هل الميليشيات ضرورة استراتيجية إسرائيلية وأمريكية؟
إسرائيل تاريخياً توجه ضربات استباقية لأي خطر قد يتهددها بعد عشرات السنين، وهي مستعدة أن ترسل طائراتها إلى أقاصي المعمورة لقصف أي هدف يمكن أن يشكل خطراً على مصالحها
كيف نصدق أن أمريكا تخشى الميليشيات اليمنية أو العراقية أو السورية إذا ما علمنا أن العديد من قادة الميليشيات العراقية كانوا يقاتلون إلى جانب القوات الأمريكية في العراق وبحماية الطيران الأمريكي؟ ثم لماذا عملت أمريكا أصلاً على القضاء على الجيش العراقي وسمحت بظهور عشرات الميليشيات المدعومة إيرانياً لو لم يكن لها مصلحة في ذلك؟ هل كانت أمريكا لتسمح بتشكيل تلك الجماعات ودعمها لو كانت تخشى خطرها لاحقاً؟
لماذا غضت واشنطن الطرف عن تسليح الحوثيين في اليمن وحصولهم على أسلحة وطائرات متطورة بالرغم من أن الأساطيل الأمريكية تراقب دبيب النمل في منطقة الخليج؟ هل كانت الأسلحة الإيرانية تصل إلى الحوثيين دون أن ترصدها محطات المراقبة والأقمار الصناعية الأمريكية؟ ألم ير الأمريكيون صواريخ الحوثي وهي تستهدف المدن السعودية وآبار النفط؟ هل كانوا عاجزين عن صدها أو منع إطلاقها؟ بالطبع لا، بل تركوها تصل إلى أهدافها، لأنهم يستخدمون الميليشيا التي تطلقها كبعبع لدول المنطقة بهدف ابتزازها وتخويفها وإبقائها تحت الهيمنة الأمريكية؟
والسؤال الأهم اليوم: إذا كانت أمريكا وإسرائيل تخشيان فعلاً خطر الميليشيات بكل أنواعها في المنطقة، فلماذا لم تسارع أمريكا وهي قادرة على ذلك، إلى دعم الجيوش في اليمن والعراق ولبنان بدل ترك الميليشيات العراقية واللبنانية واليمنية ترهب شعوب تلك البلدان وتتحول إلى دول دخل دول؟ أليس بمقدور أمريكا وإسرائيل أن تفرضا على الدول العربية الغنية دعم الجيوش في الدول التي تحكمها ميليشيات؟ أم إن تلك الجماعات الميليشياوية تحقق الكثير من الأهداف للأمريكيين والإسرائيليين؟ انظروا ماذا فعلت إسرائيل بغزة وشعبها عندما باتت تشكل خطراً حقيقياً عليها؟ ألا تستخدم إسرائيل تلك الميليشيات كمسمار جحا في سوريا واليمن ولبنان والعراق، فبحجة الحوثيين في اليمن بدأت إسرائيل تدمر ما تبقى من مرافق حيوية في اليمن، وكان آخرها إحراق ميناء الحديدة رداً على هجوم الطائرة الحوثية التي لم تتسبب بأضرار فادحة في تل أبيب. والحبل على الجرار. وبحجة حزب الله نجحت إسرائيل في تحويل لبنان الذي كان معروفاً بسويسرا الشرق إلى دولة فاشلة وجائعة؟ وبحجة وجود الميليشيات الإيرانية في سوريا لم يبق هناك موقع عسكري في سوريا إلا وطالته الصواريخ الإسرائيلية، بينما تأخذ إيران وضعية المزهرية، مما يعطينا الانطباع بأن الإيرانيين باتوا يمررون الكرة لإسرائيل كي تسجل الأهداف المطلوبة في الشباك العربية؟ ماذا قدمت إيران للبنان وسوريا واليمن وفلسطين عندما بدأت إسرائيل تحرقها رويداً رويداً؟ هل تستخدم إسرائيل تلك الميليشيات كما استخدم جحا مسماره الشهير؟ هل ثارت شعوب المنطقة كي تستبدل أنظمتها بميليشيات طائفية في لبنان والعراق واليمن وسوريا تعيث خراباً ودماراً في المنطقة؟ هل تستطيع أمريكا وإسرائيل إحداث هذا الصراع الطائفي والمذهبي المرعب في الشرق الأوسط وتستغلانه لمصالحهما الاستراتيجية والتخريبية والتدميرية لولا وجود تلك الميليشيات؟ لهذا لا تحلموا باختفاء تلك الميليشيات، بل هي، كداعش وأخواتها السنية، باقية وتتمدد للأسف لأن المصلحة الأمريكية والإسرائيلية تقتضي بقاءها وتمددها وضبطها عندما تخرج عن الخطوط المرسومة لها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق