كتاب : المشروع الإيرانيّ الصفويّ الفارسيّ مقدّماته، وأخطاره، ووسائل التصدّي له (المقدِّمة) - (1)
(هذا الكتاب كتبته ونشرته في عام 2004م، وأعدت نشره في عام 2010م، بعد إدخال بعض التعديلات والإضافات عليه، وأعيد نشره الآن في عام 2022م، لأذكِّر المزاودين على الحركة الإسلامية السورية والمفترين والعملاء، أفراداً ودولاً ووسائل إعلامٍ وقنواتٍ فضائيةٍ مشبوهة.. أننا أول مَن حَذّر المسلمين والعالَم من خطر المشروع الإيرانيّ الفارسيّ الصفويّ الإجراميّ، على سورية والأمّتين العربية والإسلامية، وأول مَن قاوَمَه وفضح أصحابه وأساطينه، وما نزال، فيما كان المزاودون والمفترون علينا اليوم، ينعمون بالدفء في أحضان أصحاب هذا المشروع، أو كانوا عملاءهم وأحبّاءهم، أو ممالئيهم ومناصريهم، أو شياطينهم الخُرس المغفّلين).
* * *
المقدِّمة
لم تمرّ على الإنسانية حقبة تاريخية تمكّن فيها الظالمون بباطلهم.. أشدّ من الزمن الذي نعيشه، وكأنّ العالَم قد صار غابةً مُتخمةً بالضواري، التي لا ترويها أنهار الدم النازف هنا وهناك في هذه الأرض.. إنه عالَم تتسلّط على رقابه حفنة من الموتورين، امتلكت قوةً هائلة، ولم تجد مجالاً لاستخدامها إلا في التدمير والتخريب وإشاعة الظلم والقهر والفوضى، فجعلت من جبروت القوة وسيلةً للابتزاز والإذلال وارتكاب الانتهاكات والجرائم بحق الإنسانية، وأصبحت القوة هي الأمر الوحيد الذي يحتكم إليه طغاة العصر، فضاعت القِيَمَ الإنسانية، وضاعت الأخلاق السويّة التي من المفترض أن تتحكّم بالنفس البشرية، لتتصدّى للمهمة الأساس التي أوكلها الله عز وجل إليها، وهي: عِمارة الأرض، وإحقاق الحق، وإزهاق الباطل، ونشر العدل والقسط بين الناس!.. *(.. هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ)* (هود: من الآية 61).
عقيدة القوة الطاغية الباغية، اعتنقتها حفنة من المهووسين، بعد أن شعروا أنهم امتلكوا عواملها ومفاتيحها، فاجتمع شرّ النفس البشرية وتجرّدها من كل خُلُقٍ إنسانيٍ سويّ.. مع القوّة المادية الهائلة، فكانت النتيجة: بطشاً وظلماً وجبروتاً وطغياناً وتدميراً واستعباداً ونزفاً للدم في كل مكان!.. وكان -في المحصّلة النهائية- الانقلاب المريع في المفاهيم الإنسانية وأسس التعامل بين البشر، فظهر العالَم وكأنه يسير على رأسه وليس على قدميه، وانقلبت مع ذلك أسس الروح الإنسانية، فأصبح (الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف) هو أصل العلاقات بين الشعوب والأمم.. تلك العلاقات التي نسجت خيوطها حفنةُ الطغاة القابعين في البيت الأبيض الأميركيّ، ولم تعد خافيةً على عاقلٍ في هذه الدنيا.. تِلْكُمُ الأصابع الخفيّة التي تُحرِّك حفنةَ الطغاة أولئك: الأصابع الصهيونية اليهودية، التي التقت مصالح أصحابها الفاجرين، مع مصالح المصابين بجنون التطرّف والتسلّط والعَظَمَة والحقد، في أميركة والغرب.. فكانت الحربُ المستمرّة الضارية موجَّهَةً توجيهاً دقيقاً، نحو الإسلام، دِيناً وعقيدةً ومنهج حياة.. ونحو العالَمَيْن العربيّ والإسلاميّ، مَهداً وأرضاً للإسلام.. ونحو المسلمين، إنساناً وأداةً لمقاومة الظلم والعبودية لغير الله عزّ وجلّ!..
لقد سقطت -مع إسقاط كل القِيَمِ الإنسانية من قِبَلِ الطغاة في أميركة والكيان الصهيونيّ والغرب- كل الدعاوى العِراض، التي استطاعت تزييف الحقائق على مدى قرنٍ كامل، فسقطت -مثلاً- مزاعم تحقيق الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية واحترام استقلال الدول وما يسمى بالشرعية الدولية.. وغير ذلك!.. وظهر أولئك الطغاة على حقيقتهم تماماً، وتبيّن أنهم ليسوا سوى حفنة من السفّاحين الساديّين، الساعين إلى ابتزاز الشعوب المستضعَفَة واحتلال أوطانها، واستغلالها وإذلالها وقهرها، محَمَّلين بكل أدوات الاستكبار والاستبداد ونهب الأوطان وانتهاك حُرُماتها!..
هكذا.. سقط العالَم بين مخالب أميركة والغرب، ومحرّكهما الدائم ضد العرب والمسلمين: الكيان الصهيونيّ اليهوديّ!.. وظهرت إستراتيجية هؤلاء جليّةً تجاه شعوبنا وأوطاننا: التفتيت أولاً، لخدمة المخطّطات القائمة على السيطرة والاحتلال، وعلى مَنْعِ أي حالة نهوضٍ حقيقيةٍ لأمّة العرب والإسلام!.. وكان لابدّ من أداةٍ فعّالةٍ تحقّق لهم ذلك!..
ضمن هذا الواقع المشحون المريب، الذي صنعه وما يزال يصنعه طغاة أميركة ومشروع إدارتها المبرمَج للسيطرة على العالَم والهيمنة على شعوبنا وأوطاننا.. يبرز أصحاب المشروع الصفويّ الفارسيّ أشد ريبةً، لينموَ ويشتدَّ عُودُهُ في حضن المشروع الأميركيّ العدوانيّ، وليظهرَ الصفويّون الجدد حلفاء للإستراتيجية الغربية الأميركية الصهيونية في التفتيت.. فبدل أن تجدَ الأمة العربية والإسلامية في إيران ظهيراً وسنداً ودعماً وحمايةً للمسلمين وأوطانهم.. أطلّ الفُرسُ وأذنابهم والمتواطئون معهم.. من الحضن الأميركيّ، كالأفعى الضالّة، مُنْقَضّينَ على الأمَّتَيْن العربية والإسلامية، مُقتَنِصينَ فرصةً تاريخيةً طالما حلموا بها منذ مئات السنين، مُحَمَّلين بكل الحقد على أمتنا، وبخرافاتهم الماكرة، وبكل أساطير المراجع الشيعية السردابية، وبكل اللؤم وبواعث التآمر ومزاعم الثأر، تواطؤاً لمصلحة عدوّ الأمة، وممالأةً له على احتلال أوطان المسلمين، وأداةً لتنفيذ إستراتيجيّته الشرّيرة في تفتيت شعوبنا وأوطاننا، ومِعْوَلاً يهدم كل أركان الأمة: عقيدةً وكرامةً ومَنهجاً ووحدةً ووجوداً وحضارةً ومعالمَ حياة، لتعودَ إلى الأذهان كل حادثات الطعن بأمتنا والغدر بها، التي اقترفها (ابن سبأ) و(ابن العلقميّ) و(الحشاشون) و(الطوسيون) و(القرامطة) و(الصفويّون).. وأمثالهم من المنافقين الخونة المارقين أصحاب الأهداف المريضة.. وليُثبِتَ هؤلاء بالصوت والصورة، أنهم بَعيدون عن الإسلام ومصالح أهله بُعدَ المشرقَيْن!.. فأصبحت المعادلة الدقيقة منسوجةً على الشكل الآتي:
أميركة والغرب والصهيونية والفُرس الصفويون، بظلمهم وطغيانهم وباطلهم وغطرستهم.. في طرف، ضد الأمة الإسلامية ومصالحها.. والإسلام والعرب والمسلمون.. في الطرف المقابل، هدفاً وحيداً للطرف الأول الذي يتنافس أهله على تفتيتنا وذبحنا وإذلالنا واستعبادنا!..
لقد جرّبت البشرية خلال عقود ضياعها، كلَّ المناهج الممكنة لتحقيق العدل والمساواة والسعادة والرفاهية.. من أقصى يسار الاشتراكية والشيوعية، إلى أقصى يمين الرأسمالية وما يسمى بالليبرالية.. ثم إلى عقيدة الثورة الخمينية الصفوية الفارسية الشيعية.. فكانت النتيجة مذهلةً مروّعة: مزيداً من الجَوْر والشقاء والعبودية لغير الله!.. ولعلّه لم يَبْقَ لخروج البشرية من مأزقها الخطير الحاليّ بعد سقوط المناهج الوضعية، إلا المنهج الربانيّ: الإسلام، ومنهجه العادل الصالح لكل زمانٍ ومكان.. الإسلام الحقيقيّ لا المزيّف المبتَدَع، مُنقِذاً في أول الأمر، ثم ناظماً لحياة البشر وحاكماً لهم، يُرخي عليهم ظلال العدل والسعادة والرفاهية والأمن، واحترام إنسانية الإنسان وحقوقه، واحترام الكرامة والمروءة الإنسانية، وإحياء الروح الإنسانية الحقة، بكل ما تختزنه من رحمةٍ وقِيَمٍ خلاّقةٍ كريمةٍ عزيزة!..
الإسلام بات ضرورةَ مصيرٍ لأمّتنا، بعدله ورحمته ووسطيّته وتسامحه واحترامه لحقوق الناس وكرامتهم، فقد أفلست كل المناهج الوضعية إفلاساً مروّعاً، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وبدت معالم أصحاب (التَّقِيَّةِ) ومَراجع تحريف ديننا الحنيف، تنكشف عن حقيقتهم التآمرية الحاقدة الغادرة، ولا بد للأمة أن تُبرِزَ مشروعَها الأصيل النقيّ، لتواجه به المشروعَيْن المشبوهَيْن الغادرَيْن: الأميركيّ الغربيّ الصهيونيّ، والفارسيّ الصفويّ الشعوبيّ، ولا بد من العمل الحثيث المتواصل، لكشف أدوات المشروعات الهدّامة أولاً وتعريتها، لردّ كيدها وشرّها عن أمّتنا وأوطاننا.. فكان هذا الكتاب، إسهاماً في بناء اللّبنة الأساس لمشروعٍ إسلاميٍّ مستقلٍّ طاهرٍ نظيف، لتحقيق منهج الله عزّ وجلّ في الأرض، وللقيام بمهمّة عمارتها على أفضل وجه، ليعودَ العدلُ والقسطُ –المفقودان- بين الناس، ليكونا المعيار الكريم للعلاقات الإنسانية السويّة. واللهَ نسأل، أن يجعل عملَنا هذا، وعملَ كل من أسهم في إخراج هذا الكتاب وطَبْعِهِ ونَشْرِهِ.. جهاداً في سبيله وحده لا شريك له.. والحمد لله ربِّ العالمين.
الطبعة الأولى:
يوم الإثنين في 3 من أيار 2004م، الموافق لـ 14 من ربيع الأول 1425هـ.
الطبعة الثانية:
يوم الجمعة في 18 من حزيران 2010م، الموافق لـ 5 من رجب 1431هـ.
* * *
المقدِّمة
لم تمرّ على الإنسانية حقبة تاريخية تمكّن فيها الظالمون بباطلهم.. أشدّ من الزمن الذي نعيشه، وكأنّ العالَم قد صار غابةً مُتخمةً بالضواري، التي لا ترويها أنهار الدم النازف هنا وهناك في هذه الأرض.. إنه عالَم تتسلّط على رقابه حفنة من الموتورين، امتلكت قوةً هائلة، ولم تجد مجالاً لاستخدامها إلا في التدمير والتخريب وإشاعة الظلم والقهر والفوضى، فجعلت من جبروت القوة وسيلةً للابتزاز والإذلال وارتكاب الانتهاكات والجرائم بحق الإنسانية، وأصبحت القوة هي الأمر الوحيد الذي يحتكم إليه طغاة العصر، فضاعت القِيَمَ الإنسانية، وضاعت الأخلاق السويّة التي من المفترض أن تتحكّم بالنفس البشرية، لتتصدّى للمهمة الأساس التي أوكلها الله عز وجل إليها، وهي: عِمارة الأرض، وإحقاق الحق، وإزهاق الباطل، ونشر العدل والقسط بين الناس!.. *(.. هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ)* (هود: من الآية 61).
عقيدة القوة الطاغية الباغية، اعتنقتها حفنة من المهووسين، بعد أن شعروا أنهم امتلكوا عواملها ومفاتيحها، فاجتمع شرّ النفس البشرية وتجرّدها من كل خُلُقٍ إنسانيٍ سويّ.. مع القوّة المادية الهائلة، فكانت النتيجة: بطشاً وظلماً وجبروتاً وطغياناً وتدميراً واستعباداً ونزفاً للدم في كل مكان!.. وكان -في المحصّلة النهائية- الانقلاب المريع في المفاهيم الإنسانية وأسس التعامل بين البشر، فظهر العالَم وكأنه يسير على رأسه وليس على قدميه، وانقلبت مع ذلك أسس الروح الإنسانية، فأصبح (الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف) هو أصل العلاقات بين الشعوب والأمم.. تلك العلاقات التي نسجت خيوطها حفنةُ الطغاة القابعين في البيت الأبيض الأميركيّ، ولم تعد خافيةً على عاقلٍ في هذه الدنيا.. تِلْكُمُ الأصابع الخفيّة التي تُحرِّك حفنةَ الطغاة أولئك: الأصابع الصهيونية اليهودية، التي التقت مصالح أصحابها الفاجرين، مع مصالح المصابين بجنون التطرّف والتسلّط والعَظَمَة والحقد، في أميركة والغرب.. فكانت الحربُ المستمرّة الضارية موجَّهَةً توجيهاً دقيقاً، نحو الإسلام، دِيناً وعقيدةً ومنهج حياة.. ونحو العالَمَيْن العربيّ والإسلاميّ، مَهداً وأرضاً للإسلام.. ونحو المسلمين، إنساناً وأداةً لمقاومة الظلم والعبودية لغير الله عزّ وجلّ!..
لقد سقطت -مع إسقاط كل القِيَمِ الإنسانية من قِبَلِ الطغاة في أميركة والكيان الصهيونيّ والغرب- كل الدعاوى العِراض، التي استطاعت تزييف الحقائق على مدى قرنٍ كامل، فسقطت -مثلاً- مزاعم تحقيق الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية واحترام استقلال الدول وما يسمى بالشرعية الدولية.. وغير ذلك!.. وظهر أولئك الطغاة على حقيقتهم تماماً، وتبيّن أنهم ليسوا سوى حفنة من السفّاحين الساديّين، الساعين إلى ابتزاز الشعوب المستضعَفَة واحتلال أوطانها، واستغلالها وإذلالها وقهرها، محَمَّلين بكل أدوات الاستكبار والاستبداد ونهب الأوطان وانتهاك حُرُماتها!..
هكذا.. سقط العالَم بين مخالب أميركة والغرب، ومحرّكهما الدائم ضد العرب والمسلمين: الكيان الصهيونيّ اليهوديّ!.. وظهرت إستراتيجية هؤلاء جليّةً تجاه شعوبنا وأوطاننا: التفتيت أولاً، لخدمة المخطّطات القائمة على السيطرة والاحتلال، وعلى مَنْعِ أي حالة نهوضٍ حقيقيةٍ لأمّة العرب والإسلام!.. وكان لابدّ من أداةٍ فعّالةٍ تحقّق لهم ذلك!..
ضمن هذا الواقع المشحون المريب، الذي صنعه وما يزال يصنعه طغاة أميركة ومشروع إدارتها المبرمَج للسيطرة على العالَم والهيمنة على شعوبنا وأوطاننا.. يبرز أصحاب المشروع الصفويّ الفارسيّ أشد ريبةً، لينموَ ويشتدَّ عُودُهُ في حضن المشروع الأميركيّ العدوانيّ، وليظهرَ الصفويّون الجدد حلفاء للإستراتيجية الغربية الأميركية الصهيونية في التفتيت.. فبدل أن تجدَ الأمة العربية والإسلامية في إيران ظهيراً وسنداً ودعماً وحمايةً للمسلمين وأوطانهم.. أطلّ الفُرسُ وأذنابهم والمتواطئون معهم.. من الحضن الأميركيّ، كالأفعى الضالّة، مُنْقَضّينَ على الأمَّتَيْن العربية والإسلامية، مُقتَنِصينَ فرصةً تاريخيةً طالما حلموا بها منذ مئات السنين، مُحَمَّلين بكل الحقد على أمتنا، وبخرافاتهم الماكرة، وبكل أساطير المراجع الشيعية السردابية، وبكل اللؤم وبواعث التآمر ومزاعم الثأر، تواطؤاً لمصلحة عدوّ الأمة، وممالأةً له على احتلال أوطان المسلمين، وأداةً لتنفيذ إستراتيجيّته الشرّيرة في تفتيت شعوبنا وأوطاننا، ومِعْوَلاً يهدم كل أركان الأمة: عقيدةً وكرامةً ومَنهجاً ووحدةً ووجوداً وحضارةً ومعالمَ حياة، لتعودَ إلى الأذهان كل حادثات الطعن بأمتنا والغدر بها، التي اقترفها (ابن سبأ) و(ابن العلقميّ) و(الحشاشون) و(الطوسيون) و(القرامطة) و(الصفويّون).. وأمثالهم من المنافقين الخونة المارقين أصحاب الأهداف المريضة.. وليُثبِتَ هؤلاء بالصوت والصورة، أنهم بَعيدون عن الإسلام ومصالح أهله بُعدَ المشرقَيْن!.. فأصبحت المعادلة الدقيقة منسوجةً على الشكل الآتي:
أميركة والغرب والصهيونية والفُرس الصفويون، بظلمهم وطغيانهم وباطلهم وغطرستهم.. في طرف، ضد الأمة الإسلامية ومصالحها.. والإسلام والعرب والمسلمون.. في الطرف المقابل، هدفاً وحيداً للطرف الأول الذي يتنافس أهله على تفتيتنا وذبحنا وإذلالنا واستعبادنا!..
لقد جرّبت البشرية خلال عقود ضياعها، كلَّ المناهج الممكنة لتحقيق العدل والمساواة والسعادة والرفاهية.. من أقصى يسار الاشتراكية والشيوعية، إلى أقصى يمين الرأسمالية وما يسمى بالليبرالية.. ثم إلى عقيدة الثورة الخمينية الصفوية الفارسية الشيعية.. فكانت النتيجة مذهلةً مروّعة: مزيداً من الجَوْر والشقاء والعبودية لغير الله!.. ولعلّه لم يَبْقَ لخروج البشرية من مأزقها الخطير الحاليّ بعد سقوط المناهج الوضعية، إلا المنهج الربانيّ: الإسلام، ومنهجه العادل الصالح لكل زمانٍ ومكان.. الإسلام الحقيقيّ لا المزيّف المبتَدَع، مُنقِذاً في أول الأمر، ثم ناظماً لحياة البشر وحاكماً لهم، يُرخي عليهم ظلال العدل والسعادة والرفاهية والأمن، واحترام إنسانية الإنسان وحقوقه، واحترام الكرامة والمروءة الإنسانية، وإحياء الروح الإنسانية الحقة، بكل ما تختزنه من رحمةٍ وقِيَمٍ خلاّقةٍ كريمةٍ عزيزة!..
الإسلام بات ضرورةَ مصيرٍ لأمّتنا، بعدله ورحمته ووسطيّته وتسامحه واحترامه لحقوق الناس وكرامتهم، فقد أفلست كل المناهج الوضعية إفلاساً مروّعاً، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وبدت معالم أصحاب (التَّقِيَّةِ) ومَراجع تحريف ديننا الحنيف، تنكشف عن حقيقتهم التآمرية الحاقدة الغادرة، ولا بد للأمة أن تُبرِزَ مشروعَها الأصيل النقيّ، لتواجه به المشروعَيْن المشبوهَيْن الغادرَيْن: الأميركيّ الغربيّ الصهيونيّ، والفارسيّ الصفويّ الشعوبيّ، ولا بد من العمل الحثيث المتواصل، لكشف أدوات المشروعات الهدّامة أولاً وتعريتها، لردّ كيدها وشرّها عن أمّتنا وأوطاننا.. فكان هذا الكتاب، إسهاماً في بناء اللّبنة الأساس لمشروعٍ إسلاميٍّ مستقلٍّ طاهرٍ نظيف، لتحقيق منهج الله عزّ وجلّ في الأرض، وللقيام بمهمّة عمارتها على أفضل وجه، ليعودَ العدلُ والقسطُ –المفقودان- بين الناس، ليكونا المعيار الكريم للعلاقات الإنسانية السويّة. واللهَ نسأل، أن يجعل عملَنا هذا، وعملَ كل من أسهم في إخراج هذا الكتاب وطَبْعِهِ ونَشْرِهِ.. جهاداً في سبيله وحده لا شريك له.. والحمد لله ربِّ العالمين.
الطبعة الأولى:
يوم الإثنين في 3 من أيار 2004م، الموافق لـ 14 من ربيع الأول 1425هـ.
الطبعة الثانية:
يوم الجمعة في 18 من حزيران 2010م، الموافق لـ 5 من رجب 1431هـ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق