السبت، 1 يونيو 2024

هنا غزة.. هنا السودان!

 هنا غزة.. هنا السودان!
يوسف الدموكي

صحفي، وطالب بقسم التلفزيون والسينما في كلية الإعلام بجامعة مرمرة


ألمٌ متقارب، حيث ملايين من أعز الناس، الذين كانوا يعيشون ظروفًا صعبة، لكنهم لم يملؤوا بطونهم بفراغ عيونهم، ولم يكونوا أراذل في الخلق ولا أشحة على بعضهم، وإنما كانوا أجود الخلائق، وأعز المنازل، حتى وجدوا أنفسهم فجأةً ملقَين في الصحراء، تحتل بيوتهم، ويذبح أطفالهم، وتنتهك أعراض نسائهم، بينما يحاول ثلةٌ جسورةٌ منهم صدّ العدوان وصون البنيان.
هنا غزة.. هنا السودان!
عدوٌّ متشابه، متماثل في القلب، والعقل، والإجرام، مع اختلاف ما أوتي كل منهما، ومنبعه، ومع اتفاق رغبة كل منهما، ومنتهاه، وحشٌ شنيع، وشيطانٌ قبيح، وسرطان ثقيل، وجاثوم مقيم، ونارٌ وخراب، وداعمون أغراب، والهدف الإنسان والأرض والكرامة؛ بجائحة التوحّش البشريّ.
هنا غزة.. هنا السودان!
علَمٌ متداخل، وألوان القهر، والدم، والأمل رغمهما، واحدة، وألوان العيون المتعبة، والوجوه المعذبة، بين هنا وهناك متوحّدة، ترقب عدوًّا ماثلًا أمامها، يحمل معوله، لا ليحرث الأرض، وإنما ليدفن زرّاعها أحياءً، ويبني فوقها هيكله المزعوم، من حجارةٍ، وذهب!
هنا غزة.. هنا السودان!
نصرٌ مترابط، سيأتي لا محالة، بعد تجبر وتكبر، وعلوّ وغلوّ، ومقاتل ومحارق، ومذابح ومجازر، حتى يظنّ اللص مصاص الدماء أنه تمكّن من الأرض، وأصحابها تحت قدميه تحت التراب تحت الطين والوحل، وهو لا يدري أنه حين وضعهم في الأرض نمّاهم، لتتشبث بها جذورهم أكثر، ناسيًا، أنهم -رغم دفنهم- أحياء، ولكن، لا تشعرون، وسيخرجون، فرحين بما آتاهم ربهم، يستبشرون، ويُدفن المعتدي في حفرته، لكنه لا يخلّد فيها للأبد، وإنما تتقيأه الأرض، لتشعر بانتهاء المغص، وبراحة النفَس النظيف!

كل التفاعلا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق