يُفهم من خلالها كثير من الظواهر الطبيعية والاجتماعية.
ولك أن تعلم أن أحدث ما يتكلم به المهتمون بالتحليل الاجتماعي من المدارس الغربية، هو حول هذا المعنى "الحبك"،.. ما يقولون عنه "التعقُّد"، وكعادتهم يتفيهقون، ليظن العوام أنهم يتحدثون فيما لا قبل لهم به!!
وكعادتهم يتحدثون بأنهم وضعوا أيديهم على ما لم يعرفه الأولون.
والفكرة هنا (عند الاستاذة الدكتورة زينب عبد العزيز) شديدة الوضوح.. ومنذ عقود من الزمن، وأحسب أنها تكونت في رأسها من تعلقها بالغيب منذ الصغر ومن تأملها في أحوال الناس والأشياء، ثم جاء النص القرآن فرسّخ المعنى وبسطه على مساحة كبيرة في عالم الناس. ويقيني أنها (الحبك) تصلح لمزيد من الدراسات القرآنية والدعوية، والاجتماعية. 
(كتب هذا الهامش ناشر المقال. د. محمد جلال القصاص).



كتاب مدخل الى العلم في القرآن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق